جمال الباشا
تصدير المادة
المشاهدات : 7152
شـــــارك المادة
كثيرة هي المفاهيم التي تحتاج إلى تصحيح، منها "أن القُربَ يُنقصُ الحبَّ"، فحرص بعض الأصحاب على أن تكون زياراته لإخوانه وأحبابه متباعدةً إلى حدّ الجفاء، لاعتقاده أن السنة جاءت آمرةً بهذا. ومما تناقله الناس أبٌ عن جدّ في مجتمعاتنا قولهم: (ابعد تحلوّ) حتى صار هذا المفهوم نمطًا في حياة بعض الصالحين !!
وللتصويب أقول:
إنَّ هذا الحديث لا يصحُّ عن النبي عليه الصلاة والسلام، بل الأحاديثُ النبوية مستفيضة بالحثّ على التواصل والتزاور، ونهت عن الهجر والتدابر.
ومن استدل بالمأثور عن الأجداد، نقول له: إن مما أثر عنهم كذلك قولهم: (البُعد جفاء)، وقالوا: (البعيد عن العين بعيد عن القلب). ومنهم من يستشهد بقول الشاعر:
غب وزر غبا تزد حبا فمن أكثر الترداد أضناه الملل
وجوابي على هذا:
إن الشاعر لعله أراد الثقلاء الذين لا يرُحَّب بوجودهم ولا يُستأنس بحديثهم، فمثل هؤلاء يصدق عليهم ما تقدم، بل من الزوار من هم حُمَّى الأرواح وقذى العيون، فحديثُهم سقم ولقياهم ألم.
أما أن ينسحب هذا على أهل الفضل والصلاح والتذاكر والتناصح، فهذا إبعاد في النجعة وسقطة في الإسقاط.
وقد عارضتُ القصيدةَ المتقدّمة بقولي:
صِلْ وزِدْ وصلاً تزِد حُبًّا فمَن أكثرَ الهِجرانَ فالأمرُ جَلل
وجفاءُ المرءِ في البُعدِ فهل حكمةٌ بمثلها جاء المثل
وافهمَنْ غِبًّا فزُرْ حبًّا تزد واسبُرَنْ غَورَ المعاني والعِلل
واطرُدِ العُرفَ إذا الفهمُ بدا بخلاف الشرع تنجو من زلل
كم حديثٍ صحَّ في الندب إلى وصلِ إخوانٍ إذا الحبُّ اكتمل
وبهجرانٍ فكم نصٍّ أتى حذَّرَ الجافين صحَّ واتصل
فمرادُ البيت مقصورٌ على من إذا طلَّ فهَمٌّ قد أظلّ
ذاكم الزَّوارُ لا همَّ له غيرَ هدر الوقت، حلَّ وارتحل
إنه البطَّالُ لا أهلاً به أكثرَ التردادَ من غير عمل
ثِقَلٌ في منطقٍ منخرمٍ وبطول المكث يزدادُ الثقل
ولقا المحبوبِ يشفي علَّةً فهو ترياقٌ كما لعق العسل
ينتقي من كلِمٍ أطيَبَهُ صادقُ الوعد إذا قال فعل
فالزَمَنْ غِرْزَ أخٍ صاحِ تَفُزْ ناصحٍ مذكِّرٍ مَن قد غفل
إن تمادى الخِلُّ في الذنب عفا وإذا ما وقع الهجرُ وصَل
صفحة الكاتب على فيسبوك
رقية القضاة
داود البصري
راغب السرجاني
ناصر العمر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة