..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

التدخل العسكري الأجنبي في سوريا الأهداف والنتائج المحتملة

غياث بلال

٢٥ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3120

التدخل العسكري الأجنبي في سوريا الأهداف والنتائج المحتملة
والتدخل000.jpeg

شـــــارك المادة

أصبح لدينا اليوم من المعلومات والمؤشرات ما يكفي للتأكيد على جدية التحركات الغربية الهادفة للتدخل العسكري في سوريا. لعل أهم هذه المؤشرات تصريحات وزراء الخارجية الغربيين اليوم: كيري وهيغل وفيسترفيله وكذلك شحنات الأسلحة الضخمة التي دخلت الشمال السوري هذا الأسبوع وإجتماع رؤساء هيئات الأركان لأغلب الدول الغربية وحلفائهم في الأردن البارحة.

 

وأيضا إستدعاء قادة الجبهات والمناطق في الجيش الحر بشكل عاجل للتشاور في أنقرة.
أغلب الصحف الغربية المرموقة قامت وستقوم خلال هذا الأسبوع بنشر صور الضحايا من الأطفال على صفحاتها الأولى وتسليط الأضواء على إجرام النظام وهول المجزرة. مما يعني تهيئة الرأي العام الغربي لأي تدخل عسكري مباشر.
كلمة وزير الخارجية الأميركي جون كيري القصيرة اليوم تأتي أيضا في هذا السياق.
على الأرجح سيتم إستهداف النظام ومطاراته خلال الأيام القادمة بضربات جوية, مما سيؤدي إلى زعزعة ثقة ومعنويات الجيش والشبيحة و أنصار النظام بقدرة النظام على الإستمرار.
قد تكون من نتائجها تحرير أغلب الشمال السوري وصولا لحمص في حال أمكن الإفادة من الفرص التي ستنجم عن الفوضى والخلخلة التي ستلحق بأوساط جيش النظام جراء العمل العسكري.
هذا يتطلب بدوره تنسيق عالي بين قادة الكتائب والعسكريين.
وينبغي كذلك الإستفادة من حالة الضعف التي سيشعر بها النظام وحلفاءه في دمشق وريفها.
من المبكر جدا التفاؤل بإسقاط النظام, حيث أنه لن يكون من أهداف العمل العسكري المرتقب.
تحرير دمشق سيتطلب الدخول بمعركة حاسمة مع قوات النخبة من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة المواليين بشدة للنظام.
هؤلاء من الصعب تصور إنشقاقهم وعلى الأغلب سيقاتلون حتى النهاية. مما يعني بالضرورة بأن سقوط النظام لن يتحقق إلا بتدخل عسكري بري قوي أو بتسليح قوي وحقيقي للكتائب بالشكل الذي يسمح لها بالتفوق على أربعين ألف عنصر حرس جمهوري بالإضافة إلى من سيبقى معهم من الأمن والشبيحة وربما عدد مماثل من الفرقة الرابعة.
وكلا الاحتمالين يبقيان ضعيفين جدا لأنهما لا يخدمان المصالح البعيدة لمن يتوجب عليه السعي والعمل على تحقيقهما.
يبقى الاحتمال الأخير وهو الدخول بعملية تفاوضية للتسليم والإتفاق على شكل النظام السياسي القادم لسوريا. وهذا باعتقادي هو الهدف والمغزى السياسي المباشر لأي تدخل عسكري غربي. حيث أدرك الكثيرون من قادة الدول الغربية بأن النظام لن يصل إلى قناعة بإستحالة النصر في هذه المعركة (وبالتالي الدخول في عملية تفاوضية) دون أن يصل إلى حافة الهزيمة.
ولعل هذه النقطة بالذات هي محط الإتفاق بين الدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة و بين روسيا وسبب الإطمئنان النسبي للأخيرة لما يجري التحضير له.
حيث سيتم أخذ تخوفات ومصالح روسيا بعين الإعتبار من خلال تنظيم عملية إنتقال السلطة في نهاية المطاف. يمكن في مرحلة لاحقة أن نشهد تدخل بري من جهة الأردن الهدف منه تأمين الحدود مع جيراننا الجنوبيين وتشكيل ضغط مضاعف على النظام.
ولكن خطوة من هذا النوع تعتمد على ما سيحققه القصف الجوي من نجاحات و إنجازات.
الوصول لحل سياسي يضمن استمرار الدولة وعدم تدمير ما تبقى من جيشها ومن أجهزتها الأمنية هو القاسم والمصلحة المشتركة الذي تلتقي عليه الدول الغربية مع روسيا.
وذلك إنطلاقا من رؤيتهم بضرورة وجود سلطة مركزية قوية قادرة على إعادة فرض سلطة الدولة على كامل الأراضي السورية من جديد والحيلولة دون نشوء فراغ يسمح بنمو التنظيمات المعادية. التدخل العسكري لا يكون إلا في سياق خطة سياسية تحقق مصالح من سيقوم بأعبائه بالدرجة الأولى, ولا مانع بعد ذلك من تلاقي هذه المصالح مع مصالح الآخرين.
ستدخل الثورة منعطفا جديدا وستتغير الكثير من قواعد اللعبة بعد البدء بالعملية العسكرية.
فعلى الأرجح أنه سيتم إستهداف العديد ممن ينظر لهم كأعداء محتملين ضمن صفوف المعارضة المسلحة. كما أن المعارضة السياسية ستنقسم على نفسها بين مؤيد ومعارض وسيتغير طبيعة الدور المناط بها بشكل كبير.
يمكن للمراقب ملاحظة تسلسل تطور الأحداث وطريقة الإعلان عن القرارت السياسية في العواصم المختلفة والتي لم تذكر الإئتلاف و لا المعارضة ولا حتى من خلال إشارة لهم كشركاء.
أجد من المهم الإشارة إلى أنه لا يوجد سوري يحب وطنه سيشعر بالفرح للتدخل العسكري الأجنبي في سوريا.
ولكن الطغاة دائما يأتون بالغزاة كنتيجة مباشرة لحماقاتهم واستهتارهم بأرواح شعوبهم, والتاريخ
مليء بالأمثلة.
كما أن تجارب الحروب الأهلية والتصفيات العرقية في القرن العشرين تؤكد صعوبة الوصول لحلول سريعة دون تدخل أجنبي إيجابي فعال يعمل على وضع نهاية للصراع ويجنب المدنيين المزيد من القتل والدمار, وإلا فإن الوضع الحالي قد يمتد لسنوات عديدة أخرى.
من حيث النتيجة هناك أسباب للتفاؤل بتطورات نحسب أغلبها إيجابية من حيث تغيير ميزان القوى وبالتالي تخفيض نسب القتل بين المدنيين وتحسين ظروف الحياة في الأماكن المحررة, ولكن لا يوجد مبررات للتفاؤل بنهاية قريبة للأزمة.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع