..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

أوسعتهم #وسما وساروا بالإبل

أمير سعيد

٢ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4667

أوسعتهم #وسما وساروا بالإبل
تحترق 000 وسم.jpg

شـــــارك المادة

هل يمكن الاستخفاف بالحملات التي يقوم بها مشاهير أو مغمورون من أجل قضايا عادلة على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر وفيس بوك)؟

الإجابة ببساطة: "لا"؛ فهي في النهاية توقظ همم أصحابها، وتنبه الغافلين وتوجد مساحة معرفية تطويها وسائل الإعلام المغرضة، وهي فضاء لابد من استغلاله، وهي في كل حال جهد المقلين المطوعين، وقد نهانا الله عز وجل عن لمز المطوعين، وأعلن سخريته ممن يسخر منهم، جزاءً وفاقاً.

لكن في المقابل، هل يمكن أن يصار إلى اختزال الجهود وإراحة النفوس بإطلاق حملات دعائية لا تغير كثيراً في معادلات القوة والتأثير، وتشعر مطلقيها أنهم قد استنفدوا المجهود وفعلوا كل ما يمكنهم، وتنوم من ثم ضمائرهم من جهد إطلاق وتبني والتغريد بكل وسم (هاشتاج) طيب؟!

وكذا، هل يمكن أن تصف دواءً واحداً لكل الأمراض التي تنهش جسدك، فيكون إطلاق وسم هو حل ناجع لإنقاذ أهل مدينة مكلومة تحت القصف، أو إعلان تبرئة من مهرطق، أو تضامن مع سجين رأي، أو احتجاج على قرار تغريبي، أو إظهار غضب من فعل ما، أو فضح مجرم، أو إبراز قضية عادلة، أو مساندة مبادرة.. الخ؟!

أيمكن أن ترتاح الضمائر لهذا الحل البسيط الذي يمكن اللجوء إليه بضغطات أو لمسات أزرار دون كبير عناء أو تمحيص أفكار وابتكار؟!

الإجابة – للأسف – "نعم".. حين يصير اللجوء إلى هذا الحل السهل تفريغاً تلقائياً لشحنات نفسية لا تجاوز كثيراً دقائق التصفح والتغريد.

هذا رائع جداً إن أتى من جموع الجماهير التي قد لا تحسن التفكير والتعمق، ولا تنفق وقتاً في جهد شاق من أجل الحصول على حل ناجع لمشكلة ما، بيد أنه مؤسف ومخجل حين يلجأ إليه المفكرون وقادة الرأي والتوجيه والتأثير في محيطنا الإسلامي الفسيح الذي يضم بين جنباته ملياري مسلم متنوعي الثقافة والتعليم.

ليس شأن المفكرين وكبار قادة الرأي أن ينخرطوا في إطلاق وسم أو مساندة حملة فحسب، إن المأمول منهم ما يفوق هذا بكثير؛ فالمحنة الكبرى التي تمر بها أمتنا الإسلامية لا تزيلها تغريدات أو إبراء ساحات بكلمات قصيرة وجهود إبداعية نادرة وربما معدومة.

إن لم يتنادَ أهل الرأي والحكمة في الأمة لمثل هذا؛ فمتى يتنادون؟!

لقد كنا قبل ظهور مواقع التواصل نسمع مع الخطباء وصية عند المحن والأهوال بالدعاء.. هذا جيداً تماماً بالطبع؛ فالدعاء يدفع البلاء، وإليه لجأ الأنبياء والمرسلون والمصلحون والمجاهدون.. لكن أتراه يجدي وحده حين يقصر الحكماء والعقلاء في استيلاد حلول لمشكلات عظيمة كتلك التي نغرق بها؟!

لقد مرت بالأمة محن وآلام ودفعت أثمان باهظة من دماء أبنائها ما يشيب له الولدان، من عدوان تتر وفرس وروم.. وهرع الناس إلى المساجد يجأرون إلى الله في العراق والأندلس.. في إفريقيا وآسيا وأوروبا، وقد كان من بينهم عبادٌ أتقياء، ونساك أخفياء، لكن كانت سنة الله التي لا تحيد.. "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"..

وقد كان من التغيير أن يتجهزوا لكل عدوان.. قد كان منه أن يبدعوا ويبتكروا ويصنعوا الحلول لمشكلاتهم، قد جعل الله لكل داءٍ دواءً، فدواء مشكلاتهم كان بحلول رائدة، يمتزج فيها الإخلاص بالإبداع والابتكار، وتتلاقى عندها التضحية والوعي.. عند هذا يتوفر المناخ الملائم للتفاعل ويأتي الحافز لنجاح المعادلة في مختبر الحياة..

هذا، وإلا، فدواؤنا ليس إلا مسكناً للذهاب بألم النفس، والإبقاء على التدهور قائماً.. هكذا، إن توقفنا وتحرك الجميع فنحن نتأخر لخطوات طويلة جداً في مجاهل التاريخ والتأثير، وحتى الوسم الذي به نفرح وإليه نلجأ في كل منحدر سنفقده هو الآخر، إذ لا تنسوا أنه من أدوات "الأعاجم".. صنعوه لغرض، وبوسعهم أن يمنعوه أو يجيروه بأي اتجاه أرادوا لو شاءوا.. وكذلك يفعلون.

 

 

 

المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع