..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

حسن نصر الله المبني للمجهول

حكم البابا

٢٤ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2323

حسن نصر الله المبني للمجهول
00 لبنان.jpg

شـــــارك المادة

أول وأهم سبب يجعل من حملة "طلعت ريحتكم" في لبنان الموجهة ضد الطبقة السياسية في لبنان حملة مثيرة للريبة والشكوك، وأقرب إلى تطبيق مقولة كلمة حق يراد بها باطل، هو غياب صورة حسن نصر الله عن الصورة الجماعية التي تضم مجموعة صور لزعامات لبنانية فوق أكياس القمامة، ويتظاهر ضدها المعتصمون في ساحة رياض الصلح، باعتبارها الطبقة السياسية المسؤولة عن خراب لبنان.

نعم قد يكون الحريري وجنبلاط والجميل وجعجع وعون وفرنجية وبري وسواهم مسؤولين عن كل الخراب والتخريب الذي حدث ويحدث في لبنان، وهم مسؤولون بالفعل، فهم مجموعة من أمراء الحرب، أو ورثة وأبناء أمراء الحرب، تقاسموا النفوذ على الأرض اللبنانية بالسلاح في البداية، وعندما أُنهيت الحرب الأهلية اللبنانية وأُجبروا على ترك السلاح، كان شرطهم أن يعودوا إلى تقاسم النفوذ في لبنان سياسياً، وفعلاً عاد هؤلاء أنفسهم بعد أن خلعوا ملابسهم العسكرية وغسلوا الدم عن أيديهم، ببذات وربطات عنق أنيقة وبارفانات فوّاحة، ولايزالون يحكمون لبنان بنفس عقلية الغنيمة، وإن تحول بعضهم إلى منظرين ومفكرين وعرابين، يشرفون على تأهيل ورثتهم لخلافتهم، ورائحة البارود لاتزال موجودة في سبطانات بنادقهم المسنودة إلى الجدار خلف الكنبة الأنيقة التي يجلسون عليها.

ولكن هؤلاء العواجيز جميعاً اليوم ليسوا أكثر من قتلة متقاعدين ولاعبي كشتبان وحرامية غسيل ولصوص دجاج وبروليتارية رثة وصغار كسبة، أو أحجار شطرنج في أحسن الأحوال، بالمقارنة مع المايسترو الكبير حسن نصر الله زعيم ميليشيا حزب الله عرّاب اللعبة اللبنانية كلها، الذي يملك مفاتيح الحرب، ويوزع أوسمة الوطنية، ويوجّه السياسات، ويفتح الجبهات على حسابه، ويحتل الشوارع، ويرّوع الآمنين، ويُخرس أي صوت مناهض له بالمسدس أو بالتخوين.

كان يكفي هؤلاء المتظاهرين الذين يعتصمون اليوم ضد الطبقة السياسية في لبنان ويرفعون صور زعمائها مستثنين حسن نصر الله منهم، أن يجيبوا على أسئلة من قبيل: لماذا لا يستطيع الحريري بكل أمواله ومناصريه أن يعود للعيش في لبنان؟ وهل يستطيع أن يترك جنبلاط بيته في المختارة ويتحرك بحرية؟ ولماذا خرج جعجع من سجن وزارة الدفاع القسري ليسجن نفسه طوعاً في معراب؟

وإذا كان هؤلاء محسوبون على التيار المعادي لحسن نصر الله ومن حقهم أن يخافوا ويتوجسوا منه، فماذا عن حلفاء وأصدقاء نصر الله، هل هم أقل خوفاً مثلاً؟ هل يوصي عون صهره باسيل وهو يورثه تياره أن يطمئن لحزب الله ويعطيه ظهره؟ وهل يخاف بري من الحريري وجعجع وجنبلاط مجتمعين أكثر مما يخاف من نصر الله؟ ومع كل عداوته لجعجع هل يعتقد فرنجية أن القوات اللبنانية أكثر عداوة له من حزب الله؟

في كل قصة أو حدث أو جريمة في لبنان يجب أن تفتش عن حزب الله، وأول سؤال يجب أن تسأله ماهي مدى استفادة أو ضرر حسن نصر الله منه لتكتشف المتسبب به، ثم بعد ذلك يأتي معتصمو ساحة رياض الصلح ليتهموا الجميع، ويستثنوا من يدير خيوط الجريمة المنظمة كلها في لبنان.

طبعاً لدى حسن نصر الله دائماً إسرائيل لتبرير اجرام مليشياته، وتخوين كل من يعترض على طغيانه، وطريقه إلى القدس متعرج ومتغيّر الاتجاهات حسب الظرف، فمرة يمر على جثة رفيق الحريري وسمير قصير وجبران تويني وسواهم، ومرة يمر عبر الزبداني ودرعا والقلمون، ودائماً لديه الحجة والدليل والخطاب وكمية العرق التي يمسها عن جبينه، وكأس الليمون الذي يشربه ليبل ريقه.

ذات يوم من عام 2005 وإثر مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري خرج اللبنانيون ليطالبوا بخروج الجيش السوري الذي استعبدهم ودمّر حياتهم من بلادهم، فوقف حسن نصر الله في 8 آذار من نفس العام في ساحة رياض الصلح ليحيي الجيش المحتل ويشيد بإنجازاته، ويهدي مدير مخابراته آنذاك رستم غزالة الذي أذل اللبنانيين بندقية قال إن حزبه غنمها من جندي إسرائيلي، ومنذ ذلك الخطاب وحتى اليوم عمل نصر الله ومليشياته على تقويض كل محاولة لاستقلال لبنان، وساعده في ذلك كل الطبقة السياسية التي يرفع معتصمو ساحة رياض الصلح صورها اليوم، ويحملونها مسؤولية خراب لبنان، لأنهم بتحالفهم معه لحسابات ضيقة فرضتها عقلية الغنيمة دمروا الثورة التي كان من الممكن لو أنجزت أن تغيّر وجه لبنان فعلاً من شيف يأخذ طلبات الزبائن إلى زبون بكامل حقوق الزبون على طاولة في مطعم.

في لعبة المتاهة التي توضح في صفحة التسالي في المجلات، ترى فأراً يجب أن تدله بقلمك الرصاص عبر طرقات المتاهة ليصل إلى قطعة الجبن في النهاية، وبنفس الطريقة يمكنك أن تصل ببعض الصبر وبقلمك الرصاص نفسه، وعبر طرقات متشعبة بين ما يحدث في ساحة رياض الصلح والضاحية الجنوبية، وتسأل نفسك ماذا يريد حزب الله من هذه الهمروجة، أو أي شيء يريد تغطيته واشغال الناس عنه!

 

 

هافينغتون بوست

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع