..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

التدخل الأجنبي والحالة السياسية السورية (المعارضة!)

محمد أيمن الجمال

٢٣ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6372

 التدخل الأجنبي والحالة السياسية السورية (المعارضة!)

شـــــارك المادة

مع التحفّظ على مصطلح (المعارضة) فإنّ من الواضح أنّ السياسة السوريّة (غير الحكوميّة حتّى ساعة كتابة هذا المقال) لا تقوم إلاّ بمتابعة الشارع السوريّ عن بعد فيما لا بدّ منه، والشارع يسبق الساسة بكثير، والشارع هو الذي يُجبر الساسة على محاولة الجري لأجل التمسّك بكرسيّ السياسة.

 


المقاربات السياسيّة تدفع الأحزاب والشخصيّات إلى اتّخاذ مواقف موائمة للشارع والرأي العام في الداخل السوريّ، وهذا ما كشفه الشارع السوريّ بسبقه الإعلاميّ، ومبادرته بنشر كلّ الأفكار مباشرة عبر وسائل الإعلام، لكنّ الغريب في الحالة السياسيّة السوريّة أنّ الساسة ما كانوا يومًا مبادرين متقدّمين على الشارع والرأي العام! الغريب أنّ السياسيّين وهم يُدركون نبض الشارع لم يقوموا بالتعبير عن هذا النبض عبر خطوات سياسيّة مدروسة، الساسة في سوريا (أفرادًا وأحزابًا) لم يُبادروا بالإعلان عن الحاجة إلى التدخّل الأجنبيّ إلاّ بعدما ملّ الشارع من المطالبة به.
والساسة اليوم يُصرّون على المطالبة بالتدخّل الأجنبيّ وهم يُدركون أنّ نبض الشارع اليوم أنّه لم يعد يريد تدخّلاً أجنبيًّا.
التدخّل الأجنبيّ كان مطلبًا يوم كان النظام يُسيطر على شيء من البلاد يُحرّك فيه قطعاته العسكريّة نحو المدن التي يريد أن يفتك بها.
التدخّل الأجنبيّ كان مطلبًا يوم كانت إمكانيّة النظام في دكّ المنطقة التي يريدها واقتحامها.
التدخّل الأجنبيّ كان لازمًا حين كان الثوّار لا يُسيطرون على معبرٍ حدوديٍّ واحدٍ.
ملّ الثوّار من المطالبة بالتدخّل الأجنبيّ حتّى إذا بات النصر قاب قوسين أو أدنى أرادت دول العالم أن تزجّ بقواتها في المعادلة السوريّة، وصار التدخّل في سوريا مطلبا عالميًّا للحفاظ على اللا نظام القائم، أو مطلبًا للحفاظ على أمن الجارة الغربيّة المدلّلة بدأنا نشهد حراكًا غربيًّا حثيثًا لهدف المحافظة على الوضع القائم حدوديًّا مع (إسرائيل!!).
وفي ظلّ الوضع الراهن ينبغي أن يُسرع السياسيّون إلى التساؤل: هل ننتظر حتّى يُطالبنا الشارع بمنع التدخّل الأجنبيّ بكلّ صوره وأشكاله فنتمسّك بمطالب الشارع القديمة حتّى يسبقنا الشارع إلى تغييرها؟ أم نبادر إلى المطالبة بما نتوقّع أنه نبض للشارع فنسبق الشارع إلى ما يريد، ونرشده إلى ما نظنّه الأصوب؟
السياسيّ الذي ينتظر الشارع والرأي العام لا تكمن مشكلته في محاولة اللحاق بالشارع فقط، بل المشكلة أكبر؛ إذ عدم استقراء نبض الشارع يجعل السياسيّ في خانة القارئ للأخبار لا الصانع لها، وهذا لا يليق بأيّ سياسيّ. كما أنّ رسم مستقبل البلاد وسياساتها بيد أبنائها دون تدخّل أجنبيّ سيكون ممكنا بشكل أكثر استقلاليّةً ممّا لو حصل هذا التدخّل.

أمّا المبادرة إلى رفض التدخّل الخارجيّ فإنّه -بسبب عنصر المفاجأة- قد يُفوّت على النظام العالميّ فرصة استغلال الحالة السوريّة، كما أنّه سيُشكّل دافعًا قويًّا عند الثوّار من المدنيين والمقاتلين إلى الاستمرار في المعركة حتّى النهاية، ورفع المعنويّات حتّى إتمام السيطرة على البلاد وإسقاط النظام.
 

المصدر: مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع