..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لماذا تتمسك أمريكا بإيران في سوريا؟

حسين. ع

٢٨ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2542

لماذا تتمسك أمريكا بإيران في سوريا؟
00 روحاني.jpg

شـــــارك المادة

بعدما سعت الإدارتان الأمريكيتان المتعاقبتان للرئيسين جورج بوش وباراك أوباما، لتطبيق سياسة "الانخراط مع الأسد" بين الأعوام 2007 و2011، وهي سياسة كانت مبنية على "فصل" الرئيس السوري بشار الأسد عن حليفته إيران، تسعى أميركا اليوم إلى "الانخراط مع إيران" والتقريب بينها وبين الأسد، وفصل الأخير عن روسيا.

أساس التفكير الأميركي الحالي مبني على رؤية أوباما لإيران كقوة تتحلى بمنطق ويبرع حكامها في "حسابات الربح والخسارة"، حسب تعبير الرئيس الأميركي.

كما يعتقد أوباما أن للإيرانيين حضارة تمتد آلاف السنوات، وإعادة إيران كحليف أمريكا الرئيس في الشرق الأوسط، كما قبل العام 1979، هو مصلحة أمريكية بحتة.

وتظهر سلسلة مواقف أوباما، منذ دخوله البيت الأبيض مطلع العام 2009، أنه لم يألو جهدا للتقرب من إيران وحكامها، ففي "الثورة الخضراء"، وقفت أمريكا متفرجة ولم تدِن قمع النظام الإيراني الدموي للمنتفضين.

وفي الأعوام 2010 و2011، فتح أوباما باب العراق على مصراعيه أمام النفوذ الإيراني الذي أخلّ بالموازين الطائفية الدقيقة وأعاد العراق الى حربه الاهلية التي اندلعت بين الأعوام 2006 و2008.

ومنذ العام 2009، رمى أوباما ثقله خلف المفاوضات النووية التي أفضت لاتفاقية مع الإيرانيين.

وعلى مرّ السنوات السبع الماضية، دأب الرئيس الأميركي على إرسال الرسائل الخطية إلى مرشد الثورة الإيراني علي خامنئي في محاولة لرأب الصدع بين البلدين.

ولم يتحمل أوباما الانتظار كثيراً بعد الإعلان عن التوصل لاتفاقية نووية مع طهران، فسارع، لا إلى التباهي بإنجازه الدبلوماسي فحسب، بل أيضا إلى تكرار أن من شأن "الإيجابية المتولدة" عن الاتفاقية إلى المساهمة في حلول للملفات الشرق أوسطية الأخرى، وفي طليعتها سوريا.

ومقابل كل تصريح إيجابي لأوباما تجاه طهران، كان خامنئي يطّل بتصريحات معادية لواشنطن، على وقع هتافات "الموت لأمريكا".

وبينما كان خامنئي يؤكد استحالة قيام أي حوار إيراني أميركي بعد انتهاء المفاوضات النووية، كان زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله يتوعد الأميركيين ويشتمهم.

لكن كما في المفاوضات النووية التي كانت تسير في منحى إيجابي فيما خامنئي يعلن تعثرها، وكانت إيران تتراجع عن التخصيب، فيما خامنئي يتوعد بتخصيب المزيد من اليورانيوم، كذلك في الدبلوماسية الأميركية الإيرانية اليوم، إذ فيما يصرّ مرشد الثورة أن لا حوار مع أميركا غير الاتفاقية النووية، مازالت القناة الأميركية الإيرانية مفتوحة منذ صيف 2013 لمواكبة السعي الأميركي الحثيث لإشراك طهران في مؤتمرات الحلول المقترحة حول سوريا.

هكذا، بينما يسعى وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف إلى عقد لقاء رباعي روسي – أميركي – سعودي – تركي في فيينا لإقناع أنقرة والرياض بدخول المنظومة الإقليمية التي تبنيها موسكو وتزعم أن هدفها القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية"، كمقدمة للتوصل لتسوية في سوريا، أصر وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري على توسيع لقاء فيينا ليضم إيران.

والإصرار الأميركي على مشاركة إيران في الحل السوري ليست جديدة، بل هي تعود إلى مؤتمر "جنيف2" الذي انعقد مطلع العام 2014.

وقتذاك، سعت أميركا من خلال الأمم المتحدة إلى إشراك إيران في المؤتمر، لكن جهود المعارضة السورية وحلفائها الإقليميين نسفوا المشاركة الإيرانية بسبب تورط طهران في الحرب السورية.

هذه المرة، تقول واشنطن إن "الكل متورط" في الحرب السورية، والكل يجب أن يشترك في عملية الحوار للتوصل إلى حل.

والرؤية الأمريكية لإنهاء الحرب في سوريا تشبه تصورها لإنهاء الحرب في لبنان مطلع التسعينات. فأميركا سلّمت لبنان للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد على اعتبار أن الأخير كان قد انخرط في منظومة "الشرق أوسط الجديد" المبني على مؤتمرات السلام العربية – الإسرائيلية والاتفاقيات التي تمخضت عنها. وقتذاك ابتلع الأسد لبنان وبقي خارج المنظومة الأميركية، وأغلب الظن أن إيران ستفعل الشيء نفسه، فتبتلع سوريا وتستمر في اثارة المتاعب إقليمياً.

على أن دخول روسيا الحرب السورية، منذ أكثر من شهر، عزز رؤية أوباما لكيفية إنهاء الحرب السورية، إذ أصبح لتسليم سوريا للإيرانيين بعدٌ استراتيجيٌ يتمثل في إلحاق الهزيمة بروسيا، التي تحاول إعادة تثبيت نفسها كمنافسة عالمية للقوة الأميركية، ما يجعل إدارة أوباما تعتقد أنه بتسليم سوريا لإيران، تنجح أمريكا في خطب ود طهران وإنهاء العداء الأميركي – الإيراني، من ناحية، وفي إخراج روسيا من سوريا، من ناحية ثانية.

إذاً، تمسك أميركا بدور إيراني في إنهاء الحرب السورية هو، حسب رأي أوباما وإدارته، إصابة عصفورين بحجر: تعزيز الصداقة مع طهران والتغلب على موسكو.

أما النتائج المتوقعة لأي حوار موسع حول سوريا في فيينا، يوم الجمعة المقبل، قد تشارك فيه إيران، فالأغلب ستأتي مثل كل نتائج سياسة أوباما الخارجية عموما: فشل يتلو فشلاً ويسبق فشلاً آخر.
 

 

العصر

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع