..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

يقظة.. في اللحظة الأخيرة !

خالد روشه

٢٠ ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3794

يقظة.. في اللحظة الأخيرة !
الأخيرة00.jpg

شـــــارك المادة

الراحلون من حولك يكثرون، كل يوم صديق يرحل، جار يرحل، قريب يرحل، كلهم كان الأمر بالنسبة لهم غير متوقع ولا معدّ له، وكثير منهم كان يرتب لحياة طويلة، بعضهم كان يكتب عقد شراء عقار، وآخر كان يعد لحفل زفاف، وآخر كان يعد لقضية نزاع على مال موروث، وغيره كان قد اشترى ثوباً جديداً ليلة رحيله!

 

 

كثيرون غفلوا عن تلك اللحظة، وتركوا قلوبهم تغفل معهم مشغولة بمدارات الحياة ناسية لحظة الحساب.
فمتى تتعلم ياقلب مما مرّ بكل هؤلاء المحيطين بك الراحلين عنك؟ ومتى تهتم؟ ومتى تمعن في التفكر في لحظة اللقاء وما بعدها؟
أيها القلب إياك أن تغترّ بأيام قضيتها مع الصالحين، فإن مناط الحساب متعلق بك وحدك، قال سبحانه: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)..
أيها القلب لا يغرّنّك أنك قد قضيت سنين تتحدث عن أعمال الخير، إنّ الذي يصعد من كلامك هو الطيب (إليه يصعد الكلم الطيب)، وطيب الكلام هو ماكان مخلصاً، فلتفرح على ما كان منه، ولتصرخ على ماشابتك فيه النية، لتسعد بخطوات سعيتها ابتغاء وجه ربك، ولتخسأ بما كان في مراءاة الناس.
إن مقامك الحقيقي - أيها القلب - يمكنك أن تعرفه في لحظات البكاء في جوف الليل الآخر، وفي التضحيات الكبيرة عندما يناديك العطاء، أو تنتظر أن تعرفه عند حشرجة الروح إذ هي تخرج من الحلقوم.
إنّ صرخة (رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت) حريٌّ بها أن تقضّ مضجعنا، وتؤرق منامنا، ولا تجعلنا نستلذّ بطعام ولا شراب، ولا حياة ولا متاع، فهل آن لنا أن نتوقى تلك الصرخة، وهل آن لنا أن نبادر إلى إصلاح ما فات قبل أن نصرخ فلا عود، ونسترجع الفوت،؟ ولا ثمّ إلا الصراخ؟!..
إنّ من عظمة الوحي الإسلامي أنه لا يُحمّل أحداً تبعة خطيئة أحد، ولا يبتدئ مع أحد على أنه مذنب، بل الأصل براءة الذمة، والأصل نقاوة التاريخ، والتوبة تجبُّ ما قبلها, و" الحسنات يُذهبن السيئات"، "ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا"..
إنه لا سبيل أيها القلب إلا بالمسارعة إلى التطهير الكامل من آثار تاريخ الذنب ولنبدأ بعملية الحرق، وأقصد به الندم، فإنّ الندم الصادق نار ملتهبة تحرق الذنب، وفي الحديث: (الندم توبة) رواه أحمد..
فاحرق إذن كل مالا ترتجي أن تلقاه إذا أنت رحلت، ثم لتتألم قليلاً وأنت تجبر نفسك على كراهية الخطيئة، فلا توبة كاملة مع استشعار حلاوة الذنب، فإن استطعت أن تكرهه فأنت أنت، ولئن بقيت حلاوته فيك فلا تأمن على نفسك أن تراجعه يوماً، ثم لتضع نفسك في متقلب العبادة، وألهِ بها نفسك، وأشغلها بين العلم والطاعة والذكر، وإياك أن تفرغها فتشغلك بذكر ذنب جديد..

تلك كانت همسات قلبٍ محب، فاضت فاغرورقت بها عين القلب، فأدمعت نصحاً لمن تحب. 
 

المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع