الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 3209
شـــــارك المادة
الشارع يسخر من الاقتراح العربي بتسليمه صلاحيات الأسد.. ويتوقع "انتحاره" قريباً
ما إن سمع السوريون دعوة المجلس الوزاري العربي للرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي وتسليم مهامه لنائب الرئيس الأول، الذي هو فاروق الشرع، حتى انهالت توقعات ساخرة أن يذاع قريباً نبأ "انتحار الشرع بثلاث رصاصات بالرأس" في استحضار لسابقتي انتحار محمود الزعبي -رئيس الوزراء السوري في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، في عام 1999م-، وأيضاً انتحار ضابط الأمن الرفيع والمخيف غازي كنعان عام 2005م. ولا تعد هذه أول مرة تتجه فيها الأنظار نحو نائب الرئيس الأول فاروق الشرع، فمنذ بداية الأحداث كانت الشائعات تحوم حوله، لكونه ابن مدينة درعا التي انطلقت منها الاحتجاجات في مارس (آذار) الماضي، ومنذ ذلك الوقت تداولت وسائل الإعلام نبأ عن خلاف نشب بين الرئيس بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد وصهره آصف شوكت من جهة، ونائب الرئيس السوري فاروق الشرع من الجهة الأخرى، على خلفية ما يجري في درعا، لا سيما مجزرة مدينة الصنمين التي راح ضحيتها أكثر من 23 قتيلاً، حيث جاءت في وقت كان خلاله فاروق الشرع يسعى لتهدئة الأوضاع هناك بتكليف من القيادة السياسية، وبحسب الشائعات حينها فإن الشرع عبر عن سخطه وطالب بإعدام كل من تورط في المجزرة من الأجهزة الأمنية، وأن "صوت إطلاق رصاص سمع في القصر الجمهوري، وأن الشرع نقل إلى المستشفى في حالة خطيرة". بعدها ظهرت قريبة مغتربة للشرع في وسائل إعلام أوروبية تطالب بالكشف عن مصير عمها، إلا أنه سرعان ما بث التلفزيون الرسمي صوراً لنائب الرئيس يشارك في مناسبات رسمية، في نفي غير مباشر للشائعات. يشار إلى أن الشرع المولود سنة 1938م في مدينة درعا شغل منصب نائب الرئيس السوري لشؤون السياسة والإعلام عام 2006م، ويعد من الشخصيات السياسية القليلة التي استمرت على رأس عملها من عهد الرئيس الأب إلى عهد الرئيس الابن، حيث شغل خلال عهد الأب منصب وزير الخارجية، وهو حائز على ليسانس لغة إنجليزية من جامعة دمشق عام 1963م، ودرس بعدها القانون الدولي في جامعة لندن بين عامي 1971م-1972م، وكان يعمل في شركة الطيران السورية منذ عام 1963م وحتى عام 1976م، وشغل فيها عدة مناصب منها مدير لمكتب الشركة في دبي، ثم مدير إقليمي في لندن، ومدير تجاري في دمشق. وبعدها اختاره الرئيس الأسد الأب ليحتل مركز سفير سوريا لدى إيطاليا بين عامي 1976م و1980م.. ليعين عام 1984م وزيراً للخارجية إلى 2006م، لدى تعيينه نائباً للرئيس بشار الأسد. وعندما اندلعت الأحداث في درعا سلطت الأضواء مجدداً على الشرع لكونه ابن مدينة درعا، إلا أنه لم يتمكن من القيام بالمهمة التي أوكلت إليه في إخماد الاحتجاجات لأكثر من سبب: الأول: فقدانه للشعبية والاحترام في درعا لصمته عما جرى هناك من مجازر، وثانياً: لاستمرار الأجهزة الأمنية في قمع الاحتجاجات في الوقت الذي كان يسعى فيه بعض السياسيين وفي مقدمتهم الشرع للتفاوض مع الأهالي بتكليف من الرئيس بشار، مما أدى إلى احتراق أوراق الشرع كاملة في الشارع السوري، وذلك بعد مسيرة سياسية حافلة شهدت صعود نجمه في التسعينات، لا سيما بعد رئاسته للوفد السوري بمؤتمر السلام في مدريد، حيث انتزع إعجاب الكثيرين بحنكته السياسية الخارجية وأدائه الدبلوماسي الرفيع، ولكن مقربين من دوائر صنع القرار في سوريا كانوا يعزون نجاح الشرع إلى وجود دعم له من الرئيس حافظ الأسد الديكتاتور القوي، حيث تمكن الشرع من انتزاع موقع مميز لدى الأسد الأب، واعتبر من السياسيين المفضلين لديه وأحد العوامل الأساسية في اتخاذ القرار السياسي في سوريا.
ومع قدوم بشار الأسد للسلطة توقع كثيرون تراجع دور الشرع ونفوذه وحتى أدائه، إذ لم يعد هناك رقيب صارم عليه، كما تعرض منصب وزير الخارجية الذي كان يشغله آنذاك لمنافسة شديدة، حيث طمح كثر لشغله وفي مقدمتهم بثينة شعبان التي كانت حينها مسؤولة الإعلام في الوزارة، وسعت بكل جهدها لإزاحة الشرع الذي ضعف رصيده كدبلوماسي، وشهدت الكواليس حملات عنيفة على الشرع، تمكن من التغلب عليها والاحتفاظ بموقعه خمس سنوات في عهد الأسد الابن، كانت تشهد خلالها سوريا ظروفاً مضطربة، أثرت كثيراً على علاقتها مع المحيط العربي؛ بدءاً من احتلال العراق، ومروراً بالأزمة مع لبنان، حيث انتهج خلالها الشرع خطاً متشدداً، وهاجم الأنظمة العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، في الوقت الذي كان يجنح فيه باتجاه توثيق العلاقات مع إيران وفتح الباب على مصراعيه أمامها. ويسود في الأوساط السياسية السورية أن طهران هي التي كانت وراء بقاء الشرع ومحافظته على مواقع نفوذه، نظراً لدوره في تعزيز نفوذ إيران داخل سوريا، وإقناع الأسد الابن بأهمية هذه العلاقات، التي خرجت من إطار الندية الذي كانت عليه أيام الأسد الأب لتدخل في إطار التبعية والارتهان لإيران.. هذا كان أيضاً من أسباب التجاذبات داخل القيادة السياسية السورية، والذي جعل أيضاً دور الشرع ملتبساً، فتارة هو صامت ومغيب، وتارة يتصدر المنابر والصحف منذ وصول الأسد الابن إلى السلطة. لكن الخلاف حول الشرع طفا على السطح في العام الأخير وبعد اندلاع الأحداث، ففي حين كانت تسند إليه مهام سياسية للتهدئة كان هناك من يسعى لإفشال مهمته، ومن أبرز ذلك إجهاض المؤتمر التشاوري الذي ترأسه لإدارة حوار وطني، خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، حيث شن عدد من الشخصيات المحسوبة على شقيق الرئيس ماهر الأسد - الجناح المتشدد في العائلة - هجوماً كاسحاً أفشل الحوار الوطني بعد أول خطوة لانطلاقه، الأمر الذي أفسح في الحال لتزايد الشائعات حول الشرع تارة وحول دوره، وأخرى حول مصيره، مما يعني بشكل ما أنه ضمن دائرة الشبهات من قبل العائلة الحاكمة، حيث تشير الدلائل إلى أن الجناح المتشدد فيها غير راض عن محاولة الشرع التواصل مع بعض رموز المعارضة في الداخل بناء على طلب منه، وأيضاً تواصله مع وفود من أهالي درعا في بداية الأحداث، والتي أتبعت بأنباء عن رضا بعض المعارضين عن مقترح تسلم نائب الرئيس لمهام الرئيس، وكان ذلك منذ ستة أشهر، والتي توافقت إلى حد بعيد مع مقترحات روسية لإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا، حيث كان مقرراً أن يذهب الشرع إلى موسكو في الشهر الماضي لمناقشتها، لكن الزيارة لم تتم بسبب مخاوف النظام من مؤامرة قد يكون الشرع متورطاً فيها أو لا يمانع من التورط فيها تقضي بتسلمه مهام الرئيس وتشكيل حكومة وحدة وطنية بحسب ما قالته مصادر في المعارضة لـ"الشرق الأوسط"، حيث قالت هذه المصادر: إن الشرع لديه قناعة بأن "الحوار مع النظام يسير في طريق مسدود، طالباً من المعارضة أن تقدم تنازلات لتجنيب البلاد المزيد من الأزمات". وهذا ما كان يعبر عنه بشكل موارب، إذ إن الشرع الذي يعد النائب الأول للرئيس هو الوحيد المؤهل دولياً لتسلم مهام الرئيس، إذ إن النائب الثاني هو الدكتور نجاح العطار، وهو نائب الرئيس لشؤون الثقافة ويعد منصبه فخرياً كسائر المناصب الأخرى ضمن النظام العائلي، لذلك توقع الشارع السوري أن يتم استبعاد الشرع، ومنذ البداية، وعبر عن ذلك بتكهنات ساخرة، عادت أمس لتتزايد مع طلب المجلس الوزاري العربي من الرئيس الأسد التنحي وتسليم مهامه للشرع، فتم تصميم "بوسترات" تم تغيير صورة الأسد فيها بصورة الشرع وتحتها كلمة "بنحبك" مع إطلاق شعار "الله.. سوريا.. والشرع وبس"، و"غير بتلاتة ما منروق.. الله وسوريا وفاروق".. مع توقعات بـ"انتحار الشرع بثلاث رصاصات بالرأس وتعيين ماهر الأسد نائباً للرئيس"، فيما طالب آخرون "الشرع بخلع البيجاما وارتداء البزة العسكرية وضرب النظام بيد من حديد"، واعتبر آخر أنها "ستكون بداية لأربعين سنة جديدة مقبلة من شعارات: بالروح بالدم نفديك يا شرع"، بينما اقترح البعض أن تكون شعارات أيام الجمع المقبلة "الشعب يريد انتحار الشرع".
عمار ديوب
علي العبد الله
علي حسين باكير
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة