..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

التفاوض يكون مع الاحتلال وليس مع الدمى

أحمد موفق زيدان

٤ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2854

التفاوض يكون مع الاحتلال وليس مع الدمى
موفق زيدان 0987.jpg

شـــــارك المادة

ونحن على أبواب الدخول في نفق مظلم خطير متمثل في التفاوض مع العصابة بدمشق، يطوف خيالي حول ثلاثة نماذج حديثة وليست قديمة، ولا نزال ندفع ثمنها بشكل يومي، أنموذج العراق حين انشغلت المقاومة العراقية بمهزلة الحل السياسي وتشكيل المجلس السياسي للمقاومة مما قسم الصف العراقي المقاوم، وانشغل المقاومون بالسياسة بينما كان الطرف الآخر يواصل سياسة القضم والهدم والإجرام على أشدها مقابل انسحاب الآخر من الأرض للفضاء السياسي السرابي، ويعلم من كان يدير ذلك المشروع كيف حذرتهم من مغبته، وأن الوقت الآن للمقاومة وليس للسياسة التي ستفرق المقاومين وتوحد صف أعدائهم.

الأنموذج الثاني هو السلطة الفلسطينية التي مارست سياسة التنازلات منذ التخلي عن فلسطين إلى تغيير الميثاق الفلسطيني مرورا بأوسلو وواي ريفر وما بينهم وما بعدهم، خسرت السلطة الفلسطينية الأرض لصالح المستوطنات الصهيونية، وكسبت فقط اعترافا خُلبيا لم يغنها شيئا، أما الأنموذج الثالث فهو دخول الإخوة في حركة المقاومة الإسلامية حماس للعبة السياسية والانتخابات فكان أن تشتتوا بين السياسة والمقاومة، وأرغمت من باب الأمر الواقع على الدخول في حكومات ائتلافية مع فتح، وخضعت لضغوط دولية وإقليمية ومحلية ما كان لها أن تتعرض لها لو ظلت بعيدة عن الحسابات السياسية والانتخابية.
نعود إلى الشام، فحين نرى تفاوض جيش الفتح مع الإيرانيين من أجل هدنة الفوعة وكفريا مقابل الزبداني، ومن قبلها التفاوض في حمص بالإشراف الإيراني أيضا يجعلنا هنا نطرح سؤالا أعتقد أنه مهم للغاية، وهو: هل الهدن المحلية أكثر أهمية من التفاوض على مستقبل البلاد كلها في جنيف وفينا والرياض؟

إذن فلم التفاوض هناك مع المحتل الحقيقي والواقعي وهو الإيراني والذي انضم له الروسي أيضا، بينما التفاوض على مستقبل البلاد في فيينا يتم مع نظام الدمية الأسدي.
باعتقادي.. التفاوض في فيينا ليس إلا من باب شق الصف السوري وشق الصف العسكري والسياسي، مع تحويل المعارضة السياسية ووفد المعارضة إلى مهزلة تتجلى بفرض شروط المحتل وعملائه على وفد المعارضة وتشكيل وفدها بمقاييس الاحتلال نفسه، إن كان من حيث إشراك أشخاص معارضين لا وجود لهم إلا في أذهان الاحتلال وعملائه، وبالتالي فإن نتيجة التفاوض لن تكون بأحسن حال من العراق وفلسطين، ولن يكون المفاوضون بأحسن حالا من نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي الذي يقضي أيامه في دول الشتات، لعل الفارق أن الأخير وصل إلى هذا المنصب، لكن الآخرين لن يحلموا به أو بغيره.
الأعجب من ذلك كله أن مسلسل التنازلات التي تقدمها المعارضة السياسية السورية يتواصل بدأته دمشق بـ «لاءات» مكررة «لاءات الخرطوم» لمنظمة التحرير أن لا حوار مع الطاغية إلى رحيله دون تحديد وقت وسقف زمني، إلى هيئة حاكمة كاملة الصلاحيات، إلى حكومة بوجود الطاغية، لكن لم نلمس طوال خمس سنوات من القتل والإجرام مع احتلال مزدوج إيراني وروسي أي تنازل من الطرف الآخر الذي لا يزال يصر على أن كل الجماعات المسلحة إرهابية.
وفي الوقت الذي كلف الأردن دوليا بتحديد ما يسمى بالجماعات الإرهابية، وبينما كان جيش الإسلام وأحرار الشام يشاركان باجتماع الرياض وفقا لمخرجات اتفاق فيينا الأممي، كانت العربدة والصلف الروسيان يقتلان زعيم جيش الإسلام الشهيد زهران علوش، وهو ما يعني أن ما تتفقون عليه وتجتمعون من أجله انقعوه واشربوا ماءه، وأن مجرد التأخير في وصم الإرهابي حسب رغبتنا سيكون مصيره القتل، ولا يزال البعض يأمل أن يحقق بالتفاوض تنازلا من الاحتلال والعصابة العميلة، بينما لاحظ الكل أن اتساع دائرة النار الإجرامية الروسية باستهداف مواقع الجيش الحر في درعا يؤكد أن لا مقاوم معتدل للأسد بالمنظار الروسي، وأن لا خط أميركيا مرسوما لحماية من تصنفهم أميركا وغيرها بالاعتدال، وبالتالي كل من يعلن مقاومته ومخالفته للأسد واجب القتل والتدمير والسحق بالمنظار الإجرامي الغربي والشرقي.
الحوار يكون مع الرأس، والرأس هنا هو الاحتلال، وهذا ما ينبغي أن يكون، وثانيا المفاوض ينبغي أن يكون له وزن وقوة عسكرية على الأرض وإلا فعلى ماذا يتفاوض؟

وهذه القوة تكون بتفويض حقيقي من القوى العسكرية الواقعية، وإلا فليتق الله المفاوض ولا يتظاهر بالشفقة على الشعب السوري، وأنه حريص على تخفيف المعاناة والإجرام بحقه، فمن لم يستطع إسقاط وترحيل هذه العصابة بالقتال فلن يقدر على إسقاطها بالتفاوض، وكأنني بأحدهم يسألني إذن كسياسيين ماذا نعمل؟

أقول لهم كان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يهدد بالاستقالة وحل السلطة الفلسطينية حين يحاصر دوليا، وأعتقد أن أفضل ما تفعلونه للشعب السوري وثورته هو حل كل ما تسمى بمجالس المعارضة السياسية، ودعوا العالم يواجه الثورة السورية بهذا الشكل، حينها سنرى هذا العالم المنافق يزحف على بطونه يستجديهم البقاء في مناصبهم وربما يبدي جدية في التعامل السياسي مع هذه العصابة.
وحينها سيتم تعرية العالم كله، فوجود ما يسمى بالمعارضة السياسية يوفر غطاء ومسحة أخلاقية للتبلد الدولي، بينما واقع التكاذب هو الحاكم، فطبخة الحصى تتواصل، وأتمنى على هذه المعارضة أن تقدم جردة حساب فيما فعلت خلال الأربع سنوات الماضية، دعوا العالم يتعرى ودعوا العالم يواجه ثورة شعب بنفسه، فمواجهة الفوضى الثورية على العالم أخطر بألف مرة من واقع تزينه المعارضة.
أخيرا هوية الثورة السورية هي الجماعات الجهادية والثورية، وبدونها فعلى الثورة السلام، ولا يخدعن أحد نفسه بأن بهلوانيته وحذلقاته وقدراته الفكرية ستهزم هذه العصابة الطائفية المدعومة من قوى الإجرام كله، فالحديد لن يفله إلا الحديد، والحجر لا بد أن يرد للجحر الذي انطلق منه كما علمنا السيد المسيح عليه السلام، وإنني لا أشك للحظة أن ثورة الشعب الشامي إلى انتصار.

 

 

العرب القطرية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع