..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

جبهة النصرة بين المَغارم والمغانم

مجاهد مأمون ديرانية

٢٤ ٢٠١٧ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3220

جبهة النصرة بين المَغارم والمغانم
1.jpg

شـــــارك المادة

قال محدّثي: لقد خسرت هيئة فتح الشام المناطق التي حررتها في حماة. قلت: وما الغريب؟ هل كنتَ تتوقع غير ذلك؟ ومن أين يأتيك التفاؤل وسجلّ جبهة النصرة مليء بالإخفاقات والمغامرات الفاشلة؟
قال: كيف تقول هذا عن أقوى وأهم فصيل في الثورة؟ قلت: أدرك نفسك يا صاحبي، لقد خدعوك كما خدعوا غيرك كثيرين. إنه أسلوب غوبلز المشهور: اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس! نعم، ما زالوا يروّجون هذا الوهم الكاذب (أكبر وأقوى فصيل في الثورة) حتى صدّقوا أنفسهم وصدقهم كثيرون. ولولا طائفة من "المستقلين" الذين ما فتئوا يلمّعون النصرة ولولا بعض الفضائيات التي تعمدت تصديرها في نشرات الأخبار لما فاقت سمعةُ النصرة سمعةَ أي فصيل ثوري من الفصائل الكبار، ولكنه الإعلام يا صاحبي، الإعلام!
قال: لماذا تخذّل وتقلّل من قيمة جبهة النصرة؟ قلت: ما هذا أردت، بل أردت أن يعلم الناس الحقيقة حتى لا يطالبوا الثورة باحتمال غُرْم النصرة مقابل غُنْمها المزعوم. أردت أن يعلموا أنها لا مغانمَ تأتينا منها تستحق كل هذا التطبيل والتهويل، وأن مغارمها تفوق مغانمها بكثير. وإلا فخبّرني: ما هو النصر العظيم الذي حققته النصرة في أي يوم قط؟ هذه خريطة سوريا أمامك، أرني المناطق التي حررتها جبهة النصرة بمفردها، ما هي؟ وأركز على كلمة "بمفردها" لأن النصرة كانت دائماً (وما تزال) عبقرية في استغلال دماء وتضحيات الفصائل الأخرى ونسبة النصر إليها. ألا تتذكر معبر نصيب؟ إنها قصة تكررت في الثورة على الدوام.

*   *   *

نعم، إن تاريخ جبهة النصرة هو سلسلة من الإخفاقات والمغامرات الفاشلة، فهي التي سلّمت دير الزور لداعش وسلّمت القلمون الغربي للنظام وأهدرت دماء شبابنا في مغامرات حمقاء لم تثمر شيئاً، في مغامرتَي حماة الأولى والثانية وفي مغامرات حلب والساحل. آلاف الأرواح قُدِّمت مجاناً لأن مغامراً أحمق وضع نفسه في موضع القيادة وهو أقل الناس جدارة بها، ولأنه "الأحمق المطاع" فقد تبعه أولياؤه بلا سؤال ولا تفكير فقادهم إلى المهالك.
فكّر جيداً وسوف تكتشف هذه الحقيقة المؤلمة: إن المعارك الوحيدة التي انتصر فيها الجولاني هي غزواته على فصائل الجيش الحر، فقد نجح فيما فشل فيه النظام واستطاع تفكيك عشرين فصيلاً وتهجير آلاف المجاهدين خارج الحدود. يا له من إنجاز عسكري عظيم!
لو كان الأمر إليّ لحاكمت الجولاني محاكمة عسكرية بسبب هذه الخسائر والإخفاقات والمغامرات والاعتداءات، ولئن أنقذه شبيحته ومريدوه من سؤالنا في هذه الدنيا فمَن ينجّيه يوم القيامة من سؤال العزيز الجبار؟

*   *   *

الخلاصة: إن جبهة النصرة (باسمها القديم أو باسمها الجديد) فصيل من حجم ووزن سائر الفصائل الكبرى في سوريا، ليس أكثر، وإذا استثنينا قادتها الخونة (وعلى رأسهم الجولاني المجرم الذي أنهك الثورة وقاتل الفصائل واعتقل الأبرياء، عليه من الله ما يستحق) إذا استثنينا هؤلاء سنجد في صفوفها كثيراً من المجاهدين المخلصين الصادقين كما نجد في كل فصيل آخر.
بهذا المقياس فإننا نحتمل من النصرة ما نحتمله من سائر الفصائل من تقصير وأخطاء مقابل ما تقدمه للثورة من تَقْدِمات وتضحيات، لكننا لا نحتمل أبداً ما يصدر عن النصرة من بغي وظلم وإفساد ولا نحتمل غُرم ارتباطها الفكري والمنهجي بالقاعدة (وما كلمة "سفيه الأمة" الأخيرة إلا دليل على أن هذا الارتباط كان وما يزال). إن مطالبتنا بأن نحتمل ذلك كله من النصرة وهي لا تقدم للثورة أكثرَ مما يقدمه أي فصيل آخر في الميدان أمر لا يرضاه عاقل، ولا يمكن أن يقترحه شخص يريد الخير لسوريا والسوريين.

من قناة الكاتب على تلغرام

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع