..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

الساسة.. كيف يخدعون شعوبهم؟!!

مهند الخليل

١٥ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2340

الساسة.. كيف يخدعون شعوبهم؟!!
الخليل.jpg

شـــــارك المادة

أجمل ما في هذه الاستنتاجات العلمية الموضوعية، أنها ليست مع فئة ضد أخرى، فهي لا تسمي الساسة المخادعين وإنما تفضح الخدع نفسها وآليات التضليل المتبعة، وتترك للقارئ الكريم تنزيل الكلام العام على ما مر به من أحداث وتغطيات إعلامية تقوم على التلاعب بعقول المتلقين.

بهدوء شديد وبساطة متناهية، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صاروخًا موجهًا لوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، بشأن ما قاله أمام لجنة مجلس الشيوخ لتبرير الحصول على موافقة لشن ضربة عسكرية ((مزعومة))  للنظام السوري بسبب استخدامه سلاحًا كيماويًّا ضد المواطنين الأبرياء، قال يتردد بوتين عن كيري: “إنه يكذب، ويعرف أنه يكذب، إنه لأمر محزن”.

ليس كيري وحده الذي يكذب، فيبدو أن الساسة جميعًا يكذبون على شعوبهم، كما يبدو أنهم جميعًا يعلمون هذه الحقيقة، والسؤال الأجدر بالانتباه هنا هو كيف يكذب الساسة على شعوبهم؟ وكيف يتحول الإعلام من دوره الأساسي كسبيل للوعي إلى أداة تستخدم في التضليل والتغييب؟

فيما يلي 10 استراتيجيات يتبعها الإعلام للتأثير على عقول الجماهير وخداعهم:

1- تحفيز مشاعر الخوف والذعر لدى الجمهور:

إن وضْعَ الناس في حالة من الخوف والقلق والذعر الدائم كفيل بتمرير أي فكرة إلى عقولهم حتى وإن بدت هذه الفكرة غير منطقية ولا عقلانية، وتثبت الدراسات أن الإنسان يفقد قدرته على التفكير بعقلانية حين يخضع لضغوط إنسانية أو عاطفية قوية، فيتقبل كمية الكذب والمبالغات التي يتم إلقاؤها في عقله عبر وسائل الإعلام دون مقاومة تُذكر. إذا كنت تعيش في دولة استبدادية – أو حتى ديمقراطية – فحاول أن تراقب حجم الأخبار التي تبثها وسائل الإعلام عن وجود أخطار مقبلة أو أعداء يتهددون بلدك بل وأمنك الشخصي، وعن الإرهاب، وعن أزمات اقتصادية مقبلة تضرب الدولة أو المنطقة أو العالم وتحتاج إلى استقرار لمواجهتها.

يُعدُّ هذا الأسلوب أحد أكثر الأساليب شيوعًا في الدعاية السياسية، واستخدمته الولايات المتحدة عام 2001 م في تبرير غزوها لأفغانستان ثم العراق تحت ما يسمى بالحرب على الإرهاب عبر تمرير معلومات ثبت فيما بعد عدم دقتها حول مدى نفوذ وتغلغل تنظيم القاعدة، وعن امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وتورطت في نقل هذه المعلومات وسائل إعلام ((مرموقة)) أبرزها صحيفة نيويورك تايمز.

2- الهجوم على الشخصيات “الرموز” بضراوة وحِدَّة:

قد يأخذ الأمر كثيرًا من الوقت من أجل هدم فكرة “إيديولوجيا” أو حتى تفنيدها، فالأمر الأسهل دائمًا هو التركيز على الأشخاص عبر مهاجمة ذواتهم وصدقيتهم وطباعهم والتشكيك في ذكائهم أو السخرية من مظاهرهم وأشكالهم!! هذا النمط من القصف المتواصل لا يترك أي فرصة من أجل مناقشة الأفكار أو البرامج أو الإنجازات؛ حيث تُمحى هوية الأفكار بالتبعية عبر تشويه صورة الأشخاص الذين يعبرون عنها.

فالسياسيون -على عكس ما يشيعون عن أنفسهم دائمًا- هم من أقل البشر استعدادًا لمناقشة الأفكار ويميل أكثرهم دومًا للتخلص من خصومهم عبر طرق غير أخلاقية، أحيانًا باستخدام قضايا وفضائح ملفقة ونشر أكاذيب لا أساس لها من الصحة.

3- التركيز على الأخطاء و”الضرب تحت الحزام”:

يعمد الساسة هذه الأيام إلى تشويه خصومهم ومعارضيهم أكثر مما يتجهون للدعاية لأنفسهم، فكثير من الأكاذيب يتم ترويجها من خلال قضايا ملفقة ومعارك غير أخلاقية.. ينبغي ألا تصدق كل ما تروجه وسائل الإعلام من قضايا حول الرموز والساسة، فالكثير منها ليس أكثر من  مكايدة سياسية.

4- تزييف الحقائق التاريخية لتتوافق مع رغباتهم:

قد تظن أنه من السهولة بمكان أن تكشف الخدعة أمام أحدهم فقط إذا أخبرته بالحقيقة وأتيت عليها بدليل برهاني علمي أو منطقي، للأسف فإن الأمر ليس بهذه السهولة ونسبة نجاحه محدودة جدًّا مع المثقفين فما بالك بالعوام الذين يستمدون كل معلوماتهم من الإعلام؟

تشير التجارب والدراسات إلى أن الناس لا يُبدون في الغالب استعدادًا لتغيير قناعاتهم بسهولة ويميلون دومًا إلى الدفاع عنها، خاصة إذا كان مصدر هذه الأفكار والقناعات سلطة ما أو شخص في موقع السلطة سواء كانت السلطة سياسية “الحاكم” أم اجتماعية “العائلة” أم دينية.

ليس جميع الناس أو أغلبهم على دراية بالتاريخ، فيمكن استغلال هذه الحقيقة البسيطة من أجل تمرير رواية معينة للتاريخ تعزز مصالح السلطة أو تشوه تاريخ خصومها وأعدائها. في الغالب لن تبحث الجماهير عن الحقيقة، وستتلقى المعلومات الملقاة إليها كحقائق مسلمة.

5- "البلطجة" الإعلامية:

إذا كنت معارضًا ودُعِيت إلى وسيلة إعلام مؤيدة للسلطة فإنهم بالتأكيد لم يدعوك من أجل الترحيب بشخصك الكريم أو حتى لكونهم "ديمقراطيين" يودون أن يعرضوا أمام الجماهير الرأي والرأي الآخر، ينبغي ألا تكون من السذاجة إلى درجة أن تصدق ذلك!

الوسيلة المثلى كي توجه ضربة قاسية لشخص أو تيار أو فكرة ما ليست أن تمنعه تمامًا من الظهور عندك، ففي هذا العصر لن يَعدم أحد وسيلة للتواصل مع جمهوره.. الحل الأمثل هنا هو إظهاره بمظهر الضعف أو العجز، بمعنى أصح أن تحصره في ركن الحلبة لتوجه له اللكمات واحدة تلو الأخرى.

إذا لم تكن مسلحًا بما يكفي من الثقة بالإضافة إلى الحجج والردود العلمية والمنطقية فإنه لا يَحسُن بك أن تخوض مواجهة كتلك، لأنه يمكن – ببساطة – لمذيع متوسط الموهبة أن يتلاعب بك ويظهرك بمظهر العاجز الضعيف المفتقد للحجة والمنطق.

6- الشعبوية: "ادعاء توافق الشعب مع السلطة ووصم الخصوم بمعاداة الشعب"

تُستخدم هذه الخطة في حالات الانتخابات أو المواقف السياسية المختلف عليها شعبيًّا بشكل واضح؛ حيث يعمد طرف ما – غالبًا الذي يملك زمام السلطة – لوصف نفسه أو برنامجه أو موقفه السياسي بكونه المتوافق مع رغبة الشعب أو الأكثر استجابة لتطلعات الجماهير، موجهًا رسالة ضمنية بكون الطرف الآخر يقف في وجه إرادة الجماهير ويعارض تطلعاتها، إنه ببساطة يضعه في وجه المدفع، ومع تكرار الرسالة يتم ترسيخها في العقل الجمعي للجمهور الذي يبدأ في انتهاج تصرفات تنبع من هذه الدعاية قد تصل إلى وصم الطرف الآخر بالعداء للشعب وللوطن.

7- استدعاء أفكار كبرى وتصنيف الناس وفقًا لها:

قد تكون هذه الفكرة هي الدين أو الوطن أو أي فكرة أخرى؛ بحيث يكون المساند للسلطة المتبني لمواقفها هو المتدين الحقيقي أو الوطني الحقيقي، بينما يصير المعارضون بالتبعية ضد الدين أو الوطن.

وتعمد هذه الاستراتيجية إلى التقليل من قدرة أي شخص أو تيار على معارضة السلطة التي تصنع رباطًا لصيقًا بين وجودها وبين مفاهيم الدين والوطن، فالسلطة حينها هي حامية الدين وحارسة الوطن، وبالتبعية فإن أي انتقاد للسلطة هو هدم للدين وخيانة للوطن.

8- تكرار الرسالة الواحدة بشكل متتابع ودقيق باستخدام وسائل مختلفة:

الأمر ببساطة هو تكرار رسالة بسيطة وواضحة بشكل متتابع، وبصرف النظر عن مدى دقة وصدقية هذه الرسالة، تشير الدراسات إلى ميل البشر إلى تصديق الأفكار والمعلومات التي تتكرر أمامهم بانتظام بصرف النظر عن مدى منطقيتها، الأمر يفسِّر بوضوح ظاهرة تصديق العلماء والمثقفين والمفكرين في أغلب مناطق العالم للأساطير المتداولة في مجتمعاتهم مع أنها تبدو غير منطقية لرجل عامِّي يسمعها لأول مرة.

9- التقليل من الجرعات الفكرية والعلمية لصالح ساعات الترفيه والمرح:

المتتبع لسلوك معظم وسائل الإعلام – خاصة التلفزيون وهو أكثرها تأثيرًا – حول العالم يشعر كما لو أنها تخوض حربًا ضد كل ما هو جادّ أو علميّ لصالح ساعات طويلة من برامج الترفيه والمرح واللغو بمختلف أشكالها.. ومع الوقت صار هذا هو السمت العام لوسائل الإعلام الجماهيرية وصار الإعلام الجاد مع الوقت أكثر نخبوبة  وصار أكثر تخصصًا “فضائيات علمية – تاريخية – وثائقية – دينية” فلا تجتذب  برامجه  الرصينة إلا نسبة قليلة من المشاهدين الذين يتركز أغلبهم حول الفضائيات التقليدية التي صارت أشبه بساحات للهو والترفيه.

الأمر يحتاج منّا نظرة أكثر جدية، فبالرغم من ارتفاع نسبة المتعلمين والأكاديميين حول العالم بشكل ملحوظ فإن قابلية الناس للانخداع حتى فيما يتعلق بأبسط الحقائق ترتفع بشكل مخيف !! لا شك في  أن وسائل الإعلام أسهمت في الارتقاء بالمستوى البحثي أو الأكاديمي لكنها أدت كذلك إلى تناقص حاد في القدرات العقلية التقليدية؛ حيث صار الناس أكثر قابلية للخداع بشكل كبير.

10- شيطنة الآخرين عبر أدلة ظرفية وقرائن غير منطقية

يقولون دومًا إنه لا توجد سلطة سياسية تستطيع البقاء بغير شيطان، لذا تلجأ السلطات إلى صناعة شياطينها بنفسها.

أحيانًا تكون طرق الشيطنة مختلقة بالكلية، وفي أحيان كثيرة يتم اختلاق ارتباطات واهية جدًّا بأشخاص وكيانات لا علاقة لهم بها، فحين القبض على شخص متهم بازتكاب عمل إجراميّ ما، يتم اتهام فصيل معارض كامل بكونهم إرهابيين أو مجرمين لكون ابن عم أحدهم كان يقطن منذ عشر سنوات بجوار شقيق المتهم في الحادث الإجراميّ أو الإرهابيّ!! بهذه الطريقة يمكن أن يصير الجميع متهمين، هذا إذا لم يكن الحادث الإجراميّ أو الإرهابيّ مختلقاً بالكلية منذ البداية.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع