..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

روسيا ـ أميركا وتقاسم سورية

بيار عقيقي

٢٣ ٢٠١٨ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2398

روسيا ـ أميركا وتقاسم سورية

شـــــارك المادة

تفتح الخطة الأميركية ـ الروسية لإعادة 1.7 مليون لاجئ سوري إلى ديارهم، الباب أمام سؤال واحد: هل بدأت التسوية السورية؟ في العادة، عودة اللاجئين إلى منازلهم في كل أنحاء العالم علامة على انتهاء الحرب، وبدء تطبيق الحلول العملية التي تلي انتهاء الحرب. في الحالة السورية، تشكل عودة 1.7 مليون لاجئ اختراقاً مهماً في الحلّ السياسي السوري. ما يعني أنه عدا المعارك، على الرغم من تفاوت حدّتها، بين الجنوب ودير الزور وإدلب، فإن المساحات المتبقية باتت "آمنة" عملياً، وفقاً للتصوّر الروسي ـ الأميركي المشترك
في الواقع، لا يمكن الحديث عن حلّ سياسي، على الرغم من بدء مسارات العودة السورية إلى البلاد. الحلّ السياسي بعيد جداً، أقله حسبما توحي به الأجواء. لن تكون نهايته لا في أستانة الكازاخية ولا سوتشي الروسية، سيكون بالطبع في جنيف السويسرية. الروس عمليون في ذلك، يريدون عودة وحلاً سياسياً، يحمي الاتفاقيات الموقّعة مع النظام السوري، والاتفاقيات الشفهية مع الأوروبيين والأميركيين. وقد يؤدي ذلك إلى إطالة المفاوضات السياسية سنوات، إلا أنه لن يمنع ثلاثية "وقف إطلاق النار، عودة اللاجئين، إعادة الإعمار". تلك الثلاثية بيد الروس حصراً، وبموافقة أميركية، حسبما ظهر في قمة هلسنكي الفنلندية يوم الإثنين الماضي، بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين
البند الأكثر أهمية في التصوّر الروسي ـ الأميركي لعودة اللاجئين أنه لم يتضمن مشاركة تركية أو إيرانية، على أساس أن تركيا تستضيف نحو 3.5 ملايين سوري، بينما إيران تساهم مباشرة عبر التنظيمات والمليشيات الحليفة في سورية. ويعني هذا أن المشاركة الروسية ـ الأميركية في حلّ اللجوء أقرب إلى تعاون يسبق التعاون المشترك في الحلّ السياسي، وإبعاد القوى الإقليمية عن المشاركة في الحلّ، في مقابل فرضه عليهم والتعامل معه بواقعية. بالطبع، يريد الروس استمرار بشار الأسد، ويبدو أن الأميركيين كذلك، فالكرة التي رماها بوتين نحو ترامب، قائلاً إن "الكرة السورية في ملعبك"، مؤشر على أن ترامب لن يرفض استمرار الأسد، مع أنه سبق أن وصفه بـ"الحيوان"، قبل الغارات على سورية، في إبريل/نيسان الماضي. ترامب رجل أعمال يتعاطى مع الحلول المفروضة أمرا واقعا، إن لم يفرضها هو بالأساس
إضافة إلى اللاجئين والحلّ السياسي، يبني الروس والأميركيون خطواتهم قدماً في الاقتصاد السوري. يُفهم من حراكهما أنهما سيكونان الطرفين الرئيسيين في إعادة إعمار سورية، ومنح الدول والشركات الخارجية الرخص سيكون عبرهما، خصوصاً أن الأميركيين لن يتخلوا عن الشرق السوري بسهولة، والروس لن يسمحوا بأي تصدير عبر الساحل السوري بسهولة. المشاركة في اقتسام سورية يُظهر كيف يعمل الأميركيون، فقد تشاركوا في العراق مع إيران، والآن في سورية مع الروس. في كل الحالات، يبقون في الواجهة، يستفيدون من الاقتصاد ويتراجعون في السياسة، لإيران في العراق ولروسيا في سورية. وهي سياسة متبعة منذ نهاية الحرب الباردة (1947 ـ 1991)
الآن، يبقى تنفيذ خطة إعادة اللاجئين، فكلما كان التنفيذ سريعاً كان الحلّ أسرع، وكلما كانت عمليات إعادة الإعمار أسرع. ترامب يريد السرعة، لرغبته في اعتبار نفسه منتصراً في القضية السورية، عكس بوتين الذي لا يهمه عملياً متى يبدأ الحلّ السوري، تاركاً التوقيت بيد الأميركيين. وترامب ينوي التصرّف سريعاً، بغية التركيز فقط على الدور الإيراني في الشرق الأوسط. ويعتبر ترامب عملياً أن مشاركته في الحل السوري مع الروس نصر ضد إيران، وإبعادها عن الحلّ السوري من جهة، وعن الحدود الجنوبية لسورية مع فلسطين المحتلة من جهة أخرى. وترامب سيتصرّف، كما الآن، بالطريقة التي يفكر فيها بحصار إيران أكثر. كيف ستردّ إيران؟ يبقى هو السؤال الأكثر أهمية في الفترة المقبلة، في ظلّ تراجعها الميداني مع حلفائها في بعض النقاط السورية.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع