..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الثورة السورية تحرك المياه الراكدة

الرشيد

٢٦ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3333

الثورة السورية تحرك المياه الراكدة
11.jpeg

شـــــارك المادة

رغم قناعتي بأهمية حوار الأديان والثقافات، وضرورة اجتماعها على مبدأ الإنسانية؛ إلا أنني بدأت أميل إلى نظرية صراع الحضارات وتنافر المذاهب والملل. وما جعلني أسلك هذا الاتجاه هو ما أراه متجلياً اليوم في الصراع الدموي الدائر في سوريا، وتبعاته الإقليمية من مواقف الدول والأحزاب.

 


لقد عاشت منطقة الشرق الأوسط - رغم بعض الحوادث المتناثرة - حالة من الانضباط الطائفي بين الشيعة والسنة، حتى جاءت حرب العراق وانفلت الأمر ضمن حدود العراق، فبرز القتل على الهوية، وكان لا بدّ من احتواء هذا الانفلات الطائفي على الأقل ضمن حدود العراق، ونجحت دول الجوار السنية في لجم أي ردات فعل طائفية إزاء مشاهد الانتقام الشيعي من أهل السنة في العراق؛ من خطف وتعذيب وثقب للرؤوس بالمثاقب الكهربائية، وكان لصوابية عدم الانجرار لساحة الصراع الطائفي خصوصاً من دول الجوار الخليجي الأثر البالغ في إبقاء أقلياتها الشيعية في منأى عن ردات الفعل من قبل الأغلبية السنية في تلك الدول، وبذلك حافظت على إبقاء الصراع الطائفي في حالة ركود ولكنه أشبه ما يكون بالجمر تحت الرماد. وجاءت الثورة السورية فكشفت مواقف الدول، وأظهرت مقدار الحقد الطائفي تجاه أهل السنة في سوريا.
لقد حركت الثورة السورية المياه الراكدة، وأصبح التمايز الطائفي واضحاً جلياً للعيان فانقسمت المواقف حول الثورة السورية بين دول مؤيدة للنظام السوري بكل إجرامه، وبين دول مناهضة له. والملاحظ هنا أن الدول الداعمة للنظام السوري خصوصاً في محيطه الإقليمي هي دول محكومة بعقيدة آل البيت، أو دول ذات نفوذ شيعي فيها. ودعم النظام السوري هو دعم ذو خلفية طائفية طبعاً؛ فتلك الدول ذات الهوى الشيعي كان لها مواقف مؤيدة للثورات في الدول التي شهدت الربيع العربي، وعندما وصلت رياح التغيير إلى سوريا وقفت هذه الدول بثقلها (الطائفي)، وليس السياسي بوجه أي تغيير في سوريا فيا لها من مفارقة.
فالعراق ذو الحكومة الشيعية ينتقل من موقف المعادي للنظام السوري إلى موقف المناصر له بعد اندلاع الثورة السورية، وحدث ذلك دون أي توطئة سياسية، حتى لقد كانت الاستجابة الطائفية سريعة جداً، فربما يكره المالكي بشار الأسد ولكنه بالتأكيد (يعشق) طائفته، وهاهو - أي المالكي- يصرح بأن الأسد لن يسقط بل يذهب أبعد من هذا حين يتساءل: (ولماذا يسقط)! متجاهلاً بكل وقاحة دماء أكثر من اثني عشر ألف مدني وهو يدرك أن عُشر هذا العدد من القتلى المدنيين يمكن له أن يسقط ليس رئيساً فقط بل دولة بكاملها!
أما لبنان وحكومته ذات الصبغة الشيعية لحزب الله - والتي شكلت بإشارة من النظام السوري - فقد التزم ومع بداية الثورة السورية مبدأ (النأي عن النفس)؛ طبعاً في ما يخص المجازر التي تحدث في سوريا، أما في الواقع فالدعم الكامل للنظام السوري لا يخفى على أحد بدءاً من المواقف السياسية والإعلامية لحزب الله وحركة أمل الشيعيتان ومنابرهما الإعلامية من محطات لترويج الكذب السوري، وصولاً إلى القوات الميلشياوية لحزب الله والفاعلة على الأراضي السورية والتي تقتل باسم المذهب الشيعي ولا شيء غيره.
وفي الكويت يعقد مجلس الأمة الكويتي جلسة لمناقشة الوضع السوري، فينبري النواب الشيعة للدفاع المستميت عن النظام السوري مع وصفهم للثوار في سوريا بالعصابات، ومجازر النظام السوري بحق الشعب السوري بالفبركة الإعلامية!
أما في البحرين فالمؤلم أن من هب منهم يطالب (الملك) -وليس (الرئيس) في دولة جمهورية كسوريا - بالإصلاح تراه يعتبر أن ما يجري في سوريا هو مؤامرة، وأكبر الشواهد هو ما صرحت به الناشطة البحرينية المعارضة زينب الخواجة من أن ما يجري في سوريا هو مؤامرة وهابية!
ولنذهب لعمان والتي يحكمها أقلية من المذهب الأباضي - والأباضيون هم خوارج الشيعة - لنراها تدخل في جوقة الممانعة والصمود، ولا تخفي دعمها للنظام السوري حتى أن سلطانها قد بعث برقية (تهنئة) للرئيس السوري بمناسبة عيد الجلاء دون أن ينسى تكريسه كرئيس شرعي لسوريا بمخاطبته (بفخامة الرئيس الدكتور...). ويا ليته - أي سلطان عمان - قد أبرق له مستنكراً المجازر التي يقوم بها النظام السوري، بل أن صحيفة الوطن العمانية والتي أقرب ما تكون للسلطة صارت مقالات كتابها مادة دسمة للإعلام السوري الذي (يتلقط) فتات الكتاب المأجورين المدافعين عن النظام السوري، وصارت الوطن العمانية منبراً فذاً لترويج أكاذيب النظام السوري عن المؤامرة والعصابات المسلحة.
إن عدم الانهيار السريع للنظام السوري منح الشعب السوري فرصة لا تعوض لاستجلاء المواقف السياسية دولياً وإقليمياًَ وعربياً من الثورة السورية، ورغم أن المواقف السياسية لبعض الدول كانت قابلة للتغيير والتعديل إلا أن المواقف الطائفية كانت أكثر رسوخاً، وصار الخطاب الطائفي يختبئ وراء المواقف السياسية.
لقد غلب التعصب الطائفي على الدول السابقة الذكر ودخلت المنطقة في حالة اصطفاف طائفي كان محركه الأول والأكبر هو إيران شيطان الشرق الأوسط، حاملة لواء العداء للعرب والسنة. وها هو الحقد التاريخي يسيطر على المشهد السوري، فالشيعة لديهم ثأر تحمله شعاراتهم (يا لثارات الحسين)... وهناك حقد على أهل السنة منذ الدولة الأموية ومهدي الشيعة المزعوم والذين يواظبون الدعاء لله بتعجيل (فرجه) من أولى مهامه قتل أبناء بني أمية!
هل اقتربنا من يوم القيامة، أم من حرب عالمية ثالثة أم من نحن في آخر الزمان؟ لا أعرف! إنما ما أعرفه حتماً هو أن الثورة في سوريا ستقلب صفحة فيها الكثير من (خربشات) التاريخ، ولا أعلم ما لون الصفحة القادمة؛ هل ستكون بيضاء كنور الصباح، أم سوداء كعتمة الليل؟؟ حقاً لا أعرف!

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع