..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

علي الطنطاوي: كلمات في الثورة (23)

مجاهد مأمون ديرانية

١٦ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3083

علي الطنطاوي: كلمات في الثورة (23)
1_0.jpg

شـــــارك المادة

 هل شككتم وتزعزعتم أن بعث الله لكم مَن يبلو بعدوانه صبرَكم وبأذاه رجولَتكم، وأن جعله امتحاناً لكم لينظر ماذا استفدتم من درس البطولة الذي تلقّيتموه في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم؟

هل ظَننتم أنكم تنالون شهادة البطولة بلا امتحان؟

{أم حسبتم أن تدخلوا الجنةَ ولمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين؟}

 

 

أم أنتم قد حزنتم وقلتم: "ما لنا نُبتلى ويَسْلم الضالّون الظالمون"، ونسيتم أنه لو كان الابتلاء شراً لما ابتلى الله الأنبياء والصالحين والمسلمين الأوّلين؟

أفما لكم قدوة برسول الله عليه الصلاة والسلام؟

أما لكم أسْوَة بالصحابة والتابعين، ممّن أوذي في سبيل الله وعُذّب وقتل، وبمن وُضعت المناشير على أعناقهم ليقولوا كلمة الكفر، فكانوا يقولون: لا إله إلا الله؟

أما سمعتم قصة الملك الذي طغى وبغى وشَنَق وخنق، حتى خَلعت خشيةُ بطشه القلوبَ وقطعت الألسنة، فجاءه رجل صالح من رعيّته بمسمار عظيم أعدّه وحمله إليه على أربعة جمال حتى بلغ به باب القصر، فأطلّ الملك فرآه فقال متعجباً: ما هذا؟

قال: هذا يا مولاي مسمار لتسمّر به الفلك، فلا يدور بالمُلْك عنك إلى غيرك ويبقى لك أبداً.

وما سُمّر الفلك ولا دام المُلْك، وأودى الدهرُ بجبروته وسلطانه فلم يعد يحسّ به أحد أو يدري بأنه كان له يوماً وجود. ذهب كما ذهب من قبله فرعون وهامان والنمرود، وهلك كما هلكت عادٌ وثمود، وقد كانوا جبابرةَ الأرض وكانوا مَرَدَة البشر، ومشى في الطريق الذي مشى فيه الطغاة جميعاً، إلى جهنم. فأين هو اليوم؟

وأين فرعون الذي قال: {أنا ربكم الأعلى}؟

وأين النمرود الذي ضَرّم النار على إبراهيم؟

فلا تجزعوا إن استأسد فيكم ثعلب أو استنسر بُغاث؛ لقد ذهبوا جميعاً، جرفهم سيل الزمان، أفيبقى من بعدهم فلان (ممن لا أسمّي) وفلان؟

أيودي السيلُ بالفِيَلة الكبار والآساد وتَثْبت له القطط والخرفان؟

 

------------------------

هُتاف المجد: المسلمون إلى خير (1955)

 

 

الزلزال السوري

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع