..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مرصد الثورة

مع زحزحة الأسد عن عرشه: هل إيران مستعدة للاتفاق؟

والتر راسيل

٤ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 8087

مع زحزحة الأسد عن عرشه: هل إيران مستعدة للاتفاق؟
ونكاد1.jpg

شـــــارك المادة

لقد أدركت السلطات الإيرانية أن حليفها القديم في سوريا في طريقه للسقوط، وقد قاموا بعقد محادثات مع أعضاء من المعارضة حول النظام الانتقالي، وذلك وفقا لتقارير وردت في صحيفة لوس أنجلوس تايمز.
ووفقا لهذا التقرير (الذي أعده بعناية كل من رامين مستغيم وألكسندرا سانديلس)، فإن حكومة إيران لا تبدو راغبة، على الأقل حتى الآن، في قطع الأمور مع الأسد، ولكنها وبشكل تزايد، وعلى مضض، تتجه للاستنتاج بأن تلك الجهود التي بذلت لإنقاذه قد باءت بالفشل.
بالنسبة لأولئك المتخوفين من إمكانية اندلاع صراع أمريكي إيراني، وهذا يعني جميع المهتمين بالحرب والسلام وسعر الغاز والنفط في جميع أنحاء العالم، فهذه اللحظة تعتبر لحظة للحقيقة.


إن خسارتها لحليفها الرئيس في سوريا سوف يؤدي إلى إحداث تغييرات دراماتيكية بالنسبة لموقف إيران.
ترى هل سوف يقرر الملالي الحاكمين وحلفائهم بأن الوقت قد حان لوقف المواجهة بسبب أن طهران في موقف ضعيف وأكثر عزلة من أي وقت مضى, أم هل سوف يضاعفوا حملتهم فيما يتعلق بالسلاح النووي ويتشددوا في اعتقادهم بأنه ليس هناك أي أمر آخر يمكن أن ينقذهم؟
بطريقة أو بأخرى، فإن مسار الحرب في سوريا سوف يساعد في تحديد ما إذا كانت الولايات المتحدة سوف تجد نفسها في حرب أخرى في الشرق الأوسط, ومراقبة الإيرانيين فيما يبدو دوامة فيما يتعلق بمصير الأسد  إضافة إلى مراقبة أي حد سوف يزداد حجم هذه المأساة.
وإلى الآن فنحن لم نصل بعد لنقطة اتخاذ القرار.
عند هذه النقطة يبدو أن الإيرانيين لم يتقبلوا تماما بأن حليفهم لم يعد بوسعه النجاة كما أن اللغط في طهران حول سياسة سوريا لم ينته بعد.
يبدو أن الحكومة تحوم حول أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الركام.
إن الخبراء والمسئولين يتحدثون عن الحفاظ على "هيكل الدولة السورية" على أمل فرض حالة "أسدية" دون وجود الأسد ما يعني هيكل دولة يهيمن عليها العلويون يمكن أن تستأنف الاصطفاف مع إيران وتقوم في نفس الوقت بتقديم مساحة اقتصادية وسياسية أكبر للسنة المضطربين.
الوضع الحالي على الأرض لا يوحي بأن المعارضة السنية يمكن أن تساوم على هذا الوضع، ولكن إذا استقر وضع الحكومة العسكري، فيبدو أن إيران تأمل في أن يزداد الضغط الدولي للدخول في مفاوضات ومساومات للتوصل إلى حل.
هذه الرؤية تبدو متطابقة إلى حد كبير مع رؤية روسيا للحرب. مثل طهران، فإن موسكو لا تريد رؤية سوريا الثائرة  منضمة إلى الكتلة السنية في الشرق الأوسط كما أنها تخشى من تصدير الجهاديين السنة إلى منطقة القوقاز المضطربة.
ومثل إيران، فإن روسيا لديها استثمارات طويلة الأمد مع نظام الأسد، وذلك مع وجود عقود طويلة من العلاقات الاقتصادية القريبة والروابط العسكرية والإنسانية.
وترى روسيا في نفسها أنها الحامي للمسيحيين الأرثوذكس السوريين، كما إن إيران تريد حماية العلويين؛ وكلتا الأقليتين من الممكن أن تواجها أوقاتا عصيبة تحت النظام السني.
وسقوط الأسد سوف يوجه ضربة قوية لكلتا الدولتين، ولكن إيران ستواجه مخاطر أكبر.
وكما لاحظنا سابقا، فإن سوريا تعتبر نقطة بالغة الأهمية في التخطيط لإيران في الشرق الأوسط، كما إنها تعتبر حجر الزاوية في دول الهلال الشيعي الذي سعت إيران إلى إنشائه على امتداد الهلال الخصيب من العراق إلى لبنان.

إلى جانب أن سوريا كانت تشكل الممر لإيران في دعمها لحزب الله في لبنان وبناء تحالف معادي لإسرائيل مع حماس، وهو الأمر الذي ساعد على التغطية على عيوب إيران العميقة في الشارع العربي..
والاحتمال المتزايد بأن عقودا من بناء هذا الموقع سوف تنتهي بكارثة، تمثل أعظم خطر على النظام الإيراني منذ فشلها في الحرب العراقية الإيرانية.
وبالفعل، فإن حماس رفضت سوريا ونأت بنفسها عن إيران كما إن حزب الله يفكر بشكل أكبر في حماية موقفه الذي أصبح ضعيفا بشكل مفاجئ في لبنان عوضا عن التفكير في النهوض الشيعي الإقليمي. 
إن أكثر ما يمكن أن تخشاه إيران الآن قد يتمثل في أن سوريا السنية التي تشهد فوضى مع وجود الجهاديين والسعوديين المتطرفين والفصائل المدعومة من قطر, يمكن أن تقود إلى حرب سنية شيعية قد تؤدي إلى جر العراقيين السنة إلى جولة أخرى من الحرب الأهلية هناك.
وهذا الأمر يبدو محتملا؛ وفي الواقع فإن هناك إشارات على أن هذا الأمر قد بدأ فعلا.
إن الصراع السني الشيعي المشتعل في العراق جاهز للانطلاق، ولكن هذه المرة قد يعول السنة في العراق على الدعم من تركيا، وسوريا الحرة ودول الخليج, بينما لا يستطيع الشيعة التطلع إلى الولايات المتحدة.
وهذا الموقف سوف يثير دون شك صداعا لإيران، وقد يقود فعلا إلى ترتيب لتقاسم السلطة في بغداد، وهو ما قد يعني تقليص نفوذ إيران بشكل جاد هناك أيضا.
بالنظر إلى هذه الأمور مجتمعة مع تشديد العقوبات، فإن النظام الإيراني سوف يكون في موقف صعب جدا دون وجود أي خيارات حقيقية.
ليس فقط المعارضة الديمقراطية، ولكنَ كلا من الأقليات العرقية السنية والشيعية في إيران نفسها (حيث تمثل العرقية الفارسية نصف السكان فقط) قد يصلوا عند تلك النقطة إلى استدعاء الدعم الخارجي مع سعي الأعداء الإقليميين إلى تقليص قوة إيران لصالحهم.
إن كلا من لبنان وسوريا والعراق وإيران دول متعددة الأعراق والأديان تفصلها حدود مصطنعة، ومن يدري ما الذي يمكن أن تبدو عليه الخريطة خلال السنوات العشر أو العشرين القادمة؟
إن لهذا الوضع الخارجي تأثيراته الداخلية، فالمجموعات النافذة في بنية السلطة الإيرانية التي تدعم أسلوب المواجهة مع الغرب والتوسع على امتداد الهلال الخصيب، لا يمكن أن تتجنب فقدان هيبتها مع ظهور إفلاس رؤيتها الإستراتيجية بشكل جلي.
والمرشد الأعلى وقائد الدولة الإيرانية لا يمكن له أن ينأى بنفسه عن الانتقادات الذي يتعرض له هذا الفشل السياسي، حيث إن لإستراتيجيته التي اتبعها بصماتها على كل ما يجري.   
وعندما رأت في نفسها قوة صاعدة، سعت إيران للوصول إلى "تسوية كبرى" مع الولايات المتحدة تعتمد على التفوق الإقليمي الإيراني، وكل ذلك لم يكن واقعيا وكان من جانب واحد.
ثم إن إيران، مغترة بنجاحها وفخرها، طورت أفكارا متضخمة حول سلطتها العالمية التي يمكن أن تكون أساسا لاتفاقيات جادة مع الولايات المتحدة.
والسؤال الآن ما إذا كان باستطاعة قادة إيران إجبار أنفسهم على القبول بمزيد من التسوية الواقعية مع واشنطن فيها نبذ لطموحاتهم النووية وحدود لدور إيران الإقليمي، وهو أمر من الممكن أن يسبب نكسة حقيقية للجمهورية الإسلامية.
ليس من مصلحة أمريكا أن تدفع إيران إلى نقطة الانكسار. بغض النظر عما إذا كنا نحب النظام الإيراني أو لا، فإن إيران تعتبر بلدا مهما لتوازن الشرق الأوسط ولأي جهة تأمل في التوصل إلى استقرار جغرافي سياسي هناك.

إن تسوية معقولة مع إيران يمكن أن تخدم أمريكا أيضا، ولكن في هذه المرحلة فإن العبء يقع على كاهل القيادة الإيرانية لدراسة موقفها بشكل واقعي، واستخلاص نتائج مناسبة تتواصل على أساسها مع الولايات المتحدة.  
وإلا فإن أفضل خيار للسياسة الخارجية الأمريكية يبدو واضحا:
دفع الأسد للسقوط والضغط على العراق من أجل الوصول إلى سياسية داخلية أكثر عدالة واعتماد سياسة خارجية محايدة ودعم إعادة التوازن الفصائلي في لبنان بطريقة يمكن أن تشجع حزب الله على التحول من سلاح ثوري تابع للسياسة الخارجية الإيرانية إلى حركة سياسية لبنانية لديها أجندة داخلية، إضافة إلى تضييق خناق العقوبات والاستمرار على خط السلاح النووي.
والمساومة مع إيران الضعيفة يمكن أن يعطي الولايات المتحدة مرونة إستراتيجية مرحب بها في الشرق الأوسط، كما إن مسارنا الحالي لا يخلو من المخاطر والنكسات.
إن معرفة ما إذا كان المرشد الأعلى يريد أو يستطيع التوصل إلى مثل هذه التسوية يبقى سؤالا مفتوحا؛ إن انعكاس هذا المسار سوف يؤدي إلى فرض شكل من أشكال التغير الجذري للسياسة داخل إيران، وسوف يقاوم بشكل مرير من قبل المجموعات التي تصنف نفسها مع سياسة المواجهة والثورة.
ولكن سواء أكان الوصول إلى اتفاقية حقيقة ممكنة أم لا، فإنه من مصلحة أمريكا أن تُبقي الباب مفتوحا، وأن توضح للمؤسسة الإيرانية (بمن فيهم المحافظين والمعتدلين والإصلاحيين وأولئك الذين يريدون مزيدا من التغييرات الدستورية الجذرية) بأن مشكلة أمريكا الأساسية هي مع السياسة الإيرانية وليس مع الدولة أو المذهب الرسمي الإيراني.
التغير في سياسات إيران يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في العلاقات الإيرانية الأمريكية، وهو الأمر الذي سوف يعود بالفائدة على كلا الطرفين.
ورغم ظهور زخم للثوار في سوريا، فإنه لا زال من المبكر جدا القطع بأن الأسد سوف يسقط فعلا.
ولدى الثوار مشاكلهم الخاصة، وكلما طال أمد الحرب زادت فرص الانقسام والأخطاء والفشل في تحمل مسؤولياتهم.
وما إن تختفي جميع الآمال في إيران في أنه لا الأسد ولا بنيته السياسية يمكنهما الخلاص، عندها فقط فإن الجدل السياسي الحقيقي سوف يبدأ.

 

----------------------------------------------

أمريكان إنترست
ترجمة: مركز الشرق العربي

 


العصر

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع