..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

"شهادات من داخل زنزانات الموت ":

٢٧ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 9851

0.jpg

شـــــارك المادة

هذه بعض الوثائق و المعلومات و الحقائق و التي جمعتها من الحلقة الضائعة من صفحات تاريخ الحاضر لأشخاصٍ دخلوا هذه الزنازين و تمنوا الموت قبل أن توهب لهم الحياة ". " ألخصها لكم من بعض شهادات أصدقاء لي بعضهم قُصر دخلوا هذه السجون البعثية ورووا لي بعضاً من قصصهم و التي تقشعر لعظمتها الأبدان".

 


" و كيف نجوا بلطف الله ورحمته من أناسٍ أقسم بالله أنهم من غير البشر و الإنسان و أنهم من غير البهيم والحيوان هم مسخٌ ناتجٌ من تلاقح الخبث والطاغوات على فراشِ الظلم والجبروت أترككم مع بعضها يا أهل الكرم والجود .
أحدهم أخبرني قصة اعتقاله في فرع فلسطين في الشام و دام اعتقاله ٢٩ يوماً فقط و لا يعلم كيف مرت عليه هذه الأيام من شدة مالاقاه من أهل الغدر و الخيانة:  قال لي أغمضوا عيناي وساروا بي وهم يتهامزون ويتلامزون و أنا لا أعلم أين هم بي يسيرون و الموت أقرب إلي والله مما كانوا يقولون ، فجأة توقفت السيارة و سمعت أحدهم يقول لصاحبة بتلك اللهجة الدنئية و التي يتباهرون بها عليهم لعائن الله: قرد ولا مين جايب معك اليوم ولك قرد قلي ولووو .
يقول لي صديقي و اسمه ياسر و أتحفظ عليه و على شخصه الكريم و هو من خير من عرفت.
يقول: أنزلوني إلى فرع التحقيق وبدأت قصة الموت البطيء لي وحضر الجلاد كي ينحت لوحة الظلم الأسود على ظهري النحيل الأبيض، و يرسم عليه بعضاً من حقدهم و خبثهم الحقير و بدأ يضربني و يعذبني و هم يتناوبون علي الساعات تلو الساعات حتى أذن لي ربي جلَّ في علاه بأن أغيب عن الوعي فلا أشعر بما يقومون به و بما يفعلون.
في منتصف الليل و هذا ما خمنت إليه إذ أنني كنت في زنزانةٍ منفردةٍ تحت الأرض بطوابق فلا أسمعُ شيئاً ولا أري شيئاً من الظلام الذي كان حولي، و يكاد يَبكيني ويقول لي لاتلمني يا أيها الشاب المظلوم على أنني ظلام حالك و أني أُعين على خوفك و أمنكْ فلو كان الأمر بيدي لحلت دون ذلك والله و لكنتُ لك نوراً يرحم خوفك و يتلطف بحالك و مآللك .
و ها نحن الآن في منتصف أول ليلةٍ لي في رواية الموت الأسود لذلك الشاب الوسيم الأبيض و هو يقضي ليلهُ بالبكاء الطويل والخوف و الأنين لله رب العالمين . علَّ الله أنْ يُنزل فيه حكم من فوق سمواته السبع سبحانه أحكم الحاكمين .
و لا أدري ما يفعل بي أعدائي فسجني خلوة و سفري سياحة وقتلي شهادة بإذن الله .
و إذ بالسجَّان الحقير جاء و من غير أن يطرق باب زنزانتي الصغيرة والتي كنت فيها وحيداً وكانت جدرانها صديقتي الوحيدة و هو يقول لي بفظاظةٍ وغلاظةٍ "شو نايم يا قرد عم تطلع مظاهراااارت ومابدك تعترف مووو بدك حرية بدكم تقتلونا يا سلفيين يا إرهابيين .
يقول لي : و أنا في صمتٍ و سكون أنتظر أن يرحل عني هذا الواهمُ المجنونْ و كلي أملٌ بالله سبحانه أن تنتهي فصول مسرحية الموت تلك فلم أعد أريد مشاهدتها ولا المشاركة فيها فقط أريد الطمأنينة والراحة .
يقول: و أخذوني مرة أخرى وتكرر السيناريو الأول من قصة العذاب والألم حتى أنني لم أعد أشعر بجلدي الرقيق و الذي غطته الدماء و الجروح والقروح.
و لازال ذلك الجلاد الأثيم يبث سمومه و بهيميته السوداء علي جسدي النحيل و هو يتلذذ بما يصنع ويفعل بي من ضربٍ و تنكيل ولايعلم المسكين أن الأيام دول و منازل و سنين ومن سرهُ زمنٌ ساءته أزمانُ لا محالة.
كانت تهمتي أنني خرجت في مظاهرةٍ و تشييعٍ لشهيدٍ كان صاحبي قد اغتالته يد الغدر و الاإنسانية عن الوجود .
وكنا نردد فيها لا إله إلا الله و الشهيد حبيب الله لا إله إلا الله و الشهيد حبيب الله و افرحي يا أم الشهيد وما في تلك العبارات من الصدق والوفاء و مشاعر الحرية والإباء .
وبعد أن انتهت تلك الوحوش البشعة النتنة من تعذيبي و إطفاءِ حقدهم وغلهم على كرامتي و روحي و كياني أخذوني ولكن هذه المرة إلى زنزانةٍ جماعية فيها عرفت بعضاً من معاني القوة والجماعة .
لم أكن أرى أحداً من الظلمة والسواد ولكني كنت أسمع أصوات الأنين و الاحتضار فلقد أدركت أنني في مقبرةٍ صغيرةٍ سكانها بين الحياة والموت.
فذلك يصيح ويحتضر من آثار الرصاص الذي اخترق و مزق جسده و آخر يبكي من آثار النار التي أكلت بعضاً من جلده و آخر لم يعد يسمع له صوت فلعله مات نعم لعله مات و ارتاح من حياةٍ كانت أكبر قصة موت بالنسبة له وذنبه الوحيد أنه لاذنب له !!!
لم يزرع في قلبي السكينة والإطمئنان في تلك اللحظات إلا صوتٌ لطالما قصرت في إجابته و لطالما عاهدت نفسي بملازمته صوتٌ ليس كأي صوت و نغمٌ ليس كأي نغم.
هو من جَسد لي في رواية الموت البطيء هذه بعضاً من معاني جمال الحياة و إن لم تكن حقاً جميلة وهو من زرع في نفسي معنى أن الأمل والتفاؤل روحٌ وحياة للقلوب إنه صوت القرآن .
يالله ما أجمله وما أحلاه من صوتٍ أعاد لي الأمل و الحياة و أنا أسمعه من شابٍ جانبي نحيل الجسد من التعذيب عظيم الجراح من السياط.
و لكنه مع كل ذلك الألم و الأنين كانَ جميل الصوت في الترتيل يقرأ علينا بحنجرةٍ من مزامير آل داود قد وهبها له من هو ذي الجود والكرم و الملكوت.
و هو خافضٌ صوته الجميل كي لا يسمعه من خلقوا من أجل محاربة هذا الصوت و الدين،  وجُبلت نفوسهم الحقيرة الباطنية على كره و بغض أهل هذا المنهج الطاهر المتين .
مرت ساعاتٌ علينا و كأنها سنوات كان طعامنا الخبز اليابس و الذي يبصون عليه أمامنا إذلالا لنا و ماعلموا أن الذل فيهم، عليهم لعائن الله.
و لم أجد محلاً للنوم في هذه الزنزانة المزدحمة فوجدت نافذة أملٍ صغيرة في ضيقي و كربي .
كانت و لا تتعجبوا يا كرام  مربعٌ صغيرٌ يقضي فيه المعتقلين حاجتهم أجلكم الله و مافيها من رائحةٍ كريهةٍ فاتخذتها مكاناً لنومي في رواية الموت البغيض هذه.
مرت عليَّ الأيام كأنها سنوات و كان أملي وحلمي أن أصبح شيئاً كبيراً في المستقبل أفرح به أمي التي لا أعلم عنها إلا أنها أمي وأختي الصغيرة التي لطالما داعبتها وداعبتني بأناملها الصغيرة ووعدتها أن أشتري لها حلوى ((الشطو مطو))، من دكان العم أبوعبدو في الحميدية .
أخي محمد الكبير الذي لم أرى أرقى ولا أنقى منه في الوجود فهو قدوتي وسبيل هدايتي .
فأصبحت أكبر أمنياتي الآن الموت نعم الموت فقد بدأت أشعر أني في حياةٍ غير عادلة و في غابةٍ للحيوان يأكل القوي فيها الضعيف من عظيم ما انتشر فيها من ظلم والجور والعدوان.
وزاد إيماني في ذلك أن الدار الآخرة لهي دار القرار و السكون لو كانوا يعلمون و هي الحياة الحقيقة الجميلة لأهل التوحيد والإيمان وهي الطامة الكبرى و الحاقة العظمى لأهل الكفر و حزب الشيطان.
وبعد ليالٍ من اعتقالي وتعذيبي ، إذ بأحدهم يدخل إلى زنزانتي الصغيرة ويناديني برقمي الذي لم أعد أحفظه و أخذني بعد أن أغمضوا عيناي و أركبوني في سيارتهم في مكانٍ ضيق لا أتنفس فيه و بعد ساعاتٍ من السير وقفت السيارة فقلت الآن الآن أموت.
لعلي أنطق الشهادة بسرعةٍ فأكون ممن ظفر بالآخرة...  يارب أشهــد أنك لا إله إلا أنت و أن محمداً عبدك ورسولك صاحب الرسالة والأمانة ، أشـــهد أن لا إلـه إلا الله محمد رسول الله .
ولكن لحظة!!!  لماذا أنا وحيد هنا؟ ولماذا لم أعد أسمع أي صوتٍ هنا؟ 
أتراني متْ أم أن دعوتي في ظلمة زنزاتي الحالك قد سمعها منادي السماء و جُند اللهِ الحق السيارون في الفضاء.
فككتُ العصبةَ عن عيني و إذ بي حرٌ طليق يا الله !! لا أصدق ذلك كم كانت فرحتي عظيمة في قلبي مــع حزنٍ في نفسي أني لم أنل الشهادة و فرطت في السبعين من الحور العين التي كنت أمني النفس فيهن فكم كنت مشتاقاً لزوجتي وجمالها في الجنة و بديع صنع الرحمن لها .
و بعد كل ذلك أتراني وقفت و انتهيت و ارتعدت مما فعلوا بي فوالله مازادني ذلك إلا إيماناً و تصديقا وماقتلوا فيني إلا روح الخوف من الظلمة و البغاة . 
و اليوم أكرمني ربي بحياةٍ كي أشكره فكان شكري له أنني الآن أفضل قناصٍ و رامٍ في كتائب الحق في جيوش الحرية والكرامة. 
أرمي برصاص الحق أرواح الشر و الإثم و الوقيعة و أهب بها حياةً كريمةً لأطفال الحرية والسلام أطفال سوريتي الكريمة أطفال المحبة و العدل بين الخلق و الأنام.
و الحمدلله رب العالمين

 

 ". "من رواية الموت ".

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع