..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اضاءات

وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

معن عبد القادر

١٦ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 9374

وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن
maan.jpg

شـــــارك المادة

"وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن، إن الشيطان ينزغ بينهم"
يقول ابن كثير عليه رحمة الله في تفسير هذه الآية: "يأمر تبارك وتعالى عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يأمر عباد الله المؤمنين أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة فإنهم إن لم يفعلوا ذلك نزغ الشيطان بينهم وأخرج الكلام إلى الفعال ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة فإنه عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم وعداوته ظاهرة بينة"

 


وأكثر ما يتصيد الشيطان بين الإخوة حين يقع بينهم شيء من الخلاف أو الجفاء.
وأساليب الشيطان وحيله في النزغ والإفساد وتهييج الشر كثيرة خفية، ومن ذلك أن يدفعه إلى أن يحمل فعل أخيه على محمل سيئ، بدلا من أن يلتمس له العذر.
والله يعظنا – حتى نسد طرق الشيطان – أن نتخير أحسن الكلام، وأن نزن أقوالنا جيدا.
ومن ذلك أن الأخ إذا كان معاتبا أخاه ولابد، فليصف الحدث، ولا يحكي انطباعه وقراءته له.
قل: لم يدعني إلى بيته، ولا تقل يكره وجودي
قل: علا صوته، ولا تقل لم يحترمني
قل: أعطى فلانا ولم يعطني، ولا تقل يحابي ويظلم.
قل: تأخر في الرد علي، ولا تقل تجاهلني
قل: كان يكتب على الورقة وأنا أتحدث، ولا تقل لم يعجبه كلامي
قل: لم يزرني في بيتي، ولا تقل يأنف مني
قل: كان أكثر الناس حديثا في المجلس، ولا تقل هو مغرور ولا يرى الآخرين شيئا.
قل: لم يرد على الهاتف، ولا تقل: لا يريد أن يتحدث إلي
قل: ضحك وأنا أتحدث، ولا تقل: يهزأ بي
هل هناك فرق فعلا؟ الجواب نعم.
هناك أسباب كثيرة لا تنتهي لماذا لم يدعك إلى بيته: لأنه نسي، لأن بيته لا يتسع، لأنه ظنك مسافرا، لأنك على خلاف مع أحد المدعوين ولا يريد إحراجكما، لأن عاداتهم تقتضي بروتوكولات معينة في الدعوة، كلف فلانا أن يدعوك فنسي، ...
فلماذا حملتها على محمل واحد فقط: أنه يكره وجودك؟ هل هذا مقتضى العدل الذي أمرنا الله به "وإذا قلتم فاعدلوا"؟
الفرق بين العبارتين كبير:
1- العبارة الأولى وصف، والثانية حكم
2- العبارة الأولى دائما صادقة طالما الرجل صادقا، أما الثانية فقد تكون كاذبة وإن كان الرجل صادقا
3- العبارة الأولى لن يناقشك فيها أحد، أما الثانية فستكون محل جدال
4- العبارة الأولى لا تثريب عليك فيها، أما الثانية فاتهام قد تأثم عليه
5- العبارة الأولى تخبر عن الظاهر، والعبارة الثانية تدعي العلم بالنوايا
6- العبارة الأولى تفتح الباب للإصلاح باستدراك الفعل محل النقد، والعبارة الثانية تفتح عمل الشيطان.
فإذا قال قائل، كثيرا ما تكون القرائن ظاهرة، فهل يعقل أن أتغابى إلى هذه الحد؟
الجواب:
1- هذا فيما يظهر لك، وكثيرا ما تكون هناك أمور خفية لم تخطر ببالك.
2- ولنفرض أن الأمر كما شعرت به، هل التصريح به بهذه الطريقة سيعالج المشكلة؟
أليس الأفضل أن تشير إلى الفعل الذي أحدث هذا الشعور ليصحح؟
هل نريد أن نقتل الناطور أم نأكل العنب؟
3- ولو فرضنا أنك تتغابى، وماذا في التغابي بين الإخوة؟
هل يكون التغابي أصعب من ذل الأخ لأخيه (أذلة على المؤمنين)، أو من تركك المراء وأنت محق (أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا)، وكل ذلك رغبنا الشرع فيه؟
اللهم أعذنا من شرور أنفسنا، ومن شر الشيطان وشركه، وأن نقترف على أنفسنا سوءا أو نجره إلى مسلم.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع