..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الحاضنة الشعبية للجيش الحر ..

عهد الشام

٣ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7232

الحاضنة الشعبية للجيش الحر ..
123عهد الشام.jpg

شـــــارك المادة

مَدّ أكبر من جزر
بالصراخ والعويل والبكاء الذي بلل الفاجعة، استقبلت الأم الجيش النظامي الأسدي الذي جاء إليها بابنها مقتولا ليلقيه على باب الدار.. وبعد سنة ونصف السنة، تكرر الصراخ أعلى والعويل أشد على ولدها الثاني الذي خرج من المعتقل إنسان آخر رسمت ملامحه آثار التعذيب ليسقط ميتا على نفس باب الدار.. و اليوم ودّعت ابنها الثالث والأخير لكن لمصيرٍ رأته خيرا وأكثر رحمة، أرسلته إلى صفوف الجيش الحر مقاتلا ومدافع.

 


ربما انضمام مثل هذا الشاب لم يزِد أفراد الجيش الحر إلا واحدا من عشرات آلاف، لكنه كان متمماً لمسيرة سابقيه من الشهداء والمقاتلين، و ممهداً لمسيرٍ جديد يبدؤه الشباب الآخرون الذين يدفعهم إيمانهم واقتناعهم بمبادئ الجيش الحر ومساندتهم لجهاده في الشارع للالتحاق به تاركين وراءهم أهليهم و بيوتهم مهددين دوما بخطر المسح التام من على وجه الحياة ..
فمنذ اليوم الأول من عمر الثورة، برهن أبناؤها من المدنيين أنهم خير امتدادٍ سلمي للثورة المسلحة وخير مكملٍ لبطولات الجيش الحر.. سواء من خلال الدعم النفسي لهم باستقبال انشقاقاتهم ثم تأمين سرّية تحركاتهم، أو الدعم العاطفي بالدفاع عنهم إعلامياً لبيان أن هؤلاء الثوار هم منبثقون من رحم الشعب، أو الدعم المادي بتأمين مستلزماتهم من عتاد ومؤونة.. فالعلاقة بين الجيش الحر وحاضنته الشعبية كانت و مازالت علاقة تبادلية تفاعلية لا ينجح جزء منها دون الآخر.
مع أول انشقاقٍ عسكري بادر أبناء الثورة بتأمين البيئة الداعمة والحامية له تماما على أمل وجود قوةٍ تحمي المتظاهرين السلميين من بطش النظام الأسدي بهم، وفعلا عندما سُجّل أول انشقاق عسكري كان للمجند «وليد القشعمي» مع بعض زملائه، صرّحوا أن من حماهم وغطى انشقاقهم هم المتظاهرون الذين خرجوا في منطقة حرستا، بعد أن رفضوا إطلاق النار عليهم حسب تعليمات الجيش الأسدي، وعلى الرغم من المخاطر التي لفّت هذا الانشقاق وما تبعه من تهديداتٍ لأسر المنشقين إلا أن الاحتضان الشعبي الذي قوبلوا به كان المحرك الأفضل لعمليات الانشقاق اللاحقة ومنها أيضاً انشقاق «عبد الرزاق طلاس» برتبة ملازم أول الذي دعا للانحياز إلى مطالب المواطنين العزل وأكّد إصراره على ذلك، و غيرها الكثير من سلسلة الانشقاقات المستمرة حتى الآن والمنبثقة من وإلى الشعب الأعزل.
ولم يتوقف الدعم الشعبي للجيش الحر عند دعم أبطاله المنشقين، بل شاركتهم نساء سوريات ثورتهم المسلحة سواء بدعم نفسي أو قتالي و منهن «ثويبة كنفاني» المهندسة القادمة من كندا لتنضم إلى الجيش الحر و «آلاء مورللي» المعتقلة الحرة التي ظهرت في تسجيل مع أفراد الجيش الحر في اللاذقية تعلن دعمها لهم.
وعلى الصعيد الإعلامي، لم يوفر ممثلو تنسيقيات الثورة وإعلاميوها فرصة للدفاع عن بطولات الجيش الحر وإظهارها للمجتمع الدولي أو حتى تصحيح أخطاء بعض أفراده وإعادتهم إلى ركب الثورة الصحيح، وتوثيق عملياتهم ومواقفهم بالتسجيلات والتقارير وإيصالها للإعلام.
و من لم يستطع متابعة الجيش الحر في انشقاقاته وتوثيق عملياته فقد اختار أن يكون لهم جناحا آمنا وعائلة بديلة، من خلال إمدادهم بمؤونات الطعام والشراب وأحيانا المنازل التي يهبها أصحابها كمقراتٍ لعمليات بعض أفراد الجيش الحر، إضافة إلى الدعم المادي ولو البسيط الذي يساعدهم على تحصين دفاعاتهم، يقينا من هذه العائلات أن الجيش الحر قد أصبح الخيار الأفضل لمتابعة ثورة أبنائهم السلمية وحمايتهم.
لكن القوات الأسدية تنبهت إلى آثار أفعال الجيش الحر ومن يساندهم على المواطنين السوريين جميعا، فلعبت لعبتها القذرة في استهداف الوحدات السكنية في الأماكن التي قد يلجأ المنشقون الجدد في الجيش الحر أو تُستهدف القوات الأسدية منها، ليكره سكان هذه المناطق الجيش الحر ويتحولوا من داعمٍ و مؤيدٍ له إلى مبلّغ عنه إلى «الجهات المختصة» كما يسميها النظام.
حيث لجأ النظام الأسدي إلى توظيف أكبر قدرٍ من القوة ضد المناطق السكنية ليس فقط لاستهداف الجيش الحر الذي مازال يصعب على النظام الأسدي حتى الآن القضاء عليه أو حتى إحداث شرخ في صفوفه، بسبب تمتعه بدعم الحاضنة الشعبية وأيضا لامركزيته حيث أن وجوده ليس مرهونا إلا بقتال عصابات الأسد أينما وُجِدت، وإنما لاستهداف المدنيين و بالتالي دفعهم بشكل واعٍ أو غير واع لتحميل مسؤولية مصابهم من دمار و قتل للجيش الحر، أي إحداث هوّةٍ في العلاقة بين الجيش الحر والمدنيين الحاضنين له تسهيلا لسبل القضاء التام على الجيش الحر حسب ظن النظام.
و توصف جرائم النظام الأسدي بحق شعبه الأعزل الداعم للثورة بأنها جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، وكذلك جرائم تطهير عرقي، بدءاَ بالقصف المدفعي والصاروخي، ثم التدمير المنهجي بالأسلحة «الفراغية» و «الكيماوية» التي استخدمت في بعض المناطق، انتهاء بمجازر الذبح الجماعي التي وصلت حصيلة ضحاياها لأكثر من 400 شهيد في اليوم الواحد.. إضافة إلى استهداف مخيمات اللاجئين في الدول المجاورة إما بقصفها أو إرسال «شبيحتهم» لإرهاب أهلها.
كل ذلك بهدف إضعاف الجيش الحر وإرهاب قاعدته الشعبية، وإحداث حالة نفور بينه وبين حاضنته الاجتماعية، وجرّه وقيادات الثورة إلى مفاوضاتٍ شكلية تستنزف القوة الفكرية والإرادة الحاسمة لهم، فتعيد الشعب إلى سابق عهده في الخضوع والصمت.. لكن أبناء الثورة من مدنيين أو عسكريي الجيش الحر مازالوا في وحدة حال تقوى كل ما قويت عليهم قبضة الأسد أملا بالنصر القريب.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع