..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

بشار الأسد ومعايير القوة والضعف

محمد حكمت وليد

٣ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3076

بشار الأسد ومعايير القوة والضعف
6669.jpeg

شـــــارك المادة

يرتكب الرئيس السوري أبشع الجرائم بحق شعبه تحت سمع العالم وبصره، ثم يستفتيه على دستور يخوله البقاء في الحكم، ستة عشر عاماً أخرى، وقد قال بشار الأسد بعد الإدلاء بصوته في الاستفتاء وعيون أسماء الأخرس تنظر إليه بإعجاب: "الإعلام رغم أهميته لا يتفوق على الواقع، يمكن أن يكونوا أقوى في الفضاء، ولكننا أقوى على الأرض، ومع ذلك نريد الأرض والفضاء"، وأتبع ذلك بضحكة عريضة وسط هتافات مؤيدة تنادي ببقائه للأبد.

 


وأمام هذا المشهد الكوميدي المأساوي لا بدّ من ذكر نقطتين:
الأولى: أن الإعلام السوري -الذي يعترف رئيسه أنه خسر معركة الفضاء- حاول أن يرسم صورة وردية للرئيس الطبيب الإصلاحي ذي الثقافة العلمانية الغربية، وعلق تلك الصورة الضاحكة المستبشرة في كل مكان، ولكن أفعال الرئيس الوحشية، وأقواله المتناقضة كذّبت إعلامه الرسمي، فلم يستطع إخفاء صورته الرئيس المجرم السفاح سليل المؤسسة القمعية، خريجة المدرسة الستالينية، وكيف يمكن لإعلام متخشب أن يربح معركة الفضاء، وهو يعتمد إستراتيجية الكذب المزمن، واحتكار الإعلام الذي لا يمكن احتكاره في عصر الجوال الرقمي والفيسبوك، والتويتر.
إنَّ بضاعة الإعلام السوري الفاسدة لم تعد قابلة للبيع في سوق إعلامية تزدحم بالبضاعة الإعلامية المتميزة، ومن كانت هذه بضاعته فلا يلومّنَّ إلا نفسه، ولا داعي للشكوى من مؤامرة إعلامية كونية.
أما النقطة الثانية: فهي قول الرئيس أنه قوي على الأرض.
وهذا الرئيس القوي يخاطبه الملك الأردني عبد الله الثاني: "لو كنت مكان بشار لتنحيت، ويقول وزير الخارجية السعودي: "أصبح الجيش السوري جيش احتلال وعلى بشار أن يتنحى طوعاً أو كرهاً".
وتقول له وزيرة الخارجية الأمريكية: "سوف تحاسب على الجرائم التي ترتكبها".
وتقول له مندوبة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة: "أن جرائم نظامه ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية".
وقبل كل ذلك يطالبه الملايين من أبناء شعبه: بالرحيل.
ولكن النظام الذي استمر أربعين سنة متتالية لن يرحل فهو قوة غاشمة متجبرة تعتمد إستراتيجية الإرهاب في حكم شعب أعزل خائف، والآن وبعد سقوط حاجز الخوف سقطت إستراتيجية البقاء لدى النظام وهو يريد أن يستعيدها بكل ثمن.
إنه يقتل ولا يكتفي بالقتل -بل يلجأ للتمثيل- ويرسل الجثث المشوهة إلى أهلها، وهو يجرح ولا يسمح للجرحى بالاستشفاء، بل يقتلهم في المستشفيات.
وهو يقتل المتظاهرين ويقتلع حناجرهم، ويقتل رسامي الكاريكاتير ويكسر أصابعهم التي رسموا بها صورهم.
إن دبابات النظام التي تحرث في خيلاء شوارع بابا عمرو المهدمة بعد انسحاب الجيش الحر منها هي قوة غاشمة، وهي لن تستطيع كسر إرادة شعب حر كسر حاجز الخوف، وإذا كان بشار الأسد يظن أن تهديم البيوت واقتلاع أظافر الأطفال، وقلع حناجر المتظاهرين مظاهر قوة فهو واهم.
إنها أقصى درجات الخوف في أقصى حالات الضعف لحالة فرعونية مهتزة، ولا شك أنها المرحلة التي تسبق الانهيار الكبير.
لقد خسر الرئيس الفضاء، وها هو يخسر الأرض وقبل كل ذلك خسر شرعيته وآدميته التي تخلص منها في بابا عمرو والخالدية، وفي سهول سورية وجبالها وسواحلها.
والمؤلم بعد كل ذلك أن مناظر الدمار والأشلاء لم تمنعه من ابتسامته المعهودة الصفراء، التي لو تمعنت فيها لوجدتها ابتسامة بلهاء.

المصدر: رابطة العلماء السوريين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع