..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

تخلي روسيا عن الأسد.. لن يعفيها من مسؤولية تدمير الشام!

أحمد موفق زيدان

١٥ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2685

 تخلي روسيا عن الأسد.. لن يعفيها من مسؤولية تدمير الشام!
زيدان00.jpg

شـــــارك المادة

تخلٍّ روسي صامت عن العصابة الطائفية في الشام، تجلى بعدة إشارات، كان أبرزها سحب موسكو لحوالي مائة من خبرائها ومستشاريها العاملين في طرطوس مع آلة الدمار والتخريب الطائفية الأسدية على مدى سنوات بهدف قمع الثورة الشامية. 

وتردد بحسب أوساط إعلامية غربية، أن موسكو أوقفت أيضاً صيانة طائرات السوخوي الروسية الصنع، وكانت أوساط مطلعة أبلغتنا أن عدداً من المستشارين والخبراء العسكريين الروس انسحبوا أخيراً من مطار حميميم في جبلة بالساحل رافضين صيانة الطائرات،

حيث يقدر عدد الطائرات الصالحة للاستخدام بالمطار بثماني طائرات، بينما عدد كبير من الطائرات معطلة بحاجة للصيانة وقطع الغيار الروسية، وقد سبق هذا رفض موسكو أيضاً تزويد العصابة بدمشق بصواريخ أس أس 300 المتطورة، وكذلك منحها قروضاً بقيمة ملياري دولار.

الواضح أن موسكو أدركت أخيراً بعد تخريبها الشام، أن الطاغية عاجز عن تحقيق مصالحها والسيطرة على الشام، في ظل التقارير الصارخة العاكسة للواقع عن سيطرته على ربع مساحة سوريا فقط، وخسارته لكل المناطق ذات الثروات الطبيعية، فضلاً عن انهيار قواته أمام تشكيل جيش الفتح المتصاعد بإدلب، واقتراب المجاهدين من الساحل معقل العلويين. وهرع قائد فيلق القدس قاسم سليماني للساحل من أجل تعويض التخلي الروسي والانهيارات الأسدية المتلاحقة، ولكن يبدو أنه سبق السيف العذل كما يقال..
روسيا مسكونة تماماً بعقدة الشام القادرة تاريخياً على تجييش مسلمي آسيا الوسطى والقوقاز، وجاء انشقاق قائد قوات النخبة الطاجيكية وانضمامه إلى تنظيم الدولة الإسلامية أخيراً، ليزيد من قلقها وخوفها هذا، ويؤكد تلك المخاوف تدفق آلاف المسلمين من تلك الجمهوريات إلى العراق والشام، وكله يعود إلى الغباء والعناد الروسيين بدعم نظام مجرم، وهو ما وفّر التربة الخصبة لمثل هذه التيارات الجهادية، وكل تأخير في معالجة جذر المشكلة -وهي القضاء على العصابة الأسدية- يعني خسائر روسية استراتيجية في منطقة القوقاز ووسط آسيا، فبحجة كسب أرباح روسية في الشام تغامر وتقامر روسيا برأسمالها في القوقاز ووسط آسيا.
وزير الخارجية الأميركي جون كيري أدرك تغير المزاج الروسي، فهرع إلى سوتشي بعد انتصارات جيش الفتح بإدلب ليلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ويبحثان سوية الوضع في سوريا، ويبدو أن من يُماطل اليوم في تأخير سقوط طاغية الشام هو الطرف الأميركي، كونه لم يستعد لليوم التالي، لاسيَّما وتخبطه واضح في الملف السوري بتخلي المتدربين السوريين ضمن برنامج التدريب الأميركي، لإصرار واشنطن على تعهدهم فقط بقتال تنظيم الدولة الإسلامية وليس قتال السرطان الحقيقي وهو الأسد، وتقاطع هذا مع تقليص موازنة المخابرات المركزية الأميركية في سوريا، بالإضافة إلى تعارض المصالح الأميركية مع تركيا في سوريا، وهو ما يظهر تماماً أن لا خريطة طريق أميركية في سوريا، ولم تقدر طوال سنوات على كسب مواقع قدم حقيقية لها في سوريا، مع تمدد الحركات الجهادية والثورية التي تُحّمل بشكل كامل واشنطن مسؤولية دمار الشام وبقاء الأسد باستخدام الفيتو في حرمان الثورة من حيازة صواريخ متطورة توقف البراميل المتفجرة التي تنهال كل ساعة على المدن السورية..
على الصعيد السياسي، جاءت دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن للملك سلمان بن عبدالعزيز لزيارة روسيا، لتعزز رغبة موسكو في تغيير موقفها إزاء العصابة بدمشق، وهو ما وصفه بعض المراقبين بإمكانية التوصل لاتفاق أو حلف شبيه بالحلف ضد صدام حسين عام 1991.
روسيا تختلف مع إيران في التعاطي الحالي مع الوضع السوري، فطهران لم تُخفِ رغبتها وسعيها في إقامة دويلة علوية على المتوسط، وهو ما لا يروق لموسكو، إن كان من حيث اللحاظ الاستراتيجي حيث مصلحتها ببقاء سوريا موحدة لتواصل نفوذها وتأثيرها بالمنطقة من خلالها، أو من حيث الخوف والقلق أن يشكل ذلك سابقة في تقسيم المنطقة وانسحابه على القوقاز والشيشان. ولعل ما تسرب عن اجتماع الدول السبع الصناعية واتفاقها على نفي رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى روسيا ومنحه اللجوء فيها، إشارة واضحة للرغبة الروسية بعدم الاستمرار في دعمه حتى الأخير، وهو ما عكسه مدير مركز تحليل النزاعات في الشرق الأوسط بموسكو ألكسندر شوميلين: «في حال سقوط النظام السوري، فإن موسكو لن تحرك ولوا إصبعاً واحداً من أجل مساعدة بشار إلا من خلال منحه اللجوء». ويؤكد على رغبة الروس في بقاء سوريا موحدة مدير مركز بروكنجز بالدوحة سلمان شيخ: «الروس لديهم شعور بخسارة نفوذهم، ويرون أن تفكك سوريا ليس في مصلحتهم».
العصابة في دمشق تدرك تماماً أن النفوذ الروسي في مؤسساتها العسكرية والأمنية أعمق من الإيراني، فالعلويون أقرب إلى اليسار، ولا يهمهم المذهبية الشيعية الإيرانية، بل يرونها ضد نفسيتهم وذهنيتهم، ولذا فإن موسكو ولعقود كانت المظلة الأمنية والعسكرية والدولية للعصابة بدمشق، بينما طهران جديدة على النفسية والذهنية العلوية، بيد أن تعاطي النظام الأخير مع لقاءات موسكو قد يكون وراء الغضب الروسي الخفي إزاءه، وتحديداً برفضه تطبيق اتفاق جنيف الذي شجعته عليه.
لكن بالمقابل فإن الشعب السوري لن ينسى مسؤولية موسكو في تدمير الشام بدعمها الرهيب لطاغية سوريا، إن كان بالمال والسلاح أو باستخدامها أربع فيتوهات بمجلس الأمن الدولي تأييداً للأسد وضد الثورة السورية، ولا شك فإن روسيا في حال سقط أسد ستكون بلا حلفاء، وإن وجد لها فمن الصعب أن يجرؤوا على البوح بذلك أمام شعب لن ينسى دورها في قتله وتدمير بلده.

 

 

العرب القطرية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع