..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

ثورة من هذه؟

سامر محمد البارودي

١٦ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5929

ثورة من هذه؟
26.jpeg

شـــــارك المادة

أرسل الله الرسل وهيأهم لمواجهة أهل الظلم الذين حادوا بعباده عن طريق الهدى والصلاح، فاستجابوا لأمره مع قلة قليلة من الضعفاء المقهورين بإعداد ما يمكنهم لتحقيق أوامره وإرادته، ولقد نظر الناس إليهم على أن ما جاؤوا به نوع من أنواع الثورات البشرية يرمي أصحابها إلى نفع أنفسهم وتحقيق مآربهم، فحشد الأقوياء لمواجهتها ولاذ الضعفاء بها، واستنفذ أولئك المستضعفون كل إمكاناتهم وقدراتهم ليتجاوزا محنتم واستعانوا عليها بالصبر والصلاة بعد التسليم لأمر الله الذي أخرجهم رغم ضعفهم وتفرقهم.


لكن الأعداء تكالبوا عليهم ودارت الدوائر على أولئك الضعفاء الذين لم يعد لديهم ممن يستعينون به إلا كلمات الأنبياء ووعودهم بنصر الله الذي داخلهم كثير من الشك في إمكانية وقوعه؛ {مسّتهم البأساء والضرّاء وزُلزِلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله...}.
لقد رمى الناس هؤلاء الضعفاء عن قوس واحدة وتكالبت عليهم القوى من كل حدبٍ وصوب، حتى لم يعد في يد نوح - عليه السلام - إلا بقية ألواح ودُسر، وفي يد موسى - عليه السلام - غير عصاه التي يهشّ بها على غنمه، وفي يد محمد - صلى الله عليه وسلم - غير قلة من الأنصار ومعهم بعض المهاجرين؛ {وضاقت عليهم الأرض بما رحُبت}، {وظنوا أنهم أحيط بهم}، {جاءهم نصرنا فنُجّي من نشاء}، وإذا بذلك الضعف ينقلب قوة، وذلك الخذلان ينقلب تأييداً، ويظهر الحق ويزهق الباطل؛ {ولا يردّ بأسنا عن القوم المجرمين}، بعد أن استيأس أهله من النصر وأعوانه، لكن حكمة الله تجري على ما يشاء وفق إرادته وعلمه ليربي في أنصاره وجنوده ضرائر النصر وأسبابه وفق سننه الكونية مادية ونفسية.
ونحن في هذه الثورة السورية المباركة التي أخرج الله - تعالى - فيها ثلة من الأطفال دون إرادة ممن خلفهم ليفجروا كوامن العزة والكبرياء في عزائم أهليهم وصدورهم التي جثم عليها الذل والثبور حقباً مديدة؛ وإذا بشباب سورية ومدنها تجد نفسها في الغالب مضطرة للثورة على الظلم والطغيان، ومن لم يثر من أقطارها اضطره النظام الفاسد أن يثور في فسيح الساحات بأعلى العزمات وأبلغ الصيحات. إنها الثورة الربانية التي لا يد لأحد في إشعالها أو إطفائها؛ {هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين...ْ}، وطالما أن الأمر أمره والخطة خطته فلنتذرع فيها بأذرعة الطاعة والثبات وتقديم أقصى الإمكانات والاستنصار بالآداب والدعوات، ولا تطيشنّ رأيك وتضيعنّ عزمك أيها الثائر المجيب، فإن الحياة مع الحرية أصبحت لك وأنت جدير بأن تعيشها وتعيش من أجلها مع أولئك المنصورين من جند الله الغالبين.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع