..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الحرب الأمريكية والفصائل المعتدلة !!

محمد علي الهرفي

٢٥ ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2719

الحرب الأمريكية والفصائل المعتدلة !!
470.jpg

شـــــارك المادة

بعد سكون وصمت طويلين خرجت أمريكا لتبشّر عالمنا العربي بأنها ستقود حلفاً عالمياً لمحاربة إرهاب داعش في العراق!! كما أعلنت في الوقت نفسه أنها ستقف إلى جانب الفصائل السورية المعتدلة لكي تمكنها من مقاتلة داعش في سوريا وكذلك مقاتلة جيش الأسد، ولكنها أكدت أن حربها وحلفاءها مع داعش قد تطول عدة سنوات!!


صنّفت أمريكا وغيرها (داعش) أنها منظمة إرهابية - ونتفق معها في هذه التصنيف - كما أكد وزير خارجيتها (جون كيري) أن داعش تمارس أعمالاً لا تتفق مع الإسلام، وأيضاً نتفق مع جون على ما قاله، وقد قلته قبله ومراراً، ولكن هناك قضايا يصعب علينا فهمها وتحتاج من الرئيس أوباما ووزير خارجيته إلى توضيحها ليس لي وحدي بل لكل المسلمين في العالم فهم مثلي في أمسّ الحاجة لفهم بعض المصطلحات الأمريكية الغامضة!!
أولا: مصطلح الإرهاب أخذ زخماً عالمياً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فقد اتكأ عليه الأمريكان لتبرير احتلالهم لأفغانستان والعراق، ولأنهم يحاربون الإرهاب - كما يدعون - فليس هناك مايمنعهم من قتل أكثر من مليون مسلم وجرح وتشريد أضعاف هذا العدد، ومنذ أحداث عام ٢٠٠١م - وقد قيل عن هذه الأحداث ما قيل - حاول الكثيرون وفي اجتماعات كثيرة جعل الأمريكان يحددون بدقة معنى مصطلح الإرهاب لكنهم عجزوا عن ذلك!! فالأمريكان رفضوا مراراً طرح معنى دقيق للإرهاب لتبقى لديهم القدرة على تكييف المعنى وإنزاله على الواقع كما يريدون، ولهذا رأينا أن هناك تناقضاتٍ كثيرة يستحيل فهما في هذا الاتجاه ؛ فداعش إرهابية لأنها قتلت مئات الأبرياء وبدأت تتمدد هنا وهناك على حساب الآخرين، ولكن هناك كثيرون فعلوا أسوأ مما فعلته داعش ولم نرَ أن أمريكا تحركت لقتالهم أو حتى وصفهم بالإرهابيين!! ومن هؤلاء: بشار الأسد الذي قتل أكثر من مائتي ألف وشرد بضعة ملايين، ومنهم مجموعة من الميليشيات الشيعية في العراق منها: عصائب الحق وفيلق بدر وغيرها، وأيضا الحوثيون في اليمن، وحكومة بورما التي قتلت الآلاف وغيرها من الدول والجماعات فكل هؤلاء لا تنطبق عليهم مواصفات أمريكا للإرهاب والإرهابيين ويبدو أن السبب هو أن القتلى هم من المسلمين السنة!!
ثانيا: قرر الأمريكان ومن تحالف معهم على مساعدة ودعم المعارضة المعتدلة في سوريا!! ومرة أخرى من هي المعارضة المعتدلة؟ وما هي مواصفات الاعتدال التي تجعلنا نعرف ببساطة أن هذه جماعة معتدلة وأن غيرها لا تنطبق عليه مواصفات الاعتدال؟!
هذا الغموض - وهو مقصود دون شك - يصب في مصلحة أمريكا تماماً وذلك مثل مصلحتها في جعل مصطلح الإرهاب غامضاً!! الجميع سوف يتساءل: من هي الجماعات المعتدلة حاليا في سوريا وما هي ميولهم السياسية وما هي علاقتهم بأمريكا ومتى بدأت؟!!
طبعا لا أحد سيجد إجابة واضحة على هذا السؤال لأن أمريكا وحدها هي من تعرف الإجابة وهي من تحدد معنى الاعتدال، ولكن هناك بعض تسريبات من داخل سوريا تقول: إن هناك حوالي إثني عشر جماعة يمكن لأمريكا اعتبارها معتدلة منها: حركة حزم وجبهة ثوار سوريا وصقور جبل الزاوية وجماعات أخرى شبيهة في توجهاتها بالجماعات التي أشرت إليها. وقيل إن هناك علاقات بين هذه الجماعات وبين أمريكا بشكل أو بآخر!!
إذن فأمريكا ستتعاون مع جماعات معتدلة داخل سوريا ولكن ماذا ستفعل هذه الجماعات بحسب الرؤية الأمريكية؟ قيل: إن عليها أن تحارب داعش في سوريا!! وقيل: إن أمريكا ستعطي سلاحاً - ذا مواصفات خاصة - لهؤلاء المعتدلين كي يقاوموا نظام الأسد!! والواضح من مواصفات ذلك السلاح أنه لا يراد منه القضاء على نظام الأسد بل إطالة الحرب لهذه سنوات كما ذكر الرئيس الأمريكي ووزير دفاعه!!
الواضح لي أن أمريكا ضخمت وبصورة هائلة قوة داعش ؛ فماذا تملك داعش من العدد والعدة مقارنة بأمريكا وحدها؟! فكيف بأربعين دولة مجتمعة وقد يزيد هذا العدد مستقبلاً!! وهل ستصمد داعش عدة سنوات أمام هذه القوى كما قال القادة الأمريكان؟! ثم لماذا تشددت أمريكا ضد داعش العراق وتساهلت كثيراً أمامهم في سوريا ومعروف أنهم قد ينسحبون في أي لحظة إلى الداخل السوري ثم يعودون متى ما رأوا الفرصة سانحة إلى العراق!!
الأمريكان يعرفون قبل غيرهم أن داعش لا تشكل خطراً عليهم فماذا بقدرتها فعله تجاههم وهي لا تملك من مقومات القوة شيئاً يُعتد به؟! إن الذي أرجّحه أن أمريكا بحاجة إلى المال فوجدت في هذه الحرب وفي إطالتها فرصة سانحة لتحقيق تلك الحاجة، هذا بالإضافة إلى أن أمريكا ومنذ سنوات طويلة وهي تحارب وبوسائل متعددة الإسلام السني المعتدل، وهذه الحرب هي التي تسببت وبصورة كبيرة إلى نشوء مسلمين غلاة متطرفين، والصورة الأوضح تبدو في سوريا، فلم تظهر أي جماعة متطرفة إلا بعد مدة طويلة من بداية الثورة وبعد أن صمتت أمريكا طويلاً على جرائم الأسد بل ولم تسمح آنذاك بتسليح الثوار السوريين المعتدلين وكان فعلها من أهم أسباب نشوء التطرف في سوريا ومثلها العراق مع بعض الفوارق.
مجموعة كبيرة من علماء العراق وسوريا ومن مثقفيهم رفضوا التدخل الأمريكي ومن معهم في العراق أو في سوريا وأكدوا أن هذا التدخل سيزيد التطرف في كلا البلدين، كما أكدوا أن كل ما سيفعله الحلف هو قتل قلة من داعش وكثرة كثيرة من الأبرياء على غرار ما يحدث في أفغانستان والعراق واليمن وهذا هو الذي يوجد الغلاة والمتطرفين.
إنّ من مصلحة الفصائل السورية أن توحّد جهودها ضد هدفها الذي قامت من أجله كي لا تترك فرصة لمن يتدخل في شؤونها، وعليها الابتعاد عن الغلو والغلاة، أما أمريكا واتحادها فعليهم معرفة أن عدم عدالتهم ستبقي الغلو مستمراً في المنطقة وإذا كان لأمريكا مصالح خاصة فعليها أن تحققها بغير إراقة دماء المسلمين سواء في العراق أم في سوريا.

 


بوابة الشرق 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع