..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

للحكومة الأردنية عينان, فمِن أين لها بالثالثة؟

عباس عواد موسى

٥ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2544

للحكومة الأردنية عينان, فمِن أين لها بالثالثة؟
cdbb اللاردن وسوريا.jpg

شـــــارك المادة

لأردنٍّ آمن ومستقر، شارك في المسيرة المركزية السلمية } جمعة إنقاذ الوطن { بعد صلاة الجمعة من يوم الجمعة القادم من ساحة المسجد الحسيني. هذه الرسالة تناقلتها الهواتف النّقالة ووسائل الإتصال الأخرى كالإنترنت والفيسبوك وغيرها.

حتى يحشد لها الإسلاميون أكبر عدد ممكن من شتى ربوع الأردن.

 

 

بعد أن فشلت مساعي دولة السيد طاهر المصري الإصلاحية من خلال تهميش لجنة الحوار التي تشكّلت برئاسته بقرار من حكومة الدكتور معروف البخيت التي رحلت مُذعنة للحراك الشعبي بعد افتضاح تزويرها لإرادة الشعب، دون دليل قضائي ولكن بإقرار مسؤولين شاركوا في التزوير الهائل والذي فضحته وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية في حينه.

ولعل الخطأ الجسيم هو قبول الرئيس المصري بقرار تكليفه برئاسة اللجنة المُشار اليها من قبل البخيت الذي فقد أية ثقة شعبية بحكومته، كما يرى الإسلاميون الذين يقودون أقوى حزب على الساحة الأردنية دونما منافس آخر.

وفشل مساعي دولة الدكتور عون الخصاونة الذي أفصح بعد فشله في إعادة السيادة للحكومة أنه من المعيب أن يكون الهدف الأعلى للنظام هو إقصاء الإسلاميين، وكشف عن ثلاث حكومات تقود سفينة البلاد يستحيل تناغمها. وفشل مساعي دولة فيصل الفايز أيضاً ومعالي الدكتور بسام العموش (الإسلامي السابق).
رغم أن مساعيهم جميعاً لا تكفي مطالب الحركة التي تُصرّ على تغيير المواد الدستورية 34 و35 و36 وإلغاء قانون الصوت الواحد الذي فتّت العشيرة ودمّر المجتمع، وجيء به لتحجيم الحركة كما قال القيادي الإسلامي البارز الشيخ شبيب محمود جودة عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين.
واعتبر أن شائعة خطورة المسيرة هي حكومية لحكومة فايز الطراونة الحالية الساقطة أصلاً لترهيب الناس من المشاركة فيها. وهزِأ بوسائل الإعلام التي بات شُغلها الشاغل هو مهاجمتهم مُعتبراً أن الشعب لم يعد تنطوي عليه هذه الحركات البهلوانية بعدما افتُضح أمرها على أنها منفذة لإملاءات استعمارية تابعة.
وسبق لمجلس شورى الإخوان أن شكّك في وجود جهة خفية تختار من يُشكل الحكومة غير مُعلَنٍ عنها بعد، قبل ما يقارب الخمس عشرة سنة.
ولذا، فالحركة مُصرة على المسيرة. ويستعد الإسلاميون لأكثر من ذلك فيما لو أُجريت انتخابات لأن مجرد مقاطعتهم لها يعني أنها مزورة، ومُصادرة لإرادة الشعب. ولم يُخفِ الإسلاميون أنهم يتابعون مرجعيات لأحزاب وقوائم تحبذ إجراء الانتخابات بدونهم كي يحصلوا على نصيبهم من التمويل الأجنبي المشبوه الذي ينفقون منه على الانتخابات النزر اليسير ويضعون الباقي في جيوبهم التي لا تمتلئ، فهي كجهنم تسأل عن المزيد. هذا التمويل، الذي لم يُجدِ نفعاً مع نظرائهم في تونس ومصر وليبيا وغيرها، جعلت الممولِّين في موضع شك من القابضين التابعين.
ويقولون إن حزباً التقى رئيسه بوفد أوروبي قال لأعضائه إن العملية الانتخابية تكلف مئة وخمسين مليون دينار، يملك قناة فضائية وبات يُصدر صحيفة منذ أيام عقد مؤتمره بحضور غير أعضائه قبل أيام فقط وأبقى على هيكلية قيادته بالتزكية، لتُبقي على الغنائم التمويلية القادمة، ويشيرون إلى أنه أي رئيسه يتعمد مهاجمتهم أمام الذاهبين لمقره الذين في غالبيتهم يذهبون لقبض مبالغ يعودون بدونها فلا يرجعون إليه ويكشفون القول الذي يطلب من المصورين عدم بثه.
ويؤكد الإسلاميون أنهم استطاعوا اختراق صفوفه لا لشيء سوى لمعرفة سرّ تأسيسه الذي جاء قبل عام فقط، وعمله على تشويه صورتهم والتقليل من شأنهم رغم أن الدائرين في فلكه لا يستطيعون إيصال مرشح واحد للبرلمان.
الإسلاميون كشفوا المخلصين الشرفاء، الذين باتوا مهمّشين من النظام نفسه، فقد ردوا على إمكانية تأجيل المسيرة وإعادة مساعي الإصلاح بقولهم: إن دولة المصري وبالخيط الذي تبقى بينه وبين المعرقلين المتنفذين الذين جهدوا لإقصائه لا يستطيع فعل شيء. ولا بد للساحة من أن تأخذ دورها الفاعل للتغيير.
والإسلاميون يؤكدون، إن أعداءهم أصحاب ولاءات نفعية، لأنهم راشدون، أصحاب أكُفٍّ بيضاء وأخلاق حميدة وليسوا كغيرهم، يصفقون للملك ونواياهم فاسدة.
لسان حالهم واحد، نحن والإصلاحيون ممن تم إقصائهم وممن ينتظرون راشدون. والذين تبقوا والمزاحمون فاسدون.
ألطرف الآخر يُنكر كل ذلك. ويؤكد رغبته في مشاركة الإسلاميين ويعلن تمنياته لهم بكل خير وتوفيق. لكنه يُظهر رفضه لتقليص صلاحيات الملك ويُبدي خِشيته منهم، كي لا يرتفع سقف مطالبهم. خاصة في ظل وجود تنسيق بينهم وبين عدد من أفراد العشائر المُنتفضين.

وبعضه أي الطرف الآخر يهاجم الإسلاميين ويُظهر رغبته في التخلص منهم.
الطرف الآخر، مُبعثر، فذات مرة، سألت الشيخ سالم الفلاحات، المراقب العام السابق للجماعة، عن حقيقة قولَةٍ له بشأن خروج حمائم الجماعة وتشكيل حزب يتبع الأوردوغانية، فأجابني: هذا كلام جريدة المجد البشّارية، التابعة للنظام الطائفي، سترى (نحن وإياهم). نحن في هذا الوقت الأكثر تماسكاً.

ولما سألته عما إذا كان فعلاً يقود كتائب إخوانية في ليبيا ما بعد القذافي أجابني إنه إعلام الأعداء المُغرضون. فالحركة الإسلامية باتت تعرف خصومها الجدد مثلما تعرف أعداءها التقليديون.
ألأوضاع الجارية والأحداث المتسارعة تُقلق الجميع، لكن ثقة الإسلاميين بالقادم كبيرة فالربيع العربي هو إسلامي بامتياز، والشعب يأبى الخنوع والتبعية والرضوخ للإملاءات كما يقولون. ومصير أعدائهم سيكون شر هزيمة وإن دعمتهم كل الأمم المتكالبة.
أعدائهم الجدد، الذين كانت الأوضاع السورية هي السبب في انقلابهم. قليلون، ليسو بذوي تأثير يُذكر في الشارع الأردني. لأن طائفية النظام الذي يُؤيدونه مكشوفة وأمره فيها مفضوح. ولا يتحدث أقطاب السياسة الأردنية إلا والملف السوري يدخل في أي موضوع مدار البحث.
الإسلاميون واثقون من حتمية سقوط السوري، والطيف الآخر تتذبذب مواقفه بين الحين والآخر.
الإسلاميون نَفَسهم طويل وسيقاطعون الإنتخابات التي يستعجلها المُتذبذبون ذوي النَّفَسِ القصير.
الإسلاميون متماسكون وقناعاتهم غير قابلة للتبديل والآخرون مُبعثرون يغيرون قناعاتهم حسب العرض والطّلب.
الإسلاميون لا يتأثرون بخروج نفر منهم والآخرون قد ينقرضون فجوارحهم تخلو من المبادئ.
هذه الحقائق برهنتها التجارب السابقة على مدار عقود من الزمن، شهدت فيه الساحات العربية أحداثاً جسيمة. أثبت خلالها الإسلاميون أنهم الأقرب إلى الشارع والأكثر تأثيراً فيه رغم الاهتزازات التي حدثت في جسمهم الكبير، ومواقف مفصلية أثبتت تبايناً في أجنحتهم.
الإسلاميون سيقاطعون الانتخابات، فثلاثة أعضاء في مجلس شوراهم فقط كانوا مع المشاركة وبتصويتٍ خجولٍ لكل منهم. فقد كان ثمن مقاطعاتهم السابقة أن صعد إلى المجلس مَن يكره الشعب مرآهم، لأن مطالبهم لم تخرج عن صفقات لامتيازات شخصية كلُّ حسب حجمه ونفوذه.
الحكومة الأردنية لها عينان خارجيتان، إحداهما تنظر إلى العراق وثانيهما إلى غرب النهر. وتحتاج الآن لعينٍ ثالثة تُبصِرها بما يجري في سوريا فتداعيات أحداثها خطيرة على المشهد السياسي برمته، خاصة بعد الإفصاحات الإيرانية الصفوية المُتحالفة مع أتباعها السوريين.
ألأردن قويّ بشعبه الذي يستحيل أن يجد النظام السوري في صفوفه تابع. وأنصاره باتوا بلا حول ولا قوة، ينتظرون هلاكهم المُبين.
فعلى الحكومة القادمة أن تتيقن من أن الشعب هو عينها الثالثة. فلا تتردد في صدّ أيّة مؤامرة لنظامٍ لن يستقيم لبضعة أيام. ولْتُؤجل موضوع الانتخابات المُختَلَف عليه.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع