..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

السلفية الجهادية الأردنية سرطان في الجسد السوري

أحمد أبازيد

١٥ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3421

السلفية الجهادية الأردنية سرطان في الجسد السوري
000 ابو قتادة.jpg

شـــــارك المادة

في المكتبة العالمية الضخمة للدراسات حول الظاهرة الجهادية المعاصرة، ربما لم يُكتب قبل الثورة السورية عن بلد كما كُتب عن الأردن، رغم الحالة السلمية الغالبة على التيار الجهادي فيه.

ورغم هذه الحالة السلمية للسلفية الجهادية في الأردن، فيما عدا عدة حوادث معروفة، إلا أنها صدرت نفسها قيادة وتنظيراً وتأثيراً لتنظيمات السلفية الجهادية في أكثر من بلد، لعل أهمها الجزائر ثم العراق ثم سوريا، وكانت النتيجة الأولى الأكثر كارثية هي أبو مصعب الزرقاوي، الأب الروحي والمادي لتنظيم داعش، يوم كان اسمه قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين.

وما زال قادة هذا الفكر يعيشون ويتنقلون مرتاحين في عمّان، وأهمهم طبعاً أبو محمد المقدسي شيخ الدواعش الذي علمهم التوحيد (كما وصف نفسه)، وأبو قتادة الفلسطيني سفاح الجزائر الذي أفتى بقتل النساء والأطفال في المهد وشجع على ذبح الأمهات والآباء باعتباره أس التوحيد.

الأخطر طبعاً هو القاعدة الاجتماعية المعلنة للسلفية الجهادية في أكثر من مدينة في الأردن، في السلط ومعان والرصيفة والزرقاء ومخيم إربد، وهي الظاهرة التي لم تكن موجودة على الإطلاق في سوريا ولا في أي بلد آخر، حيث السلفية الجهادية اهتمامات أو ارتباطات شخصية معزولة وسرية غالباً، ومع ذلك تفجرت بدموية حين توفرت مناطق دون سلطة مركزية أو بؤرة توحش بمصطلحهم، وواهمٌ من يظنّ في الأردن أنه لو توفر لهؤلاء أدنى قدر من السلطة أو السلاح فسيوجه سلاحه نحو المخابرات أو الدرك دون المجتمع المحيط به، مهما أظهروا وداعة أو رأيتموهم الآن كالبشر يلبسون القمصان ويمشون في الجامعات ويأكلون في المطاعم ويبتسمون بوجوهكم، نحن نعرف هذا الفكر كيف يمسخ الإنسان ويحوله لأداة قتل عمياء، وينبغي أن تكون أولوية أهل الرأي والتأثير في الأردن تعرية هذا الفكر والحد من انتشاره قبل أن يبكوا يوماً على جثث أهلهم –لا سمح الله- ويقولوا كما قال غيرهم لماذا لم تحذرونا؟

عموماً ما يهمني الآن –بعد هذه النصيحة الواجبة- هو دور هؤلاء في سوريا، لا دور الموجودين في سوريا من تلاميذهم في جبهة النصرة أو داعش فقط، وإنما دور رؤوس التيار السلفي الجهادي في الأردن وأهم منظري منهج الغلو والتكفير، المقدسي والفلسطيني وتلامذتهم.

كلا الرجلين (مجازاً) خرج من السجن وبدأ فوراً الحديث ضد داعش بنعومة وضد الثوار السوريين بخطاب التخوين والتكفير وإباحة الدماء، ويعرفون تفاصيل التفاصيل عما يجري في الغوطة ويفتون لما يجب أن يُفعل في إدلب ويسجلون من يجب أن يُقاتل من فصائل الثوار في حلب ويحدّثون يومياً قوائم المرتدين من الفصائل الثورية المجاهدة الذين تجرؤوا وتكلموا في السياسة، بينما يسكتون إن كان الأمر يخص تلاميذهم في إربد، أو يخص زيارة الإسرائيليين إلى عمّان.

بالنسبة للمقدسي والفلسطيني (وعذراً للقدس وفلسطين على هذا القبح الذي ألصقوه بالنسبة) فمجرد حديث الثوار عن دولة قانون يعني تحكيم الكفر ووجوب قتالهم، ومجرد عدم التصريح بأننا سنفتح روما يعني العمالة للغرب ووجوب قتالهم، ومجرد فتح علاقات سياسية وتلقي دعم عسكري من دول إسلامية يعني عبادة الطاغوت ووجوب قتالهم، ومجرد عدم تصريحك -إن كنت صامتاً لم تتدخل بكل ذلك- بأنك لا تريد تخوين وقتل أخيك الذي يقاتل معك في الجبهة ضد النظام بينما تتساقط عليكم وعلى شعبكم براميل الأرض.... يعني وجوب قتالهم، ...الخ

عند مقتل معاذ الكساسبة، وهو مرتد على منهج القوم، سيق المقدسي من زنزانته إلى الاستوديو وهو يرتجف أمام المذيع الذي يكرر مع كل جملة وصف الكساسبة بالشهيد ووصف داعش بالإرهابيين، ولم يقل المقدسي كلمة الحق –على منهجه- أمام مذيع في الاستوديو، وهو يعرف أنه لو قالها فأكبر ما سيصيبه شهور أخرى في السجن فقط، واكتفى بالتنديد بفعل داعش ومحاولة تبرئة "التيار السلفي الجهادي" من فعلهم، بينما يطلب منا بل يوجب علينا نحن الذين قدمنا نصف مليون شهيد وندفن أهلنا بين الغارة والغارة وتنزل علينا البراميل صباح مساء وتهجم علينا حشود الميليشيات الشيعية بالآلاف والطيران الروسي يحرث –حرفياً- أي أرض يرانا فيها، أن نعلن نيتنا إقامة الخلافة وقتال أمريكا وأن نقاتل ونذبح من هو بجانبنا على الجبهة من أول الثورة وحتى آخر معركة إذا لم يعجب منهجه، وهو ذاته بالمناسبة يترحم على شهداء فلسطين الذين لا يعرف منهجهم ولا تدينهم أو إن كان بعضهم يصلي أم لا.

أبو قتادة الفلسطيني بالمناسبة، أفتى لمذابح الجيا في الجزائر، وبررها وأصّل لها شرعاً واعتبرها أساس التوحيد وذروة الجهاد، حين كان يقيم في لندن تحت "علم الصليب" (المباح طبعاً لأن علم الثورة السورية فقط هو الحرام)، وقدّم التوسلات والطعون مرة بعد مرة لأجل تمديد إقامته/لجوئه هناك وأخذ راتب منهم حسب القانون البريطاني الذي لجأ وطلب هو أن يتحاكم إليه في محاكم "الصليب"، وفي الوقت نفسه كان يفتي لأتباعه في المسجد بجواز السرقة من البريطانيين لأنهم كفار.

من المباح للمقدسي والفلسطيني وأتباعهم أن يخرجوا بصفقة مع المخابرات، وأن ينسقوا دائماً معهم لأجل "مصلحة التيار" ويلجموا ويوجهوا سلاح أتباعهم حسب الخطوط الحمراء للدولة (وأولها جبهة فلسطين طبعاً)، بل أن يتعايشوا سلمياً مع النظام الديمقراطي والتطبيع مع إسرائيل والقانون الوضعي، وهو يعني حسب منهجهم الرضا بالكفر وهو كفر، بينما يبيحون دماءنا ويطلبون منا قتل بعضنا إن لم نذكر كلمة تطبيق الشريعة بين كل سطرين لأجل أن نرضي مزايداتهم وشعاراتهم التي لم يقاتلوا لأجلها ولم يعيشوا بها ولا ضحوا لها بغير دماء من انخدع بهم وقتل أهله بفتاويهم، بينما فضلوا هم الإقامة المريحة في لندن وعمّان وكندا.

لم يخدم أحد الثورات المضادة ومشاريع الهيمنة الغربية وتخريب قضايا الشعوب وتدمير ثوراتهم العظيمة وتشويه صورة الإسلام والمسلمين مثل هؤلاء، هم أدوات ويدركون حتماً أدوارهم ولماذا هم خارج أسوار السجون، العتب -أو الشفقة بالأحرى- على أدواتهم الغبية، من ارتضوا أن يكونوا أدوات الأدوات.

 

 

صفحة الكاتب على فيسبوك

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع