..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الأسد يروج لما لا يريد!

الرشيد

٩ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2958

الأسد يروج لما لا يريد!
14.jpg

شـــــارك المادة

لقد دأب النظام السوري ومنذ بداية الثورة السورية على طرح مجموعة من الأكاذيب، التي ظلت طوال عمر الثورة بمثابة الخطاب الرسمي من قبل النظام السوري، الذي حول وسائل إعلامه وإعلام مؤيديه إلى منابر تضليل وافتراء على الثورة والثوار. وبعض هذه الأكاذيب كانت بمثابة السيف ذو الحدين، فهي تخدم على المدى القريب ولكنها تؤذي في المدى البعيد, وصار إطلاق هذه الأكاذيب يتم بصورة ممنهجة على وقع تصاعد الثورة السورية.


وإذا استثنينا الكذبات الصغرى من جملة الأباطيل نرى أن الكذبات الكبرى للنظام السوري قد تم إعدادها مسبقاً، وكما أسلفت حسب الحاجة والضرورة. إلا أن هذه الكذبات الكبرى وفي مجملها تشكل ضرراً كبيراً على النظام السوري، ولكنها في أوانها تعتبر أهون الشرين، وهي تخدم لحظة إطلاقها بينما يبقى لتداعياتها الأثر الكبير، وربما تستدعي إعادة تكذيبها بكذبة أخرى حتى يتم الخلاص منها. وللتوضيح سأضرب مثالاً عن كذبة القاعدة التي أطلقها النظام السوري لاحقاً مع سلسة من التفجيرات المفتعلة، والتي أراد منها الترويج لوجود تنظيم القاعدة في سوريا، حتى يقال أن هناك (طرفاً ثالثاً) في سوريا، وهو بالفعل ما صرح به رئيس الدبلوماسية العالمية بان كي مون بعد التفجيرات الأخيرة التي طالت العاصمة دمشق.
لقد أراد النظام السوري أن يخلط أوراق اللعبة، وأن يلعب بالنار طالما أن هناك نار أخرى بانتظاره وهي نار الثورة, ورغم ما تنطلي عليه هذه الكذبة من تشويه للوضع الداخلي في سوريا (المشوه أصلاً) ورغم تكريس هذه الكذبة للصورة الأمنية الهشة للنظام السوري وإظهاره بمظهر العاجز عن حماية شعبه, إلا أنها قد تشكل طوق نجاة (مؤقت) لاستدرار التعاطف الدولي. لقد رسمت (الميديا) الأمريكية صورة مرعبة للغاية عن تنظيم القاعدة وجعلته أيقونة للقتل والدم، وعندما يطالب النظام السوري العالم بتصديقه لروايته عن وجود القاعدة على أراضيه فهو يريد أن يظهر بصورة الضحية وليس الجلاد، وأنه يتعرض لهجمة شرسة من عصابات تكفيرية منظمة ومدربة على قتل المدنيين وحصد الأرواح البريئة، وبذلك يمكنه تبرير قتل الثوار المسلحين بحجة انتمائهم للقاعدة، واعتقال الآلاف بحجة تعاونهم مع القاعدة، وارتكاب المجازر بحجة تنفيذها من قبل القاعدة! إنها حقاً استفادة كبرى لو استطاع النظام السوري تمريرها -أي كذبة وجود القاعدة على أراضيه, فهو سيضيع الحقيقة ويزرع الشك بترويج هكذا كذبة، وإذا ما مالت الأمور لغير صالحه ربما أنقذته من الملاحقة الدولية الجنائية.
فالمعركة بين النظام والثوار سيتم الترويج لها على أنها حرب بين النظام والقاعدة وآلاف الشهداء ما هم إلا ضحايا التفجيرات أو قتلى القاعدة! ولكن ما هو الوجه السيئ لهكذا كذبة والتي يمكن لها أن تصبح وبالاً على النظام بدل أن تكون طوق نجاته؟
إن تواجد القاعدة في أي بلد من البلدان هو دليل على عدم استقرار هذا البلد، وهو الشبح الذي تخاف منه جميع الدول وتأمل بأن لا يدق بابها في وقت من الأوقات. وبنظرة ممحصة عن ما يجري في اليمن وأفغانستان والعراق حيث المعاقل الحقيقية للقاعدة نجد أن هذه الدول تعيش حالة مزرية من الانفلات الأمني الذي يعصف بها ويجعلها في الدرك الأسفل على سلم الازدهار والتطور. فمن ذا الذي يريد أن يذهب سياحةً إلى بلد مثل العراق وهو يشاهد يومياً أشلاء البشر ضحايا القتل والتفجيرات؟ ومن ذا الذي يريد أن يستثمر في بلد مثل اليمن وهو يطالع أخبار المعارك الدائمة بين الحكومة والقاعدة؟ ومن هي الدولة التي تريد أن توقع اتفاقيات تعاون مع دولة فاشلة مثل أفغانستان!
إن النظام السوري يدرك تماماً خطورة هذه الكذبة حيث كان الأمن والأمان عنواناً للبيئة السورية لعقود خلت وخسارته المادية والمعنوية من وراء تلك الكذبة ستكون باهظة جداً على المستويين الداخلي والخارجي, أما الخسارة الداخلية للنظام فهي اهتزاز صورته في عين من بقي مخدوعاً به من محبين ومؤيدين، وهو الذي دأب على تكرار عبارة (سوريا بخير) وعلى لسان رأس النظام ليخرج لنا زبانيته بالحديث عن وجود فاعل للقاعدة على أراضيه فكيف يكون بخير من تطال القاعدة وسط عاصمته! وأما الخسارة الخارجية وهي الأهم بالنسبة للنظام السوري فهي تحويل الدولة السورية لبؤرة من الفوضى والدمار لا يمسك بها من هو أهل لها حيث يصبح الأسد ونظامه مجرد لاعب آخر على الساحة السورية لا يملك من أمره أكثر ما يملكه بقية الفرقاء على الساحة السورية، وبذلك تضيع هيبته أيضاً على المستوى الدولي، وبالتالي تضيع هيبة الدولة السورية كما حدث في أفغانستان والعراق.
من المؤكد أن بشار الأسد ونظامه ليسا مستعدين فقط للكذب من أجل البقاء، بل يمكن لهما فعل كل أشكال الإجرام على أن لا يغادرا السلطة، وهذا التشبث بالسلطة ليس كالشجرة التي تضرب جذورها بالأرض من أجل الانتصاب فالأرض تحتها تلتف حول الجذور لتعطيها قدرة وتماسكاً، أما الأرض تحت النظام السوري فهي كالرمال المتحركة التي سوف تبتلعه كلما أفرط في هياجه وجنونه.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع