..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

خواطر في زمن المحنة (9) الهداية إلى سبيل الحق

رابطة العلماء السوريين

٢١ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3667

خواطر في زمن المحنة (9) الهداية إلى سبيل الحق
1.jpg

شـــــارك المادة

أرسل إليَّ الإخوة الأفاضل رابطاً على موقع رابطة العلماء في سورية تحت عنوان: (محاورات بين تائه وطالب علم يحتاج إليها كل الساكتين تتضمن الكلام على حكم المظاهرات).

 

وواضح من خلال العنوان أنه عبارة عن حوار بين مؤيد للثورة ومتخوف من الفتنة بسبب الثورة. وقد اطلعت على هذا البحث، ووقفت على أفكاره الأساسية، وجزى الله - تعالى - الأخ المحاور عن الحق خيراً، ولكن يبدو أن الأخ التائه تتنازعه عواملُ الاحترام لعلمائه الأفاضل الذين أمضى حياته معهم، وعواملُ الحق اللائحة التي تجافيها مواقف هؤلاء الأفاضل.
ولست في معرض الدخول في بيان الأسباب، ولكن حسبي أن أُذَكِّرَ بقول عمار بن ياسر - رضي الله عنهما - بحق أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، يوم أُخبِر بأنها سارت إلى البصرة: "والله إنها لزوجة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة، ولكنَّ الله - تبارك وتعالى - ابتلاكم ليعلم إيَّاهُ تطيعون أَمْ هِيْ".
فلا قولُه شكَّل طعنًا في أم المؤمنين - رضي الله عنها -، ولا خروجها غيَّر مجرى الحق. والشاهد هنا: أن أخانا الحيران واقفٌ موقف المترددين في تأييد أمير المؤمنين عليٍّ - رضي الله عنه -، لذلك خاطبهم عمار بن ياسر –رضي الله عنه- بهذا الخطاب.
لذلك نقول لهذا الأخ التائه: الحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق.
وهنا يهمني أن أسجل الملاحظات الآتية، بعيداً عن أية مساجلة:
• فيما يتعلق بالسؤال عن حكم التظاهر والمظاهرات، أقول: منطلق السؤال خطأ، والأولى أن يسأل الإنسان عن حكم السكوت على الظلم، ومشهور قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه". وهذا في أمر يعتبر بسيطاً إذا ما قورن بسلب كامل الحقوق الإنسانية، فهل يبقى الإنسان ساكتاً؟
ثم إن التظاهر لغة صيغة تفاعل من الظهور، وهو بروز جماعة من الناس يُعِيْنُ بعضهم بعضاً، ومنه قوله - تعالى - لزوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهن: {فإن تظاهرا عليه} أي: تجتمعن في الموقف عليه وتتكاتفن وتتعاضدن.
فالتظاهر إذن هو اجتماع الجهود، فإن كان في خير فهو خير، وإن في غير ذلك أخذ حكمه. ومعلوم أنه لا يجوز في ديننا السكوت على الظلم والظالمين. ولا شك أنه يخضع لقواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بمعنى إذا أدى إنكار المنكر إلى ما هو أكبر منه عُدِلَ عنه. وهنا لا يوجد منكرٌ أكبرَ من الكفر الذي عندنا فيه من الله برهان، فالخروج هنا حكم ثابت، وتركه تخاذل ومعصية.
• أما نظرية المؤامرة الخارجية، فهي حقيقة ثابتة. نعم: بلادنا تتعرض لمؤامرة دولية ليست أقل مما تعرضت له بلادنا في التاريخ من هجمات الفرنجة والتتار، وقديماً قال الصحفي الفلسطيني الشهير ناصر الدين النشاشيبي لأحد المسؤولين الأمريكيين الكبار بأنهم قد وصلوا إلى مبتغاهم بعد الحرب العالمية الثانية وهو تقسيم الدولة العثمانية، وهو ما كان يعرف بالمسألة الشرقية، فأجابه بأنهم لم ينتهوا بعد، ذلك أن الذين ورثوا التركة العثمانية هم سنة وإن كانوا دولاً، والمرحلة الثانية نقل السلطة إلى الأقليات غير المسلمة، كما ذكر ذلك في كتابه: (لماذا وصلنا إلى هنا)....
المهم، نعم: هناك مؤامرة خارجية تهدف إلى تقسيم سوريا، وتحويلها إلى دويلات، والسؤال: ما الذي يجعل هذه المؤامرة اليوم تنفذ؟ أليس حمق هذا النظام الذي يبطش طائفياً ويؤجج الصراع طائفياً؟ بينما نجد القائمين على التغيير المنشود أبعد الناس عن هذا التأجيج الطائفي؟... ثم: الدول العربية جهات خارجية، وتركيا جهة خارجية، فهل إيران وروسيا وجيوشهم المقاومة جهات داخلية؟ من الذي يستقوي بالخارج: الذي يجلب المرتزقة ليقتلوا شعبه، أم الذي يستنجد بأهل النخوة ليحمي أهله؟!!!
• أما الكلام عن الحوار مع النظام: أليس هذا ما نادى به المتظاهرون السلميون الناشدون للحرية منذ أول الطريق؟ ماذا كانت النتيجة؟ لقد ظن النظام، كما ظن فرعون من قبله، أن قوته كفيلة بتطويع مخالفيه، فلما أدركه الغرق قال: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل}. وهكذا هذا النظام الغاشم: لو أنه منذ البداية سلك مسلك الحوار لكانت سوريا بخير، ولكان هو نفسه المتربع اليوم على عرش البطش متربعاً على عرش التغيير والإصلاح. ولكنه ركب رأسه وتحدى الشعب، شعبه، فانتصرت إرادة الشعب على عسكره وجبروته، فالآن وقد أدركه الغرق تحدثوننا عن الحوار؟ هذا الآن لا ينفع.
• وقد لفت نظري الحديث الذي ذيل به الأخ أبو عمر كلامه، وهو حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند مسلم في الفتنة وأن النائم فيها خير من اليقظان.. الحديث، والسؤال للأخ أبي عمر: ألا تعرف في قرارة نفسك أين الحق من الباطل؟ الفتنة تكون عند عدم ظهور الحق، أما والحق أبلج والكفر ظاهر فأين الفتنة؟ هل ترى أن النظام عنده مسكة من الحق فيما يفعل؟
أسأل الله - تعالى - أن لا يصل القتل إلى من تحب، بل أسأل الله - تعالى – أن يحفظ الشعب السوري كله من بطشة هؤلاء المجرمين.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع