علي بدوان
تصدير المادة
المشاهدات : 6667
شـــــارك المادة
تُعتبر حركة "حماس" في نهاية المطاف العنوان الفلسطيني لحركة "الإخوان المسلمين". ومن المعلوم أن الحركة الإخوانية في العالم تماهت عموماً مع الحدث السوري، وانطلقت في موقفها مؤيدة ومساندة لحركة الشارع، انطلاقاً من موقفها النقدي والمعارض عموماً للنظام السوري، وانطلاقاً من إرث معقّد من الخلافات التي كانت قد دبت في سورية بين الحركة الإخوانية المحلية والنظام وقد توجت تلك الأزمة بالافتراق النهائي بين النظام السوري والحركة الإخوانية المحلية عام 1979.
هذه المعادلة الصعبة انعكست على حركة "حماس"، وانهارت معها كل الجهود التي كانت قد بذلتها الحركة بشخص رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل قبل اندلاع الأزمة السورية أصلاً، من أجل المساعدة على رأب الصدع "العتيق والمتقادم" وتجسير الهوة بين دمشق وعموم الحركة الإخوانية وفي المقدمة منها الحركة الإخوانية السورية وقادتها الموجودون في الخارج، وقد بُذلت جهود مضنية على هذا الصعيد كان يمكن أن تُثمر في المرحلة التالية لولا وقوع بعض الإشكالات، ووقوع سلسلة من التحولات التي أفضت إليها الأزمة الداخلية في البلاد، كما تشير معلومات من مصادر مختلفة. في هذا السياق، جاءت مغادرة معظم قيادات حركة "حماس" وتحديداً أعضاء مكتبها السياسي لسورية منذ بدايات الأزمة، انطلاقاً من عدة أسباب، منها أسباب لها علاقة بالفضاء العام السياسي والأيديولوجي لحركة "حماس". ومنها أسباب تعود في جانب هام منها إلى اتساع الهوة في سورية ودخول الأزمة أنفاقاً مجهولة مع ازدياد وتيرة العنف وحالة الانفلات الأمني. ومع هذا، تدرك "حماس" في قرارة نَفسها أهمية الساحة السورية بالنسبة لها بغض النظر عن أي نظام في سورية، وانطلاقاً من ذلك فهي على الأرجح حريصة على التواجد فوق الأرض السورية وبين جموع الفلسطينيين هناك الذين يبلغ تعدادهم حوالى 700 ألف مواطن فلسطيني منهم حوالي 511 ألفاً من لاجئي العام 1948)فلسطيني سورية)، يُشكلون كتلة واحدة مع فلسطينيي لبنان البالغ تعدادهم حوالى 420 ألفاً. إن شواهد تلك المعادلة التي تَضبط رؤية حركة "حماس" لعلاقاتها مع دمشق وموقفها وتكتيكها، والروح البراغماتية، تتجسد الآن في: 1- حرص الحركة على تجنب إطلاق تصريحات غير مدروسة أو مستعجلة أوغير ضرورية في شأن الأزمة السورية، والاعتناء الدقيق باختيار العبارات في أي من تصريحات قادة صفها الأول وخصوصاً أعضاء المكتب السياسي، على رغم إغلاق ثلاثة مكاتب قيادية لها بالشمع الأحمر (مكاتب خالد مشعل وموسى أبو مرزوق وعزت الرشق). فـ "حماس" ليست كيان دولة متبلورة في كيان نهائي، إنها في نهاية المطاف جزء أساسي من حركة التحرر الوطني للشعب الفلسطيني، وهو ما يملي عليها اتخاذ مواقف عالية المرونة وعالية البراغماتية. 2- استمرار تواجد عدد لا بأس به من كوادر "حماس" في سورية، خصوصاً منهم ممن يطلق عليهم مسمى "فلسطينيي سورية" وغيرهم من أنصار الحركة. 3- استمرار الاتصالات اليومية وعلى أعلى مستوياتها بين قيادة "حماس" ممثلة بالمكتب السياسي وباقي الفصائل ومنها فصائل قوى التحالف الوطني الذي تنضوي "حماس" في إطاره، وخصوصاً الاتصالات بين طلال ناجي نائب الأمين العام لـ "الجبهة الشعبية/القيادة العامة" وقيادة حركة "حماس" وبالأخص مع خالد مشعل. فطلال ناجي يُعتبر من المرجعيات الفلسطينية المُعتمدة والمسؤولة في دمشق، والقادرة على التَحرك والتأثير والضبط والربط في ميدان العلاقات السورية الفلسطينية بشكل عام. 4- استمرار وجود عدد من مقرات عائدة لحركة "حماس" لم يغلق أي منها، ومنها مقرات العمل الشعبي في المواقع الفلسطينية في سورية (مخيمات ومناطق) وإن خفت وتيرة عملها كما هي حال مختلف النشاطات الوطنية الفلسطينية لعموم الفصائل التي باتت تصب باتجاه واحد تقريباً في مسار مساعدة الناس في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد. 5- بروز دور عناصر وكوادر "حماس" في لجان الإغاثة الاجتماعية في شكل لافت جداً وملحوظ، وفي مخيم اليرموك على وجه الخصوص، وهي اللجان التي أخذت على عاتقها مهمة تقديم وتوفير المساعدات الممكنة للمواطنين السوريين والفلسطينيين على حد سواء، الذين لجؤا إلى المخيم من المناطق المجاورة التي تعرضت وما زالت تتعرض للعنف الدائر. فمخيم الیرموك يستضيف حوالى 25 ألف نازح في مراكز اللجوء في مدارس وكالة "الأونروا" وحتى داخل مقرات حركة "حماس" ومنها المقرات الشعبية المنتشرة في مخيم اليرموك والمسماة بالمضافات. كما يستضيف مخيم اليرموك نحو مئة ألف مواطن نزحوا إليه في المنازل. وما يقارب 300 ألف وافد في منازل أقاربهم يتقاسمون الرغيف بين جدران المخيم. وفي هذا الميدان فإن جهود الهيئات المجتمعية والفصائل الفلسطينية تبدو مرتفعة وتتقدمها جهود لجان الإغاثة التي يديرها نشطاء من "حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"فتح" وباقي القوى الفلسطينية.
المصدر: صحيفة الحياة
الرشيد
ياسر الزعاترة
سلامة كيلة
سعيد الحاج
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة