..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الغَيبوبة العقلية والفكرية

مجاهد مأمون ديرانية

١١ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3251

الغَيبوبة العقلية والفكرية
مأمون000.jpg

شـــــارك المادة

أظهرت حادثة مقتل أخينا الشهيد أبي عبيدة البنشي مبلغ تمكن هذه الآفة منا نحن المسلمين. إننا نُعَيّب من يغيّب عقلَه من عبيد الأسد، ونقول إنهم سُحروا به فما عادوا يرون في نظامه المجرم إلا النظام العربي الوطني المقاوم ولا يرون في خصومه إلا عصابات مسلحة خارجة على القانون، ثم نصنع مثلَ الذي يصنعون ونُسحَر بمن نحب كما سُحروا بمَن يحبون!

 


محبّو الإخوان يرفضون الاعتراف بأخطاء الإخوان ولو تسبّبت في ظهور عدوّهم عليهم وسرقة ثورة مصر وحرية أبناء مصر، وأتباع حزب النور يرفضون الاعتراف بأخطاء الحزب ولو جلس شيخهم في حضن البابا وبايع رأس العسكر سلطاناً وباع مصر لأعداء مصر.
وأنصار النُّصرة يرفضون الاعتراف بأخطاء النصرة ويرجمون الناصحين ولو كانوا إخوة محبين، والمفتونون بدولة العراق يفتحون النار كل من يقترب من دولتهم المزعومة أو يمسّها بحرف، فهي عندهم أجلّ من الصحابة والأنبياء، لأن الصحابة تحت النقد ودولتهم فوقه، والأنبياء يجوز في حقهم الخطأ -فيما يحتمل الرأي والاجتهاد وفي غير تبليغ الرسالات- والدولة لا تخطئ في دنيا ولا دين!

*   *   *

من كان يجد أصحابه أجَلّ وأعظم من النقد فقد رفعهم إلى مرتبة لم يصل إليها الأنبياء والصحابة الكرام!
ومن كان يطالبنا بنقد الخطأ العام نقداً خاصاً فإنه يخالف هَدْيَ القرآن، فقد أخطأ الأنبياء فعوتبوا علانية في نصوص تُتلى إلى يوم القيامة، وأخطأ الصحابة وقصّروا فانتقد القرآن أخطاءهم في آيات طوال وعلق عليها هزيمتهم يومَي أُحد وحُنَين، ولو جاز السكوت عنهم لجاز عن غيرهم.
فلا تنزّهوا أحداً يا عباد الله، لا من المجاهدين ولا من غير المجاهدين، ولا ترفعوهم إلى مقام الملائكة.

إن الذين يحبون رجلاً أو جماعة لدرجة الهوى يفقدون البصيرة والإدراك ويصابون بغيبوبة فكرية عقلية تجمّد العقل وتعطل التفكير.
يقول أهل الغرام إن الحب أعمى، وأقول إنه يُعمي.
وقال ابن عباس: ما ذكر الله الهوى في شيء إلا ذمه،
وقال: الهوى إله معبود، وقال بعض العلماء: إذا نُصر الهوى بَطَل الرأي. ومن صفات المؤمن أنه يقول الحق ولو خالف هواه ويقوله ولو على نفسه؛ في حديث علي الذي صححه الألباني في الصحيحة وفي الجامع: "قل الحق ولو على نفسك".

*   *   *

إنني أدعو كل المحبين والأتباع والأنصار، مهما يكن الفريق الذي يحبون أو يتبعون أو ينصرون، أن يتجردوا من الهوى وأن يبحثوا عن الحق، وأن يتركوا التحزّب البغيض الذي يعطل العقول ويُغشي الأبصار، وأن يعترفوا لأصحابهم بضعف البشر وقصور البشر، ويقبلوا في حقهم النقد بلا تعصب أو حميّة أو غضب.

أمّا من كان يحب أن يعيش في غيبوبة فكرية عقلية فهنيئاً له غيبوبته، فإنه يتعامى عن الأخطاء ويعيش في الأوهام فلا يكدّر باله ولا يشغل نفسه.
ولكن لا يَلُم العقلاء، فإنهم لا يملكون إلا أن يستعملوا عقولهم التي أمرهم الله بحسن استعمالها، وهم يَشقَون فيها ويُشقون غيرهم بها، لكنهم هم صِمام الأمان في زمن الفتنة والتيه والضياع.

فليهنأ المغيّبون بغيبوبتهم، أما أنتم -يا أهل البصيرة- فلا خيار لكم إلا احتمال الأذى وتحري الحق وتصويب الخطأ، أنتم الذين قرأتم فوعيتم فطبقتم قول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: "قل الحق وإن كان مُرّاً، ولا تَخَف في الله لَومة لائم".

 

الزلزال السوري

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع