..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

قطر تقترح "تدخُّلاً" في سوريا... فَشِل في لبنان!

سركيس نعوم

١ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6698

قطر تقترح
1.jpg

شـــــارك المادة

أواخر عام 1975 استضافت العاصمة السعودية الرياض قمة عربية مصغرة لدرس سبل وقف الحرب في لبنان كانت بدأت قبل اشهر.
وأوائل عام 1976 عقدت في العاصمة المصرية القاهرة قمة عربية موسعة لدرس اقتراحات القمة المصغرة لوقف تلك الحرب.
وفي نهايتها صدر قرار بإرسال "قوة ردع عربية" إلى لبنان من 20 ألف جندي. وكانت غالبية هذه القوة سورية لأن مصر امتنعت عن الاشتراك فيها، ولأن مشاركة الدول العربية الأخرى كانت رمزية ولم تستمر طويلاً.

 


وقد "ربّحت" سوريا في حينه الدول العربية "جميلاً" بقبولها هذه المهمة الصعبة، علماً أن المعلومات التي توافرت لاحقاً أشارت إلى إن القيادة السورية "اشتغلت" باللبنانيين على تنوعهم الطائفي والمذهبي، وبالفلسطينيين اللاجئين إلى لبنان قبل نشوب الحرب وبعده رغم تناقضاتهم بغية تحقيق استراتيجيتها وهي السيطرة على لبنان وفلسطينييه والتحول رقما عربيا يستحيل تجاوزه في أثناء البحث عن حلول لأزمة الشرق الأوسط ولبّها قضية فلسطين.
هل أوقفت "قوة الردع العربية" الحرب في لبنان؟
طبعاً لا. وعلى العكس من ذلك فقد اججتها وورّطت فيها دولاً إقليمية وكبرى منها الاتحاد السوفياتي الذي رفض في حينه دخول جيش سوريا إلى لبنان. وأدى ذلك إلى تقسيمه، وأشعل حروباً داخل الطوائف والمذاهب، وبين بعضها والفلسطينيين. كما أشعل حروباً بين الفلسطينيين أنفسهم. في اختصار أطال التدخل العسكري العربي في لبنان حربه إذ دامت قرابة 15 سنة. وهي لم تنته عام 1990 الا بعد تحرك عربي شامل نجح في جمع اللبنانيين المتحاربين في الطائف السعودية حيث اتفقوا على ميثاق وطني جديد تُرجم دستوراً لاحقاً.
لكن النجاح ارتبط بموافقة العرب على دور أساسي وحيد لسوريا في لبنان. وكان ذلك أحد ابرز شروط الرئيس السوري آنذاك إذ استمر متمسكاً باستراتيجيته ومُصرّا على تحقيق أهدافه. وما حصل بعد ذلك معروف. وقفت الحرب العسكرية، لكن الحرب السياسية استمرت لأن سوريا لم تشأ مساعدة اللبنانيين على تنفيذ اتفاق الطائف، بل على بناء دولة إنهاء الحرب، وذلك كي تبقي وجودها السياسي والعسكري على أرضهم حاجة دائمة لهم. علماً ان سياسة سوريا الأسد في لبنان بعد الحرب العسكرية أسست لحروب فيه بدأنا نرى ملامحها المذهبية والإسلامية اليوم.
فضلاً عن أنها أرست أسس نظام لبناني ديموقراطي شكلاً، وديكتاتوري وأمني وقمعي وفاسد وطائفي ومذهبي فعلاً، رؤوسه لبنانية لكن إدارته الفعلية سورية.
وغني عن القول أن أميركا كانت، في معظم هذه المرحلة التي انتهت رسمياً في 6 نيسان 2005 أو قبل ذلك بأشهر، مع سوريا الأسد ودورها "البناء" في لبنان.
لماذا إثارة هذا الموضوع اليوم؟
لأن أمير قطر، الذي له أياد بيض على لبنان وخصوصاً بعد حرب إسرائيل عليه في تموز 2006، اقترح أخيرا ومن الأمم المتحدة "تكرار الحل العسكري العربي في لبنان" في سوريا التي تشهد ثورة حولَّها قمع الأسد حرباً أهلية – مذهبية.
ولأننا حرصاء على سوريا وعلى دماء شعبها وواثقون أن تكرار "الخطأ" فيها سيكون مدمراً لها وخصوصاً في ظل بعض التشابه بين تركيبتها الشعبية والتركيبة اللبنانية خلافاً لما يظنه متعصبون لنظام الأسد. ونحن نخشى على قطر الطامحة إلى دور كبير جداً بل الممارسة له من الخطأ الفادح.
فالعرب ومعهم العالم "برأوا ذمتهم" عام 1976 بالنسبة إلى لبنان رغم علمهم بأن مبادرتهم فاشلة. فهل يريد أمير قطر تكرار التجربة اليوم في سوريا؟
هذا فضلاً عن أن تنفيذ اقتراح الأمير حمد بن خليفة آل ثاني ليس سهلاً. فمصر ليست قادرة على أداء دور سوريا أيام حافظ الأسد. علما أنها لم تؤده عام 1976.
والسعودية أساساً، رغم حجمها الأكبر من  قطر، لا تستطيع أداء الدور نفسه. ولا أحد في الدول العربية الأخرى قادر على ذلك. أما تركيا وإيران الإسلامية فقادرتان، وربما راغبتان، لكنهما جزء من المشكلة في سوريا، ولكل منهما طموحات إقليمية كبيرة، وهما تستطيعان أن تصبحا جزءاً من الحل، شرط أن يتفق عليه شعبها وبقية الدول العربية والمجتمع الدولي. ذلك أن العرب والعالم لا يحتاجان إلى تحوّل الدولتين الإقليميتين الكبيرتين طرفين مباشرين في الصراع العسكري داخل سوريا. فهل من يُطلع أمير قطر على حقيقة تجربة لبنان منذ الـ75 بل منذ 69 – 70 حتى الـ2005؟

 

المصدر: النهار

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع