..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

ضرورة الحسم في سوريا

محمد الأحمري

٣٠ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7502

ضرورة الحسم في سوريا
alahmary.jpg

شـــــارك المادة

ليس في مصلحة سوريا ولا المنطقة أن يتأخر العالم في مساندة الثوار ولا تأجيل حسم الثورة، لأن استمرار المساومات والنقاشات والدعم الضعيف والمتردد للثوار أو الدعم الإعلامي والديبلوماسي على استحياء مع عدم وجود الدفع الجاد بحسم سريع سيكون له آثار مضادة لمصالح الثوار وللمؤيدين ببرود.

 

 

فالذين يتباطأون في مساندة حسم الثورة لكل منهم عذر يلجأ إليه، فأمريكا تنتظر الانتخابات والرئيس لا يريد أن يغامر بحرب وكان قد قدم نفسه بأنه الرئيس الذي لا يغامر بدماء الأمريكان كسلفه، وتركيا تريد مالا وتجارة وأسواق العرب دون ثمن، وتخشى من انتقام المجموعات القومية التركية التي فرحت بخلاص الترك من العرب الذين سببوا في نظرهم هدم إمبراطوريتهم، فيخشى حكامها من استعادة صفة العثمانيين الغزاة الذين يضيعون تركيا في صحراء العرب ومشكلاتهم ويضحون بالتنمية القائمة، وعرب الخليج يفتقدون للجرأة والمبادرة والقدرة الإدارية، وتطاردهم عقدة كراهية الإخوان والإسلاميين، فقد يضيعون مصالح بلادهم ومستقبلها في سبيل الانتقام من الإخوان أو انتصار الإسلاميين في سوريا، خشية من إحاطتهم بحكومات إخوانية في سوريا ومصر وتونس وليبيا، وهم بالكاد استطاعوا تهميش الإصلاح في اليمن.

إن حكومات الخليج تحتاج وقوفا عمليا مع الضحايا ومع مصالح واستقرار وتوازن المنطقة، كما أن منع التبرعات الشعبية من الوصول للسوريين ظاهرة خطيرة، وتعطي إشارات مضرة للجميع، فهي وإن أفادت في منع المجتمعات من التسييس، إلا أنها تعزل وتضعف الجميع.

أما إسرائيل، فقد أعطت الأسبوع الماضي إشارات واضحة لقبول التغيير في سوريا وتحدث بهذا إيهود باراك، ومن قبله ليبرمان وزير الخارجية، وكتب السناتور اليهودي الأمريكي ليبرمان ما يؤكد قبول إسرائيل بتغيير الحاكم في سوريا، مع أن نتنياهو ليس صريحا إلى الآن في موقفه ربما لأنه واثق من إشارات رامي مخلوف لنيويورك تايمز بأن بشار سيؤمنها أكثر من البديل.

ولكن هذه الانتظارات تزيد من الضحايا السورية. وإذا كان العالم الغربي لا يفكر بالضحايا لكونهم من غيرهم، فليعلم الجميع أن التأخير يصنع أزمات مستقبلية كبيرة، منها اتخاذ الحرب سمة طائفية أقسى من الآن، وهذا يعني نزاعا شيعيا سنيا، أطرافه العراق وإيران وحزب الله والعلويون من جهة ومن جهة أخرى الدول والمجتمع العربي السني المجاور وتركيا.

أما تركيا، فسوف تخسر كثيرا ببقائها على موقفها المتفرج الآن، فقد ينتج عن ذلك قيام دولة علوية في الغرب الشمالي لسوريا، وهذا يعني تواصلا علويا مع الأقاليم العربية العلوية في تركيا وبناء دولة تهدد وحدة تركيا مستقبلا، وتزايدا في تواصل المجتمع الكردي السوري التركي وتحركا شاملا للأكراد يزيد من الأزمة التركية الكردية.

كما أن توسع الجماعات السنية المسلحة الخارجة على النظام القائم، وستكون خارجة على النظام القادم، يؤسس لكيان وقوة لا تؤمن بمشروعية الدولة وتجربة ليبيا القصيرة واضحة في نشأة كيانات لا تؤمن بالدولة وسيادتها، وسيكون الوضع أقسى في سوريا، فمتى تعلق الناس بالسلاح مشروعيةً فيصعب آنذاك استعادة مشروعية أخرى في زمن قصير إلا بقوة وتضحيات وتمزقات أعظم.

كما أن استمرار الدماء وخسارة الإنسان يتبعه هدم الدولة ومؤسساتها، وكما تأذى العالم وما زال بعدم الاستقرار في الصومال وتهديد التجارة، ومن قبل كانت مآسي الحرب في لبنان؛ فإن سوريا لو استمرت فيها ثورة غير حاسمة ستجعل من تجارب الماضي في العراق ولبنان والصومال وأفغانستان مجرد فوضى صغيرة مقارنة بأثر سوريا والأزمة الدولية التي ستنشأ مع قوى عظمى ومحلية نظرا لتنوع المجتمع وتعدد الأطراف والعقائد والولاءات واتساع البلد وحدوده البرية والبحرية.

نعم إن هناك من يحب تواصل الدمار والذبح لتخرج سوريا إلى خارج المعادلة لعقود قادمة كما حدث للعراق. وكما أضرت مأساة لبنان بالمحيط مدة تزيد عن ثلث قرن وتستنزف السياسة والمال والولاء، فإن سوريا ستتحطم على أرضها قوى كثيرة، ولن تشبع من خلافاتها، والدمار المستقبلي لو حدث سيدفع ثمنه الجميع مضاعفا، فليس التأجيل لصالح المجتمعات المحيطة بهذه البلاد ممن يرون في الخلاص من النظام القائم توازنا قادما مع القوى المستبدة عسكريا وإستراتيجيا في المنطقة، وسيجر البطء في حسم الثورة أذى كارثيا على الاقتصاد والسياسة ومجتمعات في المنطقة.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع