..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

اتفاقية الكيماوي السرية

سلوى الوفائي

١ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7388

اتفاقية الكيماوي السرية
00.jpg

شـــــارك المادة

دمّر بشار الأسد سورية ومن ورائه أمريكا، ومن أمامه إيران، ومن فوقه اسرائيل، ومن تحته روسيا، وعن يمينه العرب وعن شماله كل لصوص الثورة وفي حوزته كلّ ما لدى أوروبا من أسلحة متطورة...

بكلمة مختصرة دمّر العالم سورية وجلس يرتشف نخب انتصاره فوق تلال الخراب وأشلاء الأطفال الذبيحة ورفات الشهداء الزكية.

 


كل كلام غير هذا هو نصف كلام أو ربع كلام، لم يعد هناك مبرر للمجاملة وللتنميق والحزلقة الكلامية، ولم يعد هناك مجال للتهذيب الجمّ الذي نحاول أن نضعه على رأس الحروف كقبعة الملكة الزابيث... مادامت سورية دخلت في سجل الأموات فلتسقط كل المهرجانات الخطابية ولنكشف كلّ الأوراق التي أخفيناها طويلاً تحت الطاولة.
أمريكا تريد الرأس السوري لأن هذا الرأس مايزال يفكر، يخطط، يحلم، يتنفس، ويشوش على موجات الإخبارية السورية التي يبثّ عليها الأسد أناشيد المقاومة والممانعة.
أمريكا تريد أن تبقى الشعوب العربية قاطبة أجنّة متخلفة عقلياً، وحضارياً، وتقنياً، بحيث لا يشكلوا على المدى المنظور خطراً على استراتيجياتها الاستغلالية ومصالحها المادية ونفوذها الاقتصادي السياسي في هذه المنطقة التي تنام على نصف موراد الكرة الأرضية من المواد الخام.
أمريكا التي تخاف من الجنين العربي الحرّ المفكر، عيّنت له حارساً مناسباً يتولى ضربه كلما خطر بباله أن ينهض من سرير الطفولة أو فكر أن يمشي و يشبّ عن الطوق..
هذا الحارس يلبس ثوب الأسد في سورية و لكنه أمريكي الهوى إسرائيلي الهوية ويقبض راتبه آخر الشهر من خزانة البيت الأبيض.
مادامت دبابات الغرب هي التي داست أجساد أطفالنا، وسارينهم هو الذي خنق رجالنا وصواريخهم هي التي أحرقت نساءنا، وطائراتهم هي التي دكّت كل صروح الوطن وحولتها إلى رماد، فلماذا نستحي أن نقول أن الغرب هو الرأس المدبر وأن الأسد قاتل مأجور يقتلنا بالوكالة؟
ورغم وضوح الرؤيا، مازلنا نمضغ طيبتنا، ونذهب بكل براءة الوجدان لمصافحة اليد القاتلة وندعوها أن تتدخل لانقاذنا!
كل الإدعاءات التي تقول أن أمريكا ستتدخل عسكرياً بتوجيه ضربة إلى سورية عقوبة للنظام الأسدي لتجاوزه الخطوط الحمراء واستخدامه الكيماوي هي محض رماد يذرّ في العيون.
فقد صرّح البيت الأبيض أن الضربة العسكرية لا تهدف إلى إسقاط النظام ولا إلى الإطاحة بالأسد، وإنما هي ضربة تأديبية من والد محبّ لولده المدلل.
فمن المقصود بهذه الضربة ولماذا جاءت في هذا التوقيت بالذات. لاشكّ أن قرار الضربة العسكرية جاء اليوم لتتخلص أمريكا من عبء الضغط الشعبي والأخلاقي والعرفي والإعلامي للالتزام بوعودها بدعم حركات التحرر وحماية حقوق الإنسان وتأييد حق الشعوب في تقرير مصيرها و.الإيفاء بوعدها بمعاقبة متجاوزي "الخطوط الحمر" وتأديبهم.
في ذات الوقت تضمر التخلص من عبء تنامي الجماعات الإسلامية الجهادية وتضخم تنظيماتها وقوتها وفاعليتها التي تشكل خطرا كبيرا على المصالح الإمبريالية وعلى الجارة "إسرائيل".
بحيث تحقق في ضربتها هدفين التخلص من كرت محروق فقد شعبيته بعد أن أبدى غباء منقطع النظير في التعامل مع الأحداث وأحرج العالم بغبائه، ومن ثم استبداله بوجه مقبول جماهيرياً وعالمياً وبعيداً عن دائرة الإسلاميين المتشديين التي تعجز أمريكا عن تطويعهم وتطبيعهم.
1- لندرك أولاً أن من يود التأديب والعقاب لا يعلن عن موعد الضربة ولا عن مكانها، فكيف نصدق أن أمريكا التي زوّدت النظام بمعلومات واضحة فاضحة عن الأماكن التي ستستهدفها في الضربة العسكرية المزمعة تريد خيراً للشعب و البلد؟
لقد أخلى الأسد جميع المواقع العسكرية المتوقع ضربها ونقل جنوده وشبيحته وأسلحته وذخائره من المراكز والفروع الأمنية إلى الأحياء السكنية والمدارس والجامعات والمساجد والمدن السكنية الجامعية، وأعطى إيعازاً لقادة جنده من الضباط المواليين بمغادرة البلد حفاظاً على أرواحهم، ومنح ما تبقى من جنوده هويات مدينة حماية لهم في حال وقعوا في أيدي الجيش الحرّ إن حدث أن سقط النظام.
وانحلّ الجيش تحت تأثير الضربات، وبدأت حركة نزوح كبيرة للمواليين له إلى مدن الشريط الساحلي وقراه لم تشهد سورية لها مثيل من قبل، حاملين معهم ما استطاعوا سرقتهم من الأهالي مما خفّ وزنه وغلا ثمنه، فهل بعد هذا نصدّق أن الضربة ستكسر عظم الأسد أو حتى معصمه أو بنانه؟
2- في حال تمت الضربة ولم تحقق انتصاراً يقرّ عين الشعب الثائر، وانتهت دون أن تحدث فرقاً في إيقاع الحرب الدائرة سيعود الأسد أقوى مما كان ويبدو بطل المقاومة والممانعة الذي صمد ضد ضربات الغرب المعادي ويعود ليتصدر المشهد السياسي حتى نهاية ولايته عام 2014 إن لم يرشح نفسه ويبقى بقوة السلاح لدورة رئاسية قادمة، وبذلك تكون أمريكا وخلفها إسرائيل قد خدمته خدمة العمر...
3- وفي حال تمت الضربة العسكرية فعلاً، فسيكون لها أهدافها البعيدة الغير معلنة كما علّمنا التاريخ دائماً، فهي تهدف إلى ضرب الكتائب الإسلامية في سورية ومنع انتصارها وتقدمها لاسيّما بعد التقدم الهائل الذي حصل في رمضان الماضي في أكثر من جبهة ولاسيما جبهة الساحل التي فتحت الطريق إلى القرداحة مقعل الأسد وأنذرت بقرب انهيار حكمه الغاشم الظالم، ولأن أمريكا لن تسمح بتصدر الإسلاميين الذين تصفهم بالمتشديين والقاعديين للمشهد السياسي في سورية ولن تسمح لهم بإحراز نصر يمكنهم من السيطرة على سدة الحكم، فكان لابدّ من كسر عظامهم، ونثرها فوق رؤوس جبال العلويين.
4- ما سبق يظهر أن استخدام الأسد للكيماوي في غوطة الشام بتاريخ 21- آب ربما لم يكن سوى نصيحة توريطية أرادها الغرب ليتذرع بالتدخل لتحقيق مآربه ومصالحه، لم توّرطه به رغدة نعناع التي غنّت لسوق النخاسة وزمجرت تطالبه باستخدام الكيماوي، ولم تورطه به سلاف فواخرجي التي أعلنت التصدي للأمريكيين بصدور عارية، وإنما ورطه به أعمامه الأمريكيين وأخواله الإسرائيلين، لتعلن إيران وروسيا انسحابها من المشهد، بعد أن أدركوا أن اللعبة انتهت وأن دور أراكوز وعيواظ الذين قاما بتأديته على أتم وجه قد انتهى.
5- ماذا ستحقق أمريكا من انجازات في هذه الضربة؟
أولاً: ستظهر نفسها البطل المخلص والحامي لحقوق الإنسان الذي انتفض لجريمة قتل 2000 إنسان خنقاً بالسارين ولم ينتفض لقتل 200 ألف إنسان بالرصاص والقنابل والصواريخ والبراميل المتفجرة.
ثانيا:ً ستهيئ الشروط المناسبة لتنحي الأسد في حال أدت الضربة لتهاوي جيشه وانحلاله وهزيمته سواء بضربة موجهة له أو بانقلاب عسكري يأتي مرسوماً من الداخل.
ثالثاً: تفتح الطريق أمام جنيف2. لجرّ الأطراف المتناحرة لطاولة المفاوضات وتشكيل حكومة انتقالية توافقية تضم كافة الأطياف السورية بما فيها فلول النظام البائد، ثالثاً، تتخلص من الإسلاميين المتشددين وتمنع وصولهم إلى الحكم بمساندة الجيش الوطني الجديد بقيادة مناف طلاس ورعاية الجربا وكيلو وقناة العربية.
وأخيراً ضرب السلاح الكيماوي السوري خشية وصوله لأيدي الإسلاميين واستخدامه ضد دول الجوار مما يهدد أمن واستقرار اسرائيل الحبيبة.

ختاماً، رغم نزيف السنوات الماضية ظلّ الشعب السوري الثائر صابراً، واقفاً صامداً، ولم يستطع أحد أن يسرق وهج ثورته رغم كثرة المتآمرين.
وسواء جاءت الضربة العسكرية الأمريكية أم لم تأت، وسواء ظلّ الموت المتجول الوحيد في شوارع سورية الحبيبة، ستبقى الثورة ماضية إلى أن تحقق أهدافها كاملة غير منقوصة.
كلّ ما نحتاجه الثقة بالله، وحسن القيادة وحسن التنظيم والتخطيط والصبر.
إن الله مع الصابرين.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع