..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

حوار مع أول منشق عن إعلام بشار: تركيا متواطئة ضد الثوار وحزب الله يقاتل ويقنص

يونس اليوسف

٢٦ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 10771

حوار مع أول منشق عن إعلام بشار: تركيا متواطئة ضد الثوار وحزب الله يقاتل ويقنص
2268.jpeg

شـــــارك المادة

في حوار هو الأوسع مع أول منشق عن إعلام بشار الأسد الممثل بمحطة ((الدنيا)) التي يملكها أحد أبناء محمد حمشو، تحدث يونس اليوسف بالتفصيل عن فبركة الأكاذيب والتجسس على المتظاهرين، وعن عمليات التعذيب وفرم المعتقلين في معمل السكر، وحرق أجسادهم في محارق قدمتها إيران هدايا للأمن السوري.


يكشف اليوسف مشاهدته لقيادي من حزب الله اسمه ع. ص. كان بكامل أسلحته ينسق وعناصره مع الأمن السوري.
كما يقدم شهادات عن رئيس الأركان السوري فهد الجاسم يعترف فيها بقتال حزب الله مع الأمن السوري.
قناة ((الدنيا)) لصاحبها محمد حمشو المحسوب على ماهر الأسد.. ورامي مخلوف تابع بشار.
كل ما يملكه محمد حمشو هو لماهر، وكل ما يملكه رامي مخلوف هو لبشار.
محمد حمشو مع ملكيته لقناة ((الدنيا)) يملك مصنعاً للسيارات بناه الإيرانيون، والشرق الأوسط للمقاولات..
بداية الثورة كان لدي محل تصوير وآلات مراقبة، وتصوير أعراس.
كان لـ((الدنيا)) مراسل في إدلب وليس لديهم مكتب تصوير، فكنا نصور لـ((الدنيا)) مواد يتسلمها المراسل صالح الأكتع.
بداية الثورة حدثونا في إدارة ((الدنيا)) عماد سارة وفراس دباس عن تعرض سوريا لمؤامرة كونية ضخمة تبدأ من بندر بن سلطان إلى سعد الحريري إلى عبد الحليم خدام، إلى الإسرائيليين إلى الأميركيين.
قدموا لنا خارطة تقسيم سوريا إلى دويلات وأسمعونا اتصالات مزعومة بين بندر والحريري، وأن الأول طلب من الثاني تحويل سوريا إلى صومال ثانية..
لم أكن سياسياً أو معارضاً، وأقنعونا بداية أن هناك مؤامرة، وأننا يجب أن نكون جزءاً من التصدي لها.
كانوا يبلغوننا عن تظاهرة في المكان الفلاني ظهرت صورها في محطة ((العربية)) أو ((الجزيرة)).. فكنا نهرع لتصويرها ولا نرى شيئاً، فقد كانت التظاهرات في البداية صغيرة ومختصرة، ويتم قمعها فوراً.
كنا نسأل الناس عن وجود تظاهرة ضد النظام فينفي الناس حدوثها.. فالجميع مرعوب ولا يريدون التحدث مع أحد من خوفهم.. والتظاهرات كانت تتم تحت بصرهم وسمعهم.
تكررت هذه المسألة كثيراً في كل سوريا، خاصة أن التظاهرات كانت تخرج بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع، وأحياناً في بحر الأسبوع.
إلى أن شاهدت أول تظاهرة كبيرة في إدلب حيث تجربتي كلها، ما عدا يومين في حماه في اليومين الأولين من رمضان.
كانت أعداد التظاهرة ضخمة جداً، وشاهدت الأمن يقمعها بإطلاق النار مباشرة على رؤوس المتظاهرين وصدورهم.. أرسلت الشريط إلى ((الدنيا)).. لكنها لم تنشر الصور أبداً.
جاء القرار أن نتوقف عن تصوير التظاهرات لأن هؤلاء كلهم مخربون.. رغم أنني كنت ضد التظاهرات وضد التخريب.
تنسيق سوري تركي للتجسس على المعارضين:
بدؤوا بإرسالنا إلى مؤتمرات خارج سوريا.. وكلها مؤتمرات المعارضة، وكلها في الشهر الخامس وفي تركيا.. كانت آلات التصوير مخفية وصغيرة وهي عبارة عن أقلام وأزرار وساعات، كانت كاميرات أمنية يزودنا بها رجال الأمن لتصوير المعارضين في مؤتمرات علماء الدين، والإنقاذ وأنطاليا..
كان رجال الأمن الأتراك يعطوننا هذه الآلات لتصوير المعارضين لتسليمها إلى الأجهزة الأمنية السورية، وكان هذا جزء من التنسيق بين أجهزة أمن سوريا وتركيا، حيث الأغلبية الساحقة من العلويين سواء في النظام السوري أو النظام التركي.
كان يوم 20-5-2011م الأكثر دموية في محافظة إدلب في الصنومة ومعرة النعمان، كان الجميع قرر التوجه إلى قلب المدينة، وتصدى الأمن لهم وسقط 13 مظلوماً.
كانوا يؤمنون لنا سيارات الإسعاف والهلال الأحمر السوري، وكنا ندخل بين المتظاهرين لنصور ونرسل الصور إلى الأمن ليكشف النشطاء ويلاحقهم.
وفي الوقت نفسه كنا نتلقى تعليمات أن نصور حيث تنتهي التظاهرات أو نهايتها.
فمثلاً: كنا نصور أيام الجمعة الناس وهي خارجة من المسجد لعشرين ثانية قبل بدء التظاهرة لتبدو الأمور هادئة تماماً.. ولكن الجموع بعد أن تخرج من المسجد بأمتار كانت تجتمع لتبدأ هتافاتها ضد بشار والنظام، وهذا لم نكن نصوره أبداً. وكنا نصور خارج وبعيداً عن التظاهرة لتبدو الأمور هادئة تماماً.
كنا نصور الفراغ بعد مرور التظاهرة لتبدو الشوارع فارغة.. وكله تكذيب ورد على ((الجزيرة)).
في 20-5-2011م:
كانت علاقتي قوية بالأمن، حيث كان لي صداقات مع أكبر الضباط أيام احتلال لبنان، كذلك مع السياسيين اللبنانيين منهم محسن دلول.
أول مهمة تصوير لي خارج المنطقة كانت في جسر الشغور، وكانت برئاسة العميد نوفل الحسين وهو ضابط شيعي من إحدى قرى ريف حمص (البياضة)، وهو رئيس فرع الأمن العسكري في إدلب.
كان أهل جسر الشغور يحاصرون المفرزة وتضم 120 عنصراً، وكان مطلوباً مني تصوير أمني للمتظاهرين عبر أجهزة تصوير سرية كما شرحت أي عبر الأزرار والساعة والقلم.. وكان كل مصور أو مسعف أو حتى بائع كعك متعاوناً مع الأمن مزوداً بهذه الأجهزة السرية لتصوير النشطاء تمهيداً لملاحقتهم واعتقالهم من أجهزة الأمن.
كانت أعداد الجمهور المحاصر للمفرزة ضخمة جداً.. وفجأة شاهدت بينها أحد عملاء الأمن وهو يحرض ويطالب باقتحام المفرزة وقتل من فيها بتكليف من الأمن لإظهار أن التظاهرات هي لعناصر تخريبية.
كانت عناصر أمن الدولة قد أخرجت دون قتل أحد شرط ترك سلاحهم، وكذلك الأمن السياسي.
انتشر السلاح بين أيدي الناس ليس فقط من أسلحة المفارز التي سمح لها بالخروج شرط تسليمه.. بل أن هذا العنصر الأمني الذي كنت أعرفه شخصياً كان يبيع السلاح..
كان ثمن القطعة في الأيام العادية يتجاوز الألف دولار.. لكن هذا العنصر الأمني المكلف باع القطعة بمئة دولار لتوزيع السلاح على أكبر عدد ممكن من الناس.
كانت كاميرتي السرية تحتاج إلى شحن.. وكانت الناس تعتقد أن النظام سقط فتوقفت عن التصوير بسبب انتفاء الحاجة له.
أتاح لي التوقف عن التصوير مراقبة العناصر الأمنية المندسة بين المتظاهرين لتحريض الناس على التخريب، فراح أحدهم يهتف بضرورة تدمير المفرزة على من فيها أو إحراقها يساعده عناصر أمنية أخرى تظهر تطرفاً، وتدعو الناس للتحرك؛ لأن النظام سقط ويجب قتل الذين كانوا يعذبونهم ويسرقونهم ويهينونهم..
كان مبرر هذا التحريض هو إحداث مجزرة لتبرر دخول الجيش التابع للأسد جسر الشغور؛ لأنها كانت منطقة محرمة على دخول الجيش منذ اتفاقية أضنة مع تركيا عام 1998م التي تمنع دخول القطعات العسكرية بآلياتها الكبيرة إلى المناطق الحدودية.. والمسافة بين جسر الشغور وتركيا لا تتجاوز الكيلو متر الواحد خط نار، أو 5 كيلو مترات سيراً على الإسفلت.
تم تفجير المفرزة وقتل فيها 120 شخصاً من عناصر المفرزة كما أعلن النظام، كما قتل عدد كبير من المساندين من جماعة الأسد.. وهؤلاء أخفى النظام إعدادهم.
كانت أغلبية القتلى من عناصر المفرزة من العلويين بما يتجاوز الـ70%، لأن الأمن السوري يكاد يقتصر على العلويين.
عناصر الأمن المندسة أعملت القتل بعناصر المفرزة، كما تم تقطيع الجثث، بهمجية بهدف تصويرها لإيصال الصور إلى العالم بأن عناصر مخربة هي التي تقود الثورة.
في هذه الفترة زار رئيس مجلس العلاقات الإستراتيجية السوري التركي حسن التركماني أنقرة، وعقد اجتماعات مع المسؤولين الأتراك.. حاملاً معه صوراً عن المجزرة ليبرر طلب السماح للجيش السوري التابع للأسد بالدخول إلى جسر الشغور.
استمع الأتراك إلى شرح تركماني وشاهدوا صوره، فما كان أمامهم إلاّ السماح بدخول الجيش الأسدي إلى المدينة، فتم هذا بعد أسبوع وهنا كانت المفاجأة.
دخلت في الدبابات الأولى.. ولم نجد في جسر الشغور أي إنسان.. بل وجدت في الطريق حماراً وضعت عليه صورة لبشار.
وصلنا إلى حيث التقيت اللواء فؤاد حمودة الذي قال لنا: ارتاحوا اليوم، لا تصوروا شيئاً.. وغداً سترون ما تصورونه.. وسترون وسائل إعلام روسية وتركية تدخلون معهم للتصوير.
أين الناس؟.. الجميع اختفى.. كانت المظاهر عادية لا تخريب لا حرائق، لا دمار.. لكننا بعد يومين من الانتظار جلنا من جديد في جسر الشغور فإذا بها خرابة كاملة، وحرائق وتدمير وجثث في كل مكان.
تساءلت بيني وبين نفسي.. كيف تم هذا؟
لقد دخلنا المدينة مع الجيش وكانت هادئة فارغة لا حرائق لا تدمير لا خراب.. كيف تم هذا كله.
إنه الجيش السوري التابع للأسد الذي دخل المدينة بعد أن هرب الناس منها.. فدمر وقصف وأحرق وخـرّب لنصور نحن كل هذا ونعرضه في قناة ((الدنيا)) ليقول بشار للعالم: إن التظاهرات هي بقيادة مخربين.
حمل الجيش الأسدي المصورين الأتراك والروس ليصوروا الخراب الذي أحدثوه على أنه تخريب المتظاهرين.
أصبت بالصدمة فسألت العميد علي رضا.. ما الذي حصل لقد كنا هنا منذ يومين، ولم يكن هناك أي تخريب سوى عند المفرزة الأمنية، فردّ علي بتهكم: لقد هاجمنا مسلحون وردّينا عليهم فحصل هذا الذي تراه.
عندها بدأت أهدئ من اندفاعي.. أين المؤامرة؟.. زاد الأمر عجباً أن جسر الشغور امتلأت في اليوم التالي من التخريب بالناس.. من أين أتى هؤلاء وكلهم من خارج جسر الشغور.. وأنا أعرف الناس لأن أمي وأخوالي منها..
إنهم من سكان القرى العلوية المحيطة بجسر الشغور.. من اشتبرق، جورين.. ومن قرى مؤيدة للنظام.. راحوا يهتفون الله محيي الجيش.. هؤلاء مخربون.
الأمن بالاتفاق مع تلفزيون ((الدنيا)) شريك كبير من خلال إدارته في المؤامرة على الشعب السوري.
أرسل أهالي كثيرون إلى مخيم اللاجئين في تركيا للحصول على معلومات، ثم العودة إلى سوريا لنقول للعالم: أن السوريين عادوا إلى بلادهم.. أما من بقي داخل المخيم فهو أصبح رهينة عند الأتراك، لا احد يستطيع الدخول إليهم.
كانت قناة ((الدنيا)) التي هي شريك مؤامرة النظام ضد الشعب السوري، هي وحدها المسموح لها أن تدخل إلى المخيم، لتصور عائلات أرسلها النظام ليتحدثوا زوراً عن عمليات اغتصاب حصلت في المخيم وكان هذا كله مفبركاً.. وكان المخيم وما زال محرماً على وسائل أعلام العالم كله.
المهم أنه حتى اليوم 18/2/2012م لم يعد إلى جسر الشغور أكثر من 20% من سكانها، والباقي هارب داخل وطنه أو في مخيمات اللاجئين في تركيا.
المقابر الجماعية:
كجزء من الفبركة التي تولى تلفزيون ((الدنيا)) تقديمها للناس، كان ما يسمى المقابر الجماعية.
كنا نرى دبابات وعربات جيش الأسد تحمل الجثث للشباب الذين قتلهم الأمن والشبيحة وترميهم في حفر كبيرة صنعتها عناصر الأمن ليرموا الجثث فيها ثم يتم ((الكشف)) عنها فجأة ليتم تصويرها على أنها مقبرة جماعية نفذتها عناصر مخربة.
لم يكن أمن الأسد مهتماً حتى بالإخراج، لأنه بعد تصوير جثث المقبرة الأولى كان يحملها إلى مقبرة أخرى أكبر ليزعم أن المقابر متعددة، وأن الأولى كانت تضم 10 جثث والثانية كانت تضم 20 جثة والثالثة وهي الأكبر كانت تضم نحو 100 جثة -أكثر أو أقل-، وكانوا ينسون أن ملابس القتلى هي نفسها بين المقبرة الأولى والثالثة.. ثم إن المقبرة الثانية المزعومة هي نفسها المقبرة الثالثة لم يغيروا مكانها حتى.
كانت فبركة مضحكة مأسوية تجعل الإنسان يتقيأ من قرف المنظر والإخراج والسخرية من البشر.
فقد أحضر الأمن السوري وسائل الإعلام والدبلوماسيين الأجانب ومنهم السفير الأمريكي روبرت فورد كي يظهروا لهم المقبرة التي ارتكبها المخربون وهي فبركة النظام..
تهيئة ((الهتيفة)):
كنا قبل الدخول إلى أي منطقة، وطبعاً في دبابات الجيش نطلب من مندوبينا فيها.. وكلهم من الأمن أن يهيئوا الهتيفة كي نصور مشاهد مثيرة، وهي تهتف للجيش وبشار.
والمضحك أن الهتيفة لم يكونوا يوماً من أهل المدينة أو البلدة أو المنطقة.. فقد كان الهتيفة يحملون من قراهم، وأحياناً يكونون جنوداً يتم بسرعة تغيير ملابسهم، للتصوير وهم يهتفون ثم يعودون إلى مواقعهم.. ومعظمهم من العلويين.
الإعلام السوري كله.. أمن:
تحضير المسيرات:
كان مسؤول شعبة الأمن في المدينة يتصل بالمحافظ أو رئيس البلدية إذا كانت البلدة صغيرة أو كبيرة ليطلب منه تجهيز الناس وتوزيع الإعلام وكتابة اللافتات وصور بشار وحافظ، وإبلاغهم ساعة التجمع ومكانه.
كان الحضور هم الموظفون في كل الدوائر.. والنقابيون في كل الاتحادات، وطلاب الجامعات أو الثانويات، واتحادات النساء والفلاحين وشبيبة الثورة وطلائع البعث.. وعمال المصانع والشركات والمخازن.
ويمكن جلب هؤلاء من كل القرى والبلدات والمدن المحيطة والقريبة من ساحة التجمع والتظاهر..
وكان المال يصرف بسخاء على المنظمين والهتيفة ورافعي الصور ومرددي الشعارات والذين يحملون على الأكتاف والذين يحملونهم.. كان الجميع في مهرجان فيتوقف العمل ليصبح يوم إجازة مدفوعاً مرتين، الأولى من الراتب والثانية من الهتافات والمشاركة لمدة نصف ساعة أو ساعة يعود الجميع إلى بيوتهم ومناطقهم.
لم يكن أحد ليجرؤ على التغيب، ففي كل إدارة هناك من يسجل الأسماء وهو يعرف موظفيه ويجمعهم في مكان محدد، ويراقب كيف يتفاعلون في التظاهرة، بحماس أو بفتور، ويحرضهم دائماً على الهتاف والحماس عندما تقترب آلات التصوير من وجوههم.
الكمائن:
كنت أجلس مع العميد العلوي أحمد عوض، فجاءه اتصال هاتفي، فقال: احترامي سيدي، بما يدل على أن محدثه برتبة أعلى.
سمعته يتحدث عن كمين معد لثلاث حافلات، ستمر الساعة الحادية عشر صباحاً، وأن كل شيء جاهز للمواجهة.
بعد انتهاء المكالمة سألت العميد قائلاً: يا أبا حسين، طالما أنتم تعلمون عن الكمين فلماذا لا تمنعونهم؟ وكيف ترسلون الحافلات لتقع في الكمين ويقتل الجنود؟
أجابني العميد عوض: يا أبا جعفر.. إذا لم يقتلونا فكيف سنقتلهم.. يجب أن يسقط قتلى هنا وهناك لنبرر العمليات الضخمة التي يقوم بها الجيش.
* والقتلى هل كلهم من السنة كي يتخلصوا منهم؟
- تستغرب إذا قلت لك أن هناك تعمداً أن يقتل في الكمائن والعمليات علويون ومسيحيون كي يتم تحريض أهاليهم ضد الثوار، تمهيداً لحرب طائفية.
حصل الكمين، ونفذته عناصر الجيش ضد بعضهم البعض، والهدف التحدث عن قتل وعنف لتبرير الهمجية والتوحش في القتل.
معمل السكر:
جاءنا خبر أن معمل السكر في جسر الشغور، هو مركز اعتقال وتعذيب للمواطنين، كما ورد في محطتي ((الجزيرة)) و((العربية))، ولأن مهمتنا كانت تكذيب كل ما يصدر عن سوريا من هاتين المحطتين، فقد توجهنا في قناة ((الدنيا)) التي يملكها محمد حمشو أحد شركاء ماهر الأسد إلى المعمل، فوجدنا أن هناك عشرات النساء يجلسن على الأرض وبعضهن يبكين ومنهن من يدعين إلى الله، ويدعين ضد بشار في صحته وأبنائه.. وبعضهن تحمل أولاداً رضعاً.. والمعتقلات هن إما أم لناشط أو شقيقة له أو..
على الجانب الآخر كان عشرات الرجال والشباب في أوضاع مأسوية، وجوه دامية، أجساد تنزف، وأشكال غير عادية حتى ليبدو بعضهم مشدوهاً والبعض يحاول إخفاء جروح رأسه ووجهه.. وحاول طبيب سحب المياه من أرجل البعض لكثرة الضرب.
خرجت من المعمل بعد أن صورت الفراغ لأظهر للناس والمشاهدين ألا صحة لما رأيت.. صورت الفراغ حتى ليبدو المعمل هادئاً ولنفي أخبار ((العربية)) و((الجزيرة))..
خرجت من المعمل لأقف على الباب قليلاً لأتنفس الهواء بعد أن كدت أختنق من الكذب والرياء والصمت على ما يجري بل وتزوير الحقائق.
التقيت عند الباب بحارس المعمل أو أحد حراسه فنظر إلـيّ شزراً وقال لي غاضباً بصوت يحمل التحدي: ألا تخشى الله، أليس لك عرض أم أو أخت أو زوج تخشى عليهن، ألم تر الفضائح التي فعلها هؤلاء المجرمون.. خاف الله خاف الله.. لماذا لم تأت بالأمس والشبيحة والجنود يغتصبون النساء ويلزموهن أن يبقين عاريات.
صدمني وهو يقول: لماذا لم تأت بالأمس لتصوير الأمن وهو يرمي الرجال في الفـرّامة التي تحيل أجسادهم إلى قطع صغيرة كما قطع السكر.. وتذهب كلها إلى المعاصر لتذوب فيها؟ إنها فـرّامة الشمندر السكري حـوّلها رجال الأسد إلى فرامة لتقطيع أجساد الرجال والشباب المتظاهرين!
لم أجرؤ على الرد، حملت حقيبتي وذهبت إلى منزلي، في اليوم التالي عدت إلى المعمل وسألت عن الحارس نفسه فقيل لي إنه هرب.
توجهت بعد ذلك إلى الفرع العسكري والأمن السياسي في إدلب، كان تعذيب الرجال فوق الوصف، كانوا يحملون حربة البندقية ويطعنون فيها الأرجل والظهور ويحملون السخانة وهي حامية جداً ويلطعون فيها ظهور الشباب، وسمعت عن عمليات سلخ لجلد شباب لم أجرؤ على تصويرها أو حتى التحدث بها مع أحد.
كان العميد نوفل الحسين، العميد أحمد عوض وفي الأمن الجوي علي يوسف، ورئيس كل فرع يلزم جميع عناصره بالتعذيب..و..
نوفل الحسين هو حرباء بكل معنى الكلمة يغير شكله ووجهه كل فترة، يغير ملامحه، يركب الدراجة ويجول في التظاهرات.. عادياً ولا أحد يعرفه.
كان نوفل في الثمانينيات شريكاً في جرائم النظام ضد أهل جسر الشغور.. وكان برتبة ملازم أول، وهو اليوم عميد يمارس العنف نفسه ضد أولاد جيل الثمانينيات.
في مركز نوفل الحسين محرقة (آلة) يرمى فيها الرجل لتحرقه وهي إحدى هدايا النظام الإيراني، وقد ركّـب النظام في كل فرع محرقة لحرق المعتقلين في كل سوريا.
الشيخ أحمد حبوش من إدلب كان يحرض على الثورة ويطلب مني ألا أترك، سألته إني أريد التخلي لأنني لم أعد أستطيع التحمل وقد رويت له بعض الوقائع، لكنه نصحني أن أبقى لأخدم أهلي وإخواني، وأنا أوفر لك الأمن خاصة في المدن والقرى التي حررتها جماهير الشعب.
* كيف تساعدهم؟
- نقلهم بسيارتي التي تحمل إشارة ((الدنيا)) ولا يقترب منها أحد، الكشف عن ترتيبات الهجوم ونقل الشباب من مكان إلى آخر، وتحركات الأمن ضد القرى، وكثيراً ما نجح الثوار في عمل كمائن ضد الأمن نتيجة إخباريات حملتها لهم، وكذلك كنت أحمل أدوية وأغذية ودماء يطلبها الثوار لحالاتهم.
قتل طفل أمام والده:
في فرع إدلب شاهدت الأمن يعذب طفلاً عمره 7 سنوات أمام والده لإلزامه على الإرشاد عن المسلحين.. والأب يبكي وينفي لأنه لا يعرف.. بعد عدة أيام عرفت أن الطفل قتل، وأن والده ((يعترف)) بأن الذي قتل ابنه هي العصابات المسلحة.
صورت دبابة تقتحم سيارة مدنية وقد سحق كل من فيها، ثم صورناها لنقول أن ضحاياها سقطوا على أيدي العصابات المسلحة.
يعتقل الأمن ضابطين متقاعدين كبيرين وجرى تعذيبهما، حتى أن أرجلهما كانت متورمة إلى حد بعيد، وعرفت أخبارهما في كل المنطقة، فطلب الأمن السوري أن يخرجا إلى محطة ((الدنيا)) لينفيا خبر اعتقالهما.. كان التصوير يركز على الوجه وكانت أرجلهما متورمتين ولم يكن أي منهما ليستطيع ارتداء أي حذاء.
أخيراً: * كيف حصل الانشقاق؟
- بعد مشادة كلامية مع المراسل بعد حادثة ركوب الدبابة على السيارة المدنية، تساءلت ماذا نفعل نحن.. بدأت السباب ضد بشار والجميع، ورحت أقول: كلنا نكذب، ثم صحوت على وضعي، وقلت في نفسي: لقد بدأت اتصالات مع الثوار، والآن أنا أعرف الحقيقة وأستطيع أن أخدم الثورة، فتراجعت وقلت للمراسل: لا تؤاخذني فأنا في وضع نفسي صعب وأنا متوتر، وقلت: انظر كيف هؤلاء المخربون يخربون بلدنا وأنا حزين لذلك، فقدر الشاب وضعي وقال: عندك حق.
في اليوم التالي توجهنا إلى الفرع، وعلمت من الأمن أنه سيتوجه إلى أحياء معينة لاعتقال نشطاء في إدلب.. بينما دخل هو إلى نقابة المهندسين، اتصلت عبر الهاتف بالشباب وقلت لهم احذروا لأن الأمن قادم لاعتقالكم.
فوجئت بأن المراسل خلفي تماماً وقد استمع إلى كل ما كنت أنقله من تحذيرات إلى النشطاء.. فواجهني بالقول: أيوه لقد أظهرت كل شيء الآن.. فرددت أنا معهم.
سألني: أنت مندس، قلت: نعم أنا مندس، فرد إذن أنت بحالك وأنا بحالي.. وهو خاف أن أقتله فافترقنا على أن أرسل له بديلاً عني.
مباشرة أخبر المراسل الأمن في دمشق عني، وكنت أعلم أنه سيفعل ذلك، فتوجهت إلى العميد نوفل لأقول له: إنني توقفت عن التصوير وأنا سأنخرط بين المتظاهرين.. فوافقني العميد.. وكنت بهذا أحاول أن أحمي نفسي.
في اليوم التالي جاءني إلى منزلي عنصر من الأمن العسكري ليسألني ما الذي حصل معك، فقلت له: لا شيء.. لم أكن أريد كشف موقفي، إلى أن واجهني بالقول: لقد وصلت إلى مكتب العميد نوفل برقية من الأمن العسكري في دمشق لإحضارك إلى الفرع الرئيسي، قلت له ما حصل معي.. فقال لي: هيا فلسع، لأنك إذا اعتقلت فلن تترك إلاّ جثة هامدة، هذا عدا التعذيب والإهانات.
خرج الأمني من منزلي وخلال 40 دقيقة كنت على الحدود التركية.
اتصل بي العميد نوفل هاتفياً وسألني: أين أنت الآن؟ قلت له: أنا في المنزل، فطلب مني أن أجهز نفسي للتوجه إلى مكتب اللواء فؤاد حمودة لتهنئته بالعيد، فقلت له: دع اللقاء لبعد الظهر، فقاطعني بالقول الآن.. لأن اللواء سينزل إلى دمشق ظهراً.
كان يحدثني وهو على باب منزلي، وكنت أتصل من جهاز آخر بزوجي لأسألها ما الذي يحصل؟
كنت أسمع عبر الهاتف الضرب بشدة على الباب وزوجي تقول لي عبر هاتف آخر: إنهم يحاولون خلع الباب.
عندها سمعت نوفل يقول لي عملتها.. فرددت تعيش وتأكل غيرها، فصرخ يا أبا جعفر عد لا تبهدل حالك؛ لأننا نستطيع أن نعيدك من آخر الدنيا.
سألته: وما الذي فعلته لتأتي بي من آخر الدنيا؟ فقال لي بهدوء: تعال نحل الموضوع بهدوء، فلما رفضت عرضه انهال علي بالسباب.. فأقفلت الهاتف.
بعد لحظات رن هاتفي فإذا هو رقم اللواء فؤاد حمودة فاستمعت إليه يدعوني للعودة والذهاب معه إلى دمشق واعداً بشرفه العسكري ألا يسمح لأحد بمسي.. وهذا وعد، فقلت له: إنه وعد خادم من إيران.
هددني: إذا لم تعد سنأخذ أهلك مكانك.. فرددت خذهم لأنك ستريحني منهم لأنهم مثلكم مؤيدون لبشار، ووعدته ألا أقترب من المعارضة أو من الإعلام.
فسألني: أهذا وعد؟.. قلت: نعم.
* ولماذا نكثت بوعدك؟
- لأنهم هم الغدارون، فما إن وصلت إلى تركيا حتى أرسلوا لي من حاول خطفي كما تم مع المقدم هرموش، أي اتصل بي أحد ضباط الأمن التركي أبو محمد الذي خدع هرموش ومعه ضابط أمني سوري ودعوني للقاء بهما، فهربت واتصلت باللواء فؤاد، وسألته: لماذا تحاولون خطفي، فرد أبداً إنه تصرف فردي.
حذرني شباب سوريون من هذا الضابط التركي الذي يعمل لمصلحة أجهزة بشار وهو علوي.. وقد دعاني ليسهل خروجي من تركيا إلى دولة أوروبية فأدركت أنه يريد تسليمي لجماعة بشار.
كنت في منزلي في تركيا عندما جاءني الأمن التركي، وأنذرني أنه لا يحق لي أن أسكن في منزل بالإيجار، فإذا كنت سائحاً فعلي أن أنزل في فندق، وإذا أردت اللجوء فيجب التوجه إلى المخيم.
عندها قررت إرسال عائلتي إلى دبي وتوجهت أنا إلى القاهرة، وفيها حاول الأمن السوري السري خطفي.
* كيف؟
- كنت اتصلت بشقيقي طالباً منه إرسال مساعدة مالية لي؛ ولأن خطوط الهاتف مراقبة في بلدي، فقد اتصل بي أحدهم ليبلغني أن شقيقي أرسل لي مساعدة مالية وتواعدت معه للقاء في شارع الملك فيصل في الهرم، وما إن التقيت به حتى شاهدت ثلاثة شباب يتجهون ناحيتي ثم دفعوني إلى مدخل عمارة، وأنا أقاومهم ولم ينقذني سوى خروج نسوة من إحدى الشقق الأرضية، فادعى الخاطفون أنهم يداعبونني، فهربت، لكنهم سرقوا هاتفي، اتصلت لاسترجعه فقال حامل هاتفي المسروق: ادفع 5000 دولار..
عندها توجهت إلى قناة ((العربية)) في القاهرة ورويت لهم حكايتي وخرجت إلى الإعلام لأول مرة.
نفت ((الدنيا)) الخبر جملة وتفصيلاً، وقالت: إنها لم تسمع باسمي قبل الآن، فخرجت مرة أخرى لأثبت لهم هويتي وبطاقتي التي ظهرت على الشاشة تؤكد أنني أعمل مع ((الدنيا))، فردت المحطة أنني مجرد مساعد مصور لا قيمة لي.. وأنها بصدد إقامة دعوى قضائية ضدي، وأنها ستحيل الأمر بعد ذلك للإنتربول الدولي لاعتقالي..
(ع. ص) من حزب الله يقاتل وعناصره في إدلب:
قال الإعلامي المنشق عن محطة ((الدنيا)) يونس اليوسف: أنه عندما كان في إدلب شاهد أحد قادة حزب الله الأمنيين ويدعى (ع. ص) ومعه مجموعة عناصر من الحزب المذكور، ينسقون مع الأمن السوري لقتل المتظاهرين المدنيين.
كانت إحدى المهمات المكلف بها (ص) ومن معه هي قتل العناصر العسكرية السورية التي ترفض إطلاق النار على المتظاهرين السلميين.
ومن مهمات الحزب المذكور أيضاً القنص على المتظاهرين وإطلاق النار على الرؤوس من قناصات يحملها عناصر حزب الله وهي كلها من إيران.
رئيس أركان جيش بشار: نعم حزب الله يشاركنا القتال:
يقول اليوسف: أنه سأل مرة رئيس الأركان السوري اللواء فهد الجاسم عندما كان يتولى قيادة العمليات في إدلب.. ماذا عن الانشقاقات التي تحصل في الجيش السوري فردّ علـيّ: هؤلاء كمالة عدد ونحن لا نريدهم.
وكان بشار وإعلامه يردد دائماً أن الفرار عادي ويحصل في كل جيوش العالم.
يقول الجاسم: إن عناصر حزب الله تتدرب معنا وهم شركاؤنا، ومن الطبيعي أن يشاركونا الدفاع عن الوطن!!!
سألت الجاسم عن المسلحين، بعد أن سمعت أن ضباطاً سوريين أخبروني أن لا وجود لهم، فسألني هل هذا ما يقولونه.. انتظر.
وبعد 24 ساعة اشتعلت جبهة إدلب قصفاً وحرائق وقنصاً لتوكيد وجود مسلحين فيها، بما يبرر تدمير المدينة الباسلة.

المصدر: موقع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين نقلاً (موقع وطن)

تعليقات الزوار

..

نور سورية - سورية

٦ ٢٠١٢ م

الأخ سوري حر

بداية نشكر لك مرورك وتشرفنا بمطالعتك لمواد الموقع ، 
ونود أن نلفت الانتباه إلى أن المواد المنشورة في الموقع هي على مسؤولية أصحابها ، ونحاول قدر المستطاع التحري فيما ينشر وتوخي المصداقية بما نستطيع التأكد منه.
ونشكر لك ما تفضلت به من ملاحظة ، وقد أثبتناها هنا في التعليقات ( مع تحفظنا على طريقة عرضها ) ، لتنبيه القارئ للمعلومة التي ذكرتها ، أو ليقوم بتصحيحها أو تأييدها أحد القراء .
والله يرعاكم

..

سوري حر - Ksa

٣٠ ٢٠١٢ م

يا أخي احترموا عقلنا شوية! ستي اللي في ريف ادلب بتعرف أنو نوفل الحسين اسماعيلي من سلمية وليس شيعي من البياضة في ريف حمص!!!! شكلو هالمصدر أكذب من قناة الدنيا 

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع