..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

فضائح بالجملة كشفت المستور

عبد العزيز التويجري

٢٨ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2880

فضائح بالجملة كشفت المستور
00.jpg

شـــــارك المادة

كشفت الأحداث المأسوية في سورية خلال السنوات الأربع العجاف المنصرمة، أكاذيب كثيرةً كانت تُدَلّسُ بشعاراتٍ خادعةٍ صدّقها كثير من العرب والمسلمين ردحاً من الزمن. أولى هذه الأكاذيب أن هناك مقاومةً وممانعةً تحميان لبنان وسورية من العدو الصهيوني، فإذا هما مقاومة وممانعة تحميان نظاماً طائفياً قاتلاً، وتخدمان أهداف دولة طائفية توسعية، وتدخلان في تحالف مشبوه، أطرافه روسيا وإيران وإسرائيل، لقمع الثورة السورية باسم محاربة الإرهاب.

وثانية هذه الأكاذيب أن إيران حريصة على القدس وعلى حقوق الشعب الفلسطيني، فإذا هي حريصة على التمكين لمن يتبع مذهبها أو يتفرّع عنه، والعمل على نشره بين المسلمين وليس غيرهم، والتآمر على الدول المجاورة، وأنّ آخر اهتماماتها هي القدس وحقوق الشعب الفلسطيني.

فما يجري هذه الأيام في القدس والضفة الغربية بصفة عامة من إجرام صهيوني بشع، وصمت إيراني عنه، دليل أكيد على ما نقول.

أما ثالثة هذه الأكاذيب فهي شعارات البعث السوري تحت حكم نظام عائلة الأسد «وحدة حرية اشتراكية»، فإذا هي «طائفية اِستبداد اِستحواذ». وصدق من اختصر شعار البعث في «وحش».

هذه الأكاذيب وغيرها كثير، التي لم تعد خافية على غالبية العرب والمسلمين اليوم، تعدّ في الواقع فضائح مدوية تبعث على الأسى والحسرة على الخسائر المادية والمعنوية التي ترتّبت عليها، وعلى السنوات الطوال التي ضاعت من عمر شعوب المنطقة، في ظل خداع وتدليس متعمدين.

ومن المؤسف أن يوجد نفر من المطبلين الذين لا يزالون يعتقدون أن أصحاب تلك الأكاذيب المفضوحة مقاومون وممانعون وتقدميون، رغم الحقائق الدامغة التي تنقض هذا الوهم، وآخرها التنسيق الروسي الإسرائيلي المعلن في شأن ما يجري في سورية من حرب طائفية على الشعب السوري، وعلى ثورته الوطنية.

فهل بعد هذا التواطؤ المكشوف بين الأطراف التي تشترك في قتال الثورة السورية، وهي إيران وميليشياتها اللبنانية والعراقية والأفغانية والنظام الطائفي في سورية وأخيراً روسيا التي تنسق مع إسرائيل حول قمع الثورة السورية، هل بعد ذلك من شك في أن الحرب المشهرة على ثورة الشعب السوري هي حرب قذرة تلبس لباساً دينياً طائفياً، وتكرّس احتلالاً أجنبياً لبلد عربي له تاريخه العريق ومجده الأثيل؟

وفي الجانب الآخر تتبدى صورة مؤلمة تكشف نفاق المجتمع الدولي واختلال نظامه، حيث سمح لهذه المأساة الإنسانية أن تتفاقم من دون تدخّل حاسم منه يحمي الشعب السوري، ويمنع القتل المستمر له والتدمير الممنهج لمدنه وقراه والتهجير الواسع للملايين من أبنائه.

فهو اليوم يقف ضعيفاً مشدوهاً أمام غطرسة روسيا وتحالفها مع النظام القمعي في سورية ومع إيران وميليشياتها الطائفية ومع إسرائيل في حرب إجرامية عدوانية جائرة تضرب بالقانون الدولي عرض الحائط. بل إنّ التصريحات التي صدرت عن قادة الدول الغربية الكبرى في شأن التدخل الروسي العسكري في سورية، كانت كلها متخاذلةً ومتناقضة ومترددة غير حاسمة. وكأن الأمر لا يهدد السلم والأمن الدوليين ومصالح دول المنطقة بصفة خاصة.

ومهما تكن التصريحات الغربية المتخاذلة والمتناقضة، فإنّ الواقع يوحي بأنّ هناك قدراً كبيراً من التواطؤ بين روسيا وإسرائيل والقوى الدولية الكبرى، لإطالة أمد الأزمة السورية، ولتقسيم هذا البلد العربي والعمل على قيام كيان هجين على الساحل السوري للمواطنين السوريين من الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها بشار الأسد، وتغيير التركيبة السكانية في دمشق وحماة وحلب بتهجير المواطنين السنّة منها، وإحلال سكان ينتمون الى المذهب الشيعي من إيران والعراق ولبنان محلهم.

ولم يعد هناك أسرار حول ضلوع اللاعبين الكبار على مسرح السياسة الدولية، في تنفيذ هذا المخطط الذي أوشك أن يقطع المرحلة الأولى من مراحله. وهو الأمر الذي يؤكد بما لا يرقى إليه الشك، أن الغزو الروسي لسورية ما هو إلا تكريس لهذا المخطط الاستعماري، الذي نستغرب أن تؤيده دولة عربية كبيرة نجت، أو كادت، من عواصف الربيع العربي وما نتج منها.

أمامنا اليوم حقائق مكشوفة وقرائن وشواهد قائمة تفضح النظام الطائفي الاستبدادي في سورية وأدعياء المقاومة والممانعة في لبنان، كما تفضح السياسة الاستعمارية التي تنهجها روسيا، والتخاذل والنفاق والكيل بمكيالين في السياسة الأميركية التي لا تختلف في شيء عن السياسة التي تنهجها بريطانيا وفرنسا، وتفضح أولاً وقبل كل شيء، السياسة الطائفية العدوانية التي تنهجها إيران لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والتدليس الممنهج الذي تعتمده في جميع تصرفاتها. فهي كلها فضائح بالجملة.

هل القضية برمتها مخططٌ مُعدّ من قبل لتقسيم المنطقة طائفياً وعرقياً وفق سايكس بيكو جديد؟ لقد قرأنا وسمعنا مراراً عن هذا المخطط، وما نراه ماثلاً اليوم أمام أعيننا يدلّ على ذلك.

 

 

الحياة اللندنية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع