..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


ابحاث ودراسات

فساد الزمان ومستقبل الثورة السورية

أبو طلحة الحولي

١٣ ٢٠١٣ م

المرفقـــات

pdf

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 9402

فساد الزمان ومستقبل الثورة السورية
11.jpg

شـــــارك المادة

مقدمة
لقد سعدت جدا بتفضل الهيئة العامة للعلماء المسلمين في سوريا بقراءة بحثي " البشارة الندية للثورة السورية " وسعدت أكثر بملاحظاتهم والتي كان منها :
كنا نتمنى عليك أخانا الكريم لو أنك جئت ببعض أحاديث آخر الزمان التي يفهم ظاهرها على أن الإسلام في معركة خاسرة وأنه إلى انحسار ثم تزيل اللبس عن مفهومها لأنها سببت كثيراً من التشاؤم لدى من لم يفهمها من المسلمين وظنوا أنها تبشر بمستقبل حالك الظلام للإسلام وأهله فلو عرضت لها واستطردت لكان أكمل  وأولى من الاستطراد في معان لغوية قد يغني الاختصار فيها ومن هذه الأحاديث (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ) وحديث (لا يأتيكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم) ..

 


ولقد سعدت جدا بهذه الملاحظة .. فجزاهم الله خيرا على كل ما يقدمونه، وعلى كل حرف يكتبونه، وكل كلمة يسطرونها وكل جملة ينحتونها في سبيل الله وفي سبيل هذه الثورة المباركة ..

إن الإسلام دين القوة والبناء وعمارة الأرض ، دين الجهاد والأمل والسلام ، سلام النفس والمجتمع والعالم ، فهو دين لكل البشرية ، فمن خصائصه أنه ملائم لكافة الأزمنة والأمكنة .
هذه حقيقة لا يمكن لأي إنسان مسلم سواء كان أميا أو متعلما أو عالما  أن يناقش أو يجادل فيها.

وما دام الإسلام موجود فالخير موجود ، وأوامر الله سبحانه وتعالى بعمارة الأرض وبنائها مستمرة إلى قيام الساعة ، ومجاهدة الباطل الذي يقف في طريق الحق أمر لا جدال فيه إلى قيام الساعة.
ودين الإسلام دين العدل والحرية والكرامة ، وهذه ليست شعارات بل حقائق وأخلاق وصفات من شخصية الإنسان المسلم، فالإسلام لا يقبل من أتباعه الذل والظلم والخنوع وعبادة الأنظمة الحاكمة وعبادة المال.
هذا هو الإسلام، صفحاته بيضاء ، لا يقبل الظلم ولا الذل ولا الإهانة ولا الكفر ..
هذا هو الإسلام يدعو إلى تغيير الواقع السيئ وليس إلى ترسيخ الواقع السيئ .
هذا هو الإسلام يستشرف المستقبل، فيبني ولا يهدم، ويتفاءل ولا يتشاءم ، وينهض ولا يتخلف ، وأصحابه أهل خير، فالخيرية فيهم إلى قيام الساعة .
ولكن هناك أناس يلبسون الإسلام ثيابا غير ثيابه ، فيؤمنون بجزء منه ويكفرون بجزء آخر ، ويتجاهلون أجزاء أخرى ..
فقد قامت الثورة السورية مطالبة بالحرية والكرامة والعدالة وهي حقوق مشروعة ولكن النظام الوحشي قابل هذه المطالب بالتدمير والقتل وسفك الدماء واغتصاب الحرائر واعتقال الناس وتشريد الآمنين ، وترويع الأطفال وذبحهم بالسكاكين ..
فقام أناس يقولون مالنا وللثورة كنا آمنين، آكلين شاربين؟
مالنا وللثورة فهي مخطط غربي لتقسيم سوريا؟
مالنا وللثورة وقد حصل ما حصل فماذا استفدنا غير حرق البلاد؟

ويبررون تشاؤمهم هذا بالدليل ، ففي اعتقادهم أن الزمان لا يأتي إلا بالأسوأ ، وأن الواقع كلما زاد الشر فيه لا أمل في الإصلاح ، فالخير الذي كان موجودا لن يعود ولن يرجع مرة أخرى ، وسوف يترحم الناس على الأيام التي كانوا يعيشونها في أيام سابقة .
وهذا ما سوف أناقشه في هذا البحث المتواضع فساد الزمان و مستقبل الثورة السورية .. حرسها الله بعينه .
أبو طلحة الحولي
غرة محرم 1434


وقفات مع حديث " لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه"
إن شبهة هؤلاء هدانا الله وإياهم ناتجة عن فهم مغلوط لبعض الأحاديث النبوية، فما هذه الأحاديث؟
1-حديث: "لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه "، فعن الزبير بن عدي قال: " أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج فقال: اصبروا، فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم "
2- حديث " خير الناس قرني " عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "  خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء أقوام : تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته "
إن هذه الأحاديث صحيحة، ولكن لا تفهم الأحاديث جزافا وإنما هناك قواعد وضوابط لفهمها،  فالرسول الكريم لا ينطق عن الهوى، وأحاديثه ليس فيها تناقض، والمنهج الصحيح في فهم هذه النصوص هو جمع هذه النصوص بلا إهمال لأي رواية، كما في القاعدة الأصولية " إعمال النص الصحيح خير من إهماله " ، ورحم الله الداعية محمد الغزالي إذ قال " والفقهاء المحققون إذا أرادوا بحث قضية ما، جمعوا كل ما جاء في شأنها من الكتاب والسنة، وحاكموا المظنون إلى المقطوع ، وأحسنوا التنسيق بين شتى الأدلة ،  أما اختطاف الحكم من حديث عابر والإعراض عما ورد في الموضوع من آثار أخرى فليس عمل العلماء "
وإذا كان القرآن الكريم يفسر بعضه بعضا، ويحمل بعضه على بعض حتى يصح إدراك معانيه ، ويحسن فهم مراميه ، فكذلك الحديث النبوي ، بل الأمر فيه أولى وآكد ، لكثرة طرقه ، واختلاف رواياته.
وهذا المعنى هو الذي عبر عنه الإمام أحمد بقوله: " الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه ، والحديث يفسر بعضه بعضا" . فرب لفظة مشكلة في حديث ترد مفسرة في حديث آخر، ورب اسم مبهم في حديث يرد مصرحا به في حديث آخر، وقد يكون اللفظ عاما في حديث، وله مخصص في حديث آخر، أو مطلقا وله مقيد.. أو ما إلى ذلك .
وهذا الفقه لا يتأتى إلا بجمع روايات الحديث الواحد وإعمال النظر فيها.ولهذا الاعتبار منع بعض أهل العلم من المتأخرين الرجل يكون عنده الصحيحان أو أحدهما أو كتاب من كتب السنة فيفتي بما يقف عليه من الحديث ، لأنه قد يكون منسوخا أوله معارض ،أو يفهم من دلالته خلاف ما يدل عليه، أو يكون أمر ندب فيفهم منه الإيجاب ، أو يكون عاما له مخصص، أو مطلقا له مقيد..وجوزت ذلك طائفة..، وتوسط ابن القيم في ذلك فقال: (والصواب في هذه المسألة التفصيل ، فإن كانت دلالة الحديث ظاهرة بينة لكل من سمعه ، لا يحتمل غير  المراد ، فله أن يعمل به ويفتي به..وإن كانت دلالته خفية لا يتبين المراد منها لم يجز أن يعمل و لا يفتي بما يتوهمه مرادا حتى يسأل ويطلب بيان الحديث ووجهه .

إن عرض هذه الأحاديث التي يستدل بها المتشائمون ، والمثبطون ، والمرجفون على الأحاديث الأخرى التي تحدد مفهومها ، نجدها في سياق طبيعي لها ، تبشر الأمة والعالم كله ، بل كل من على الأرض ومن في السماء بالخير ، واستمرارية الخير ..
ولزيادة الإيضاح أتوقف قليلا مع حديث " لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه " لنفهمه في سياقه الطبيعي في ضوء طبيعة منهج الله في الأرض ، ووضوح دينه سبحانه وتعالى الشمولي والتكاملي والايجابي ، وفي ضوء مقومات التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة .
أولا : فهم نص الحديث بدون تجزئة أو قراءته بعيدا عن النصوص  التي تكمله:
كما ذكرنا سابقا إن المنهج الصحيح في فهم هذه النصوص هو جمع هذه النصوص بلا إهمال لأي رواية ، ولذا يجب فهم هذا الحديث الشريف في ضوء بقية الأحاديث النبوية المتحدثة عن الفتن والزمان وأحوال الأمة ، وعلامات قيام الساعة .
1- حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه:
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : كان الناسُ يَسأَلونَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عنِ الخيرِ ، وكنتُ أسأَلُه عنِ الشرِّ ، مَخافَةَ أن يُدرِكَني ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ، إنا كنا في جاهليةٍ وشرٍّ ، فجاءنا اللهُ بهذا الخيرِ ، فهل بعدَ هذا الخيرِ من شرٍّ ؟ قال : ( نعمْ ) . قلتُ : وهل بعدَ ذلك الشرِّ من خيرٍ ؟ قال : (نعمْ ، وفيه دَخَنٌ) . قلتُ : وما دَخَنُه ؟ قال : ( قومٌ يَهْدُونَ بغيرِ هَديِي ، تَعرِفُ منهم وتُنكِرُ ) . قلتُ : فهل بعدَ ذلك الخيرِ من شرٍّ؟ قال : ( نعمْ ، دُعاةٌ على أبوابِ جَهَنَّمَ ، مَن أجابهم إليها قَذَفوه فيها ) . قلتُ : يا رسولَ اللهِ صِفْهم لنا ، قال: (هم من جِلدَتِنا ، ويتكَلَّمونَ بألسِنَتِنا). قلتُ : فما تأمُرُني إن أدرَكني ذلك ؟ قال : ( تَلزَمُ جماعةَ المسلمينَ وإمامَهم ) . قلتُ : فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ ؟ قال : ( فاعتَزِلْ تلك الفِرَقَ كلَّها ، ولو أن تَعَضَّ بأصلِ شجرةٍ ، حتى يُدرِكَك الموتُ وأنت على ذلك .
والمتأمل في هذا الحديث يجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر أن بعد زمن الشر يأتي زمن الخير، ، فليس الشر إذن في عملية مستمرة .. وهذا يدل على أن الخير موجود ، ولن يتناقص ..

2- حديث أنس رضي الله عنه:
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما قوله " أمتي كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره " - مع أن فيه ليناً - فمعناه : في المتأخرين مَن يشبه المتقدمين ويقاربهم حتى يبقى لقوة المشابهة والمقارنة لا يدري الذي ينظر إليه أهذا خير أم هذا ، وإن كان أحدهما في نفس الأمر خيراً .
فهذا فيه بشرى للمتأخرين بأن فيهم من يقارب السابقين كما جاء في الحديث الآخر " خير أمتي أولها وآخرها وبين ذلك ثبج أو عوج ، وددت أنى رأيت إخواني ، قالوا : أوَ لَسنا إخوانك ؟ قال : أنتم أصحابي " : هو تفضيل للصحابة فإن لهم خصوصية الصحبة التي هي أكمل من مجرد الأُخُوَّة . "
3- حديث زيد بن أرقم :
عن أبي عبد الله الشاميِّ، قال سمعتُ معاوية يخطُب يقول: يا أهل الشام! حدَّثني الأنصاريُّ - قال: قال شعبة: يعني زيد بن أرقم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزالُ طائفةٌ من أُمَّتي على الحق، ظاهرين، وإنِّي لأرجو أن تكونوا هم يا أهل الشام" وعن قُرَّة بن إياس المزني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فَسَدَ أهل الشام؛ فلا خيرَ فيكم، لا تزالُ طائفةٌ من أُمَّتي منصورين، لا يضرُّهم مَن خذلهم، حتى تقوم الساعة")
إن وجود هذه الطائفة التي اخبر النبي صلى الله عليه وسلم يبشر بالخير ، ويفتح أبواب الأمل ، إلى يوم القيامة ، لا يضُّرهم خلاف المخالف، ولا خذلان الخاذل. ..
فهذه الطائفة كما أخبر الصادق المصدوق موجودة في كل زمان ومكان ، تحمي الإسلام بعون الله ، وتدافع عنه ، ملتزمة به منهجا وشريعة وطريقا في الحياة ، ثابتة على دين الله .. يعز الله بهم دينه .
وهذه الطائفة " لا تزال " أي مستمرة غير منقطعة "حتى تقوم الساعة " مهما تعرضت الأمة للكيد والعدوان ، وللهجمات الحربية والفكرية ..
وهذه الطائفة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ـ الذي لا ينطق عن الهوى ـ منصورة بإذن الله ، وقد جاء بيان هذا النصر بألفاظ متقاربة في عدة روايات : "قاهرين لعدوهم" ، "ظاهرين على مَن ناوأهُم" ، "منصورين" ،  "لعدوِّهم قاهرين".

4- حديث أبي هريرة رضي الله عنه :
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قال: " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها."
إن هذا التجديد بشارة من الرسول لهذه الأمة بالاستمرارية وإن أصابها شر أو ضعف ، ولقد جعل الإمام أبو داوود هذا الحديث في أول باب من كتاب الملاحم فقال : " كتاب الملاحم .. باب : ما يذكر في قرن المائة . حدثنا سليمان بن داود المهري....." فذكر الحديث . ومن المعروف أن الملاحم جمع ملحمة وهي الأحداث والمعارك التي تقع بين المسلمين وأعدائهم ، وهذه الملاحم والأحداث العظيمة لا تحدث إلا للقضاء على هذا الإسلام حربا وتشويها ، وهنا يأتي دور المجددين للدفاع عن الإسلام ، وإحياء ما اندرس منه ، وكأن المحدث الفقيه  أبو داود ـ راوي الحديث ـ بكتابته لهذا الحديث في أول كتاب الملاحم يبشر هذه الأمة  بالنصر والتمكين ، وأن الله يرسل لهذه الأمة من ينفض غبار الذل عنها ، ويوقظها من سباتها ، ويحررها من كل طاغوت ، وأن الحروب والأحداث التي تشن ضد المسلمين مصيرها إلى هزيمة وانتكاسة . 
قال د.محمود الطحان موضحا المراد بالتجديد : " بيان ما اندرس من معالم السنن ونشرها ، وحمل الناس على العمل بها ، وقمع البدعة وأهلها، والعودة بالمسلمين إلى ما كان عليه الرعيل الأول من المسلمين؛ على يد خليفة من الخلفاء الراشدين، أو على يد عدد من المصلحين، كل واحد منهم في ناحيته، أو على يد جماعة مصلحة تقوم الاعوجاج الذي حصل، وتنفض الغبار الذي ألـمَّ بواقع المسلمين، من انحراف عن منهج الله القويم، ويكون ذلك كل مائة سنة من الزمان، لأنها مدة طويلة يعود الناس فيها إلى الاعوجاج، وتظهر في تلك المدة الانحرافات عن دين الله سبحانه" 
فهذا الأحاديث وغيرها تحمل في طياتها الخيرية لهذه الأمة ، إلى قيام الساعة ..
ثم إن الإسلام دين العمل والبناء حتى تلفظ الحياة آخر أنفاسها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها"
ولا يسأل نفسه: كيف تنمو وحولها الرياح والأعاصير والشر من كل جانب؟
ويدع أمرها لله سبحانه .. فلا يأس مع الحياة !
فالحديث لا يستدل به على أهمية إعمار الأرض وبناء الحضارة فقط ، بل أبعاد الحديث أكبر من ذلك فإعمار الأرض وبناء الحضارة والسير في الحياة ، والتناغم مع حركة الكون ما بين تنفس الصباح وعسعسة الليل تحتاج إلى حركة دائمة ونشاط وهمة وأمل في الوصول في الهدف المنشود ، فحتى لا يقع الإنسان في فتور الهمة ، وسلبية اليأس وجحيم الكآبة يحثنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على العمل وعدم اليأس من النتيجة ، حتى وان كانت بعيدة المنال ، فان لم نحصل عليها نحن حصل عليها من جاء بعدنا .. فالحياة تسير لا تتوقف .. ويشرح المناوي دلالة الحديث فيقول :" الحاصل أنه مبالغة في الحث على غرس الأشجار وحفر الأنهار لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعدود المعلوم عند خالقها , فكما غرس لك غيرك فانتفعت به , فاغرس لمن يجئ بعدك لينتفع , وإن لم يبق من الدنيا إلا صبابة , وذلك بهذا القصد لا ينافي الزهد والتقلل من الدنيا"
يقول الداعية المربي الكبير  محمد قطب :" والعمل في الأرض لا ينبغي أن ينقطع لحظة بسبب اليأس من النتيجة فحتى حين تكون القيامة بعد لحظة ، حين تنقطع الحياة الدنيا كلها. . حتى عندئذ لا يكف الناس عن العمل، وعن التطلع إلى المستقبل، ومن كان في يده فسيلة فليغرسها . 
ثانيا : معنى حديث " لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه ":
ترجم الإمام ابن حبان رحمه الله لحديث أنس رضي الله عنه " وذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة الحديث أن أخر الزمان على العموم يكون شرا من أوله " ثم أتبعه بترجمة تدفع هذا الإيهام فقال " ذكر الخبر المصرح بأن خبر أنس بن مالك لم يرد بعوم خطابه على الأحوال كلها "
ثم أسند إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة ، لملك فيها رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم "
إذن حديث أنس رضي الله عنه ليس على عمومه أو إطلاقه ، لثبوت أدلة تخصص عمومه ، وتقيد مطلقه ، ولذلك ينبغي حمله على الأغلب من الزمان ، أو يحمل معناه على أن كل زمان بجملة ما فيه من خير لأفضل من الزمان الذي يليه ، وهذا لا ينفي أن يكون في كل زمان خير .

وقال ابن حجر رحمه الله:
وقد استشكل هذا الإطلاق مع أن بعض الأزمنة تكون في الشر دون التي قبلها ولو لم يكن في ذلك إلا زمن عمر بن عبد العزيز وهو بعد زمن الحجاج بيسير، وقد اشتهر الخبر الذي كان في زمن عمر بن عبد العزيز، بل لو قيل أن الشر اضمحل في زمانه لما كان بعيدا فضلا عن أن يكون شرا من الزمن الذي قبله وقد حمله الحسن البصري على الأكثر الأغلب، فسئل عن وجود عمر بن عبد العزيز بعد الحجاج فقال‏:‏ لا بد للناس من تنفيس‏.‏
وأجاب بعضهم أن المراد بالتفضيل تفضيل مجموع العصر على مجموع العصر فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحابة في الأحياء وفي عصر عمر بن عبد العزيز انقرضوا، والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده لقوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏خير القرون قرني ‏"‏ وهو في الصحيحين، وقوله ‏"‏أصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ‏"‏ أخرجه مسلم‏.‏
ثم وجدت عن عبد الله بن مسعود التصريح بالمراد وهو أولى بالإتباع ، فأخرج يعقوب بن شيبة من طريق الحارث بن حصيرة عن زيد بن وهب قال ‏"‏ سمعت عبد الله بن مسعود يقول‏:‏ لا يأتي عليكم يوم إلا وهو شر من اليوم الذي كان قبله حتى تقوم الساعة، لست أعني رخاء من العيش يصيبه ولا مالا يفيده ولكن لا يأتي عليكم يوم وإلا وهو أقل علما من اليوم الذي مضى قبله، فإذا ذهب العلماء استوى الناس فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر فعند ذلك يهلكون " .
ويحتمل أن يكون المراد بالأزمنة المذكورة أزمنة الصحابة بناء على أنهم هم المخاطبون بذلك فيختص بهم، فأما من بعدهم فلم يقصد في الخبر المذكور، لكن الصحابي فهم التعميم فلذلك أجاب من شكا إليه الحجاج بذلك وأمرهم بالصبر، وهم أو جلهم من التابعين‏.‏
واستدل ابن حبان في صحيحه بأن حديث أنس ليس على عمومه بالأحاديث الواردة في المهدي وأنه يملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا، ثم وجدت عن ابن مسعود ما يصلح أن يفسر به الحديث وهو ما أخرجه الدارمي بسند حسن عن عبد الله قال ‏"‏ لا يأتي عليكم عام إلا وهو شر من الذي قبله، أما إني لست أعني عاما‏"‏‏.‏

وقال الألباني رحمه الله تعالى:
" هذا ومما يجب أن يعلم بهذه المناسبة أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم) رواه البخاري في الفتن من حديث أنس -رضي الله عنه- مرفوعاً. فهذا الحديث ينبغي أن يفهم على ضوء الأحاديث المتقدمة وغيرها، مثل أحاديث المهدي ونزول عيسى -عليه السلام- فإنها تدل على أن هذا الحديث ليس على عموم بل هو من العام المخصوص، فلا يجوز إفهام الناس إنه على عمومه فيقعوا في اليأس الذي لا يصح أن يتصف به المؤمن ﴿ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ (يوسف:87)
هكذا نفهم هذا الحديث كما فهمه العلماء ، دافعا للعمل والبناء وليس التشاؤم والتقاعس عن عمارة الأرض ..
إن مستقبل الإسلام ليس أسودا ، ومستقبل سوريا ليس مأساويا بل تفاؤليا ، وربما يتساءل البعض أين التفاؤل في هذه الدماء المسفوكة والبيوت المقصوفة بالطيران والأحياء السكنية المدمرة؟
أين التفاؤل وكل يوم مئات الشهداء والجرحى والمفقودين والمعتقلين واللاجئين والمشردين؟
وهذه أسئلة لا يطرحها ألا إنسان قصير النظر ، لا يفقه فقه الواقع ، ولا فقه الحياة ، ولا فقه الإنسانية .. وأتساءل:
هل توقفت الثورة كلما صعدت روح شهيد ، ونزف جريح أم ازدادت الثورة ؟
هل توقفت الثورة كلما دمرت بيوت وأحياء وشوارع وممتلكات أم ازدادت الثورة ؟
هل توقفت الثورة كلما ازداد العداء والدعم من المجتمع الدولي للوحش أم ازدادت الثورة ؟
هل توقفت الثورة وقد وقف العالم الغربي والعربي والشرقي ضدها أم ازدادت الثورة ؟
هل توقفت الثورة بعد أن مضى عليها ما مضى من البلاء والمصائب أم ازدادت الثورة ؟
لم تتوقف ولذا كان السؤال سؤالا خاطئا ..
وكما يقول المربي الكبير محمد قطب: " فلا يأس مع الحياة !
والعمل في الأرض لا ينبغي أن ينقطع لحظة واحدة بسبب اليأس من النتيجة!
فحتى حين تكون القيامة بعد لحظة ، حين تنقطع الحياة الدنيا كلها، حين لا تكون هناك ثمرة من العمل.. حتى عندئذ لا يكف الناس عن العمل وعن التطلع للمستقبل، ومن كان في يده فسيلة فليغرسها!
إنها دفعة عجيبة للعمل والاستمرار فيه والإصرار عليه!
لا شيء على الإطلاق يمكن أن يمنع من العمل!
كل المعوقات.. كل الميئسات.. كل " المستحيلات ".. كلها لا وزن لها ولا حساب.. ولا تمنع عن العمل.
وبمثل هذه الروح الجبارة تعمر الأرض حقاً وتشيد فيها المدنيات والحضارات.
وكان البناء الذي بناه الإسلام فريداً بالرغم مما أصابه من ضربات من الداخل ومن الخارج على السواء.
لقد كان المسلمون يقتدون برسولهم وهو يحثهم على العمل لتعمير الأرض، وغرس ما في أيديهم من فسائل تثمر حين يشاء لها الله، وإنما عليهم فقط أن يغرسوها، ويمضوا إلى غيرها يغرسون في مكان جديد! ويقتدون به فيغرسون به ما يغرسون من نبتات الخير في كل مكان، وهم يتجهون إلى الله وحده وإلى الآخرة. لا تدفعهم مطامع الأرض المنبتة عن طريق الله، ولا شهوات النفس المنبتة عن تقوى الله.
وبذلك تميزوا وسادوا، وكانوا النور المشرق في ظلمات الأرض، والقدوة في كل سلوك وكل عمل وكل علم وكل نظام. وأوربا في ظلمة الجاهلية تأكلها الفرقة والحروب والتأخر والانحطاط.. حتى قبست قبسات من الإسلام في الحروب الصليبية، فأفاقت من غفوتها وبدأت " تنهض ".. ولكن على غير طريق الله وطريق الآخرة.. ومن ثم لا تقوم إلا كمن يتخبطه الشيطان من المس.. تنطلق كالمجنون والهوة في آخر الطريق.
ليست إذن دعوة في الخيال حين يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- للناس: إن كان في يد أحدكم فسيلة فليغرسها.
وإنما هي صميم دعوة الحق. الحق الواقع في الأرض، المشهود على مدار التاريخ.
والدعاة في كل الأرض أحوج الناس إليها حين تضيق بهم السبل ويصل إلى قلوبهم سم اليأس القتال.
وهم أولى الناس أن يتدبروا سيرة الرسول نفسه.
لقد كان يغرس الفسيلة وهو ما يدري ما يكون بعد لحظات!
قد تأتمر به قريش فتقتله.
قد يهلك جوعاً في الشعب هو ومن معه من المؤمنين.
قد يلحق به الكفار وهو في طريقه إلى الغار فلا يكون ثمة غد.. أو تكون القيامة بعد لحظة.. ومع ذلك يغرس الفسيلة، ويتعهدها بالرعاية حتى يؤذن الله بالثمار، وهو مطمئن دائماً إلى الله ما دام يؤدي الواجب المطلوب.
ذلك هو المثل الذي يحتاج الدعاة إلى أن يقتدوا به حين يدعون إلى الإصلاح.
من كان في يده فسيلة فليغرسها!
ولا يسأل نفسه: كيف تنمو وحولها الرياح والأعاصير والشر من كل جانب؟
لا يسأل نفسه، فليس ذلك شأنه..
فليدع ذلك لله
ولتطلب نفسه أنه أودعها مكانها الحق، وعهد بها إلى الحق الذي يرعاها ويرعاه.

مستقبل الثورة السورية:
إن مستقبل الثورة مرتبط ارتباطا وثيقا بالواقع المعاصر الذي نعيشه، ومن فقه السياسة الشرعية، فهم الواقع والتعرف عليه، ولذا لن اكتب تاريخا عن واقعنا المعاصر ، ولن أسرد أحداثا تاريخية وصراعات عالمية وإقليمية ـ العسكرية منها والفكرية ـ ، ولكن المتأمل في الزمان الذي نعيشه يجد أن هناك صراعا بين الإنسان ونفسه ، وبين الإنسان والإنسان ، وبين الإنسان والكون ، يجهل نفسه من هو ؟ والى أين يسير ؟ وماذا يريد ؟
وهذا الصراع صراع عالمي حيثما كان الإنسان ، وهو صراع لم يجلب له الأمن ولا الرخاء ولا السعادة وإنما الشقاء والضنك والفوضى ..
إن واقعنا الراهن بأحداثه السياسية والاجتماعية والفكرية والاقتصادية متعلق بالإنسان نفسه ، فهو الكائن الوحيد في هذا الكون .. الذي خلقه الله سبحانه وتعالى ليكون مستخلفا في الأرض ، ولذا فهو في صراع دائم ما دام بعيدا عن الله .. وبعيدا عن منهج الله الشامل المتوازن المتكامل الفطري الايجابي .. وعن دين الله ﴿ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ ﴾. (الشورى: 13).
إن فساد زماننا متعلق بالإنسان نفسه ، وكل إنسان له عقيدة شاء أم أبى ، وإما أن تكون عقيدة صحيحة أو عقيدة خاطئة، فلا يخلو إنسان من عقيدة يؤمن بها حتى الملحد عقيدته عدم الإيمان بالله .. ولذا فالأحداث السياسية والاقتصادية أحداث مرتبطة بالعقيدة التي تقف من خلفها ، فأمريكا لها عقيدتها ، وأوربا لها عقيدتها ، وروسيا لها عقيدتها ، والصين لها عقيدتها ، والعالم الإسلامي له عقيدته..
إن عداء الغرب للإسلام ليس نتيجة الموقع الاستراتيجي للعالم الإسلامي بما يضم من ثروات وموارد بشرية وطبيعية ـ وإن كان هذا من الأسباب ـ وإنما في حقيقة الأمر لأن الإسلام دين عالمي ، ولذا يبذل الغرب كل طاقاته  وكل إمكانياته للتصدي لهذا الدين بكافة الوسائل: الغزو العسكري ، والغزو الفكري ، والغزو الإعلامي ، والغزو الأخلاقي..
فقضوا على الخلافة العثمانية، وقطعوا أوصال العالم الإسلامي، وزرعوا شوكة تخز العملاق كلما أراد أن ينهض كما جاء في تقرير لورد كامبل الشهير والذي جاء فيه" هناك شعب واحد متصل، يسكن من المحيط إلى الخليج، لغته واحدة، ودينه واحد، وأرضه متصلة، وماضيه مشترك، وآماله واحدة، وهو اليوم في قبضة أيدينا، ولكنه أخذ يتململ، فماذا يحدث لنا إذا استيقظ العملاق؟
يجب علينا أن نقطع اتصال هذا الشعب بإيجاد دولة دخيلة، تكون صديقة لنا، وعدوة لأهل المنطقة، وتكون بمثابة شوكة توخز العملاق كلما أراد أن ينهض"
كما زرعوا عملاء لهم في كل مكان لينوب عنهم في إبعاد الشعوب عن الإسلام، وما دخول جيش الاتحاد السوفيتي أفغانستان إلا للقضاء على الإسلام، وما حدث في البوسنة والهرسك من مذابح وإبادة، إلا نتيجة الحقد الصليبي  على الإسلام، وما تدمير أفغانستان إلا للقضاء على الجهاد الأفغاني وروحه، وما احتلال العراق إلا رغبة في إذلال الآخرين واستعبادهم وكل ذلك والغرب بين فاعل للحدث وبين متفرج على الحدث لينتهز فرصة الانقضاض على الفريسة ليستولي عليها..
"ولكن الصليبية الصهيونية ـ كما يقول المربي الكبير محمد قطب ـ لم تكتف بذلك بل عمدت إلى أمر لا يقل خطرا وهو تشتيت عقل الثورات والحركات التحررية، التي قامت كلها من منطلق إسلامي بإلباسها أثوابا من الغزو الفكري، تقلم أظافرها، وتحد من أخطارها، فتحولت إلى حركات "وطنية" أو "قومية" أو في فترة من الوقت "اشتراكية" تتعايش كلها مع مصالح الصليبية والصهيونية وتبعد عنها خطر الإسلام!
ولكن المفاجأة الكبرى للصليبية الصهيونية، وللعالم اجمع، على الرغم من هذا الكيد كله، كانت هي " الصحوة الإسلامية "
وتحركت أحقاد العدو الأبدي ـ اليهود والنصارى والمشككون والمنافقونـ وحاولوا بكل الوسائل المتاحة لهم أن يئدوا الوليد قبل أن يشب ، فإذا هو يستعصي على الوأد وإذا به يمتد في الأرض، وإذا شأنه وخطره يتضاعفان يوما بعد يوم..
فعندئذ فقد العدو عقله، وفقد كذلك حياءه..
وأصبحت الحرب "على المكشوف" !
وما يحدث الآن في سوريا ليس حربا بين نظام نصيري بعثي وبين شعبه وإنما في حقيقة الأمر هي حرب بين الصليبية والصهيونية والنصيرية يتولاها بالنيابة عنهم ابنهم البار النظام الوحشي وبين الشعب المسلم السني السوري..
فهل هناك أسوء من هذا التخاذل ، قتل وتدمير وذبح ومجازر واغتصاب ثم لا يتحركون إلا لمنع تسليح الشعب ليدافع عن نفسه
وهل هناك أسوء من مقارنة الضحية بالجلاد ووضعهما في سياق واحد للخروج بحل سياسي " وكأنك يا دار ما دخلت شر"
وهل هناك أسوء من الدعم المكشوف للنظام الوحشي بالسلاح والمهل والدفاع عن حقه في الوجود !!!
وهل هناك أسوء من إصدار الأحكام على المجاهدين بالإرهاب بينما النظام الوحشي ما زال بعيدا عن الإرهاب وهو الموغل في الدماء حتى الركب !!
إن هذا الواقع الحالك لا يدوم والمتأمل في الواقع السوري ما قبل الثورة وما بعدها يجد أن ايجابيات كبرى في هذه الثورة المباركة التي كانت بقدر الله ، فلم تخرج من حزب أو جماعة أو دولة وإنما خرجت من رحم الشعب .. لتكون درسا للأمة العربية والإسلامية في قدرتها على نفض الغبار عنها لتستلم الريادة في العالم .
ومهما حاول الغرب والنظام الوحشي أن يقضي على الثورة المباركة فلن يستطيع ، فالفطرة انتفضت والإسلام قادم ، وعلى الغرب أن يعلم " أن الإسلام ليس عدوا للغرب ، وليس عدوا للبشرية بل انه في الحقيقة هو " المخلص" الذي جاء ليطهر البشرية من أدرانها ، ويرفعها إلى المكانة اللائقة " بالإنسان " الذي كرمه خالقه وفضله على كثير ممن خلق :
﴿  وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ (الإسراء: 70)
وحين يعود الإسلام إلى التمكين اليوم أو غدا فلن يكون على حساب " المصالح المشروعة" لأحد من البشر الأسوياء على وجه الأرض ، ولكنه دون شك لن يقبل الطغيان ، ولن يقبل ـ بصفة خاصة ـ وقوع العدوان على المسلمين ."
إن مستقبل الثورة إلى خير .. وهذا التأمر الكبير من العالم كله شرقه وغربه ما هو دليل إلا على خيرية هذه الثورة المباركة .. وقد حفظ الله بلاد الشام وتكفل بها .. وهذه الثورة بحاجة إلى : مبشرات وأسس وقواعد تسير عليها في طريقها لتحقق الأمل المنشود والنصر والتمكين بإذن الله تعالى .

أولا : المبشرات:
إننا مأمورون من رب العباد ومن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بزراعة الأمل في دروب الألم ، وأن نبشر الناس رغم الجراح .." بشّر هذه الأمة بالسّناء والتمكين في البلاد والنصر والرفعة في الدين ، ومن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة نصيب ".
وهي وصية رسول الله إلى معاذ بن جبل وأبو موسى الأشعري حينما بعثهما إلى اليمن فقال " يسرا ولا تعسرا ، بشرا ولا تنفرا " .
و جاء عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  -صلى الله عليه وسلم- :"عَلِّمُوا ، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا ، وبشروا ولا تنفروا ، وَإِذَا غَضِبَ أحدكم فَليسْكُتْ "
إن ربط الثورة السورية بالمبشرات هو أصل البناء لمستقبل سوريا  ، فالثوار ينتظرون مشيئة الله بتسليم واطمئنان ، يقول الله  تعالى قاصّاً قول نبيه موسى عليه السلام لبني إسرائيل: ﴿قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين﴾ (الأعراف: 128) قال سيد قطب "يحدثهم بقلب النبي ولغته , ومعرفته بحقيقة ربه ، وبسنته وقدره , فيوصيهم باحتمال الفتنة , والصبر على البلية , والاستعانة بالله عليها . ويعرفهم بحقيقة الواقع الكوني . فالأرض لله يورثها من يشاء من عباده . والعاقبة لمن يتقون الله ولا يخشون أحداً سواه . . فإذا شكوا إليه أن هذا العذاب الذي يحل بهم قد حل بهم من قبل أن يأتيهم , وهو يحل بهم كذلك بعدما جاءهم , حيث لا تبدو له نهاية , ولا يلوح له آخر ! أعلن لهم رجاءه في ربه أن يهلك عدوهم , ويستخلفهم في الأرض ليبتليهم في أمانة الخلافة "
لقد جاء بعض الصحابة يشتكون من أذى قريش ، واضطهادهم ، فما كان منه صلى الله عليه وسلم  إلا أن بشرهم بنظرة مستقبلية مشرقة ، جاؤوا إليه يطلبون منه حلا أو دعاء ولكنه صلى الله عليه وسلم  أخذ بأيديهم إلى أفق واسع ، لم يكن يدور في بالهم وتفكيرهم ،  جاء من حديث خَبَّابِ بن الأرت رضي الله عنه قَالَ : شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ ، فَقُلْنَا : أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا ، أَلَا تَدْعُو لَنَا ، فَقَالَ: " قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ ، فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ ، فَيُجْعَلُ فِيهَا فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ ، فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ،  فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ،  فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ، وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ ، لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ "
وعندما يعيش الإنسان في ظل هذا الأفق الواسع يجعله يتأمل حقيقة نفسه ، فيعيش في واحة الأمل والتفاؤل ، ناظرا لمستقبله برؤية واقعية ، مستندا على كتاب الله وسنة رسوله في بناء حياته .، وبالتالي يتعامل مع أي مشكلة تواجهه وفق هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم "  لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ ، وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ "
والمتأمل في هذه الثورة المباركة يجد مبشرات الثورة كثيرة جدا ومن أهمها:
• عودة الرجال والنساء والشباب والفتيات إلى ربهم ، وهتافهم بالقيادة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم للأبد ..
• ومن المبشرات وضوح حقيقة الصراع الذي يجري على الأرض فهو بين الحق والباطل ، بين الصدق والكذب والتلفيق ، وبين الوضوح والخداع والتدليس ، وبين العدل والظلم ..
• كسر حاجز الخوف من الفقر .. من الذل .. من الدنيا .. من الجاه .. فحمل الثوار أرواحهم على أكفهم رخيصة في سبيل الله .. يهتفون " هي لله ، هي لله " فتساوت الحياة مع الموت ..
• ومن المبشرات ذكر ما اختص الله به بلاد الشام من فضائل ومن هذه الفضائل:
1-ثبتت البركة للشام بخمس آيات في كتاب الله تعالى : قال تعالى : ﴿ وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ﴾ ( الأعراف : 137) ، وقال تعالى﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير﴾  (الإسراء: 1) ، وقال تعالى في قصة إبراهيم : ﴿ وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين*ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين﴾ ( الأنبياء: 70-71) ، وقال تعالى ﴿ ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين ﴾ (الأنبياء: 81) ، وقال تعالى في قصة سبأ : ﴿ وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرىً ظاهرة وقدّرنا فيها السير سيروا فيها ليالَ وأياماً آمنين﴾ (سبأ: 18)
2-  دعاء النبي صلى الله عليه وسلم  للشام بالبركة :عَنْ ابْنِ عُمَرَ ـ رضي الله عنهما ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال :" اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا". قالوا : يا رسول الله ، وفي نجدنا ؟ قال : " اللهم بارك لنا في شامنا ، اللهم بارك لنا في يمننا". قالوا : يا رسول الله ، وفي نجدنا ؟ فأظنه قال في الثالثة : " هناك الزلازل والفتن ، وبها يطلع قرن الشيطان".
3-  بسط الملائكة أجنحتها على الشام : عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم  نؤلف القرآن من الرقاع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  "طوبى للشام" فقلنا لأي ذلك يا رسول الله ، قال " لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها"
وفي رواية : عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: " يا طوبى للشام، يا طوبى للشام، يا طوبى للشام! قالوا: يا رسول الله! وبم ذاك؟ قال: تلك ملائكة الله باسطو أجنحتها على الشام "
4-  كفالة الله تعالى للشام وأهلها :  عن عبد الله بن حوالة الأزدي قال : قال  صلى الله عليه وسلم : "سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا مجندة جند بالشام وجند باليمن وجند بالعراق " قال ابن حوالة : خر لي يا رسول الله إن أدركت ذلك ، فقال : " عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يجتبي إليها خيرته من عباده فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم فإن الله توكل لي بالشام وأهله "
وفي لفظ آخر أن ابن حوالة رضي الله عنه قال : يا رسول الله خر لي بلدا أكون فيه فلو أعلم أنك تبقى لم أختر عن قربك شيئا ، قال : "عليك بالشام"  فلما رأى كراهيتي للشام ، قال : " أتدري ما يقول الله في الشام إن الله عز وجل يقول يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي إن الله قد تكفل لي بالشام وأهله"
5- صفوة بلاد الله من أرضه يُسكنها عز وجل خيرته من خلقه عن أبي أمامه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صفوة الله من أرضه الشام ، وفيها صفوته من عباده ، وليدخلن الجنة من أمتي ثلة لا حساب عليهم ولا عذاب "
6- الأمان عند الفتن عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بينا أنا قائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي ، فظننت أنه مذهوب به ، فأتبعته بصري ، فعمد به إلى الشام ، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام"

7- أهل الشام ميزان لصلاح الأمة وفسادها  عن معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة "
8- حرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم: عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الْأَسَدِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ : " أَهْلُ الشَّامِ سَوْطُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ ، يَنْتَقِمُ بِهِمْ مِمَّنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ، وَحَرَامٌ عَلَى مُنَافِقِيهِمْ أَنْ يَظْهَرُوا عَلَى مُؤْمِنِيهِمْ ، وَلَا يَمُوتُوا إِلَّا غَمًّا وَهَمًّا "
9- فسطاط المسلمين دمشق: عن أبي الدّرْدَاءِ أنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم  قالَ: " فُسْطَاط المُسْلِمِينَ يوْمَ المَلْحَمَةِ بالْغُوطَةِ إلَى جَانِبِ مَدِينَةِ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشّامِ.
وفي رواية ثانية : قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم  يقول: " يوم الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين بأرض يقال لها الغوطة فيها مدينة يقال لها دمشق خير منازل المسلمين يومئذ"
عن أبي هريرة -رضي الله عنه , أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" إذا وقعت الملاحِمُ بعث الله من دمشقَ بعثًا من الموالي, أكرمَ العرب فرسًا، وأجودهم سلاحًا، يؤيدُ الله بهم الدين "
ثانيا : قواعد وأسس:
قال تعالى ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ (التوبة : 109)
إن ما تلقاه الثورة في سوريا وهي جزء من بلاد الشام  يعود إلى أهميتها الدينية والجغرافية فهي مهاجر المؤمنين ، وخير بلاد الإسلام، وبها الطائفة المنصورة التي تقوم بأمر الله وتقاتل في سبيله، وهي عقر المؤمنين عند الفتن ، ولا يبعد عنها إلا خطوات ذلك المسجد الأقصى الحزين.
إن مستقبل الثورة في سوريا مشرق بإذن الله ، فالمستقبل بيد الله، ولكن فقه الواقع يعلمنا أن نجاحها ليس مفروشا بالأزهار والورد ، بل هو مفروش بالأشواك والآلام والدماء ، مما يتطلب من الثورة، أن تبذل جهدا مضاعفا وصبرا جميلا ، وأن تكون على وعى سياسي فائق ، ووعى فكرى متعمق ، منتبهة إلى ما يحاك حولها من مؤامرات ومؤتمرات ليتحكموا بها وفق مصالحهم وسياساتهم في المنطقة ، ولأهمية ومكانة الثورة في العالم فهي بحاجة ماسة إلى قواعد وأسس تسير نحو النصر والتمكين بإذن الله منها:

= لقد أصبح الإسلام تيارا ذاتيا عند الثوار ، فلم يرتبط بنشاط جماعة معينة، أو بوجود جماعة معينة ، وإنما انبعث تلقائيا في نفوسهم .. فقد انتفضت فطرتهم للحق للعدل للحرية ـ وهذه من بديهيات خصائص الإسلام ـ بقدر من الله سبحانه وتعالى ، فانطلقت ثورتهم من المساجد ، وإلى المساجد ، ومن التكبير إلى التحميد والتهليل ، وهذا ما أزعج العالم كله غربه وشرقه ، وأقض مضاجعهم ، وأرق العلمانيين ، وما رسائلهم العلنية والسرية بأن يخفف الثوار من سقف مطالبهم إلا دليلا واضحا على هذا الانزعاج وعلى هذا القلق من استيقاظ المارد .ولذا على الثوار عدم التنازل لأنهم هم الأعلى سندا ، فمعهم الحق ، والحرية والعدالة ..ومع النظام الوحشي والعالم المتفرج الباطل والنفس المنتكسة للعبودية.
وهم الأقوى في كافة المواقف والأصعدة على الأرض وفي الجو وفوق البحر، فيجب عدم إعطاء الفرصة لغيرهم فينتهزها ضدهم . ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ ( آل عمران : 139)

= لقد أدرك الشعب السوري بشكل عام والثوار بشكل خاص فشل حزب البعث والنظم الغربية في حل مشاكلهم ، وتبين لهم أن النظم العلمانية فاشلة ، لم ولن تحقق لهم أي هدف منشود من العدالة والكرامة والحرية .. فعدالة النظم العلمانية وحريتهم تتوقف وتتجمد عند تقدم الإسلام .. حيث الإيمان وغذاء الروح .. وقد يأس الشعب من الخواء الروحي ومن الضياع النفسي واتجهت صوب الصحوة الإسلامية بفطرتها وصفائها وإرادتها دون ضغط أو إكراه .. إنه توجه لا يمكن وقفه.. حيث تساوى لديهم الموت والحياة.

= إن انتظار حدوث معجزة أو أمر خارق ليوقف هذا النزيف وهذا التدمير وهذا الابتلاء هو انتظار السراب للشرب منه ، بل لابد من الأخذ بالأسباب والسنن ، قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله : "ولو كانت هذه الفكرة صحيحة سليمة ثابتة لما كان الجهد والجهاد من السلف في دفع كل زيغ وانحراف من أي مبطل كان : أجنبيا أو عربيا ، مسلما في الصورة أو كافرا ، لأننا إذا مشينا في ظل هذا الفكر الزائغ لزمنا أن نستسلم لكل ما يواجهنا من صعوبات وتحديات في مختلف الشؤون والمستويات! وهذا أمر لا يقول به عاقل فضلا عن أن يكون الشرع الإسلامي أراده منا ، وحاشا شرع الله من أن يضاف إليه ذلك .
فلماذا يسعى هؤلاء الجاهلون المصابون بهذه الفكرة المريضة في تنمية أموالهم وأحوالهم وعيشهم ومسكنهم وما إلى ذلك من أمور الدنيا ومرافق الحياة ؟ فإذا جاءوا إلى أمور الدين والجهاد لبستهم هذه الفكرة الشيطانية ، فضلوا ، وتخاذلوا عن نصرة دينهم ، فأين عقلهم وفهمهم من صريح قول النبي صلى الله عليه وسلم " الجهاد ماض إلى يوم القيامة "  وأمثاله من الأحاديث الصحيحة الكثيرة ، وقد علم العالمون البصراء أن سنة الله في عباده : الجهد والجهاد ، والأخذ بالأسباب ، كما هو بديهي عند كل مسلم فاقهٍ لدينه وإسلامه.
فترك الجهد والعمل في نصرة الدين والإسلام جريمة ، وترك دفع المبطلين والظالمين والصائلين على المسلمين ـ بسبب هذا الاعتقاد الباطل ـ جريمة فوق جريمة ، ومصيبة عظيمة أصيب بها عقل المرضى بهذا الاعتقاد ، ويجب الإسراع بعلاجهم وإنقاذهم من هذا الداء الوبيل"

= لقد انطلقت الثورة في كافة المدن والقرى والنواحي السورية يوحدهم الاعتصام بحبل الله ،  رافعة شعار "الله ربنا ، محمد نبينا قائدنا إلى الأبد " فكان هناك الأنصار  الذين ﴿يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾ وهذه من نعم الله.. فالأخوة تجلت في أكبر معانيها ، وفي أسمى آفاقها في هذه الثورة المباركة ، فقد تآلف ألفةلم يعهدوا بها من قبل ، وتحابوا حبا لم يتمكن من قلوبهم قبل ذلك .. كل هذا بفضل الله سبحانه ، قال تعالى : ﴿ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ...... ﴾.(الأنفال : 62-63)
أي " جمعها على الإيمان بك وعلى طاعتك ومناصرتك ومؤازرتك بعد أن كانت بين الأنصار حروب طاحنة في الجاهلية فقطع الله ذلك بينهم بنور الإيمان "
يقول الأستاذ سيد قطب في معنى الآية : " هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، وجعل منهم قوة موحدة بعد أن كانت قلوبهم شتى ، وعداوتهم جاهـرة ، وبأسهم بينهم شديداً ، فقد كان بينهم في الجاهلية من الثارات والدماء والمنازعات ما يستحيل معه الالتئام فضلاً عن هذا الإخاء الذي لم تعرف له الأرض نظيراً ولا شبيهاً.
لقد وقعت المعجزة التي لا يقدر عليها إلا الله، والتي لا تصنعها إلا هذه العقيدة ، فاستحالت هذه القلوب النافرة ، وهذه الطباع الشموس، إلى هذه الكتلة المتراصة المتآخية الذلول بعضها لبعض ، المحب بعضها لبعض ، المتآلف بعضها مع بعض بهذا المستوى الذي لم يعرفه التاريخ والذي تتمثل فيه حيـاة الجنة وسمتها البارزة أو يمهد لحياة الجنة وسمتها البارزة والتي من صورها قوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ﴾ (الحجر:47) ، إن هذه العقيدة عجيبة فعلاً ، إنها حين تخالط القلوب تستحيل إلى مزاج من الحب والألفة ومودات القلوب فإذا نظرة العين ، ولمسة اليد ، وخفقة القلب ترانيم من التعارف والتعاطف والولاء والتناصر، والسماحة والهوادة، لا يعرف سرها إلا من ألف بين هذه القلوب ولا تعرف مذاقها إلا هذه القلوب.

= إن الواقع السياسي لا يجب فصله عن ديننا ، فما السياسة الشرعية إلا جزء من تعاليم ومبادئ إسلامنا الحنيف ، لا يمكن أن تنفصل عنه ، ولذا يجب أن تكون مواقفنا السياسية في التعامل مع المجتمع الدولي منبثقة من الإسلام ، رضي من رضي وغضب من غضب .. فلا وصاية لأي دولة غربية على الثورة ، ولا مجال للسماح لأي دولة في العالم التدخل في كيفية مسار الثورة بعد الوحش !! فالثورة انطلقت سلمية فطرية ، وحولها النظام بحماقته ومن حوله العالم الغربي الداعم له والصامت عنه  إلى جهادية فطرية .. فلا مجال للعبث بفطرة الشعب الصافية النقية.. السلمية والجهادية!!.
إننا لا نعجب أن ينصب عليها هذا البلاء ، وهذه المحنة القاسية من عدة جهات:
§ من النظام الطاغي الذي يرمي الثورة عن قوس واحدة .
§ ومن الغرب ( أمريكا وأوربا ): فأمريكا وأوربا مع النظام إلى أن تجد البديل الذي يتوافق مع مصالحها ، وان كانت تطالب مراوغة بتنحية النظام وأنه فقد شرعيته ، فكلامها هذا جاء على أساس ثقته من أن هذه الثورة السلمية لن تستطيع إسقاط النظام ، ولهذا اكتفوا بالشجب والتنديد والعقوبات العقيمة ، فالثورة السورية ليس من ورائها مصالح نفطية أو صنما يمجدها بديلا عن النظام ، أو حارسا يحفظ لها أمن وحياة السرطان الإسرائيلي كما حافظ عليها النظام الفاشي ، ولقد كتبت  الصحف الصِّهيونية بالخط العريض : إنَّ تل أبيب تصلِّي للرب في أن يَحْفظ بشار الأسد .!!!
§ ومن الشرق ( إيران وروسيا والصين ) مكرا وكيدا ودعما بكافة أشكال الدعم اللوجيستي والأمني .
§ ومن بعض إخوان الثوار وجيرانهم الذين يعيشون معهم تحت سقف الوطن ، والدول العربية ( الجامعة العربية) يخذلونهم ويثبطونهم ، ويرجفون في الإعلام والفضائيات ويعوقونهم عن السير ، ويمهلون النظام .
إن العالم ينظر إلى الثورة السورية على أنها تهديد لاستقرار المنطقة التي يحكمها أناس من جلدتنا ويتكلمون بلساننا نيابة عنهم ، فتتبعها حذو القذة بالقذة حتى إذا دخلوا جحر ضب دخلوه ، فتعيش المنطقة في التخلف والفقر والبطالة ويجبى إليها ثرواتها ، وتستقطب إليها علماؤها ومبدعيها .
يقول " نيكسون " في كتابه " 1999نصر بلا حرب " : ليس السلم الحقيقي إنهاء المنازعات بل هو وسيله للعيش معها "
فالسياسة الغربية والروسية والصين لهم نمط واحد من التفكير لا يختلف عليه أحد : مصلحتهم الدنيوية أولاً وأخيراً وبعد ذلك طمس هوية الشعوب ، والاتفاق على تقسيم الغنائم أو الاختلاف .
إن نجاح الثورة السورية هو الخوف وهو البعبع والهلع للغرب وأذياله في الشرق، وذلك من جهات عدة:
1- إن نجاح الثورة السورية هو نجاح للعدالة والحرية وهذا ما لا يريده الغرب وإن كانت تتبجح بشعارات الحرية والعدالة والمساواة ، فشعاراتها خاوية ، مفرغة من داخلها ، ليس لها رصيد فطري أو روحي أو إيماني وإنما رصيد مادي لا يسمن ولا يغني من جوع.
إن نيل الإنسان للحرية والعدالة والكرامة وفق منهج الفطرة يعني التمرد على كل أنواع العبودية والتبعية للغرب ، والذل والهوان ،  فالفطرة هي التي انتفضت في الثورة السورية ، ونفضت عنها الغبار الذي تراكم طوال السنين ، نفضته وهي ترفع إصبع الشهادة مكبرة الله اكبر ، ولم تنفضه وهي تمد يدها للغرب أو للشرق . بل لله ، "هي لله ، هي لله " .
وهذا ما يزعج الغرب الذي تعود أن يتجه العالم إليه، ويتذلل إليه.
2- إن نجاح الثورة السورية ووجود دولة عادلة ذات سيادة حقيقية هي تغيير في قوانين اللعبة الدولية ، بل لن تكون هناك لعبة من الأصل ، فالثورة لا تلعب ، بل تبني الإنسان روحا وجسدا ، وتصلح وتنير عقله ودربه ، وتعيد للبلاد حضارتها ، فكل شبر في بلاد الشام كان منارا للعالم يستنير به ، وشعاعا للعلم يهتدي به ، وكل موضع قدم شاهد على العزة والكرامة التي نالها الإنسان مهما كانت طائفته وملته في بلاد الشام .
وبالتالي سوف تكون هناك تداعيات إقليمية جديدة على الساحة العربية تضعف من السياسة الغربية ، وهذا ما لا يريده الغرب أيضا.
لذا يجب على الثوار أن يعوا تماما معنى ثورتهم وأهميتها بالنسبة إلى سوريا والى العالم ، فالعالم لن يدعهم ينجحوا في ثورتهم بكل سهولة ، فسوريا تختلف عن تونس وعن ليبيا وأيضا عن مصر لما لها من امتدادات في العراق ولبنان وفلسطين والأردن وتركيا ، وخاصة أن الأمر خرج عن سيطرتهم ولله الحمد ، وأيقن العالم أجمع  أن الثورة بلغت نقطة اللاعودة، وعدم الرجوع إلى الخلف.
مما يتطلب من الثورة جهدا مضاعفا وصبرا جميلا أن تنتبه إلى ما يحاك حولها من مؤامرات ومؤتمرات ليتحكموا بها وفق مصالحهم وسياساتهم في المنطقة ، فهي قادرة بإذن الله على تغيير قوانين اللعبة ، فلعبة الأمم التي تحدث عنها مايلز كوبلاند قد تحطمت أحجارها بأيدي أطفال الثورة ، وهي قادرة بإذن الله أن تضع العالم أمامها كلاعب إقليمي جديد.

= إن ما يجري في سوريا الحبيبة ليس مجرد القضاء على حاكم فاسد طاغية ، أو مجرد إصلاح جوانب معينة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية .. وإنما إعادة بناء الإنسان الصالح ، وليس المواطن الصالح .. ليولد الإنسان الصالح  الذي يدافع عن الإنسان أيا كان مكانه سواء في سوريا أو في الغرب أو في الشرق ، يدافع عنه ليصل إليه حقه ، وحريته وكرامته مهما كان دينه . وليس ليولد المواطن الذي يعبد طاغيته وأمواله ، فيرى ويسمع المذابح تلو المذابح ، والتدمير تلو التدمير ، ولا يحرك ساكنا سوى متابعة المشاهدة إلى أين ستنتهي الحرب؟
  وهذا الأمر من إعادة بناء الإنسان الصالح يحتاج إلى جهد ، ويحتاج إلى صبر ، ويحتاج إلى نفس طويل ، رغم وجود المعوقين والمثبطين والمتآمرين والمنافقين .
ويحتاج إلى وقفة صارمة ضد كل ما يحاك ضد الثورة .. لان الثورة ليست ثورة السوريين فقط بل ثورة الأمة بأكملها .. ثورة الوجود والبناء والحضارة .. ثورة الحرية والكرامة والشهادة .
لقد انتفضت فطرة الشعب السوري بعد طمس لأربعين سنة أو أكثر ، انتفضت ولذا فهي بحاجة إلى تربية من جديد ، تربية تتكافأ مع مهمة الثورة ، تربية إيمانية صحيحة ، فليس كل من ثار صار صالحا ، ولكن أصبح لديه القابلية للصلاح ، والقابلية لتناول الغذاء الروحي والجسدي، فيربي نفسه وروحه وجسده ، فيعمل على تقوية عقيدته الصحيحة الواضحة ، التي يتعامل من خلالها مع الكون والبشرية، والكائنات الحية ، حتى الجمادات .. ويهذب نفسه وإرادته حتى يرتقي ويترفع عن الخضوع للشهوات والأهواء ، والطغيان ، فالابتلاء ليس في الضراء فقط ، وفي هذا الموت الذي يجده الثائر كل لحظة ، بل الابتلاء أيضا في السراء ، فيهذب نفسه لتثبت في السراء والرخاء ويعيش وفق ما يريده الله سبحانه وتعالى .. فيعالج قلبه من كافة الأمراض والعلل الضارة به ، فمرض القلوب أشد خطرا على الإنسان من مرض الأبدان .. ومرض العقول أشد خطرا على الإنسان من مرض الأبدان !!
لقد انتفضت سوريا وهي تريد الخلاص من جحيم البعث والاستبداد والظلم والطغيان ..
انتفضت هاربة من جحيم الخواء الروحي ، باحثة عن التوازن بين الروح والجسد ...
انتفضت فطرتها ، فخرج الناس جميعا المسلم الصالح والمسلم الطالح ، والإنسان التقي والإنسان الفاسد ، والفرد المتدين (مهما كان لون دينه) وغير المتدين ، ...خرجوا جميعا فقد انتفضت فطرتهم .. باحثة عن النجاة ، عن الإحساس بوجودها ، عن كرامتها التي أعطاها الله إياها ..
انتفضت واصطدمت بعدو من الداخل يذبح ويقتل ويفتك ، وعدو خارجي يصمت ويشجب ويتفرج ..  فماذا تفعل الفطرة المنتفضة سوى الالتجاء إلى خالقها العلي الكبير ، والأخذ بالأسباب مع الجيش الحر ..
إن الثورة السورية لأهميتها ، وما تلعبه من دور بالنسبة إلى العالم أجمع ، وتميزها في شخصيتها وأهدافها ، واهتماماتها المنبثقة من عقيدتها ، في حاجة إلى أن تتميز بتربيتها المنبثقة من التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة التي تقود العالم ،  وبثوارها الذين يحملون برنامج حياة يرقى بالإنسانية ، وينمي الحياة ، ويصنع الحضارة لكل البشرية .. قال تعالى : ﴿ كُنتُم خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للناسِ تأْمُرونَ بِالمَعْروفِ و تَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ و تُؤْمِنونَ بِاللهِ ﴾..(آل عمران : 110 ) ..

= لقد دمر النظام الوحشي مقومات الدولة السورية الأمنية والاقتصادية وهذا يجعل الأمانة الملقاة على عاتق الثوار كبيرة جدا ، وعلى المعارضة في الخارج الدور الأكبر في رسم سياسة بناء الدولة الأمنية والاقتصادية ، وهذا يعني أن ما تم خرابه وتدميره لا يمكن إصلاحه في يوم وليلة بل لا بد من صبر وطول نفس ، وتخطيط ورسم ، وترتيب لبناء الدولة من جديد بناء قويا شامخا ، لا تذل نفسها لأحد ، فلا تنازل عن مقومات السيادة الوطنية ، ولا تهاون في إدارة الاقتصاد ، فالشعب الذي صبر على الألم والجوع والتشريد والقتل والهدم والتدمير ، والذي تحمل ضربات الصواريخ ،وقنابل الطائرات لقرابة السنتين، قادر بإذن الله تعالى على الصبر لخمس سنوات على الألم وشظف العيش لبناء دولته دون أن يفرط في شبر من سيادة أرضه، واقتصاد بلده.
إن موضوع الأمن والاقتصاد موضوع مهم جدا ، والكفاءة المسلمة والأيدي الأمينة والعقول المخططة لا تخلوا منها بلدنا الحبيب ، والعقول المهاجرة والأيدي المهاجرة قادرة بإذن الله على بناء سوريا من جديد ولا تركع إلا لله ، ولا تطلب ذل السؤال من هنا أو هناك.. فالذي ساند ودعم النظام الوحشي ، والذي وقف يتفرج ويعطي المهل تلو المهل لن تكون له موضع قدم في سوريا الحبيبة.. فالثورة هي الأعلى سندا وقيمة وهي الأعلى خلقا ورأيا وواقعا .. والشعب السوري لديه الإمكانيات المحلية على صياغة رؤية مشرقة لمستقبل البلاد الأمني والاقتصادي ، ولا يسمح بتسليم أو التنازل عن الناحية الأمنية أو الاقتصادية  إلى ما يسمى زورا وبهتانا " أصدقاء سوريا " .

= إن المتأمل في حقيقة ما يجري في سوريا من صراع بين الشعب المؤمن من جهة وبين النظام الوحشي والعالم الغربي والشرقي من جهة أخرى، هو صراع حضاري في حقيقة الأمر، وإن كان الصراع الحربي هو الظاهر ... فالشعب ليس هو الذي بدأ الحرب، بل يدافع عن دينه وعن نفسه وعن عرضه...
إنه صراع بين القيم، بين القيم الصالحة وبين القيم الفاسدة ، بين قيم العدالة والحرية والكرامة والإنسانية، وبين العبودية والمذلة والظلم والطغيان ..
إنه صراع القيم ، فأي قيم سينشرون إذا تغلبوا على الثورة  لا سمح الله ؟!!
انظر إلى النظام الوحشي .. وإلى الغرب ..  وإلى الولايات المتحدة .. وإلى روسيا .. وإلى إيران .. ستجد الجواب ، إذ لن تجد لديهم إلا قيم الطغيان والفساد والدمار  والانحطاط .. ولن تجد رغم التقدم العلمي إلا قانون الغاب وشهوة القهر والإذلال للآخرين .
وتأمل في قيم الثوار المقتدين بالصحابة الكرام ، أي قيم ينشرون في ثورتهم ؟
إنهم ينشرون القيم الفطرية العادلة لكل إنسان ، والحرية الحقيقية لتحرير الإنسان من عبادة الطغاة إلى عبادة رب العباد ..
ليس هدف الجيش الحر ـ والثوار كلهم جيش حرـ من القتال هو الثأر أو التشفي أو شهوة السلطة ، وإنما إزالة هذا الطاغوت بنظامه العلماني الجاهلي ليكون الناس أحرارا يختارون لأنفسهم ما يشاءون .
وليس هدف الساسة في المعارضة في الخارج ـ وهذا أمل الثوار والثورة فيه ـ  هو الزعامة بل السير مع حركة الثورة لتصحيح المفاهيم لدى العالم ، وتحرير الإنسان من الذل والهوان والظلم والجهل والظلام إلى الكرامة والعدل والعلم والنور .
ولهذا فالثورة السورية ثورة حضارية بشقيها الجهادي والسياسي .
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ (النور :55)
هذا والله أعلم فما كان من صواب فمن الله سبحانه وتعالى وما كان من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان واستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع