..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

على ماذا يراهن بشار الأسد؟!!

عبد الباقي خليفة

٢٥ ٢٠١١ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6487

على ماذا يراهن بشار الأسد؟!!
222342.jpg

شـــــارك المادة

ربما يطرح هذا السؤال كل يوم مع تزايد عدد الضحايا والذين تجاوزوا رقم الأربعة آلاف وخمسمائة ضحية. [وفق الأمم المتحدة، كما نشر تقرير يوم 14/ نوفمبر الماضي يؤكد سقوط 4،413 شهيداً، بينهم 282 طفلاً، و197 امرأة، وتجاوز عدد المفقودين 40 ألفاً، وبلغ عدد القتلى تحت التعذيب 121 شخصاً، بينما بلغ عدد المعتقلين حتى ذلك التاريخ 50 ألف نعتقل].
وإذا استمرت وتيرة القتل على ما هي عليه، فقد يناهز العدد الستة آلاف عند نشر هذه المادة. حيث لم يتوقف الجيش السوري، وعناصر البوليس بمختلف تشكيلاته، والمليشيات شبه العسكرية، وما يعرف في سوريا بالشبيحة عن القتل، ولا سيما أيام الجمعة. ولم تعد الأيام الأخرى مختلفة عن الجمع وإن كان أعداد القتلى وحسب المتابعة تكون بشكل متفرق بمدن وبلدات سوريا، أما القتل أيام الجمعة فهو بالجملة. ورغم التحولات في المواقف الإقليمية والدولية حيال الوضع السريالي في سوريا، إلا أنه لا يزال دون مستوى الأحداث الجارية في القطر السوري الشقيق، وما يلاقيه إخواننا هناك من مجازر جماعية، وقتل عشوائي، وتعذيب، وحرمان من أبسط حقوق الإنسان وأدناها حرية التعبير والحق في التظاهر..
تفاقم الأوضاع في المستقبل:
ولا تختلف الأيام القادمة عن سالفاتها بل ستكون أكثر دموية، مع ازدياد حالة الانشقاق عن الجيش الذي يقوده طائفيون موغلون في العداء للأغلبية في سوريا، ومستعدون للتحالف - كما هو حاصل- مع أعدائها الإقليميين -الصهاينة.. التصريحات الصهيونية حول مواجهة مع سوريا، وقتل القيادي في الجهاد، البطش، والعدوان الأخير على غزة يأتي في هذا الإطار، وهو لفت الأنظار عن سوريا، وتخفيف الضغط عليها-، والدوليين -الصين وروسيا، حيث يعيش المسلمون في ظل نظامهما نفس ما يعيشه الشعب السوري تحت حكم نظام الأسد-.
ولا يهم نظام بشار الأسد ماذا سيكون عليه حال سوريا والشعب السوري بعد أن تستهلك القوة السورية، على مستوى الدولة والشعب، وتصبح لقمة سائغة للأعداء. فهو كغيره من عتاة الطغاة والمجرمين، ممن يرفعون شعار"أنا ومن بعدي الطوفان".
لقد حكم النظام السوري على نفسه، كما هو حال أنظمة أخرى، بأن يكون من مخلفات التطور، وأن يقاتل الانتخاب الطبيعي الذي يتوعده بالفناء، ولكنها مقاومة لا طائل من ورائها سوى الإمعان في تعذيب الشعب السوري، وقتل أكبر عدد منه، وتدمير البلاد على يد عسكره من الداخل، وعسكر الآخرين الذين تحركهم دوافع متباينة ليس آخرها مصالح الشعب السوري.
لن يترك بشار الأسد للشعب السوري ما يجعله يأسى على نظامه وسط تغول عناصر الجيش الموالية له والاقتحامات التي تنفذها قواته هنا وهناك وإشعاله الحرب ضد المعارضين من الشعب، وبداية نذر حرب عصابات في سوريا، وتدخل عسكري دولي، ينتظر ساعة الصفر، وسكين بشار محشوة في أحشاء الشعب السوري، ليكون ذلك بمثابة إنقاذ للضحية، واختيار حياة الضعف على المذلة والهوان. ومن شأن القلق الذي أعربت عنه بعض الأطراف الدولية أن يتحول في القريب العاجل لسيناريو أشبه بما حدث في ليبيا، بعد التهديدات الأمريكية والتصريحات الأوروبية المتماهية معها. لا سيما وأن هناك إجماعاً وسط المعارضة بما في ذلك المعارضة العسكرية للنظام السوري "الجيش السوري الحر"، وكذلك على المستوى الإقليمي "دول الخليج وتركيا"؛ على أن النظام السوري لا يمكنه القبول بما قبل به نظام عبد الله صالح في اليمن، ويرفض التنازل عن الحكم، إلا إذا اقتلع منه اقتلاعاً.
على ماذا يراهن بشار الأسد:
هناك عدة أوراق يراهن عليها نظام البعث في سوريا، ومن بين هذه الأوراق الموقفين الروسي والصيني، المؤيدان لنظام بشار الأسد، وكما يراهن على الموقف الغربي والأطلسي تحديدا الذي يتحدث عن عدم وجود خطط للتدخل العسكري في سوريا كما حدث في ليبيا. وكذلك الموقف الصهيوني في فلسطين الذي اشترى صوته بشل حركة المقاومة السنية العسكرية في لبنان، وبيع أرشيف المقاومة إلى تل أبيب، ولا يستبعد أن يكون دم المبحوح والبطش وغيرهما عربوناً لهذه الصفقة القذرة.
أما بخصوص الموقف الروسي والصيني فمعروف أنهما لا يقدمان ولا يؤخران شيئاً إذا أراد الغرب فعل شيء ما على الساحة الدولية. فقد كان الموقفان الروسي والصيني مع صربيا في قضية كوسوفا، ولكن ذلك لم يجد بلغراد شيئاً. وتسربت إشاعات مضحكة عن خروج الدبابات الروسية من تحت الأرض، ولكننا لم نر على الأرض شيئاً، سوى حطام الدبابات الروسية التي كان يملكها الصرب.
ويراهن بشار الأسد على الدولة الصهيونية في فلسطين المحتلة، وهو خلاف (حليفيه) حزب الله وإيران، يقر بما يسمى (حق إسرائيل) في الوجود، بل ويزيدها الجولان، وهذا أمر يدوخ الكثيرين بخصوص حلفاء يحملون نظرات مختلفة لعدو واحد، أو هكذا يفترض. ولكن رئيس الهيئة الأمنية والسياسية بوزارة العدوان الصهيونية الجنرال عاموس جلعاد، يشرح ذلك الغموض بوضوح لا يقبل اللبس -ليس من مصادرنا ولكن الحق ما شهدت به الأعداء-، فقد حذر من سقوط نظام بشار الأسد وما سيترتب عليه -"سيترتب عليه كارثة تقضي على إسرائيل-، وعلل ذلك بما وصفه "ظهور إمبراطورية إسلامية في منطقة الشرق الأوسط بقيادة الإخوان المسلمين في مصر والأردن وسوريا"، ونقلت إذاعة الجيش الصهيوني التي أوردت النبأ عن جلعاد قوله: "إسرائيل ستواجه كارثة وستصبح مهددة دائماً بالحرب مع الإخوان المسلمين في مصر وسوريا والأردن، وإذا نجحت الثورة السورية الجارية في الإطاحة بنظام بشار الأسد الذي يمثل وجوده مصلحة لإسرائيل"، وأردف: "على إسرائيل تحسين علاقاتها مع تركيا حتى لا تضطر إسرائيل إلى محاربة المسلمين في عدة جبهات مفتوحة ستؤدي إلى خسارتها بالتأكيد".
لقد ساعد نظام بشار الأسد الغرب على تحقيق ما كان يريده في سوريا، وهو رفض دخول الصحافيين، ومؤسسات الإغاثة، واضطرار الضحايا لطلب العون من الخارج سواء عبر المطالبة بحظر جوي، أو تدخل عسكري، كما حصل في أفغانستان إبان الغزو الروسي، أو البوسنة وكوسوفا أثناء العدوان الصربي. فالنظام السوري لم يترك للشعب أي خيار آخر سوى اللجوء لطلب النجدة للنجاة من الموت والرصاص الطائفي الذي يحصد يومياً العشرات من خيرة الشباب السوري. وكما قال أحد الضباط المنشقين عن الجيش الطائفي في سوريا، بعد اختطاف زوجة صحافي سوري في القاهرة على يد عملاء نظام بشار الأسد: "هذا النظام مبني على القوة، ولا يمكن إسقاطه إلا باستخدامها، فنحن نعيش في ظله منذ أكثر من 40 سنة".
حقيقة الموقف الغربي:
لن يخسر الشعب السوري شيئاً سوى القيود التي يكبل بها من قبل نظام سقط الجولان في عهده، وبالتالي فإن مقولة: أن أيام نظام البعث في سوريا باتت معدودة، هي حتمية في طريقها للتحقق وليست مجرد فرضية. لقد وضع قطار التغيير في سوريا على سكة التغيير، ولن توقف أساليب القمع والقتل الجماعي اليومي ثورة الشعب السوري.
وبإمكان بشار الأسد أن يستخدم ذكاءه لمعرفة حقيقة الموقف الدولي الذي يعمل على توريطه ضد شعبه أكثر فأكثر، فيدخل في سوريا وهي قاعاً صفصفاً، مما يجعل الشعب رهينة البحث عن خبزه اليومي مدة 10 سنوات أخرى على الأقل. فعدم التلويح بالخيار العسكري أطلسياً، لا يعني عدم وجود خطط للتدخل، وإنما هناك انتظار لتعفن الأوضاع أكثر فأكثر -بعد أن وصلت الأحداث حالياً إلى نقطة اللاعودة- لتكون سوريا تحت رحمة (المنقذ). وسوريا ليست ليبيا النفطية التي يمكن لقادتها الجدد أن يكون لهم الخيار من أمرهم أمام الإملاءات الخارجية.  وهناك اليوم حديث عن الممرات الإنسانية، بعد اعتراف معظم الدول الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا،بالمجلس الوطني السوري.
لقد شعر الشعب السوري كغيره من شعوب المنطقة أنه في ظل أنظمة لم تقدم شيئاً على صعيد الحريات، وعلى صعيد التصنيع فضلاً عن الريادة التكنولوجية التي تحققها شعوب صاعدة؛ ككوريا الجنوبية وماليزيا وتركيا والمكسيك والبرازيل مثلاً ، شعر بأنه بصمته يكتب على نفسه الموت الحضاري، وقد أثبت الزمان أن سليل الأمجاد لا ينام طويلاً على الضيم.
 

المصدر: موقع المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع