..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

سقوط حر

غزوان طاهر قرنفل

٢٦ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4571

سقوط حر
1.jpg

شـــــارك المادة

هو السقوط الحر الذي تتهاوى فيه المعارضة السورية التي شارفت الوصول إلى القاع السياسي الآسن ، فيما تسقط سورية وتتشظى مللا وفرقا وشيعا يأكل بعضها بعضا ويتلذذ الجميع بنهش لحمها الحي .

 

وفيما الائتلاف الوطني يجلس عاجزا ومرتبكا تنخر جسده المعوَق خلافات مستحكمة وأنانيات وضيعة تجعل من صراعات أفراده ورموزه هما يفوق الهم الوطني والكارثة المتمادية على الأرض السورية مايشي بخسَة تتفوق وتتميز بها على أي نموذج سياسي معارض في العالم ، يبسط كيري ولافروف الخرائط على طاولة تجاذباتهما ومقايضاتهما ليرسموا لنا خريطة الطريق الملتوي إلى ... جنيف ! .

لافروف - وفيما سفنه الحربية تمخر مياه المتوسط الدافئة محملة بأحدث الاسلحة لحليفه في دمشق - يقف مزهوا ، يدعو بصلف وغرور باديين على سحنته المتصفرة المعارضة السورية للحضور الى جنيف جاثية على الركب وأيديها معقودة خلف رقابها تسليما واستسلاما فلقد انتزع من الامريكيين اقرارهم بالحل السلمي خيارا وحيدا للحل في سوريا وتحت سقف الأسد !!! . كيري وفيما يضرب كفه بكف لافروف في لقطة معبرة تعكس مدى القدرة الأمريكية الهائلة على ابتلاع المهانة ومعها ابتلاع كل مالاكته ألسنتهم من تصريحات عن رحيل الاسد كمدخل لأي حل سياسي ، يؤكد من جهته أن لاحل إلا الحل السياسي ومع ... نظام الأسد !!! . سلطة العصابة من جهتها تلقفت الرسالة وأدركت أن روسيا لن تقايض عليها بل وستمنحها كل أسباب البقاء والديمومة ليس لأنها حاجة اسرائيلية فقط ولا لأنها وظيفة إيرانية فقط .. بل لأنها ضرورة روسية تستعيد بها وعبرها بعضا من هيبتها الدولية المفقودة ومكانتها كقطب مواز آخر في العالم وبالتالي فهي لن تقبل الهزيمة في سورية .. فسقوط أسدها ليس فقط هزيمة منكرة لها لاتستطيع هضمها بل ان سقوطه يستتبعه بالضرورة متواليات عراقية وايرانية .. وستجد فجأة أسفل ثوبها المسلم مشتعلا . وأمريكا التي بالكاد لملمت هزيمتها في العراق وماتزال تنسل بهدوء من أفغانستان لاتحتاج إلى مستنقع آخر تغوص فيه لطالما كانت اسرائيلها آمنة ... وهي كذلك لطالما بقي نظام الأسد .

في ظل هذا المشهد هل سمع أحد منكم رأيا أو موقفا يعتد به للمعارضة السورية ؟!. لقد فشلت تلك المعارضة - وأفشلت - طوال عمر هذه الثورة من اجتراح رؤى وطنية وآليات عمل تمكنها من اعطاء الانطباع للعالم أنها بديل مناسب وضامن لحاجاته ومصالحه في سورية ، واكتفت بمجرد النباح التلفزيوني وعجزت بسبب مراهقاتها السياسية التي لاتصدر عن رجال دولة وحكم وإدارة عن تقديم رؤية حقيقية للمستقبل السوري تكون فيه نموذجا معقولا يمكن التعويل عليه في إدارة عملية التغيير فكانت نموذجا مخيبا لمعارضة منفصلة عن الواقع السوري وعن القوى الفاعلة فيه ولم تتمكن طوال سنتين أو يزيد إلا بالانتقال من فشل إلا آخر .. وتركت البلد نهبا لشرازم عسكرية هنا وهناك تفعل وتقرر كيفما اتفق لارابط يجمعها ولا بوصلة عمل وأهداف ... ولم تعمل أو تدفع نحو انتاج سلطة محلية بديلة قادرة على ملء الفراغ فكان أن تركت المناطق المحررة نهبا لمحض مزاج محرريها ماأفقد الثورة حاضنتها الشعبية في بعض المناطق لأنها رأت فيما يتحصل عنها نموذجا أسوأ بكثير مما ثارت عليه وأخذ البعض مبكرا يترحم على سلطة لم تسقط بعد !!! . موجعة كثيرا تلك المصارحات ... لكنها ليست أكثر وجعا وايلاما مما يحصل في سورية ومما يعاني الناس فيها . هل ستذهبون إلى جنيف محملين بضعف صراعاتكم وخيبة الرجاء فيكم ؟! . لانريدكم أن تذهبوا منكسرين لكي لاتبصموا على فتات حل يعيد انتاج سلطة قهر متجددة تعيد السوريين إلى بيت الطاعة الأسدي أذلاء خاضعين ... شدوا أزركم بنا رغم انتقادنا لكم وتعريتنا لأخطائكم وخطاياكم .. استقووا برفضنا الهوان بعدما تنسمنا بعض عبير الحرية وبعثت فينا روح الكرامة .. شدوا أزركم بالشهداء وبأبطال القصير .. وداريا .. ودرعا وجبل الزاوية ودير الزور وكل شبر محرر من دنس العصابة ... استقووا بالمعتقلين .. وبضحايا المجازر .. وببندقية أشهرها الأحرار في وجه الطاغية ، ولن تسقط مالم يسقط . لاتوقعوا على حل لايكفل رحيل هذا النظام المجرم ولايكفل حقوق الشهداء بالقصاص ... وحقوق الأيتام والأرامل والأمهات الثكالى . لاتخافوا على سورية من مزيد إجرامه .. فهذا هو سقف مايستطيعه وصمَوا آذانكم عن همس شياطين المؤتمر ورعاته ولو هددوكم فهم لن يتعاجزوا عن نصرتكم بأكثر مما فعلوا . فقط أنصتوا لنبض سورية ... واكسروا كل الأقلام التي توقع على مالايعيد لها زهوها وكرامتها ومايليق بشهدائها ... عندها فقط تترفع هاماتكم عن السقوط .

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع