..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

في (اللغو) المسمى (الحل السياسي ..!)

ماهر سليمان العيسى

٢٤ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2717

في (اللغو) المسمى (الحل السياسي ..!)
fr-874x492.jpg

شـــــارك المادة

ينصح بعض المثقفين السوريين الأطراف التي تحارب نظام الشبيحة بعدم التبرم أو إعطاء الظهر للحديث عن ما يسمى (الحل السياسي) في سورية. باعتبار أن هذا سيضع أهل الثورة أمام العالم أو الأطراف (ذات النوايا الطيبة !!) في موقف حرج ويظهرهم كمعادين للسلام وغير راغبين في تخليص أهلنا ومجتمعنا من المحنة التي يعيشونها، ولهذا لا بد من أن ننتهز كل فرصة لنوضح وبكثافة رغبتنا في الحل السياسي باعتباره المخرج الوحيد.!!
هذا مع أنه من البديهي أن الصراع في سورية في جوهره مهما تلون واستخدم من أدوات هو صراع سياسي وليس شيئاً آخراً ، ومن البديهي أيضاً، أن تكون كل الأدوات المستخدمة في هذا الصراع عسكرية كانت أم غير عسكرية تهدف لتغيير معادلة واقع على الأرض. وتسمح لهذا الطرف أو ذلك بأن يبقي أو ينتزع كلياً أو جزئياً "امتيازات سياسية". والمعنى أن الأمر كيفما قلبناه هو فعل سياسي محض. وبالتالي فكل أشكال التعاطي مع هذا الحدث والموضوع هي عمل سياسي وليس شيئاً آخراً. فلماذا توكيد المؤكد والضغط لانتزاع الاعتراف بفردانيته؟!. إلا إذا فهمنا أن الحديث هنا يقصد به حصرياً (التفاوض !!) مع لوي الذراع !! ليكون هذا التفاوض وبشكل أكثر تحديداً هو الوصول إلى (التقاسم) أو الوصول إلى (التحاصص) باعتبار هذه التعبيرات هي التفسيرات المتاحة والمسموح بها للترجمة وتوضيح المقصود من مفهوم السياسة والحل السياسي!. عبر شكل يتم فرضه فوقياً على واقع الصراع وأطرافه..! في تشابه ما أكثر ما يذكرنا بمقولة (السلام خيارنا الاستراتيجي في موضوع آخر ليس بعيداً عن ما يجري !!)..
هذا ما دفع طويلاً للتضييق على الطرف الرئيس صاحب المصلحة في التغيير (أهل الثورة) والسواد الأعظم من (الشعب السوري) من قبل أصحاب هذه النظرية إلا أنهم وللمفارقة بعد مضي كل هذا الوقت مازالوا يقلبون بين الصناديق (القديمة والجديدة) بل حتى حاولوا إعادة تدوير بعض النفايات السياسية، واستحضار أرواح لموتى سياسيين، أو البحث في أوراق محروقة !! لعلهم يحظون في توقيت معين بأطراف "قد" تكون قادرة على "تفاوض اللحظة السياسية المناسبة" وملبية لشروط التفاهمات الدولية والإقليمية في تلك اللحظة بآن، وبنفس الوقت وذات الميعاد تكون مالكة لشرعية " التمثيل الميداني" لفريق أو بعض فريق على الأرض !!. فنوعية المفاوضين من الطرفين ذات دلالة وأهمية قصوى (فلكل لحظة تفاوض معطيات ونوع خاص من الرجال والنساء يناسبها )..! هي بالعموم شروط وتوليفة أكثر من صعبة وهي مفردةً فكيف بجمعها في حزمة واحدة..؟! لهذا السبب بالذات لم تحدد فعلياً بشكل نهائي جهات التفاوض بعد مضي أكثر من عامين على تمرير نظرية (الحل السياسي) الوحيد والممكن حتى مع تلقيهم عديد العروض من كثير الطامحين والراغبين بأي شكل في دور ما في مقدمهم طبعاً أصحاب التمثيل الشرعي والوحيد للشعب السوري الذين لا يمونون على عشرة أنفار في الداخل والخارج !! .
ما يجري في مجمله هو (تدوير عشوائي للزوايا) بانتظار لحظة سياسية مناسبة ورجال ونساء من ذات نوعية اللحظة مناسبون ومناسبات، للانقضاض على التفاوض؟! هذه هي التسمية الحقيقية لما يجري والتي تستكمل الوجه الثاني من المناخ السوري المحموم والمعفر بغبار البراميل المتفجرة والأشلاء، والمصدوم بالطنين التي يجر الصمم تلو تلك الانفجارات .. أو صراخ التكبيرات بمناسبة وبغير مناسبة كرد فعل وحيد وكتعبير وحيد عن حالة التوهان وضياع البوصلة. هو مناخ من الطبيعي أن تنشط فيه كل نظريات المؤامرة والتخوين، ومن الطبيعي أن يحاول من انتظر حتى (ينضج) لحم السوريين وإرادتهم في هذا الحريق التحرك الآن كي يجني ويحصد منهم ما يريد ..!
حسناً .. الحل السياسي إذاً هو التفاوض والمحاصصة دون غيرها في لحظة ما، لها ميزان ما. ولكن لنرى كيف سيكون وماهي نتائجه الرئيسة الأكيدة . ضمن مجمل ميزان القوى الحالي، ومخرجاته العامة والرئيسة على الأرض بغض النظر عن اللحظة السياسية باعتبارها أصبحت شبه أكيده لحجمها ووضوحها، فهذا الميزان هو من يثمّن رصيد كل الأطراف، وهو من يحدد الحصص ويضع الأوزان. وعليه .. فأي تفاوض سيفضي فيما هو أكيد وواضح إلى مجموعة نتائج أساسية جميعها من حصة الأطراف الكبرى في الصراع وأخرى ثانوية توزع على (صغار الكسبة !) ولكنها بكل الأحوال ستكون في مجملها مرهونة أولاً بالإجابة على أسئلة كثيرة أولها وأبسطها وأهمها الأسئلة التالية :
أولاً : ما جرى في سورية ليس مجرد صراع على السلطة بين أطراف سياسية محلية، بل تهشيم لمجمل الكيان الوطني بمختلف مقومات وجوده، هشم ما كان يعرف بـ (النظام) فيه بسلوكه الوحشي والطائفي والانعزالي (الملاط) الرئيس الذي يجمع عقد السوريين، فعل هذا باعتباره خياراً وحيده ينجيه، ويحوله من مجرد خصم سياسي لغالبية سياسية في الشعب السوري إلى مجرد عدو متحلل من كل ما يربطه بهذا المجتمع وهذا الوطن، وأقصى ما يتمناه أن يكون طرفاً على طاولة محاصصات طائفية وإقليمية في أحسن الأحوال. فما جرى هو خيار وأسلوب وحيد للحياة والنجاة بالنسبة لنظام الشبيحة. والتفاوض يكون في حالة الخلاف أو حتى الاحتراب الداخلي بين أطراف وطنية تناقضت مصالحها، فأين هذا مما جرى؟. وهل هناك تفاوض (محاصصة) يمكن أن يعيد إنتاج (الملاط الوطني؟!).
ثانياً : من هي (الآن) الأطراف المتشاركة في الصراع اليوم وبالتالي في تفاوض المحاصصة ؟ .. وهل هي فقط المعارضة والنظام ؟ وإن كانت فمن هي بالضبط المعارضة ؟ ومن هو بالضبط النظام ؟ وما هي حصص الأطراف الرئيسة الراعية للصراع وعلى رأسها ممثلي إيران فالنظام هو من يتلطى ويحتمي بإيران وليس العكس، ولهذا هي من سيحدد موقفه وسقوفه وليس هو من يحدد موقفها وسقوفها..!
ثالثاً : ماذا عن الشرط الذي لا بد منه مهما كانت الظروف لتبقى سورية (العدالة الانتقالية) ؟ وهل يمكن لأحد أن يطلب من الجميع ويلقى استجابة حقيقية أن يعضوا على جراحهم وأن يسكتوا وأن يتعايشوا مع القتلة الذي قتلوا أبناءهم وأقربائهم ودمروا بيوتهم وهجروهم  أو .. أو .. في بلد سلاحه بين لعب أطفاله؟!
رابعاً : كيف يمكن إعادة إنتاج الكيان الوطني بين أطراف تحول أكثر من طرف منها إلى مجرد ممثل محلي إما لمحتل أو لمهيمن؟!.
خامساً : ماذا عن قوى الأمر الواقع على الأرض وبشكل خاص تلك العابرة للحدود والعابرة للزمان التي تستفيد لتبقى من المظالم حجمها وأنواعها تقترب من الخيال ومازالت مستمرة ؟ وهل يكفي أن يكون هناك تفاوض محاصصة بين متأنقين هنا مع متأنقين هناك كي يرفرف حمام السلام الموهوم؟!
أخيراً .. لن تكون سورية التي نعرف، أو التي نحلم بها .. إلا بكسر هذه المعادلة. واعتدال الميزان..!

 

 

 

 

 

سراج برس

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع