..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الغوطة الصابرة وجيش الإسلام… حاصروا العاصمة وهددوا أركان النظام

أحمد رحال

١٨ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3320

الغوطة الصابرة وجيش الإسلام… حاصروا العاصمة وهددوا أركان النظام
النفوذ في الغوطة 000.png

شـــــارك المادة

من الواضح أن معركة “الله غالب” التي أطلقها جيش الإسلام كانت مفاجئة بكل تفاصيلها وفاجأت الجميع أكثر بتوقيتها وتسارعها ومسرح أعمالها.

كانت المعركة مفاجأة بأن تخرج ممن حوصروا لثلاث سنوات بعد أن ظن الجميع أن قتالهم بات منحصراً بالدفاع عن النفس فقط، وينحصر بمناطق محدودة تتمثل حدودها داخل أسوار الغوطة الشرقية وفي أفضل التقديرات تمتد لتصل أطراف حي جوبر في جبهتها المفتوحة هناك.

وكانت مفاجئة بخطواتها التكتيكية المتسارعة التي استطاعت الوصول إلى عمق دفاعات النظام في مدخل دمشق الشمالي وقوات الجبهة الشعبية لأحمد جبريل، وكانت مفاجئة بمسرح أعمالها التي شكلت اختراقاً في العمق الدفاعي الأقوى للنظام المتمثل بدفاعات بوابات العاصمة ومدخلها الشمالي وخط إمدادها الأقوى، إن كان عبر المنطقة الوسطى أو عبر خط الإمداد الروسي القادم من الساحل.

أما ما تفاجأ به الثوار فكان الانهيار السريع لحواجز النظام والجبهة الشعبية والذي تمثل بتحرير أكثر من (25) نقطة كان يسيطر عليها النظام وامتدت مساحتها من حاجز ضاحية حرستا وحتى مخيم الوافدين وعلى امتداد يصل لحوالي (3)كم على الأوستراد الدولي الواصل بين دمشق وحمص بعد قطعه أمام أي حركة باتجاه العاصمة دمشق.

كان من الواضح أن المخطط العسكري لغرفة عمليات جيش الإسلام والقيادة الموحدة يثق بإمكانيات مقاتليه، لأن اختيار تلك الجبهة يحمل الكثير من المخاطر في حال الفشل ويحمل الكثير من الجرأة، فأن تقتحم من اتجاه نقاط قوة النظام وفي قلب دفاعاته هذا يعني أنك فككت دفاعاته وأمنت خطاً للتوجه لقلب العاصمة، والفشل يمكن أن يؤدي لتفتيت القوات المهاجمة وإلحاق خسائر كبيرة بهم، لكن من الواضح أن رهان ضباط عمليات جيش الإسلام، راهنوا على ثقتهم بمقاتليهم ونجح الرهان.

خطة العملية والتي تعتبر المعركة الدائرة الآن على بوابة العاصمة هي إحدى مراحلها وتلك العملية تقتضي تحقيق أهدافاً تكتيكية تأتي من ضمن الأهداف الاستراتيجية الكبرى للعملية الرامية للوصول لقلب العاصمة وتحريرها.

المعركة ابتدأت بالتقدم عبر محور شمالي يخترق موقع (تل كردي) وتل (رأس العين) مع التفاف يهدف لقطع الأوتستراد ثم التوجه جنوباً والوصول للكتلة الجبلية الغربية المطلة على الغوطة والمجاورة لضاحية حرستا والتي تحوي الجهد الرئيسي الأكبر من وسائط رمايات النظام من الدبابات ومدفعية فوزديكا الثقيلة وراجمات الصواريخ والهاونات والتي كان لها التأثير الأكبر والجهد الأكبر بمعظم الرمايات التي طالت قرى وبلدات الغوطة الشرقية وألحقت القتل والدمار بكل المدنيين هناك، وبالاشتراك مع شركائهم بالقصف المتموضعين على تلال جبال قاسيون.

هذا الاختراق أحدث فجوة في دفاعات النظام أدى لتحرير كافة الشركات ونقاط النظام المتوزعة على الأوتستراد الدولي بين جسر ضاحية حرستا ومخيم الوافدين (الذي يعتبر خزاناً بشرياً لشبيحة النظام ويسيطر عليه أحمد جبريل وسكانه للأسف هم من سكان الجولان ومن بلدة البطيحة بالذات ممن شردهم نظام حافظ أسد بعد أن باع الجولان عام 1967).

والنقاط المحررة شملت مراكز حيوية تمثلت بتحرير مفرزة الأمن العسكري ومقر القيادة الاحتياطي للأركان (المنشأ حديثاً) مع معدات عسكرية ثقيلة، مع قتل وأسر عدد كبير من ضباط وعناصر ميليشيات نظام الأسد وقوات أحمد جبريل التي نالت النصيب الأكبر من الخسائر.

تسارع الخطوات والتقدم الكبير لقوات جيش الإسلام جنوباً نحو أسوار ضاحية حرستا وخصوصاً نحو الكتلة الرابعة دفع بالكثير من سكان الضاحية (معظمهم من ضباط الأسد وشبيحته) لمغادرتها والنزوح عنها تحسباً لوقوعهم بالأسر، لكن الملفت كانت النداءات التي وجهها شبيحة الدفاع الوطني والتي طالبوا فيها الأهالي بمغادرة منازلهم ومغادرة الضاحية وفي أماكن لم يصلها القتال ليكتشف الأهالي بعدها أن بيوتهم قد تم إفراغها وسرقة كل محتوياتها في أكبر عملية (تعفيش) قادها فرسان التشبيح الأسدي بحق من يدَعون أنهم يؤمنون حمايتهم ولتخرج كل الصفحات الموالية للنظام وتتحدث عن تلك السرقات وتفضح مرتكبيها.

أمام هذا الهجوم الذي مزق دفاعات النظام وأحدث خرقاً في صميم المناطق التي يعتبرها النظام محرمة على فصائل المعارضة، سارعت ميليشياته للتعويض والزج بكل ما تملك هي وحلفاؤها في ساحات المعارك، فأكثر من عشرين دبابة تم سحبها من مناطق درعا وتم نقلها على حاملات إلى دمشق، من داريا والسيدة زينب والزبداني سحب حزب الله الكثير من قواته وبقوافل وصل بعضها لأكثر من خمسين شاحنة وسارعت بالتوجه نحو الضاحية والمراكز القريبة منها، هناك قافلتان تحركتا من حمص باتجاه العاصمة وكان الهدف الوصول لسجن عدرا المركزي وتحسين دفاعاته المفككة (تم تدمير إحدى القوافل على أوتستراد حمص بمعظم آلياتها بكمين محكم).

ميليشيات النظام وكعادتها، كان ردها عبر مزيد من الإجرام الجوي والقصف المدفعي والصاروخي على معظم بلدات وقرى الغوطتين (الشرقية والغربية)، فألحقت دماراً بالممتلكات والأرواح، ومزيداً من الجرحى بين المدنيين والشيوخ والنساء والأطفال، ليضاف هذا الإجرام لسجلهم الحافل بالجرائم والمجازر، لكن هذا الأمر لم يمنع أهالي الغوطة من الاستجابة لنداء النفير العام الذي أعلنه جيش الإسلام لكل قادر على حمل السلاح وتدافع الأهالي للانضمام للمعركة واكتساب شرف القتال ضد عصابات الأسد وحلفائه بخطوة كثيراً ما تذكرنا بثوار الغوطة أثناء عملياتهم ومعاركهم ضد الاحتلال الفرنسي وإن كان قتال الأسد لا يختلف بشيء عن تلك الذكريات فكلاهما محتل لأرض الشام.

غبار المعركة لم ينجلِ بعد، ونتائجها لم تتكشف، ورصاصها لم يتوقف، لكن بأي حال كانت النتائج، فهي مرحلة من خطة متكاملة تستتبع تحقيق أهدافها في مراحل لاحقة، المهم أن تستمر وأن تكون هناك مؤازرات وإمدادات من بقية الجبهات وليس بالضرورة أن تكون مؤازرة مكانية وعلى نفس مسرح الأعمال بل يكفي مشاغلة ميليشيات النظام وحلفائه في جبهات أخرى تخفف الضغط عن جيش الإسلام وتمنع النقل أو التعزيز بأي قوات قد تساند عمل ميليشيات النظام على أبواب العاصمة، طالما أن الهدف واحد والغاية واحدة تتمثل بإسقاط وقطف رأس (الأسد) الذي أصبح مطلباً يشغل بال كل الثوار.

من الواضح أن معركة دمشق أزالت خطوطاً حمراء كانت تقيد فتح جبهتي الساحل ودمشق، ومن الواضح أن وصول الروس للشواطئ السورية كاحتلال قد غير من قواعد الاشتباك ومن قواعد اللعبة السياسية التي يقودها الغرب، نزول القوات الروسية للقواعد البحرية السورية ومطاراتها أزعج أطرافاً إقليمية تناصر الثورة السورية.

والواضح أن الضمانات التي قدمتها واشنطن لموسكو لم تقنعها وأن وعود الاستثمارات الخليجية لم تكن كافية ولا مغرية لكي تغير موسكو من مواقفها، لكن الأمر الذي لا يختلف عليه أحد أن معركة دمشق سيكون لها منعكسات وارتدادات إذا ما حافظت على زخمها ومكاسبها قد تغير من وجه الثورة السورية.

بانتظار أن ينجلي الغبار.

 

 

كلنا شركاء

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع