ياسر الزعاترة
تصدير المادة
المشاهدات : 3333
شـــــارك المادة
ما يقرب من ستين شهيداً ارتقوا إلى العلا في جمعة "سننتصر ويُهزم الأسد"، فيما لم يكن بالإمكان الجزم بعدد المعتقلين. وفيما لم يتوقف القتل طوال الأيام الماضية منذ بدء تنفيذ خطة "كوفي أنان"، وإن تراجع بعض الشيء، إلا أن عدد المعتقلين زاد بشكل ملحوظ، وبالطبع خشية تشجيع الناس على النزول إلى الشوارع؛ هم الذين يعتبر الاعتقال عندهم أسوأ بكثير من الموت.
يعتقد النظام أن بوسعه من خلال استمرار سياسة الاعتقال والقتل "المبرر باستمرار الهجمات المسلحة"، يعتقد أن بوسعه الالتفاف على خطة أنان، وهو محظور لا ينبغي اعتباره أمراً صعباً في دولة أمنية توظف ما يقرب من 200 ألف شبيح يتحركون وفق منظومة معينة من أجل حماية النظام، إلى جانب الجيش والأجهزة الأمنية. إن الأزمة الحقيقية التي تواجهها الثورة إلى الآن هي تلك المتعلقة بوجود مئات الآلاف من العناصر المخلصين للنظام، والذين يرون مصلحتهم في بقائه، ويتركز هؤلاء في الطائفة العلوية على وجه التحديد، مع بعض عناصر الأقليات الأخرى، وبعض من باعوا أنفسهم للشيطان من الأكثرية السنية. ولما كان الأمر على هذا النحو، فإن أحداً من المنخرطين في الثورة لا يأمن على نفسه، إذ ينحصر مصيره بين المطاردة والاعتقال والموت، وفي كل الحالات هو لا يشبه البتة نظراءه في المدن العربية الأخرى، ممن كان بوسعهم الذهاب إلى ميادين الاعتصام والتظاهر ثم العودة إلى بيوتهم سالمين في معظم الأحيان. السوريون ليسو جميعاً على درجة واحدة من القابلية للتضحية، وأن تفرز الجماهير كل هذه الجحافل من الشبان المقبلين على الشهادة، فذلك أمر عظيم من دون شك، فيما تكتفي البقية بتوفير الحاضنة للثورة، مع المشاركة في أشكال معينة من الاحتجاج لا تفضي إلى الموت أو الاعتقال. من هنا، ولهذه الاعتبارات جميعاً يميل جمع كبير من السوريين إلى عسكرة الثورة، هم الذين يدركون أنه ما من نظام من الأنظمة التي سقطت كان يتمتع بهذا الكم من التأييد في الوسط الشعبي، أعني تأييد فئات تربط مصيرها بمصيره. النظام يتلاعب بالمراقبين الدوليين، ويتلاعب بالمظاهرات أيضاً، إذ من ذا الذي يمكنه التفريق بين المتظاهر المعارض للنظام، وبين جحافل من المندسين لا همَّ له سوى التقاط الصور والأسماء التي تجعل أصحابها برسم الاعتقال في اليوم التالي أو في نفس اليوم. سيقول البعض إن ذلك يؤكد أن النظام لن يسقط، بدليل ما سبق وذكرناه، معطوفاً على الدعم الإيراني الاستثنائي (تسليحاً وتخطيطاً ومباشرة لعمليات المراقبة للإنترنت وشبكات الاتصال)، وبدليل أنه متماسك إلى الآن ولم تحدث فيه انشقاقات ذات بال، وهذه الأخيرة جزء من نسقه الأمني البشع، إذ أن تفكير أي مسؤول بالانشقاق لن يؤثر عليه وحده، بل سيطال إخوته وأخواته والكثير من أقاربه، الأمر الذي يدفعه إلى التفكير ألف مرة قبل أن يشرع في خطوة من هذا النوع. لا شك أن توقف القتل بشكل نهائي أو حتى شبه نهائي، وإخراج الجيش من الشوارع والسماح بالاحتجاج السلمي سيؤدي إلى تدفق الملايين نحو الشوارع والساحات، لكن ذلك لا يبدو متوقعاً بحال، إذ أن حركة المراقبين حتى بعد رفع عددهم إلى 300 بقرار من مجلس الأمن لن تغطي مساحة الأرض السورية، وحين ينتقلون من ساحة إلى أخرى سيجري التعامل مع الساحة الأولى بذات الوسائل التقليدية. كما أن خوف الناس من خروج المراقبين وانتقام النظام ممن نزل إلى الشوارع بعد ذلك سيدفعهم إلى التردد أيضاً. من هنا فإن على المجتمع الدولي أن يكف عن سياسة ترك الذئب والقص على الأثر، إذ أن استمرار القتل وبقاء عشرات الآلاف من المعتقلين قيد السجون مع استمرار الاعتقالات اليومية، ينبغي أن يكون كافيا للدلالة على الجريمة التي يرتكبها بشار الأسد بحق شعبه. في ضوء ذلك، وفي حال لم تؤد خطة أنان إلى توقف القتل بشكل نهائي، ومعه عمليات الاعتقال اليومية، فإن تسليح الثوار هو الحل، وفي هذه الحال لن يتمكن النظام من مواجهة حرب استنزاف لأمد طويل، وستكون نهايته قريبة من دون شك، مع أن التضحيات ستكون أكبر. وقبل أن يخرج علينا من يتباكى على الدم السوري نقول له إن عليه إذا كان حريصاً على سوريا وشعبها أن يبادر إلى دعوة النظام الدكتاتوري الفاسد المجرم إلى الرحيل، وإلا فهو شريك في الجريمة، تماما مثل الشبيحة ورجال الأمن الذين يقتلون الناس في الشوارع.
المصدر: الدستور
أحمد حسن الشرقاوي
زهير قصيباتي
رائد جبر
محمود الريماوي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة