..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الحملة الدولية..عليها أن تنظر في المرآة الأفغانية

أحمد موفق زيدان

٣٠ ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2804

الحملة الدولية..عليها أن تنظر في المرآة الأفغانية
_-أحمد-موفق-زيدان2_-_نسخة.jpg

شـــــارك المادة

يبدو أن العالم كله بما فيه أمريكا لا يريد أن يتعلم شيئاً من دروس الحاضر فضلاً عن دروس التاريخ، وإذا كان البعض يجادل بأن أمريكا جديدة على التاريخ يتعذر عليها فهمه، فإن الحاضر غدا أكثر طلاسماً لها في ظل غرور قوتها وتشبثها بأدوات الماضي في ظل عولمة اجتاحت كل شيء في حياتنا، باستثناء القناعة الأميركية بالانفصال عن أدوات الاستبداد والطغيان المتعفنة في عالمنا العربي...

 

 

أفغانستان التي حشدت لها أمريكا أكثر من أربعين دولة لخلع حركة طالبان أفغانستان عن الحكم عام 2001، ها هي اليوم تعلن انسحابها من هناك في ظل تعاظم الخطر الذي جاءت للقضاء عليه، فحركة طالبان أفغانستان المتهمة أميركياً بالإرهاب ورعايته، وقادتها على قائمة الشخصيات الإرهابية غدت الآن أكثر قوة وأكثر تهديداً، وفرّخ التحالف الدولي في أفغانستان منظمات أكثر تشدداً وتطرفاً منها، وما على الشخص العادي إلا أن ينظر إلى المجموعات المسلحة المنتشرة كالفطر في باكستان.

فبعد 13 عاماً من الحملة الدولية في أفغانستان نرى أمريكا وحلفاءها يستجدون حركة طالبان أفغانستان للحوار، بل واللافت أن يُفرز التحالف ديمقراطية هجينة عجيبة غريبة في أفغانستان بحيث يتشاطر رأسان إدارة الدولة بعد أن خاضا لعبة اتهامات طويلة عريضة لبعضهما بعضا في تزوير الانتخابات وتزييفها، لتلجأ أميركا إلى الضغط عليهما وترغمهما على القبول بوصفتها الديمقراطية الجديدة، يكون فيها الفائز المعلن أشرف غني رئيساً، والخاسر المعلن عبد الله عبد الله رئيسا للسلطة التنفيذية، بعد أن تعذر على الخاسر قبول الهزيمة وكاد الخلاف بينهما يودي بكل مكتسبات التدخل العسكري لـ 13 عاماً..

في كتابها الأخير" الخيارات الصعبة" تكتب وزيرة خارجية أميركا السابقة هيلاري كلينتون عن التحديات التي واجهها تحالف 40 دولة في أفغانستان وتحديداً فيما يتصل  بتنسيق الجهود وتوحيدها، وهو ضعف رأيناه بالأمس القريب في ليبيا، وبروز الشركاء المتشاكسين وتحديداً بين أمريكا وفرنسا، فلنا أن نتصور ما سيجري الآن في ظل  تحالف دولي من خمسين دولة في العراق والشام، ولا يزال البازار قائماً لضم المزيد، فالتحالف الحالي لن يصل إلى ما وصل إليه التحالف في أفغانستان الذي كان عبارة عن عمليات برية وجوية ومشاركة قوية على الأرض في أفغانستان وباكستان وهو ما يفتقر إليه تحالف الشام والعراق، أضف إلى هذا الحنين إلى ماضي الشام والعراق وما يعنيه لكثير من الشباب المسلم من أن الشام أرض  المحشر والمنشر وأنها عاصمة العالم الإسلامي لأكثر من قرن، وكذلك بغداد  وأنها أي الشام  البلد الذي قد تكفل به الله، إضافة إلى آيات وأحاديث عن فضلها وخيريتها، كلها ستشكل خزاناً ومعيناً لا ينضب لكل من يقاتل في الشام ..

الكل يعلم أن سبب كل ما يجري في الشام والمنطقة هو النظام السوري الذي رفض منذ اليوم الأول الاعتراف بحقوق المتظاهرين السلميين في الحرية، لكن النظام العالمي ككل انحاز إلى الظلم والطغيان رافضاً اقتناص فرصة ولحظة تحرر تعيشها شعوب قررت الانفصال والانشقاق عن طغيان لاحقها على مدى عقود، ولم يوفر هذا الطغيان حين قررت الانفصال عنه أن يستخدم كل ما دفعت ثمنه من دمها وعرقها لأكذوبة تحرير فلسطين، فكانت هي إسرائيل الحقيقية بالنسبة للطغيان، وتفنن النظام في استخدام الأسلحة الثقيلة إلى الطيران إلى الصواريخ البالستية والكيماوي والبراميل المتفجرة، والعالم كله كأنه يتفرج على حفلة سيرك ...

اليوم تحرك العالم لكن ضد من ثار على الأسد ونشد الحرية، تحركوا بحجة تنظيم الدولة الإسلامية فقصفوا الثوار الآخرين، فكان حالهم كمن تمسك بالبردعة وترك الحمار كما يُقال، فهل بعد كل هذا سيقف الشعب السوري إلى جانب هذه الحملة وهو يرى القاتل على مدى أربع سنوات يُعفى من كل جرائمه وتلاحق الضحية لتعاقب، لمجرد أنها طالبت بأبسط حقوق البشر وهي الحرية التي حُرمتها على مدى عقود من استبداد النظام البعثي السوري.

لعل هذا ما دفع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ومعه دولة قطر للتشكيك بالحملة ما لم تعلن صراحة عن إزاحة رئيس النظام السوري بشار الأسد كون استهداف داعش سيقوي النظام وُيضعف المعارضة، ويصب ماءً كثيراً في طاحونة المؤامرة التي يعتقد الشعب السوري أنها تستهدفه وتستهدف ثورته، وليس قتلته على مدى سنوات، فانضمام تركيا إلى الحلف الدولي قد يخفف من شكوك الثوار السوريين أيضاً من أن هذا الحلف ليس صليبياً وليس  ضد الثورة والسوريين..

أما إذا لجأ السوري وغيره إلى تكبير الدائرة فنظر إلى اليمن وكيف جاست مليشيات الحوثي أراضي صنعاء قتلاً ونهباً وسلباً، وصمت العالم عليها، فحينها  ستتعزز شكوكه بالمؤامرة الكبرى التي تستهدفه وتستهدف إخوانه، عكستها ربما تغريدة لأحدهم تقول" أيها السوري لم يعد لك مكان في هذا الكوكب عليك أن ترحل إلى كوكب آخر."..

المضحك أن أمريكا وحلفاءها لا يزالون مصرين على حل الخطأ بالخطأ فبينما أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن خطأ كبير ارتكبته الاستخبارات المركزية الأميركية في تهوين قوة تنظيم الدولة، صام تماماً عن أخطائه القاتلة وأخطاء أسلافه في التهوين ممن عاونهم من  أنظمة مجرمة استخدمت كل محرم ضد شعبها ولا تزال، وسط صمتهم أو تعاونهم معها، ومع هذا يريدون من الشعوب دعمهم في حملتهم الدولية،  ودعم هذه الأنظمة، ربما الصوت النشاز الوحيد من البرية جاء من مدير وحدة ملاحقة أسامة بن لادن سابقاً مايكل شوير الذي أبدع في كتابه المنشور بالإنجليزية" هوبرة إمبريالية" حيث قال لمحطة "السي إن إن"  "أخيراً  إننا وقعنا في فخ بدخولنا العراق وسوريا لمحاربة الجهاديين، ولا بد من فك التحالف مع طغاة العرب وإسرائيل." ولكن كلامه على ما يبدو ليس لآذان الأميركيين وحلفائهم.
أخيراً.. الجلي أن هذه الحملة الدولية ستمنح شرعية شعبية للتنظيمات المستهدفة، ومن يعرف منطقة الشام العصية على الاحتلال والاستعمار ومن يعرف سوريا بوصفها أول بلد عربي تحرر من الاستعمار يدرك ويعي تماماً أنها حملة تحرث في بحر، وتسعى إلى قبض ريح.

 


شؤون خليجية

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع