..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

مقتل بشار الأسد : صدّق أو لا تصدّق !

سلوى الوفائي

٢٦ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 8692

مقتل بشار الأسد : صدّق أو لا تصدّق !
1.jpg

شـــــارك المادة

وددتُ و أنا أقف أمام تضحيات الشعب السوري العظيم أن أجاوز النثر إلى الشعر، فالأعالي بالجناحين تُدرك، والقلم جناح، و البندقية جناح، و شعبٌ بلغ الذرى بهما معاً لا يمكن تلخصيه و اختصاره بحفنة متناثرة من الحروف، لاسيّما أنني لا أتكأ على سمهريّ كسيف الدولة الحمدانيّ. و أياسر لعلي أفلح، لا رغبة في مديح يعلو الشعب السوري فوقه، بل حرصاً على أن أشهد، و كما أقف أمام الله و كتابي بيميني، أحرص أن أقف أمام معجزة الشعب السوري و كتابي بيميني أيضاً.

 

فالله قد يغفر إن أخطأت أو قصرّت، لكنّ تاريخ الشعوب يحكم و يحاكم، و يغربل كلّ من لطّخ صفحاته، أو كان عبئاً عليها أو مرّ دون أن يترك بصمة. و لأنّ التضحيات عظيمة و غالية و صافية كنهر سلسبيل، كان لابدّ أن نحرص كلّ الحرص أن لا تشوبها شائبة، و لا يعكر صفوها طفيليات وجراثيم فتاكة. و لعلّ حرب الشائعات واحدة من أبرز ما يشوب معارك الشعوب في سبيل الحرية. الشائعات أداة الضعيف، هي نوع من الكذب يستخدمه العدو لتدميرالخصم، ويسمونه بأسماء كثيرة، منها: حرب الأعصاب، والحرب النفسية. ومما يدل على أنه من أنواع الكذب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ"رواه مسلم. ومن صور الشائعات في تاريخ الإسلام شائعة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم أحد، و التي زرعت الغمّ في قلوب الصحابة ، وبثّت فيهم روح الهزيمة وأوهنت قوّتهم، فمن واقف لا يدري ما يفعله، ومن معتزل للمعركة فارٍّ من أرضها، ومن يائس من الحياة قائل: "ما فائدة العيش بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم". و من صورها أيضاً حادثة الإفك المعروفة. إنّ إطلاق الشائعات فعل غير محمود ، وقد ورد في القَصص القرآني أمثلة كثيرة عليها، فلقد أشاع قوم نوح عنه أنّ همَّه لفتُ النظر إليه والتفضّل على قومه، وأشاع قوم هود عليه السلام أنّه سفيه؛ ولقد علموا أنّه أعقلهم وخيرهم وأنّهم أولى بذلك منه، وأشاع فرعون عن نبي الله موسى: (إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِه) [الشعراء/35]. ولا يخفى على مسلم ما قاله أعداء الله وأشاعوه من شأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسل أنّه ساحرٌ مجنون و هو من قال الله تعالى فيه ( و إنّك لعلى خلق عظيم) و ( و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى) ! و قد ابتليت الثورة السورية اليوم بحرب الشائعات، و التي تتجلى بمحورين :

المحور الأول يتركز حول ما يروّجه النظام الأسدي من شائعات عامداً متعمداً لإثارة البلبلة و القلاقل و فتح الثغرات في صفوف الثوار و خلق الفتنة بين صفوف المعارضة و ما لذلك كلّه من تأثير سلبيّ على روح الشعب و الحراك الثوري، و وحدة الصفّ و ثبات الموقف النضالي، و قد كرّس لذلك جيشاً من الشبيحة يعمل في العالم الافتراضي و في القنوات الإعلامية الرسمية للنظام و أعوانه، و على الأرض بحيث يبثّ السمّ في الدسم، و قد تمرّس أصلاً بفنون الاستخبارات و بثّ الفتنة بكلّ أنواعها و ليس آخرها شائعات وجود عناصر من القاعدة تقوم بأعمال تفجيرية إرهابية لصالح فصائل العصابات المسلحة المزعومة الخادمة للمعارضة السورية و الحراك الشعبي الثوري، و شائعات اختطاف بعض اللبنانيين في حلب على يدّ الجيش السوري الحرّ ( أو العصابات المسلحة المزعومة) على خلفية طائفية مما أثار حفيظة المجتمع الدولي عموماً و اللبناني خصوصاً، فكأنه ينقل معركته الداخلية إلى لبنان بعد أن عجز عن تطويقها و كسب رهانها، فصرف الأنظار عن الداخل السوري ليشغل العالم بمهاترات و قلاقل طائفية داخل لبنان ليتفرّغ للبطش و القتل و إعمال آلة الذبح داخل سورية دون رقيب. و لطالما كانت لبنان مسرحاً للفتن المجترحة من قبل عصابات الأسد، يروجّونها بغية إيجاد ذريعة للتدخل بالشأن اللبناني و إحكام السيطرة على مقدراته و مصيره و قراراته. حتى وصف اللبنانيون الوجود السوري في لبنان بالاحتلال. و شائعات أخرى تدور حول مقتل بعض قيادي النظام مثل شائعة موت ماهر الأسد التي تكررت مراراً فمات و عاش و مات عاش حتى قلنا يحي العظام و هي رميم. و النظام هو المستفيد الأول لو نحن صدقنا و انجررنا وراء هذه الحملات التضليلية بلا تثبّت و تحقق فنخالف بذلك قول الله تعالى : " يا أيّها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين."

أمّا المحور الثاني فيرتكز على الجانب الثوري الشعبي و ما بُثّ فيه من شائعات قد لا تكون مستهدفة بذاتها بقدر ما هي هفوات ناجمة عن ضحالة المعرفة و الجهل بالأحداث و كثرة القيل و القال و عدم القدرة على التأكد و ضبط المعلومة و التحري من مصداقيتها أو حدودها. و خير مثال على ذلك ما شاع في الآونة الأخيرة عن عملية كتيبة الصحابة و قيامها باستهداف عناصر خلية إدارة الأزمة السورية. و إن كنّا نثقّ أنّ العملية تمّت فعلاً ، بشهادة و بيان منفّذيها إلا أنّنا إلا الآن غير قادرين على ضبط حجم الخسائر التي منّي بها النظام الفاسد و مجرميه، و مازلنا ندور في فلك القيل و القال: قالوا دخل ستة من أفراد خلية الأزمة إلى مشفى الشامي بعد تعرّضهم لعملية نوعية على أيدي أبطال سرية الصحابة وقالوا على الجزيرة تم تأكيد مقتل قيادة خلية الأزمات من قبل قيادة الجيش الحر ومن ضمنهم فلان و فلان... وقالوا الذي نفذ العملية متعاون مع كتائب الصحابة و هو من أبناء الجولان المباع و اسمه جميل العبد الله، وقالوا بحدوث انشقاقات كبيرة في صفوف الجيش الأسدي على خلفية حادثة استهداف عناصر قيادة الأزمة، و قالوا تمّ التاكد من وفاة آصف شوكت و دواوود راجحة و سعيد بخيتان، و هشام بختيار، ثمّ قالوا آصف حيّ يرزق و قد تحدث مع أحد المشايخ الذين على تواصل معه، و قالوا خلافات عائلية حادة بين أفراد عائلة الأسد و اتهامات موجهة من بشرى لأخيها بشار بالتقصير و الإهمال الذي تسبب بوفاة زوجها، و قالوا بشار في حالة رعب و تشتت و عدم قدرة على التركيز و قالوا بشار يستقل طائرة من مطار المزة و يطير نحو جهة مجهولة، و قالوا انشقاق في الحرس الجمهوري و اشتباكات حادة مع الفرقة الرابعة، و قالوا أن اللقاء التلفزيوني مع محمد الشعار الذي بثّته قناة الدنيا تكذيباً لحادثة الاستهداف لقاء مفبرك و قديم، وقالوا و قالوا ... لاشكّ أنّ ثمة ما هو صحيح فيما قيل، و لكن ليس هناك سبيل لمقياس مدى الصدق فيه، و لاشكّ أنّ العصابة الأسدية إلى زوال و أنّها تهالكت، و لاشكّ أنّ الروح المعنوية بين ضباط و عناصر الجيش الأسدي في الحضيض و قد كثرت بينهم المناحرات التي قد تصل إلى استخدام السلاح ضد بعضهم البعض، فمنهم من يتمنى الانشقاق بعد ما رأى بأمّ عينه من جرائم النظام الأسدي لكنّه يخشى الانتقام منه ومنه أسرته، و منهم من أصبح يتمرد على قادته و يرفض تنفيذ الأوامر و الخروج بغير حماية كافية مدعّمة بالسلاح و العتاد، و منهم من اكتشف أنّه يدافع عن شخص ساقط لا عن وطن، و أصبح يتمنى العصيان و الانشقاق لولا أنّه مثقل بجرائمه و لا يستطيع التراجع دون ضمانات كي يفلت من عقاب الشعب على ما اقترفت يداه من ظلم و تنكيل، و الحقّ يقال إنّ العصابة الأسدية قد أصبحت عبأ كبيراً حتى على رجالها و أبناء طائفتها و المواليين لها و شبيحتها و على المجتمع الدوليّ قاطبة، و قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من السقوط. و ثمّة دروسٌ و عبرٌ في كلّ ذلك، أولها أنْ نكفّ عن نشر الشائعات أو المساهمة في نشرها، كي لا نصبح كالراعي الكذاب، ظلّ يستنجد أهل القرية لتنقذ خرافه من الذئب و هو يكذب، حتى جاء الذئب فعلاً و أكل خرافه و لم ينهض لنجدته أحد، و ماهر الأسد الذي مات و عاش مرات ، سيموت يوماً و لن نصدق أنّه مات و لو رأيناه رأي العين، و ثانيها، أن لا نصدق الشائعات كالأطفال السذّج دون تقصيها، وثالثها، أن لا نكذب خبراً ورد من مصدر موثوق متواتر مع مصادر أخرى تؤكده، كما حصل في ردود الأفعال تجاه تصريحات المكتب الإعلامي للجيش الحرّ، فقد صدقناه حين تبنى عملية خلية الأزمة و كذبناه حين أنكر اختطاف اللبنانيين في حلب دون دليل على هذا و ذاك، فالتصديق بغير دليل سذاجة و التكذيب بغير دليل قنوط و يأس، فلا نستكبر انتصار جيشنا الحرّ و نغبط أنفسنا حق الفرح، و لا نمضي خلف الشائعات و نغمض عيناً على الحقيقة،و رابعهما علينا أن نتذكر جميعاً أن دربنا إلى شمولية النصر طويلة، و كلّ درب تبدأ بخطوة ستنتهي و إن كانت طويلة صعبة عسيرة، و محفوفة بالمكاره و مزروعة بالأشواك، و سواء قتل ماهر الأسد و آصف شوكت و بختيار و راجحة و بخيتان أم لم يقتلوا، معركتنا ليست معهم فهم مجرد أذناب و هدفنا الكبير هو رأس الأفعى، و حتى حين يقتل بشار أو ينتحر، فلن تقف الثورة لأنّها ثورة شاملة ضدّ الظلم و الفساد بكلّ أشكاله و صوره و رموزه. إنّ معركتنا في الوطن مستمرة حتى نعيد لسورية وجهها الأموي المشرق، و وسيلتنا إلى تحقيق ذلك جياد أصيلة دخلت حلبة السباق و لن تخرج حتى تصل إلى منتهاه و الرهان عليها كبير، لأنّها من مطلع الشمس أشرقت، تريد الخروج من ظلمات الديجور، وسط الحرائق، و الدخان، و المستنقعات الآسنة العفنة، مضرجة بدماء معركتها، تحمل بيدها مشعل الحرية، و باليد الأخرى راية الحق و العدل و الكرامة، و قد دفع جيادنا ثمناً غالياً، و ما يزالون على استعداد للدفع، ما دامت الحياة كفاحاً، و مادام الكفاح ألقاً، و مادام الألق مصباحاً منيراً، أجسادنا سراجه ، و دماؤنا زيته المقدّس.

تعليقات الزوار

..

ابو محمد - المانيا

١٠ ٢٠١٢ م

لقد كان فرعون  اشد منه  اجراما  وكان النمرود  كذالك  وان نيرون قد احرق  روما  وهو  يتفرج عليها وعلى اهلها وهم  يحترقون  وهناك الكثير  من  الذين هم  اشد  منه  اجراما وتنكيلا بشعوبهم  وسبحان  الله  الذين  جعل  النسيان  عبرة  وكل  الذين فرعنوا  نسوا الذين  كانو قبلهم وما  فعلو  ولم  يتعظو من  الذين  كانو هم  في  زمانهم  وما جرى لهم  الم  يتعظ بشار  بالقذافي او مبارك ولكن لا باس فالايام  قادمة  عندها  لا ينفع  الندم

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع