..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

نحن الذين خنّا الراية... وثمن استردادها من دمنا

سماح هدايا

١٥ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7059

 نحن الذين خنّا الراية...  وثمن استردادها من دمنا
561217_341 الحرية.jpg

شـــــارك المادة

يهشّمون جمجمة دمشق. يهدّمون حلب . يهدّون حمص. يكسرون أضلاع حماة، يحرقون عمائر حوران...ويهرسون جزيرتنا وبادية الشرق... يقصفون المدن العريقة وأوابد الحضارة؛ لأنها ثارت  بعد أن كانت عقودا صامتة متستسلمة. إنهم يقصفون التاريخ ليقطعوا  حناجر المنادين بالحريّة ويخنقوا أحلام الحياة؛ لكنّ القتل لا يستطيع أن يمحو ماحفره التاريخ على الصّخر والحجر ونسل البشر.

 

 

ونعترف أمام مشهد الدّم الفظيع، أنّا كنا خطّائين عندما هربنا، وعندما عجزنا عن الصمود بشجاعة في طلب الحق والخير...هربنا بعيداً عن دمشق وحلب وحمص وحماة، وعن صلة الرحم بالأرض، هربنا  إلى داخلنا وإلى خارجنا...إلى وعي سطحي مزوّر ممسوخ.  ورحنا نقصّ في حزنها وبؤسها القصص والمراثي، ونكتب ملهاة التهكّم المتألم والسخرية الفوقيّة السّالبة، مع أننا من صلب تاريخها بالأصل والنشأة والهوى.

والأجدى أن نكافح لأجل فرحها وإشراقها وتحريرها من الواقع الذي يحطّ من شانها ويشدّها نحو الهاوية. وكانت الأرض غاضبة جدا منا نحن- المنهزمين بعيدا- ومن مدننا التي تفنّنت في برقعة جلدها العتيق الحضاري بمساحات الجهل والعجز والعار والذل والباطل، عندما استسلمت تحت حد الاستبداد والجلاد، لحكم الطغمة العنصريّة ومنطق العسكر الأسافل، الذين جاؤوا من قلب الظلمة والجهل للنّهب والسلب وإثارة الأحقاد.

فلنعترف أنّنا وأهلنا، وأهل أهلنا، أسهمنا في حرب إبادتنا عندما تعثرنا بالجبن ورمينا مشعل الحضارة، وهربنا بجلدنا المسلوخ، وتركنا الهمج يقودون القافلة....ولننحن إجلالا لثوارنا الشجعان وأبطالنا الشهداء والأحياء، ولنشكر  شبابنا الذين قرّروا أن يكسروا حاجز الخوف وأن ينقذونا من الشتات والاغتراب، ولنقاسمهم نضال المصير البطولي.

إنّ الأرض الآن تعيد أبناءها إلى صدرها، وتبارك كل قطرة دم مبذولة لأجل الحرية والكرامة والخير والحق. الشعب الآن يدفع ثمن الأخطاء الفادحة لصمت أهله وصمت مدنه واستسلامها القسري للسّلاطين الجبابرة والطغاة الذين انتهكوا كرامتها وحضارتها. والدم الآن يكفّر عن الخطايا العظيمة التي ارتكبها الصامتون والعاجزون والفاسدون والذاتيون والنرجسيون والمنغلقون على حاراتهم وعشائرهم وزواياهم التعبديّة، التي يحضر فيها الغياب ويغيبون، والمنغلقون على بيوتاتهم التقليدية التي تسمّر على شرفاتها الياسمين الذي يتغنّون به وينشدون.

فلنكن الآن صابرين على غلاء ماندفعه وسندفعه من دمنا. ولنسهم بقوّة في أن نشرع أشرعتنا إلى فضاءات وطن حر كريم عادل، مهما تعاظم الرّزء والبلاء.

 

المصدر: رابطة أدباء الشام

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع