..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

حمص يا وجعي

سلوى الوفائي

١٨ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 9161

حمص يا وجعي
123اغيثوا حمص.jpg

شـــــارك المادة

أكتب لحمص هذه الكلمات، كمن يعطي الجائع رغيف خبز بدل أن يدعوه للعشاء.
أعلم أن الكلمات لن تشبع جوعها، لكنّها تمنحها قوت يومها من الصبر وتغذّيها بفيتامين الصمود.
يوماً بعد يوماً تزداد مأساة حمص.

 


يوماً بعد يوم تنعزل عن ضمير العالم الذي انسلخ عن إنسانيته.
و قد فضّلت خسارة الحياة على خسارة الحلم، دخلت الحرب كبيرة لأنها تريد أن تخرج منها ملكة متوّجة.
و قد ارتفعت حتى لم يعد أحد يتسامق إلى قامتها العشقية.
حمص ما تزال تأن تحت الحصار.

ما تزال توجه نداءات استغاثة لمن يسمع النداء.
ليس لأنّها تنتظر جواباً تعرف أنّه لن يأتي، بل لتشهد الله و التاريخ و العالم أنّها نادت بأعلى صوتها و لم يلبي أحد نداءها.
ليتذكر كلّ أصحاب القامات الممشوقة أنّهم خذلوا الحبيبة، و تركوها تنزف بين يدي غاصبها.
فكان منهم القوّاد و كان منهم المتفرج السعيد، و كان منهم الباكي الذي يتشظّى ألماً و قد كبّلته أغلال العجز.
كلّ ما بقي في جعبته كلمات تتساقط كالمطر على تربة مالحة أنّى لها أن تنبت و تزهر؟
كلمات مكلومة نتمنى لو كان لها جبين لنقبّله، إشفاقاً و لهفةً.
حمص المحاصرة تغرق أكثر فأكثر في خضمّ دموعها و بئر أوجاعها، تستنجد من خلّص يوسف من البئر، و يونس من بطن الحوت، و نوحاً من طوفان محتّم أن يخلّصها و يمضي بها إلى برّ السلامة.
حمص المحاصرة، في أحيائها القديمة، تنقطع عنها كلّ أسباب الحياة إلا الكرامة، حيث لا ماء و لا غذاء و لا كهرباء، الدعاء وحده يكلأ جوع ألف عائلة محاصرة، و الصبر وحده يروي ضلوعهم العطشى، نورالثقة بالله و النصر وحده يضيء ظلمة بيوتهم التي سكنتها خفافيش الظلام، ينتظرون فرجاً أصبح كالحلم في ليلة يأس.
لا منفذ لهم إلى العالم الخارجي إلا و حفّ بالدبابات و المدافع والقناصة تصطادهم واحداً واحداً كالعصافير الهاربة من بندقية صياد ماكر.
لا ذنب لهم سوى أنّهم نادوا يوماً بما يثير غضب الطغاة، و يحرك الوحش الساكن في أعماقهم، لا ذنب لهم سوى أنّهم من وطن يطمح أن يعيش حياة كالحياة، و ينعم بكرامة الإنسان و حقّه أن يتنفس و أن ينزع عن فمه كاتم الصوت الذي لزمه سنين طويلة. يتساءل المحاصرون هل ما زال العالم الخارجي حيّاً يرزق؟
هل مازال يسمع نداءاتنا أم أنّ أصوات المدافع الموجهة إليهم قد صمّت أذانهم فهم لا يسمعون؟
يتساءلون و حقّ لهم السؤال هل هناك حقوق للإنسان في عالم الإنسانية و إن يكن فهل يعتبرهم العالم بشراً أصلاً؟
أم أنّ رداء الإنسانية فضفاضاً عليهم و لا يليق بهم؟
هل يقدمون استغاثة لجمعيات الرفق بالحيوان عسى أن تلبي النداء و تسعف من يمكن إسعافه ككلّ الكلاب الضالة التي يبنون لها فنادق خمس نجوم و يخصصون لها دخلاً شهرياً و طاقماً بشرياً للعناية بها و تدليلها والحفاظ على عافيتها و صحتها النفسية؟

ما أصعب أن يتمنى المرء أن يكون كلباً ضالاً علّه يجد من يرفق به!!!
لا تعجبوا أن استيقظنا و قد بللت الدموع وساداتنا، فنحن حين يرهقنا التعب ننام إعياء لكن جرحنا يظلّ مستيقظاً، وكأن أسرتنا تتآمر علينا هي الأخرى فتوقظ مواجعنا، و تسقيها من دموعنا ليكبر شجر الأحزان ويطال عنان السماء، كم من مقهور شلّ الاكتئاب حركته فلازم سريره لا يقوى حتى على التنفس، حداداً على شهدائنا و منكوبينا والنازحين و اللاجئين و المحاصرين في الأحياء المغضوب عليها، يستعينون بالحزن على فقيد جديد لينسون فقيدهم السابق...

وتتوالى النكبات و يستمر الصبر و الثبات و يستمر تساقط الأقنعة عن وجه العالم القبيح ....
ما دام العالم عاجزاً عن إنقاذ الشعوب المستعبدة المقهورة فليتبوأ مكانه من الخيانة ....

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع