..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

ماذا بعد اغتيال "البلعوس"؟!

زياد الشامي

٦ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4738

ماذا بعد اغتيال
00.jpg

شـــــارك المادة

لم يكن موقف الطائفة الدرزية في سورية من الثورة والحرب الدائرة فيها منذ أكثر من أربع سنوات غامضا أو غير مفهوم، فقد انحازت إلى جانب النظام، ولم تعلن معارضته أو الثورة ضده رغم مجازره الوحشية بحق الشعب السوري التي زكمت رائحتها الأنوف، وعمت فضائحها المخزية الآفاق.

وعلى الرغم من وجود بعض الأصوات المعارضة للنظام من ضمن الطائفة – قد تكون حقيقية أو مصطنعة لضمان خط العودة إن تغيرت الأحوال ونجحت الثورة و سقط النظام - إلا أن الموقف العام في محافظة السويداء معقل الطائفة الدرزية كان مع النظام عموما.

وعلى الرغم من تاريخ النظام النصيري الأسود مع جميع الطوائف في سورية، من خلال اضطهاده للأكثرية السنية، وتظاهره بحماية الأقليات من خلال افتعال الأزمات وزرع الفتنة بين الأقليات والأكثرية السنية، ولا أدل على ذلك من إشعاله نار الفتنة مرارا وتكرارا بين عشائر عرب جنوب سورية ومحافظة درعا من جهة وبين الطائفة الدرزية في محافظة السويداء من جهة أخرى، على الرغم من كل ذلك إلا أن الطائفة الدرزية أمنت جانب النظام الغادر، وخشيت من الانضمام إلى الثورة ذات الطابع السني الواضح.

ولما اشتد عود الثورة وقويت شوكتها، وبدأت قوافل القتلى والجرحى من جانب هذا النظام وحلفائه وأعوانه من النصيرين والرافضة والدروز وغيرهم تزداد يوما بعد يوم، وحاول النظام تدارك العجز في صفوفه من خلال تجنيد المزيد من شباب سورية من جميع الطوائف الموالية والداعمة له بمن فيهم الطائفة الدرزية، برزت أصوات معارضة من قلب السويداء ترفض تجنيد أبناء المحافظة للقتال مع النظام في شتى جبهات القتال، الأمر الذي كان بداية قصة توتر العلاقة بين النظام والطائفة الدرزية على ما يبدو.

وبغض النظر عن خلفيات وغيبيات وخفايا معارضة الشيخ الدرزي البارز "وحيد البلعوس" (أبو فهد) للنظام التي برزت منذ أشهر، والتي أعقبت وأدت إلى اغتياله أمس باستهداف موكبه في محافظة السويداء – حسب ما يقول مناصروه – متهمين النظام السوري باستهدافه لمواقفه المعارضة له مؤخرا، فإنها على كل حال لا بد أن تُستثمر لصالح الثورة السورية والتعجيل بإسقاط النظام السوري.

ولعل أبرز المواقف التي ظهرت للشيخ "البلعوس" مؤخرا إضافة لحثه شباب الطائفة لعدم الالتحاق بجيش النظام: اتهامه القائمين على قيادة مؤسسات النظام العسكرية بالفساد، وعلى رأسها رئيس فرع المخابرات العسكرية “وفيق ناصر” الذي وصفه "بعاطف نجيب ثان"، وتأكيده أن الأخير يريد جر أهالي محافظة السويداء إلى اقتتال داخلي مع بدو المنطقة ومحافظة درعا، مشيرا إلى أن بحوزته ثبوتيات ومعطيات توثق تورط "وفيق ناصر" بخلق فتنة وبلبلة في محافظة السويداء التي وصفها "بالآمنة".

ولعل من أبرز الأدلة التي كشفها "البلعوس" على تورط النظام وأجهزته الأمنية والعسكرية بإحداث فتنة بين الدروز وبدو العرب ومحافظة درعا والثوار عموما، إثبات أن عصابات تابعة "لوفيق ناصر" هي من استهدفت المدينة بقذائف الهاون خلال المعركة التي أطلقتها كتائب الجيش الحر على مطار الثعلة العسكري مؤخرا، مؤكدا أن أتباعه جمعوا بقايا القذائف والصواريخ التي سقطت على الأحياء المدينة، وتأكدوا أنها خرجت من القطع العسكرية التابعة للنظام السوري، والمتمركزة في محيط مدينة السويداء.

وإذا أضفنا إلى ما سبق ما شهدته محافظة السويداء قبل يومين من مظاهرات ضد المحافظ وقائد الشرطة، تطالب بإقالتهما وتحسين الأوضاع المعيشية في المحافظة – تماما كما كانت بداية المظاهرات بدرعا التي طالبت حينها بإقالة عاطف نجيب ومحاسبته على جرائمه بحق أهالي درعا – فإنها قد تفسر ما حدث بالأمس من انفجارات ثلاثة طالت بعض مشايخ الدروز – البلعوس وشقيقه و فادي نعيم - وبعض المدنيين، حيث أشارت صفحة " تجمع أحرار السويداء" ، أن حصيلة الانفجارات أسفرت عن سقوط 27 شهيدا وإصابة 48 شخصا.

وحسب الأنباء التي تتوارد من المحافظة - التي قطع النظام الطريق الواصل بينها وبين دمشق بالإضافة لقطع الانترنت لليوم الثالث على التوالي - قام أنصار "البلعوس" بتحطيم وإحراق تمثال "حافظ الأسد" الموجود في ساحة "السير" بالمدينة، كما تم اقتحام مباني الأمن العسكري والجنائي والشرطة والسيطرة عليها، وقتل 6 عناصر من قوات الأسد بعد اقتحام مبنى الأمن العسكري حسب ناشطين.

ومع الأنباء الواردة عن توتر في بلدة "جرمانا" الواقعة بالقرب من طريق مطار دمشق الدولي التي يكثر فيها الدروز بعد وصول أنباء انفجارات الأمس، فإن تداعيات هذا الحادث تزداد وتتفاقم على ما يبدو، ولا بد من استثمارها للتعجيل بإسقاط هذا النظام المجرم.

سيحاول النظام النصيري جاهدا التنصل من هذه الحادثة، ولن يعدم الوسائل لنفي التهمة عنه وإلصاقها بما يسمى "داعش"، كما لن يأول جهدا في محاولة إشعال نار الحرب بين الدروز وبدو العرب من جديد للتغطية على جريمته، فلا بد للثوار من أهل السنة في الجنوب عموما من التنبه لهذه الاحتمالات التي تهدف لقلب نقمة الدروز على العرب السنة بدلا من نقمتها على النظام القاتل.

ومع أن النظام السوري لم يكن يوما حاميا للأقليات كما يزعم، ومع كثرة الأدلة التي تؤكد استخدام النظام النصيري لكل الأقليات في سورية لاستمرار حكمه من خلال زرع الفتن وإشعال النعرات الطائفية بين المكونات الموجودة في سورية وخصوصا ضد الأكثرية السنية، إلا أن الخوف غير المبرر من وصول أهل السنة إلى الحكم كان الدافع الأبرز لاستمرار دعم كل من الدروز والنصارى وغيرهم من الطوائف للنظام النصيري.

فهل ستشكل حادثة اغتيال "البلعوس" تغييرا حقيقا في موقف الطائفة الدرزية من النظام السوري وبالتالي من الثورة السورية؟!

 

 

المسلم

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع