..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

خواطر في زمن المحنة

ماجد الدرويش

١٢ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2625

خواطر في زمن المحنة
55699.jpeg

شـــــارك المادة

وجاء زمن المستضعفين...
ما يحدث اليوم في سوريا عامة وفي حمص خاصة ليس حدثاً عادياً، إنه تحول تاريخي سيكون له آثاره المستقبلية التي ستغير وجه العالم بإذن الله - تعالى -.
إنه تحطم حلقة جديدة في سلسلة منظومة الأقليات التي حكمنا من خلالها الغرب منذ سقوط الخلافة العثمانية التي كانت تشكل السلطان السياسي للمسلمين. ومن يومها والمسلمون غائبون عن الساحة العالمية: ساحة التأثير المباشر، بل تحولوا إلى ساحة تجارب.
وقد ساعد على ذلك وجود أقليات في المنطقة كانت تعتبر نفسها في صراع مع المسلمين منذ قرون متطاولة، وبخاصة الشعوبيون الذين يرون أن الإسلام أذل سلطانهم ومزق ملكهم، ومع أتباع الكنائس الذين يرون أن الإسلام محا من الوجود أهم كنائسهم التاريخية: الإسكندرية، وإنطاكية، وغيرها.. فالتقت مصالح الأقليات مع مصالح المستعمرين الجدد فكان الكيان الصهيوني في فلسطين.
هذا مختصر شديد لوقائع كثيرة تعصف بالذهن، وما أظن أن القارئين لهذه الكلمات يصعب عليهم تلمس الشواهد.
وهكذا حكمنا في العالم الإسلامي عامة، وفي العالم العربي خاصة، وفي بلاد الشام بوجه أخص، بمنظومة أقليات بدأت الآن تتهاوى على رؤوس صانعيها. وهذا بفضل الله - تعالى - وحده، الذي كاد للمجرمين السالكين كل ما يمكن من دروب أذية المؤمنين، وفي الوقت الذي ظنوا أنهم أحكموا قبضتهم على كل شيء أتاهم الله - تعالى - من حيث لم يحتسبوا، وها نحن نشهد فصولاً متتابعة من إبطال الله - تعالى - لمكر الماكرين وكيد الكائدين، ونرى كيف أن الله - تعالى - يرد الكافرين على أعقابهم لن ينالوا خيراً، ونرى كيف يفضح الذين ادعوا المقاومة للعدو وما كانوا إلا حماة له، وأما الانسحاب اليهودي من الجنوب فكل المطلعين يعلمون أنه اتفاق إيراني أمريكي ينسحب فيه اليهود من الجنوب مقابل مساعدة إيران لأمريكا في حربها على العراق، لذلك كان الشكر الواضح من سيدهم لدور إيران في تحرير الجنوب.
فالحمد لله - تعالى - الذي يقدر الأمور كيف يشاء، ويختار لنا الخير ولو كان في ظاهره عنت ومشقة، تعلمنا ذلك من درس سيدنا موسى - عليه السلام - مع الخضر - عليه السلام -.
أما أنتِ يا بلاد الشام... يا صرة العالم... يا أرض الجهاد المفتوح إلى أن يأتي وعد الله وأمره.. ستكونين في هذا العصر كما كانت بدر في الزمن الأول.. معركة بدر غيرت وجه الجزيرة العربية، وسوف يغير الله - تعالى - بك وجه العالم.
وأنت يا حمص... يا من حميت المظلومين من أي دين كانوا.. يوم جاءتك رحمة الله - تعالى -المتمثلة بجيش المسلمين.. فاختار بنوك القتال مع المسلمين ضد أبناء جلدتهم طمعاً بالعدل والرحمة.. طمعاً بأن يعيشوا إنسانيتهم ويتخلصوا من نظام ظالم مستبد ولكن من بني دينهم وجلدتهم.
شهداؤك اليوم يا سوريا سيذكرهم التاريخ كما يذكر شهداء بدر الكبرى، وكذلك شهداء هذا الربيع العربي الثائر على الظلم والظالمين..
صحيح أن المشهد مؤلم ودام.. وأن القلب يعتصر أسى وألماً ونحن نرى الضعفاء تستبيحهم آلة القتل المجرمة بأيدي أناس لا يرقبون في المؤمنين إلا ولا ذمة..
ولكننا نؤمن بأن ما أصابنا ما كان ليخطئنا.. ونؤمن بأن الأجل محتوم.. وإن كان لا بدّ من الأجل فليكن على ما يحبه الله - تعالى - ويرضاه.. وقتلانا في الجنة وقتلاهم في النار...
يا بلاد الشام... لقد جاء وعد الله - سبحانه -: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض..}.
وإن موعدنا القادم إن شاء الله - تعالى - على ثرى بيت المقدس، وها نحن نشهد طلائع تسليطنا عليهم كما قال نبينا الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-: ((تقاتلكم يهود فتسلطون عليهم...)). لقد اجتمعوا على قتالنا نصف قرن من الزمن... إنه زمن التغيرات.. إنه زمن الانتصارات.. إنه الزمن الذي يجعل الله - تعالى - فيه المستضعفين أئمة ويمكن لهم في الأرض.. إنه الزمن الذي ينتصف فيه للمظلوم... وينتقم فيه من الظالم.. وإن غداً لناظره لقريب.

المصدر: رابطة العلماء السوريين 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع