..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الجهاد الأفغاني، وعولمة المعركة

أبو بصير الطرطوسي

١ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7155

الجهاد الأفغاني، وعولمة المعركة
بصير الطرطوسي00.jpg

شـــــارك المادة

لم يكن من سياسة ومنهج المجاهدين الأفغان -من لدن الشيخ عبد الله عزّام وإلى عهد الطالبان بقيادة الملا عمر رحمهما الله- عولمة المعركة، وفتح معارك جانبية مع غير العدو المحتل لأرضهم وشعبهم.
فلم يستهدفوا العدو المحتل لأرضهم خارج حدود دولة أفغانستان -مع قدرتهم على فعل ذلك- رغم وجوده وانتشاره في جميع دول العالم، لعلمهم أن استهدافه في دول العالَم.. أو في أي دولة أخرى، هو إعلان للحرب مع دول العالَم، أو مع تلك الدولة التي استهدفوا العدو المحتل على أرضها.. وهو ما ليس في صالحهم، وصالح دولتهم، وشعبهم.

وكان للطالبان، قنصلياتهم، ومكاتبهم، ومصالحهم في عدد من الدول، بما في ذلك أمريكا ذاتها.. وتمتعوا بحسن جوار دول الإقليم المحيطة بهم.. ولما أرادت القاعدة أن تدخل في طاعة ومبايعة دولة الطالبان.. ألزمتهم بأن لا يحدثوا أي حدث خارج أفغانستان.. لكن كان التخطيط لعملية سبتمبر في أمريكا -من دون علم قيادة الطالبان!- قد سبق ذلك.. وكذلك التنفيذ.. فاجتمع المجتمع الدولي بقيادة أمريكا على الرد على الفاعل.. وعلى من آواه واحتضنه.. وانطلق من أراضيه.. وكانت النتيجة زوال دولة الطالبان.. وسقوط حكمهم.
ولما اجتمع المجتمع الدولي على الطالبان.. وزالت دولتهم.. وحصل الذي حصل.. لم يعد من المناسب، ولا السياسة أن يمسك الطالبان يد القاعدة عن الدول التي استهدفتهم، وغزت ديارهم.. لأن أقصى ما يُخشى منه أو يخسروه فقد حصل.. ولو رُدّت إليهم دولتهم.. وعاد حكمهم.. وعاد الاعتراف بهم.. لعاد الطالبان من جديد في مطالبة القاعدة بعدم الانطلاق من أراضيها نحو أي هدف خارجي.. وإلزامها بذلك.. مراعاة لمصلحة دولتهم.

نعم؛ حصل للأمة أن تعاطفت وساعدت الجهاد والشعب الأفغاني -كل بحسبه- فعولمة الجهاد من جهة السماح لكل مسلم في العالم أن يساعد الأفغان على دفع الظلم عنهم، ورد العدو عنهم، وعن ديارهم.. هذا الجانب قد حصل.. ولكن الذي لم يحصل، ولم يُسمح به هو أن يستغل السعودي أو المصري.. أو الجزائري.. أو التونسي.. أو الأردني.. أو العراقي.. أو الأمريكي.. أو الفرنسي.. أو البريطاني.. أو غيره.. جهاده في أفغانستان.. ليفتح معركة مع دولة بلده منطلقاً من أرض أفغانستان.. ثم بعد ذلك يكون هذا الفعل من سياسة واستراتيجية المجاهدين الأفغان ذاتهم.. فلم يحصل شيء من ذلك قط.. والشيخ عبد الله عزام، وغيره من الشيوخ والمجاهدين في تلك الحقبة.. كانوا يرفضون هذا التوجه رفضاً تاماً.. كما كانوا يرفضون أن يُحدثوا أي حدث مع العدو الغازي والمحتل لأرض أفغانستان خارج أفغانستان.. وعلى أراضي الغير.. فرماهم الخوارج الغُلاة حينئذٍ بأنهم كفار ومرتدون.. وأن جهادهم وطني وإقليمي!

لكن ما الذي حصل في الشام، ولأهل الشام وثورتهم اليتيمة - فأهل الشام حاشاهم أن يمنعوا مسلماً من أن يمارس واجبه الشرعي في المساعدة، وفي دفع العدو الصائل عن إخوانه وأهله من أبناء الشام، وهذا الذي كان في السنوات الأولى من الثورة - كان ما إن يأتي المصري.. أو السعودي.. أو التونسي.. أو الجزائري.. أو القوقازي.. أو غيره من الجنسيات -إلا من رحم الله- ويمضي على وجوده أياماً إلا ويعلن عن استراتيجيته الخاصة به.. وأن هدفه التالي محاربة بلده الذي جاء منه.. وأن سوريا ستكون له منطلقاً إلى ذلك.. والويل لمن يعارضه، أو لا يوافقه!

ثم أتبعت القاعدة هؤلاء -فزادت الطين بلّة!- لتقول: إن لها حرباً مع العالَم كله؛ عربه قبل عجمه.. وميدان هذه الحرب العالمية، ومنطلقها هي سوريا.. ثم أتبعهم خوارج وغلاة داعش في هذا التوجه.. فزادوا عليهم.. وغالوا، وزاودوا.. وارتكبوا أعمالاً باطلة، تتسم بالغدر والخيانة والظلم.. ذعَّرت العالَم كله على الشام، وعلى أهل الشام، وثورتهم.. على ما هم فيه من حصار، وجهد بلاء، واستضعاف.. فخذّلوا -بعملهم هذا- العدو - كل العدو - على الشام، وأهل الشام، وذعّروه عليهم.. بدلاً من أن يُخذّلوا عنهم ما استطاعوا!

ولمّا أنكرنا عليهم صنيعهم هذا.. وقلنا لهم: ما سبقكم لهذا التوجه.. وهذا الضرر.. وهذه الاستراتيجية الرعناء مجاهد معتبر.. ممن سلف.. ما هكذا تكون المساعدة، والنصرة.. قالوا لنا ما قالوه من قبل للمجاهدين الأفغان، ومن معهم من شيوخ ومجاهدي العرب: أنتم كفار.. ومرتدون.. تريدون جهاداً وطنياً وإقليماً..!

الله المستعان... كان الله في عون الشام، وأهل الشام!


 

صفحة الكاتب على فيسبوك

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع