..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

الشهيد مهند عبدالرزاق جمعة اللطوف

قصص شهداء الثورة السورية

٣١ ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2799

الشهيد مهند عبدالرزاق جمعة اللطوف
عبدالرزاق جمعة اللطوف000.jpg

شـــــارك المادة

إما أن تعيش كحر أو أن تموت كبطل، وإما أن تبقى عبداً لما هو كائن أو أن تصبح سيداً مطلقاً لما سيكون.. فلسفة عجيبة لا يتقنها إلا الزاهدون بما بين أيديهم.
فإن تكون متعلماً ووسيماً وينتظرك مستقبلٌ لامع وفتاةٌ جميلة فهذا عند البعض هو بيت القصيد و حلمٌ يُراود الكثيرين أما أن تزهد بكل ما لديك من أجل فكرةٍ آمنت بها فهنا تكمنُ الرجولة الحقة.

 

 

بطلي الذي أتحدث عنه جميل كالقمر ذكي وناجح درس في معهد التجارة والمحاسبة في دمشق حتى حصل على شهادته ثم أتيحت له فرصة السفر إلى السعودية ليعمل فيها ..
ولد مهند في تلبيسة 6-10-1986 وعن طفولته تروي أخته فتقول:
(كان أشقراً وجميلاً و يحبه كل من يراه، يحب الذهاب إلى المسجد والصلاة فيه ويرتدي زي الصلاة المعروف بالجلابيه البيضاء والطاقية، منظره يسر الناظرين حتى حفظه الجميع لدرجة أنه اذا غاب عن فرضٍ ما، سارع الناس للسؤال عنه.
ذات مرةً سأله الشيخ أين أنت يا مهند وكان عمره ست سنوات: فقال له شغلة طويلة كل وقت بدي أتوضى واجي عالجامع، وهنا ضحك الشيخ ومن كان معه من براءته وعفويته.
تتابع قائلة: كان أخي هادئاً، مرحاً، متديناً ومرضياً لوالديه؛ وهو يصغر أخيه عمر الذي استشهد معه بسنة، وعندما استشهد جلال ابن أختي قبل شهر ونصف أصر مهند على الحضور وقال لي إن جلال كان غالي على قلبي جداً و لم أكن أعي ذلك، وكان يبكي وهو يحدثني بطريق مؤلمة جداً و يتحدث بصوت مخنوق.)

يسر الله له أموره كلها فبعد الدراسة والسفر خطب إحدى الفتيات وبقي على خطبته حوالي الثلاث سنوات قام فيها بتجهيز نفسه للزواج وشراء بعض الذهب من أجل الخطيبة وادخار المال اللازم لذلك وقرر أخيراً العودة لدياره بالرغم من اصرار أمه وأم خطيبته على عدم مجيئة وإرسال العروس إليه بسبب أوضاع البلد الخطيرة.
ولكنه رفض وأصر على الحضور و في داخله هاجسٌ يدفعه ليغير مجرى حياته بالكامل.
راسلت أخته الشركة التي كان يعمل فيها في السعودية فأكدت لها أنه أنهى عمله فيها بالكامل ولا ينوي الرجوع إليها.
سافر إلى تركيا وبقي فيها ما يقارب الشهر إلتقى أثناءها مع أخيه عمر وأصدقائه وتعرف عليهم جميعاً..
وكان بين الحين والآخر يلوم نفسه كيف تأخر بالانضمام إلى ركب الثورة إلى هذا الوقت وكيف فاته المشاركة مع الثوار؟
وهكذا تحولت النقود التي ادخرها ليجهز العروس، إلى وسيله ليجهز بها نفسه للمشاركة بالجهاد.
ثم عزموا على المضي وسلكوا طريق السفر للعودة إلى سوريا للمشاركة في الجهاد، متسلحين بإيمانهم متمسكين بأخذ حقهم مهما كان الثمن.
وبعدها لم يسمع عنهم أحد أي خبر وفُقِدوا لثلاثة أيام، لم يسمع أحد أخبارهم حتى تم نشر الخبر على التنسيقية وكان صاعقة بالنسبة للأم التي فقدت ثلاثة من أبنائها في يوم واحد، وكل هذا من أجل حاكم خائن يعشق استعباد الناس وسفك الدماء، وأتيحت له فرصة ليقتل شباب ونساء وأطفال شعبه على مرأى من العالم وصمته الذليل.
وكان الخبر في 20-10-2012 كالتالي:
( استشهاد عضو الهيئة العامة للثورة السورية - عمر عبد الرزاق جمعة اللطوف - وهو أحد أهم الإعلاميين في الثورة السورية.
حمص: تلبيسة: استشهاد 7 أشخاص ومصير7 آخرين ما يزال مجهولا، بين الشهداء ثلاثة أخوة من عائلة واحدة وهم أحمد ومهند وعمر جمعة اللطوف وابن أختهم محمد عبد الكريم جمعة اللطوف شقيق الشهيد جلال جمعة، جراء استهدافهم بنيران قوات النظام في حلب أثناء عودتهم من تركيا إلى حمص كما استشهد معهم اثنان آخران لم تصل أسماؤهم بعد بالإضافة لاعتقال سبعة شبان آخرين، حيث استوقفهم أحد الحواجز الأمنية "حاجز إيكاردا" وقام بتعذيبهم ثم إعدامهم ميدانيا)
هكذا.. و بهذه البساطة يموت من يستحق الحياه على يد من لا يستحق الحياة، ولأن الله يصطفي إليه من عباده المخلصين ومن هم أصحاب النوايا والقلوب البيضاء، وتبقى الأرض مثخنة بذنوب أصحابها وقسوة أوضاعها وألم الفقدان الرهيب..
الكثير من الأحاسيس و الآلام لا يستطيع وصفها إلا من عاشها واستشعرها فبعضها يبقى مبهماً عنا مهما حاولنا الاقتراب منه.
تروي أخت الشهيد فتقول: (بعد استشهاد مهند بفترة قدم بعض الأشخاص ليسألوا عنه وأخبرونا أن بعض العائلات قُطِعَ عنها المصروف بعد استشهاده، حينها اكتشفنا أنه كان معيلاً لبعض الأيتام من لحظة سفره إلى السعودية ولم يخبر بذلك أحداً حتى نحنُ، وإنما كان يرسل النقود لابن أخته محمد رحمه الله وهو بدوره يقدمها للعائلات التي بحاجة إلى مساعدة باسم فاعل خير)
وهكذا كان فاعل الخير مجهولاً عند الناس معلوماً عند ربهم الذي رحل إليه مهند طائعاً مختارا تاركاً الدنيا وعبثها دون ندمٍ على ما فيها لأن ما عند الله خيرٌ وأبقى.
لا يعلم أحد مقدار الألم الذي يسكن عائلة الشهيد وذلك الكم الهائل من الدموع الذي يغزو عيونهم والحزن الذي يستوطن قلوبهم.. لا أحد إلا الله هو الوحيد القادر على زرع الصبر فيهم ليستمروا ولتستمر الحياة حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا..

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع