..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

إعلام الثورة.. والبحث عن الصفحات البيضاء

أبو طلحة الحولي

٨ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5753

إعلام الثورة.. والبحث عن الصفحات البيضاء
6.jpeg

شـــــارك المادة

لا تنتهي المؤامرات على الثورة السورية لمكانتها في العالم العربي والعالم الإسلامي وفي العالم ككل، وفي هذا المقال سوف أركز على موضوع إعلام الثورة.


في البداية يجب علينا أن لا نتباكى على منع النظام الوحشي لوسائل الإعلام من نقل الوقائع والأحداث على الأرض، لأنه من مرتكزات النظام الوحشي ضد الثورة، فأي عدو يعتمد ضد خصمه على الخطاب الإعلامي الدعائي النفسي وذلك عبر جملة مرتكزات منها:
1ـ التركيز على هدف واحد في وقت واحد.
2ـ إخفاء التصريحات والبيانات السيئة بالنسبة له وعدم إذاعتها.
3ـ التقليل من خسائر الجنود والعداد والعدة..
4ـ التحويل السريع للأخبار..
5ـ إشاعة عدم الثقة بالنفس، وإيقاع الخصم بالتخبط الفكري..
6ـ التدمير وارتكاب المجازر..
وغيرها من المرتكزات الدعائية والنفسية... فعلى أي أساس يرتكز إعلام الثورة ويعتمد؟ وهل ما تم تقديمه من أخبار وتحليلات في كافة البرامج التي جندت نفسها لخدمة الثورة السورية تتناسب مع الثورة ومكانتها وأهميتها. ويجب الاعتراف أولاً بالنشاط الغير العادي للثوار والناشطين في مجال التعريف بالثورة السورية، وتوثيق أحداثها.
- عرض الصفحة السوداء من المذابح والخسائر التي ارتكبت في حق الشعب السوري أمر له أهميته ودلالاته العربية والإسلامية والدولية، فلا بدّ من عرض الإجرام والإرهاب الحقيقي للنظام الوحشي، وفضحه في كافة المحافل الدولية، ولكن التركيز على هذه الصفحة السوداء دون غيرها والدق على وترها صباحاً ومساءً أمر له تأثيره العكسي، إذ تصبح هذه المشاهد الدموية عادة، ويتبلد حس المشاهد بكافة أصنافه واتجاهاته!! ويفتح شاشة التلفاز بشكل روتيني ليعرف كم عدد الشهداء؟ وكيفية استشهادهم، وكأن الثورة أرقام للشهداء والجرحى فقط.
- التركيز على المأساة على أنها مأساة، والتغني بذلك والرضا بهذا الوضع دون البحث أو دراسة كيفية الخروج من المأساة والذل، والقضاء على إرهاب النظام الوحشي هو رفع لمعنويات الجيش الوحشي المنهار والمدمر أمنياً ونفسياً واقتصادياً!!
- يتجاهل الخطاب الإعلامي والبرامج الحوارية في أغلب برامجه تصدع النظام، وكثرة الانشقاقات، ومرض الجيش والشبيحة نفسياً إلى غير ذلك من إرهاصات الانهيار والانفجار الداخلي، وإخفاء هذه الحقائق والتقارير والوثائق هو جريمة بمعنى الكلمة!! فالوضع في سوريا وضع معركة حربية لها تكتيكاتها وأسرارها وإستراتيجيتها، إنها معركة بين النظام الوحشي وبين الشعب وليست سبق صحفي أو بياني أو فضائي.
- كل يوم مظاهرات، وكل ساعة شهداء وجرحى، ويأتي الخطاب بشكل مكثف وتركيز على صور نحيب النساء والصراخ والشكوى، والاستغاثة ودموع الرجال.. في حين تختفي الصورة الحقيقية للرجال والنساء والأطفال الذين يلعبون دوراً أساسياً في إستراتيجيات المظاهرات ابتداء من التربية الإيمانية إلى التكافل الاجتماعي بكافة درجاته.. فالخطاب الإعلامي يتجاهل روح الرجل والمرأة والطفل السوري ليتعامل مع الجسد!
- هناك مصطلحات ومفردات يكرسها الخطاب الإعلامي يجب التعامل معها بحذر.. قصفت.. فجرت.. دكت.. دمرت.. مفردات وألفاظ لا تبعد عن الحقيقة وعن الوضع القائم في سوريا ولكن ذكرها في أسلوب الذل للغير، واستعلاء لقوة النظام، وبعث الرهبة والخوف والفزع في نفس المشاهد السوري أولاً، والمشاهد العربي والعالم ثانياً ليقارن قوة وتفوق النظام الوحشي أمام الحراك السلمي فيجد مفارقة كبيرة فيدعو إلى وجود حلول تتوافق مع النظام، ومع الغرب.
- الحديث عن حصاد عام من الثورة وكأنه إحصاء للشهداء والجرحى والأيتام واللاجئين فقط، فهذا يؤدي إلى نشر اليأس وإشاعة التشاؤم، (فيتحدث الناس عام مضى وكل يوم قتلى وجرحى وقصف ثم ماذا بعد).
هذه الصفحات السوداء للأحداث المؤلمة والمأساة السورية يجب أن تبقى في حجمها الطبيعي بالنسبة للصفحات البيضاء التي يسطرها الثوار والشهداء في كتاب التاريخ السوري، نعم ولا شك أوقع النظام الوحشي أفدح الخسائر ولكن يجب ألا ننسى أو نغفل أيضاً عن مقدار الرعب والألم والخسائر التي سببتها الثورة للنظام خلال العام المنصرم.
إن صور البطولة والصمود والتكافل والتعاون من قِبَلْ المهاجرين والأنصار داخل المدن والبلدات المقصوفة والمتضررة كانت أقوى من أي تصوير، وكان لزاماً على إعلام الثورة والإعلام المساند للثورة المقروء والمسموع والمرئي التركيز على هذه المعاني وإبراز بياضها وتفردها لا بالدق والاستئثار بصور الألم والمعاناة. ولذا على إعلام الثورة، والإعلام المساند للثورة بكافة أشكاله وألوانه إعادة النظر في لغة خطابه وصيغة تقاريره بما يخدم الثورة السورية على كافة الأصعدة سياسياً وإستراتيجياً وعسكرياً وأمنياً وفق النظرة الشمولية لمكانة سوريا في العالم العربي والإسلامي والعالم. وفي الختام: لا أنكر أن هناك مراكز إعلامية، وناشطين، وكتّاب قد افردوا لهذه الصفحات البيضاء مساحة، وسلطوا الضوء عليها ولكنهم قلة.
أسأل الله - عز وجل - أن يبارك فيهم وفي جهودهم، والله اكبر والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين. 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع