..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

عشّاق بيت الأسد

خطيب بدلة

١٩ ٢٠١٨ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2688

عشّاق بيت الأسد

شـــــارك المادة

عشّاق بيت الأسد ليسوا على سوية واحدة من الحب والإخلاص، فهناك العاشق الطيب الذي يتعاطف مع المعشوق، ولا يستطيع أن يرى فيه عيباً أو تقصيراً، فيقع، نتيجة هذا الهيام، في التناقض، ويصبح أضحوكةً بين الناس.. وهناك الشخص الخبيث الذي يستغل طيبة قلب المعشوق (الأسد)، ويحقق لنفسه مكاسب شخصية على حسابه. 
سأحكي لكم حكاياتٍ تعبر عن هذه الحالات، فقد حدّثنا الصديق الأديب بسّام يوسف عن حادثة طريفة، وقعت بعد استلام بشار الأسد السلطة في سورية بفترة قصيرة. كانت امرأةٌ محبّة لبيت الأسد قاعدة على كرسي من القش، تتشمّس إلى جانب الطريق العام، وعيناها ذاهبتان في العمق، تريد أن يمر بها أي أحد من القرية، لتبثه ما لديها من لواعج.. ومن سوء حظها أنْ مَرَّ بها ‏شابان مثقفان، يحبان الأخذ والرد والمماحكة. استوقفتهما، وتعرّفت عليهما، وقد سرّها أن يكون أحدُهما شقيقَ زوجة ابنها. سألتهما (سؤال العارف):‏ 
‏- سمعتوا شو صاير؟ قال الرئيس بشار الأسد، الله يطول عمرُه ويخليه، بدّه يوظفكِنْ كلكن.. وكل هَاللي قاعدين بلا ‏شغل بده يوظفهن. 
سألها واحد من الشابّين: ستي.. قولك في كتير عالم ما عم تشتغل؟ تنهّدت وقالت: كتير كتير يا عين ستك، كل شباب هالضيعة قاعدين بلا ‏شغل.‏ هنا فاجأها شقيقُ كنتها بقوله: ستي، طيب ليش ما وظفهن أبوه؟ إنتي قصدك أن ‏حافظ الأسد ما كان يوظف هالشباب؟ فردّت بانفعال: شو قلت شو؟ ما كان يوظف؟ والله، الله يرحمه، ما خلا حدا وما ‏وظفه! 
وكان التلفزيون السوري، بحسب ما روى الصديق بكر صدقي، يتفرّغ، في ذكرى انقلاب الحركة التصحيحية، للحديث عن منجزات هذه الحركة بكل الوسائل، ومنها إجراء لقاءات مع المواطنين. في إحدى المرّات، كان المذيع يسأل فلاحاً عجوزاً واقفاً بجانب جرّاره الزراعي في الحقل، عن التغيرات الإيجابية التي حصلت في حياته بعد الحركة التصحيحية.. فارتبك الفلاح، وتلكأ في الإجابة، ربما لأنه لا يجيد فن الكلام، أو لأنه واقفٌ أمام كاميرا.. لكنه عَبَّرَ بصدق عن الفراغ الذي أوجده السؤال في ذهنه، فقال: شو بدّي أحكي لأحكي؟ قبل الحركة التصحيحية، الله وكيلكن ما كان فيه عنا شي.. بعد الحركة التصحيحية صار عندنا كل شي. 
ولعل الحادثة التي تدل على سوء نوايا العشاق هي التي رواها الصديق صخر بعثّ، قال إنه، في سنة 1995، وتحديداً في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني، عُلِّقت فوق بَوَّابة السجن المركزي في إدلب "لافتة" كُتِبَ عليها: "نُزَلاء" سجن إدلب يهنّئون الأب القائد بمناسبة اليوبيل الفضي للحركة التصحيحية المجيدة. 
هذه التهنئة المعبّرة، الراقية، الصادقة، وصلت إلى كلّ فروع المخابرات، واتفق الكلّ على لزوم مكافأة "النزلاء" على هذه الوطنية المتجلية بمحبّة الأب القائد، فقرّرت قيادة الشرطة وإدارة السجن السماح لذويهم بزياراتٍ استثنائية، وتقديم وجبات غداء مدعومة، وزيادة زمن الفسحة "التنفس" في الطرف الخلفي من السجن. 
المهمّ. أشعلت المكافأة حماساً شديداً لدى "النزلاء"، فطلبوا من إدارة السجن المشاركة بالاحتفال بشكل أكثر فعالية، وكان لهم ما أرادوا، وهذا أمر طبيعي، إذ مَنْ كان يجرؤ على منع المواطنين عموماً، و"نزلاء السجون" خصوصاً، من الاحتفال بذكرى تاريخية عظيمة كهذه؟ 
طلب نزلاء سجن إدلب المركزي من الإدارة تزويدهم بصور للأب القائد مزّينة ببراويظ أنيقة، لتعلق في صدور مهاجعهم الدافئة، فتبقى طلّته الأبوية حاضرةً دائماً في عيونهم وقلوبهم. 
في داخل تلك البراويظ، تَمَّ حشو الحشيش والهيروين، ووصلت منه كمية مبحبحة إلى المهاجع. وبدأت الاحتفالات الكبرى! أحد النزلاء الكرام، في أحد المهاجع الدافئة، سحب آخر سحبة من سيجارة الحشيش "صافناً" في صورة الأب القائد المعلّقة على الحائط الوسخ فوق سحّارات الخضرة المستهلكة، وقال لحافظ: 
- أووووه.. أوووخ.. أوووف.. ما أجحشك يا زلمة.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع