..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

40 عاماً على حرب تشرين: جيشا مصر وسوريا من الجبهة إلى الداخل

هشام ملحم

٦ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3101

40 عاماً على حرب تشرين: جيشا مصر وسوريا من الجبهة إلى الداخل
مصروسوريا000.jpg

شـــــارك المادة

قبل 40 سنة في السادس من تشرين الأول، في الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت القاهرة عبر الجيش المصري قناة السويس واخترق خط بارليف الإسرائيلي في الضفة الشرقية للقناة وسيطر عليها.
في الوقت عينه اقتحم الجيش السوري الدفاعات الإسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة وحقق تقدما سريعا.

 

 

الإنجازات المصرية والسورية في الأيام الأولى للقتال لها أكثر من سبب، أبرزها عنصر المفاجأة، ولكن أيضا التحسن النوعي الذي طرأ على تدريب الجيشين المصري والسوري، ومعنوياتهما العالية وأدائهما الجيد الذي اتسم بالشجاعة والتنسيق، وهو أمر اعترف به الضباط الإسرائيليون.
الأسبوع الأول من الحرب كان أفضل وأنصع سجل للجيشين.
في الأيام الأولى للحرب وصل التضامن العربي بمختلف صوره إلى أعلى مستوياته مع مصر وسوريا. وأرسل العراق والمغرب والسعودية والأردن وليبيا الجنود والأسلحة إلى الجبهتين، وعندما بدأت الولايات المتحدة بإقامة جسر جوي مع إسرائيل لتزويدها بالأسلحة، بعد خساراتها الفادحة لعشرات الطائرات ومئات الدبابات، إتخذ العاهل السعودي آنذاك الملك فيصل بن عبد العزيز قرارا تاريخيا حين فرض مع دول عربية أخرى حظرا على تصدير النفط إلى الولايات المتحدة.

كم يبدو اليوم المشهد العربي مختلفا ونقيضا بالمطلق، لما كان عليه الوضع في تشرين 1973 على مستوى الدول، وعلى مستوى المنطقة ككل.
الجيش المصري اليوم يقوم بعمليات عسكرية في سيناء، ولكن ليس ضد إسرائيل بل ضد تمرد محلي لقوى جهادية مصرية تدعمها عناصر إسلامية متطرفة من الخارج.
وفي الوقت عينه يقوم الجيش المصري بعمليات "عقابية" ضد الفلسطينيين في غزة من خلال إغلاق وتدمير الإنفاق بين سيناء وقطاع غزة.
وفي الداخل، لا يزال الجيش المصري بعد ثلاثة أشهر من إطاحة الرئيس الإخواني محمد مرسي يواجه المتظاهرين الإسلاميين في شوارع القاهرة والإسكندرية وغيرها من المدن، حيث يستخدم أحيانا الذخيرة الحية ضدهم.

المشهد السوري أكثر مأساوية وفظاعة. الجيش السوري يواصل أطول وأشرس حرب في تاريخه بدأت قبل أكثر من سنتين وليس من المرجح أن تنتهي في أي وقت قريب.
ولكن العدو الآن ليس مرابطا في الجولان، بل في المدن السورية وأريافها.
هذه الحرب استخدم فيه الجيش جميع أنواع الأسلحة المتوافرة لديه لقمع انتفاضة شعبية كانت في أشهرها الأولية سلمية، وسرعان ماساهم النظام في عسكرتها، وبعدها تطورت بشكل مقلق للغاية مع بروز عناصر جهادية متطرفة الكثير منها جاء من الخارج.
الدمار المادي الهائل الذي لحق بمدن سوريا التاريخية مثل حلب وحمص وحماه ، هو ذلك الدمار الذي ينجم عن استخدام الطائرات والصواريخ والمدفعية الثقيلة.
حتى السلاح الكيميائي، الذي كان يفترض أن يردع إسرائيل، استخدمه النظام ضد السوريين.
نزوح مليون لاجيء سوري إلى لبنان، وعدد مماثل تقريبا إلى الأردن، وعبور الحرب السورية بمستويات مختلفة إلى لبنان والعراق وتركيا يمكن أن يفجر المنطقة بكاملها.
معظم الدول العربية في المشرق تعيش في ظل جيرانها غير العرب: اسرائيل، إيران وتركيا.
بعد 40 سنة من حرب تشرين الثاني، تغير الكثير، وبقي الكثير.
اللاعبون الرئيسيون رحلوا جميعهم، باستثناء هنري كيسنجر. انهار الاتحاد السوفياتي وخلفته روسيا الاتحادية. توفي حافظ الأسد وخلفه بشار الأسد. اقتراب واشنطن وموسكو خلال الحرب من المواجهة العسكرية، وأزمة النفط، ودور كيسنجر في إقناع اسرائيل بالسماح بالمؤن بالوصول إلى الجيش المصري الثالث المحاصر وبعدها بالتوصل إلى اتفاق لوقف النار واتفاقات فك الارتباط، أقنعت واشنطن بضرورة لعب دور أكبر واهم في "عملية السلام"، خصوصاً وأن الرئيس السادات كان يهدف من الحرب إلى إرغام واشنطن على لعب مثل هذا الدور، خصوصاً بعدما أخفق قراره بطرد الخبراء السوفيات في 1972 بإقناع واشنطن بالضغط على إسرائيل للدخول في مفاوضات سرية.

الوثائق التي كشفتها وزارة الخارجية الأميركية تشير إلى أن كيسنجر رأى أن الحرب وضعت أميركا "في موقع مركزي" وألحقت "هزيمة" بموسكو.
الوثائق تبين أيضا أنه قبل الحرب كان كيسنجر يقول للمصريين "لا تتوقعوا أن تربحوا وأنتم أمام طاولة المفاوضات ما خسرتموه فوق أرض المعركة" وفقا للديبلوماسي المصري أحمد ماهر السيد.
وأبرزت حرب تشرين خطورة التنافس الأميركي-السوفياتي ورغبة كل طرف بالحفاظ على نفوذه ومصالحه، الأمر الذي دفع بالرئيس نيكسون للقول قبل توقف القتال "لا أحد يدرك أكثر مني ما هي المصالح الموجودة على المحك: النفط وموقعنا الاستراتيجي".
حرب تشرين، كانت بمثابة تذكرة سفر للرئيس السادات للهروب من الصراع العربي-الاسرائيلي والتوصل إلى سلام منفرد مع إسرائيل.
الحرب كانت البداية الحقيقية لتطبيع العلاقات المصرية-الأميركية، وإلى تحول مصر إلى إحدى دعائم الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، إضافة إلى إسرائيل والسعودية وتركيا. تعثرت الحرب في بدايتها لأكثر من سبب عسكري ولوجستي، ولكن كانت لذلك أسباب أخرى منها أن أنور السادات وحافظ الأسد دخلا الحرب بمنظورين مختلفين:
السادات خطط لحرب قصيرة الأجل ضد إسرائيل لإرغام واشنطن على التوسط وبدء المفاوضات مع إسرائيل لاستعادة سيناء المحتلة بعد إعادة الاعتبار إلى الجيش المصري.
من جهته كان الأسد يأمل بحرب أطول (تتحمل فيها مصر العبء الأكبر) لإرغام إسرائيل على الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة.
الديبلوماسية الأميركية التي بدأها كيسنجر باتفاقات فك الارتباط على الجبهتين، أدت لاحقاً إلى اتفاقات كمب دافيد ومعاهدة السلام المصرية-الاسرائيلية التي أعادت بقية سيناء إلى مصر.
في تسعينات القرن الماضي وقعت إسرائيل معاهدة سلام مع الأردن، واتفاقات أوسلو مع منظمة التحرير، لكن الضفة الغربية لم تحرر حتى الآن، ولا يزال الجولان تحت الاحتلال الإسرائيلي.
حرب تشرين، أحدثت شروخا عميقة وتحولات في العلاقات العربية-العربية، وأدت إلى أزمة وقطيعة طويلة بين دمشق والقاهرة، ولكن أبرز هذه التحولات، كان انتقال مركز الثقل والنفوذ من شرق المتوسط إلى منطقة الخليج.
أميركيا، تقاطعت حرب تشرين مع فضيحة ووترغيت، التي أضعفت مركز ومكانة ودور الرئيس نيكسون، ورفعت من أهمية ونفوذ ودور هنري كيسنجر، قبل تحول نيكوسن إلى أول رئيس في تاريخ أميركا يستقيل من منصبه.
المشهد النفطي تغيّر جذريا بين 1973 واليوم.
في السنوات الأخيرة بدأت الولايات المتحدة بتقليص حجم مستورداتها من النفط العربي، والاعتماد على مصادر أخرى، والأهم من ذلك زيادة إنتاجها المحلي من خلال تطوير وسائل تقنية جديدة لاستخراج النفط والغاز.
يوم الأربعاء الماضي لخص العنوان الرئيسي لصحيفة وال ستريت جورنال هذه الحقيقة :"الولايات المتحدة تستبدل روسيا كأكبر منتج للنفط والغاز".
مرت الذكرى الـ40 لحرب تشرين، دون أي اهتمام تقريبا في الأوساط السياسية والأكاديمية والإعلامية الأميركية.
الزميل ديفيد اغناتيوس نشر مقالا في صحيفة "الواشنطن بوست" حول كتاب اسرائيلي بعنوان "1973: الطريق الى الحرب" لمؤلفه ييغال كيبنيس يقول إن حرب تشرين كان يمكن تفاديها لو لم تتسم القيادة الإسرائيلية آنذاك "بالغطرسة، والثقة المفرطة والعمى السياسي" لأنها لم تتجاوب مع الاتصالات السرية التي بدأها كيسنجر مع المصريين في 1972 الذين أبلغوه برغبتهم في التوصل إلى اتفاق سياسي لاستعادة سيناء.
ونشرت "النيويورك تايمس" مقالا للخبير الاسرائيلي في الشؤون النووية أفنر كوهين مبني على حوارات مع مسؤولين إسرائيليين سابقين يفند فيه النظرية التي تقول إن إسرائيل اقتربت من اللجوء إلى الخيار النووي في 1973.
ويشير إلى لقاء طرح فيه وزير الدفاع آنذاك موشي دايان الخيار النووي، إلا أن رئيسة الوزراء غولدا مائير قالت له بوضوح وحزم "إنسى الموضوع".
 
  
النهار

تعليقات الزوار

..

كاظم - العراق

٢٢ ٢٠١٤ م

رحم الله جميع من شارك بهذه الحرب المقدسة كونها كانت شوكة بعيون اعداء العرب الذين يشككون بشجاعة الامة التي حملت  الرسالات السماوية لكافة بقع الارض

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع